ليس التطبيع مع إسرائيل.. مسار أمريكي آخر يمكنه إنقاذ ليبيا الممزقة
تاريخ النشر: 18th, September 2023 GMT
يجب أن تتوصل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى أفكار إبداية لإجبار الليبيين إلى إجراء انتخابات طال انتظارها، فمحاولة واشنطن تطبيع العلاقات بين ليبيا وإسرائيل لن ينقذ الدولة الليبية الممزقة.
ذلك ما خلص إليه جريجوري أفتانديليان، في تحليل بـ"المركز العربي واشنطن دي سي" للدراسات (ACW) ترجمه "الخليج الجديد"، مضيفا أنه "على الرغم من أن الطبقة السياسية الليبية تتحمل الكثير من المسؤولية عن المستنقع السياسي والاقتصادي في البلاد، إلا أن الجهات الفاعلة الدولية، بما فيها الولايات المتحدة، بحاجة إلى إعادة توجيه أولوياتها".
وتابع أن "تركيز الولايات المتحدة على تشجيع دول مثل ليبيا على الانضمام إلى اتفاقيات إبراهيم (لتطبيع العلاقات مع إسرائيل)، حتى لو نجحت، لن يتمكن من لجمع شمل الدولة الممزقة".
وشدد على أن مثل هذه الخطوة "لن تؤدي إلى أي جهد لكبح جماح الميليشيات وتحسين مستوى معيشة فقراء ليبيا، الذين يتساءلون بلا شك عن سبب بقائهم غارقين في الفقر في بلد غني بالنفط".
وجراء خلافات بين المؤسسات القائمة في ليبيا، يتعذر إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية منذ عام 2021، وتتصارع على السلطة في البلاد منذ مطلع العام التالي حكومتان، إحداهما برئاسة أسامة حماد وكلفها مجلس النواب في الشرق، بدعم من قائد قوات الشرق اللواء المتقاعد خليفة حفتر.
أما الحكومة الثانية فمعترف بها من الأمم المتحدة، وهي حكومة الوحدة الوطنية ومقرها في العاصمة طرابلس (غرب)، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، الذي يرفض تسليم السلطة إلا لحكومة جديدة يكلفها برلمان جديد منتخب.
و"على الرغم من أن السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس جرينفيلد أدركت أن الفصيلين الليبيين قد يكونان غير قادرين على التوصل إلى اتفاق بشأن الانتخابات وطرحت الشهر الماضي فكرة تشكيل "حكومة انتقالية تكنوقراط" لإدارة هذه الانتخابات الشهر الماضي، إلا أن مراقبين يرون أنه لا يوجد ما يضمن أنه تكون هذه الحكومة مختلفة"، بحسب جريجوري.
وأردف: "ومن ثم، يتعين على واشنطن والعواصم الأجنبية الأخرى، بما في ذلك عواصم الاتحاد الأوروبي، أن تتوصل إلى المزيد من الأفكار الإبداعية والمقترحات الملموسة لإجبار الفصيلين على التوصل إلى اتفاق بشأن الانتخابات، وبخلاف ذلك، فمن المؤسف أن المزيد من العنف والفقر والفوضى ينتظر ليبيا".
اقرأ أيضاً
النواب الليبي يعدل قانون تجريم التطبيع بعد لقاء المنقوش وكوهين
غضب شعبي
و"الجدل ورد الفعل العام العنيف الذي أحاط بالأخبار المتعلقة بالاجتماع الذي عقد في في روما أواخر أغسطس/آب الماضي بين وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش (تمت إقالتها) ونظيرها الإسرائيلي إيلي كوهين، هو من أعراض حقيقة أن الطبقة السياسية الليبية منفصلة تماما عن شعبها"، مما أثار غضبا شعبيا واسعا بين الليبيين، كما تابع جريجوري.
واستطرد: "في الواقع، فإن كلا الفصيلين في ليبيا، حكومة في الغرب ومجلس النواب في الشرق، مهتمان أكثر بالبقاء في السلطة وملء جيوبهم الخاصة، بدلا من كسر الجمود المستمر بشأن الانتخابات المتوقفة وتشكيل حكومة تمثيلية وموحدة حقا".
