هل لبلد ضاربة جذورُه في التاريخ، وعملاق في المساحة والسكانِ، بحجمِ الهند، أن يغير اسمَه؟
يبدو الأمرُ غريباً؛ لأن اسمَ الهندِ من شهرته صارَ من أسمائنا، لكن دولاً عدة سبقت الهند، واستحدثت لنفسها اسماً جديداً أو استنبطته من تاريخها. نحن نعرفُ الهند عالمياً على الخريطة، وعلى الأرضِ، أكثرَ من بهارات. المعارضون للتغيير يتهمون حزبَها الحاكمَ بأنه يريد أن يغريَ التيارَ الشعبي في حمى الانتخابات، العام المقبل، ووضع اللائمةِ على المستعمرين الإنجليز.
الهندُ ستقرّرُ من خلال مساراتِها التشريعية والسياسية، مع أنَّ المحكمةَ العليا رفضتِ التغييرَ، أي اسمٍ تحب أن يسميَها به العالم. وقد تابعتُ النقاشَ الدائرَ هناك، حيث عبَّرت فئاتٌ ليست بالقليلةِ عن اعتراضها، وتريد الإبقاءَ على الهند. تقول الأصواتُ المعترضةُ إنَّ حزبَ "باراتيا" أو"بهاراتيا"، الحاكمَ، وراءَ التغييرِ من قبيل الشعبوية، وفي الهندِ حزبان رئيسيان هو أحدهما. البهاراتيون يقولون إن الإنجليزَ هم من سمَّوا الهندَ الهندَ، ويريدون التخلصَ من رواسبِ الاستعمار. وهذا الأمرُ ليسَ دقيقاً؛ فالهند مثلُ الأممِ التاريخية، روما، واليونان، ومصر، وفارس، أعرف بهذه الأسماء لأكثرَ من ألفي عام. العربُ، حتى قبل الإسلام وقبل اجتياح المغول للهند، كانوا يرحلون إليها ويسمونها في أدبياتهم الهندَ، وشرقَ السند. عرفوها من خلال التجارة ورحلاتِ القوافل. كانت مصدراً للنسيج، واللآلئ، والسيوفِ، والبهارات. وبهاراتُ بالفعل من أسمائِها القديمة، إنما لم يشتهر مثل اسم الهند.
الإنجليز حافظوا على اسمِها التاريخي ورفعوا من مكانتِها بين مستعمراتِهم، جعلوها مركزاً يحكمون منه آسيا وأفريقيا.
على أية حال، ما سيختاره الهنود أو البهاراتيون، سيقبل به العالم، فهو شأنُهم، خاصةً أننا نعيش في حقبة لم نعد كيف نسمي مَن بماذا، ولم يعد مهماً رأي الآخرين كثيراً. نادي المفضل لكرة القدم الأمريكية في واشنطن دي سي، كانَ اسمُه ريدسكن "ذو البشرة الحمراء، أو الهنود الحمر". هذا اسمه من عام 1933، وفي عام 2020 ومع الهيجان الاجتماعي في ذلك العام، قرر النادي أن يسمي نفسَه كوماندرز، القادة، ويتخلى عن اسمِه الأصلي، مع أن الأمريكيين الأصليين قالوا في استفتاء واسع إنهم لا يعدون الريدسكن اسماً مهيناً. فتح ذلك الباب على ملاحقةِ التسميات التاريخية والفنية وحتى الجنسية، الذكر والأنثى، والحيوانات والأشياء، وفي الأخير سنضطر إلى أن نسميَ "الأشياءَ" ليس بأسمائها، بل بما يفرض علينا أن نسميَها.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: زلزال المغرب التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني
إقرأ أيضاً:
قناة اليمن اليوم تُكرم ابنة أول شهيد مصري في اليمن تقديرا لدور مصر التاريخي.. صور
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
في بادرة هي الأولى من نوعها، كرّمت قناة "اليمن اليوم" الفضائية بالقاهرة بقيادة المدير العام عبدالولي المذابي، نبيلة نبيل الوقاد، ابنة أول شهيد مصري استشهد على أرض اليمن، دفاعا عن ثورة 26 سبتمبر المجيدة، وذلك خلال حفل رمزي أقيم في مقر القناة بالقاهرة.
جاء هذا التكريم عقب حوارٍ خاصٍ أجراه معها المذيع منير العمري، ضمن حلقات برنامج "شموع بودكاست" الذي يُسلط الضوء على تجارب المصريين والعرب الذين ساهموا في مسيرة اليمن الحديث.
يذكر أن نبيلة هي الابنة الوحيدة للشهيد نبيل الوقاد، الذي استشهد عقب قيام الثورة اليمنية في منطقة صرواح بمحافظة مأرب أثناء قيادته لسرية صاعقة مصرية وصد هجوم مفاجئ من فلول الإمامة.
وقد عبَّر عبدالولي المذابي مدير عام القناة، عن "امتنان اليمنيين لتضحيات مصر وزعمائها وشهدائها"، مشيرا إلى أن "هذا التكريم يبقى رمزياً أمام حجم الدماء التي سُكبت لأجل اليمن".
من جانبها، أعربت نبيلة عن "فخرها بتضحيات والدها"، مؤكدةً أن "اليمن كان دائما في قلب كل مصري".
يُعد الشهيد نبيل الوقاد ، أحد أبرز رموز الدور المصري في دعم الثورة اليمنية، حيث وصل إلى اليمن ضمن أولى البعثات العسكرية المصرية بعد قيام الثورة مباشرةً.