الكندي لـ"الرؤية": الفحص المُبكِّر قبل الزواج يُجنِّب المجتمع مخاطر أمراض الدم الوراثية
تاريخ النشر: 18th, September 2023 GMT
◄ "الثلاسيميا" أشد أنواع أمراض الدم وينتج عن نقص في كمية وإنتاج الهيموجلوبين
الرؤية - سارة العبرية
كشف الدكتور سلام بن سالم الكندي أستاذ واستشاري أول أمراض الدم بجامعة السلطان قابوس أن نحو 120 إلى 150 طفلًا يولدون مصابين بفقر الدم المنجلي في عُمان كل سنة، موضحًا أن هؤلاء المرضى يُعانون من أعراض كثيرة تكون من ضمنها آلام متكررة، والتعرض للالتهابات، ونقص الدم، وتكسر في الصدر والدماغ، قد يصل إلى الجلطة، وكذلك تكسر في المرارة، مضيفًا أن إجمالي عدد المصابين يصل تقريبا إلى حوالي 8 آلاف شخص على مستوى السلطنة.
وتعدُّ أمراض الدم الوراثية مجموعة متنوعة من الحالات التي تؤثر على وظيفة الدم وتتطلب رعاية وإدارة طبية مستمرة، ويلعب الفحص الجيني دورًا حاسمًا في التشخيص المُبكر والعلاج الفعال، وتوفر التقدمات في الطب والوراثة أملًا في تحسين نوعية حياة الأشخاص المتأثرين بهذه الأمراض.
وتحدث أستاذ واستشاري أول أمراض الدم بجامعة السلطان قابوس- إلى جريدة الرؤية- حول طبيعة الأمراض بشكل عام، وقال إنها تنقسم إلى أمراض وراثية ومكتسبة، وأن الأمراض المكتسبة هي التي تأتي لسبب معين؛ سواءً تعرض المريض لالتهاب أو نقص في الغذاء، أو لأسباب أخرى في المجتمع، وهذه يُمكن التحكم فيها والتخلص منها. وأضاف: "غالبًا ما يُعاني النَّاس من أمراض مُكتسبة، ضاربًا المثال بنقص الحديد عند النساء. غير أنه أشار إلى أمراض أخرى مثل السرطان، أو الالتهابات التي يُعاني منها الأفراد نتيجة الفيروسات والبكتيريا وغيرها.
ومضى الكندي موضحًا: "الأمراض الأخرى هي أمراض وراثية؛ أي تنتقل من الآباء إلى الأبناء عن طريق الجينات، ولا تغادر خلايا الإنسان وتبقى مدى الحياة، وغالبًا لا يوجد لها علاج، ومن بينها أمراض الدم الوراثية".
وأوضح الكندي أن هناك أمراض دم وراثية كثيرة، لكن في سلطنة عُمان يتزايد الاهتمام بأمراض الدم المتعلقة بمشاكل في خلايا الدم البيضاء وخلايا الدم الحمراء والصفائح الدموية، مشيرا إلى أن أمراض الدم المتعلقة بخلايا الدم الحمراء منتشرة انتشارًا واسعًا في السلطنة. وقال: "تُقسم هذه الأمراض إلى 3 مجموعات: المجموعة الأولى كريات دم حمراء بداخلها خلايا هيموجلوبين، وتتكون من سلسلتين (أ) و(ب) وإذا نقصت إحداهما يسمى المرض "الثلاسيميا"، وهذا من الأمراض الوراثية؛ وهو عبارة عن نقص في كمية وإنتاج الهيموجلوبين، وهو النوع الأشد خطورة.
ولفت إلى أن المرضى في عُمان يُعانون من نقص في "الثلاسيميا ب" بحوالي 2.6 من السكان ومعدل الإصابة بها في حدود 10 إلى 15 حالة في السنة، وهؤلاء يحتاجون إلى جرعات دم، أما "ثلاسيميا أ" فهي منتشرة انتشارا واسعا، لكنها لا تؤدي إلى أعراض كبيرة.