"ولفت إلى أن الدبيبة نفى أي علم له بالاجتماع، الذي كشف عنه كوهين، وزعمت المنقوش أنه لم يكن مخططا له وكان مجرد صدفة، "على الرغم من أنه من المستبعد جدا أنها كانت ستتعامل مع وزير الخارجية الإسرائيلي دون أن يأمرها الدبيبة بذلك، لاسيما وأنه يتم عادة التخطيط مسبقا لمثل هذه الاجتماعات".
اقرأ أيضاً
قبل اجتماع المنقوش وكوهين.. سلسلة لقاءات سرية ليبية إسرائيلية
دوافع الدبيبة
و"بالنظر إلى أن إدارة (الرئيس الأمريكي) بايدن ركزت كثيرا على توسيع اتفاقيات إبراهيم، من المرجح أن الدبيبة أعطى الضوء الأخضر لاجتماع المنقوش مع كوهين لتملق واشنطن، إذ يعاني الدبيبة من أزمة شرعية لأن فترة ولايته كانت مؤقتة وانتهت في في أواخر ديسمبر/ كانون الأول 2021 ولم تجر الانتخابات"، وفقا لجريجوري.
وزاد بأن "الدبيبة سعى إلى كسب تأييد واشنطن، ربما معتقدا أن الدعم الأمريكي سيساعده في صراع السلطة ضد منافسيه، وفي ديسمبر/كانون الأول 2022، اعترف الدبيبة بدور حكومته في اعتقال المشتبه به (الليبي) في تفجير لوكربي أبو عجيلة محمد مسعود وتسليمه إلى السلطات الأمريكية، ما أثار ضجة كبيرة في ليبيا".
جريجوري شدد على ضرورة أن تدفع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي نحو إجراء الانتخابات، بدلا من محاولة التركيز على تطبيع العلاقات بين ليبيا وإسرائيل (حليفة واشنطن).
وثمة خلافات حول بعض بنود قوانين الانتخابات التي تطمح الأمم المتحدة إلى إجرائها العام الجاري، ويأمل الليبيون أن تقود إلى نقل السلطة وإنهاء الصراعات السياسة والنزاعات المسلحة والفرات الانتقالية المتواصلة منذ الإطاحة بنظام حكم معمر القذافي (1969-2011).
ومن أصل 22 دولة عربية، تقيم 6 دول هي مصر والأردن والإمارات والبحرين والمغرب وإسرائيل علاقات معلنة رسمية مع إسرائيل، التي تواصل احتلال أراضٍ عربية في فلسطين وسوريا ولبنان منذ حرب 5 يونيو/ حزيران 1967.
اقرأ أيضاً
لقاء المنقوش وكوهين يطغى على منصات التواصل.. هل كانت الوزيرة الليبية "كبش فداء"؟
المصدر | جريجوري أفتانديليان/ المركز العربي واشنطن دي سي- ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: ليبيا إسرائيل تطبيع انتخابات الدبيبة الولايات المتحدة الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
ميزانية إسرائيل 2025.. إنقاذ سياسي أم كارثة اقتصادية؟
تشهد إسرائيل تصعيدا في الجدل السياسي والاقتصادي مع اقتراب التصويت على ميزانية 2025، حيث كشفت وثائق رسمية عن زيادة كبيرة في ميزانيات الوزارات والمكاتب الحكومية غير الأساسية، ما أثار انتقادات واسعة من المعارضة.
ووفقا لتقرير نشرته صحيفة كالكاليست الإسرائيلية، فقد ارتفعت مخصصات هذه الوزارات والمكاتب بمقدار 709 ملايين شيكل (حوالي 194 مليون دولار)، مقارنة بالميزانية التي تمت الموافقة عليها في القراءة الأولى في يناير/كانون الثاني 2025.
