لا رئيس من دون موافقة سعودية
تاريخ النشر: 18th, September 2023 GMT
لمَن لا تزال ذاكرته رطبة لا بدّ من الإشارة إلى أن تسوية انتخاب العماد ميشال عون رئيسًا للجمهورية لم تنضج بعد سنتين ونصف السنة من التعطيل لو لم تُعطِ المملكة العربية السعودية موافقة مشروطة بعدما تلقّت وعدًا من الرئيس سعد الحريري بأن الرئيس عون، وهو الحليف الأول لـ "حزب الله"، قادر وحده على أن يقنعه بأن "يلبنن" عقيدته وكوادره ونهجه، وهو الوحيد أيضًا القادر على استمالته إلى المنطقة الوسطية.
هذا المنطق لم تأخذه الرياض على محمل الجدّ، ولكنها قبلت به على مضض، وأبلغت إلى الحريري بأنه وحده من يتحمّل نتيجة هذا القرار. وقد تكون العلاقة المتوترة بينها وبينه بسبب هذا الموقف، الذي دفع الحريري ثمنه غاليًا، على رغم وقوف الرئيس عون و"التيار الوطني الحر" إلى جانبه مرحليًا في أزمته مع السعودية، ولكن ما حصل معه بعد هذا التاريخ جعله يندم على ما أقدم عليه، وهو الذي كان يروّج لترشيح رئيس تيار "المردة" الوزير السابق سليمان فرنجية.
وللتذكير أيضًا لا بدّ من الإشارة إلى أن أول زيارة خارجية للرئيس عون في بداية ولايته الرئاسية كانت للمملكة السعودية. وكانت زيارة يتيمة نتيجة المواقف التي أتخذها رئيس جمهورية لبنان المؤيدة كليًا لسياسة "حزب الله" ومشروعية "المقاومة، حيث دافع عنها من على منبر الأمم المتحدة. فكانت القطيعة التامة بعد موقف كل من الوزيرين السابقين شربل وهبة وجورج قرداحي. ولولا جهود الرئيس نجيب ميقاتي لكانت القطيعة لا تزال قائمة حتى يومنا هذا.
خلاصة الحديث أنه لولا الموافقة المشروطة للرياض لما كان العماد عون انتخب رئيسًا، ولما كان سار في هذه التسوية من لم يكن متوقعًا أن يسير بها. وقد دفع الجميع ثمن ما اعتبروها "غلطة الشاطر بألف غلطة".
ولن يُقال جديدًا عندما يُشار إلى أهمية الدور السعودي في الاستحقاق الرئاسي. وقد لا يكون مبالغًا به أن يُقال إن لا رئيس في لبنان من دون موافقة سعودية ضمنية، وهي الأكثر فعالية في مجموعة الدول الخمس، خصوصًا أنها تملك من الأوراق السياسية ما يؤهلها لأن تلعب هذا الدور، وأهم ما تمتلكه اليوم هو ورقة تفاهمها مع طهران.
ففي اللقاء الايراني - السعودي الأخير فُتح الملف اللبناني وكان النقاش إيجابياً، والانعكاس الأول لهذه الإيجابية كان بالاجتماعات التي عقدها مسؤولون سعوديون في باريس قبل زيارة المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان الى بيروت. أما الانعكاس الثاني فكان في اللقاء الذي نظمه السفير السعودي في بيروت وليد بخاري للنواب السنّة في حضور لودريان. وهذا اللقاء كرّس حضور المملكة مباشرة في الملف الرئاسي اللبناني، عبر توجيهها مجموعة من الرسائل المباشرة، عنوانها الأساسي، بحسب ما هو معلن، الذهاب إلى مرشح تسوية من خلال التفاهم على مرشح جامع، وهو ما كان قد تم الاتفاق عليه قبل حضور لودريان إلى بيروت، عبر اللقاء الذي جمعه مع المستشار في الديوان الملكي السعودي نزار العلولا.