وذكر الكندي أن من الأمراض الوراثية فقر الدم المنجلي، ويُصاب المريض به إذا تغيرت خلايا الدم الحمراء دائرية الشكل أو بيضاوية الشكل، إلى الشكل المنجلي؛ فينتج منها فقر الدم المنجلي أو ما يسمى بـ"الأنيميا المنجلية"، وهذه منتشرة على نطاق واسع في السلطنة، وحوالي 6% من السكان يحملون جين هذا المرض وحوالي 3% مصابين بهذا المرض.
وتابع بالقول إن المرض الثالث من أمراض الدم الوراثية الأكثر انتشارًا في عُمان، هو نقص الأنزيما، ويُسمى بـ"أنيميا الفول" ويعاني منه حوالي 25% من الذكور و11% من الإناث، وينتقل عن طريق الكرموزوماكس، وعادة هؤلاء المرضى لا يعانون من أعراض، إلّا إذا تعرضوا للفول والحناء، أو التهابات تؤدي إلى تكسر خلايا الدم الحمراء، وبالتالي ظهور الأعراض.
وبيّن استشاري أول أمراض الدم أن كل هذه الأمراض هي من أمراض التحلل أو تكسر الدم، والتي تنتج عن أسباب وراثية وغير وراثية، والتأثير يحصل عندما يتم تكسر الدم أو تحلله ما يؤدي إلى نقص الهيموجلوبين؛ موضحًا أن المادة الوحيدة داخل كريات الدم الحمراء هي مادة الهيموجلوبين؛ لذا يحتاج إلى بعض الأحيان لتسقية الدم بشكل دوري، كما في فقر الدم المنجلي ومرضى الثلاسيميا الذين يحتاجون إلى الدم شهريًا أو كل ثلاثة أسابيع، في حين أن مرضى الأنيميا المنجلية والفول يحتاجون إلى الدم في بعض الأحيان.
وردًا على سؤال حول الاختبارات التي يمكن أن تُساعد في تشخيص أمراض الدم الوراثية، قال الدكتور سلام الكندي: "هناك اختبارات بسيطة معمول بها في السلطنة، مثل فحص التمنجل لمرض فقر الدم المنجلي، لكن الفحص الدقيق الذي يُعمل به بكثرة في عُمان هو تحليل أنواع الهيموجلوبين في الدم أو ما يسمى بـ"الهيموجلوبين فيرينت أنليسس" وهذا متوافر في معظم مستشفيات السلطنة، وهناك أيضًا الفحص الجيني وهذا يستخدم لفحص قبل الزواج".
ونصحَ الكندي بشدة، المقبلين على الزواج بضرورة إجراء الفحص المُبكر قبل الزواج، لضمان تفادي النتائج غير المرغوبة من هذه الأمراض في المجتمع.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الإرشاد الزواجي بالداخلية .. تجارب ناجحة لبناء أسر مستقرة
يعد فريق الإرشاد الزواجي بمحافظة الداخلية من الفرق الناشئة والنشطة في المحافظة التي تقدم خدماتها للجمهور وللراغبين في الزواج، وذكرت الدكتورة كفالة بنت حمود العميرية، المديرة المساعدة بدائرة التنمية الأسرية بمحافظة الداخلية ورئيسة فريق الإرشاد الزواجي بمحافظة الداخلية، أن الفريق تم تشكيله بقرار إداري رقم (2022/89) من المديرية العامة للتنمية الاجتماعية بمحافظة الداخلية، ويتكون من ثمانية أعضاء متخصصين في علم النفس وعلم الاجتماع والإرشاد النفسي فقط، بهدف وقاية الأسرة والمجتمع من التصدعات وسوء إدارة الخلافات التي تترك آثارها وانعكاساتها على الأسرة والمجتمع، فالتغير الاجتماعي في المجتمع العماني يحدث آثارا على الأسرة، الأمر الذي يتطلب إقامة دورات تدريبية وتثقيفية للمقبلين على الزواج حول الأساليب المثلى للتعامل بينهم، لتحقيق السعادة الأسرية وتخفيف ظاهرة الطلاق، خصوصا في السنوات الأولى من عمر الزواج، وزيادة مستوى الإدراك والمسؤولية لدى المقبلين على الزواج، وبالتالي استقرار أمن وسلامة المجتمع.