وتُظهر الوثائق، التي أصدرتها وزارة المالية الإسرائيلية إلى لجنة المالية في الكنيست، أن هذه الزيادات تشمل أموالا من الميزانية العامة، بالإضافة إلى تخصيصات الأموال الائتلافية، والتي تصل إلى أكثر من 5 مليارات شيكل (1.37 مليار دولار).
ميزانيات كبيرة للوزاراتأحد الأمثلة الأبرز على هذه الزيادات -حسب كالكاليست- هو ميزانية وزارة الاستيطان، التي ترأسها أوريت ستروك من حزب الصهيونية الدينية، حيث قفزت من 123 مليون شيكل (حوالي 33.6 مليون دولار) في القراءة الأولى إلى 391 مليون شيكل (106.7 ملايين دولار)، بزيادة ضخمة بلغت 268 مليون شيكل (73.1 مليون دولار)، أي ارتفاع بنسبة 320%.
كما شهدت وزارة التراث، التي استقال منها الوزير عميحاي إلياهو من حزب عوتسما يهوديت، زيادة في ميزانيتها من 71 مليون شيكل (19.4 مليون دولار) إلى 77.9 مليون شيكل (21.3 مليون دولار). وتشمل هذه الزيادة 6 ملايين شيكل (1.6 مليون دولار) في الإنفاق المباشر، بالإضافة إلى 6 ملايين شيكل أخرى في إطار السماح بالالتزامات المالية المستقبلية.
إعلانوفي وزارة القدس والتقاليد، التي يقودها مئير بوروش من حزب يهودوت هتوراه، فقد ارتفعت الميزانية من 28 مليون شيكل (7.7 ملايين دولار) إلى 118 مليون شيكل (32.2 مليون دولار)، أي بزيادة 90 مليون شيكل (24.5 مليون دولار) في الإنفاق المباشر، بالإضافة إلى 40 مليون شيكل (10.9 ملايين دولار) في التزامات مستقبلية، مما يمثل زيادة بنسبة 420%، مقارنة بالميزانية الأصلية المعتمدة في القراءة الأولى.
انتقادات لاذعة من المعارضةالزيادات الكبيرة في الإنفاق أثارت غضب المعارضة، حيث انتقدت النائبة نعاما لازيمي من حزب العمل الميزانية بشدة، ووصفتها بأنها "سرقة في وضح النهار"، مشيرة إلى أن الحكومة تعمل على "إرضاء المقربين سياسيا على حساب المواطنين الذين يعملون ويؤدون الخدمة العسكرية".
وأضافت لازيمي "هذه الميزانية هي الأكثر قسوة من حيث فرض الأعباء المالية على الشعب، لكنها في الوقت نفسه ميزانية الأحلام للائتلاف الحاكم. إنهم يدمرون مستقبل أطفالنا فقط لضمان بقائهم السياسي".
تصويت حاسمومن المقرر أن يبدأ الكنيست مناقشاته حول مشروع قانون الميزانية الاثنين المقبل، مع تحديد التصويت في القراءة الثانية والثالثة يومي 25 أو 26 مارس/آذار، وتشير التوقعات إلى أن الائتلاف الحاكم سيضمن تمرير الميزانية، نظرا لأن فشل تمريرها سيؤدي إلى حل الكنيست وإجراء انتخابات جديدة، وهو سيناريو يسعى الائتلاف إلى تجنبه بأي ثمن.
ويرى محللون أن التوسّع المالي الكبير في بعض الوزارات، لا سيما تلك التي تتبع أحزابا في الائتلاف الحاكم، قد يؤدي إلى تفجر أزمة مالية، خاصة مع الضغوط الاقتصادية المتزايدة والتباطؤ في النمو الذي تعاني منه إسرائيل.
في الوقت الذي تواجه فيه البلاد تحديات مالية كبرى، تتجه الأنظار إلى التصويت النهائي في الكنيست، حيث سيحدد مسار السياسة الاقتصادية للعام المقبل، في ظل انتقادات متزايدة حول إهدار المال العام لخدمة المصالح السياسية على حساب الاقتصاد الوطني.
إعلان