فهل جاءت كل هذه المعطيات دفعة واحدة لتؤكد ما هو مؤكد، من حيث وصول المبادرة الفرنسية إلى حائط مسدود، بالتزامن مع عودة الموفد القطري إلى بيروت، بالتنسيق مع الجانبين السعودي والأميركي، ما يدفع إلى السؤال عما إذا كانت الرياض قد قررت الدخول إلى الملف اللبناني من بابه العريض، وأن تحدّد سقف تعاطيها مع الأزمة الرئاسية وفق شروط باتت معروفة سلفًا، ولا حاجة للتذكير بها، أقّله بالنسبة إلى نظرتها إلى نشاط "حزب الله" المحلي والإقليمي، مع حرص الرياض على ألا تؤثرّ نظرتها تلك إلى علاقتها المستجدّة مع طهران؟
وهنا لا بد من أن يُطرح سؤال مفصلي، وهو يلخص ما توصل إليه لودريان من نتائج جولته: هل يعني الحضور السعودي من جديد في الملف اللبناني اقتراب موعد التسوية الرئاسية. ويقول بعض العارفين أنه لو لم تكن الأمور قد وصلت إلى مرحلة جدّية لما كان المسؤولون السعوديون قد أقدموا على تلك الخطوات، التي توحي بأن انفراجًا قد يتبلور مع ما يحمله معه الموفد القطري من أفكار واقتراحات حول "الخيار الثالث". المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: ما کان
إقرأ أيضاً:
رئيس الوزراء يلتقي المديرة التنفيذية لوكالة "النيباد"
التقى الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، ناردوس بيكيلي، المديرة التنفيذية لوكالة الاتحاد الأفريقي للتنمية "النيباد"، على هامش مشاركته، نيابة عن فخامة السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، في الشق رفيع المستوى من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ COP29، الذي تستضيفه العاصمة الأذرية "باكو"، وذلك بحضور الدكتورة/ ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة.
وفي مستهل اللقاء، أعرب رئيس الوزراء عن تقديره للدور المهم الذي تضطلع به وكالة الاتحاد الإفريقي للتنمية "النيباد"، ودعمها للرئاسة المصرية للنيباد.
وأكد الدكتور مصطفى مدبولي استمرار دعم مصر للنيباد عبر زيادة مصادر التمويل للوكالة من أجل تنفيذ مشروعات البنية التحتية المهمة التي تُشرف عليها الوكالة، مشيرًا إلى أنه سيتم العمل على توفير التمويل اللازم للنيباد وخطتها العشرية خلال المرحلة المقبلة، من خلال حشد التمويل من الدول المانحة.
كما أعرب رئيس الوزراء عن دعم مصر لتأسيس مكاتب إقليمية للوكالة، ومركز التميز الأفريقي للمرونة والتكيف مع تأثيرات تغير المناخ المزمع إقامته في مصر.
بدورها، أعربت السيدة/ ناردوس بيكيلي عن تقديرها لدعم مصر الدائم لوكالة النيباد.
وأشارت "بيكيلي"، خلال اللقاء، إلى أهمية بذل الجهود اللازمة لمتابعة تنفيذ برامج النيباد عبر التواصل مع الدول الأفريقية المعنية، مُعربةً عن تطلعها للتعاون مع مصر في هذا الصدد.
وأكدت المديرة التنفيذية لوكالة النيباد أهمية إقامة مركز التميز الأفريقي للمرونة والتكيف مع تأثيرات تغير المناخ في مصر ودوره في دعم جهود التنمية، ونشر أفضل الممارسات في مجال التكيف، مُعربةً عن تطلعها لتأسيس المركز في أقرب فرصة ممكنة.
كما تناولت جهود إنشاء صندوق التنمية الجديدة لدعم جهود النيباد في تنفيذ المشروعات الخاصة بها.
وتعقيبًا على هذه النقطة، أوضح رئيس الوزراء أنه من الضروري ألا يُشكل صندوق التنمية الجديدة أية أعباء مالية جديدة على الدول الأفريقية.
وخلال اللقاء، أشادت "بيكيلي" بدور منتدي أسوان ومركز القاهرة الدولي لتسوية المنازعات وحفظ وبناء السلام في التنسيق مع الوكالة وتحقيق أهداف الدول الأفريقية.
كما أشارت إلى أهمية تنسيق الجهود الأفريقية في ضوء تعدد المبادرات بما يعظم الفائدة من الجهود المختلفة التي يتم بذلها.
وفي ختام اللقاء، أعرب رئيس مجلس الوزراء، عن دعمه لدور النيباد في تحقيق تطلعات شعوب القارة الأفريقية في مجال التنمية المستدامة، مُؤكداً استمرار التنسيق بين الجانبين في هذا الصدد.