وأشارت إلى أهمية إقامة دورات خاصة للمقبلين على الزواج، ومن خلال التجارب الناجحة في التدريب الإلزامي للمقبلين على الزواج مثل التجربة الماليزية والتايوانية وغيرها، جعلت كل المهتمين بشؤون الأسرة يعملون بجد واجتهاد لتنفيذ تلك التوصيات، فبادرت وزارة التنمية الاجتماعية عام 2014 بإطلاق برنامج (تماسك) للمقبلين على الزواج والمتزوجين حديثًا، حيث بلغ عدد المستفيدين حتى عام 2022م (39615) مستفيدًا منهم (19579 من الذكور) و(19615 من الإناث)، وفي عام 2023 تم إطلاق برنامج (إعداد المقبلين على الزواج)، وهو برنامج تدريبي يقدم لمدة ثلاثة أيام يشمل موضوعات ومهارات مختلفة، من أهمها أسس بناء الأسرة السعيدة، واحتياجات الرجل والمرأة، ومهارات الحوار الفعّال، والتخطيط الأسري، وإدارة التحديات والخلافات الزوجية، وإدارة ميزانية الأسرة.
وأكدت العميرية أن هدف إقامة الفريق هو توعية المجتمع بأهمية الإرشاد الزواجي، ونشر ثقافة الإرشاد الزواجي بين الشباب المقبلين على الزواج، واستقطاب أكبر عدد منهم للالتحاق بالبرنامج الوطني (إعداد المقبلين على الزواج)، وتفعيل الشراكة المجتمعية مع المؤسسات الحكومية والخاصة والأهلية لتقديم دورات تدريبية للمتزوجين حديثًا.
وواصلت الدكتورة حديثها بذكر البرامج التي تم تنفيذها بشكل عام، وقالت: تم تنفيذ 179 برنامجا توعويا في عام 2023 للتعريف بالبرنامج الوطني (إعداد المقبلين على الزواج)، واستهدفت جميع شرائح المجتمع على مستوى محافظة الداخلية بهدف توعية الآباء والأمهات بأهمية التحاق أبنائهم بالبرنامج الوطني قبل اتخاذ قرار الزواج، كما تم تنفيذ 113 برنامجا تدريبيا خلال عام 2023 استهدفت 294 من أبناء المحافظة، بالإضافة إلى تنظيم حملات توعوية وجلسات حوارية حيث بلغ عدد المستفيدين منها 7775 مستفيدا من أبناء المحافظة لعام 2023م، كما قام الفريق بعمل تصاميم لمواد إعلامية تسويقية مختلفة للبرنامج، ومسابقات، ومقابلات مع الشباب المستفيدين من البرنامج، ولمسنا مدى إدراك الجميع لأهمية مثل هذه البرامج لتحقيق الاستقرار الأسري، وهناك تقبل لمثل هذه البرامج، لا سيما أن القائمين على البرنامج هم من المختصين المؤهلين بالأساليب الحديثة في تقديم أهم المعارف والمهارات اللازمة لتحقيق الأسرة المتماسكة، وهناك دور لمؤسسات المجتمع المدني وجمعيات المرأة في دعم البرنامج، وتم إعداد خطة مشتركة لاستقطاب الفئات الشابة، وخاصة التي لم تلتحق بالعمل أو بالدراسة الجامعية لتقديم هذا البرنامج والاستفادة من الأعراس الجماعية في تقديم البرنامج.
وأكدت العميرية أن هناك خطط تطويرية يسعون لتحقيقها مستقبلا، منها رفع أعداد المستفيدين من البرنامج (إعداد المقبلين على الزواج) وبرنامج (تماسك) والإشراف على صندوق الزواج الذي صدرت الأوامر السامية بإنشائه، والذي سيسهم في دعم الشباب ماديا ومعنويا مما سيشجعهم على الإقبال على الزواج وعدم التأخير في اتخاذ هذه الخطوة، مما يسهم في تحقيق الاستقرار النفسي والاجتماعي لهم.
وأكدت العميرية أنهم يسعون من خلال البرامج المقبلة إلى خفض حالات الطلاق في المحافظة وخاصة في السنوات الأولى من الزواج، ورفع الوعي بأهمية الإرشاد الزواجي في كافة مراحل الحياة الزوجية، وتصحيح المفاهيم الخاطئة حول الزواج والأسرة وتربية الأبناء ورعايتهم، والمساعدة على التوافق الاجتماعي والنفسي لكل من طرفي العلاقة الزوجية.