سِباقٌ متجدّد بين الانهيار الكبير ومحاولاتِ إنهاء الشغور الرئاسي
تاريخ النشر: 18th, September 2023 GMT
كتبت "الراي الكويتية":وإذا كانت الأزمات السياسية ولا سيما الشغور المتمادي في رئاسة الجمهورية وما يولّده من دومينو فراغاتٍ وإرباكات في عجلة عمل المؤسسات وانسيابية دورتها ودورها هو المغذّي الأول للانهيار المالي، فإن التعاطي الرسمي في ذاته مع هذا الانهيار - رغم فرْملة سرعته في ضوء إجراءاتٍ تخديرية على حافة الهاوية المميتة - يبقى «الحمولة الأثْقَل» على مسار تعافٍ باتت معالمه وآلياته محدَّدة بوضوح ولكن السلطات المعنية تشيح بنظرها عنها وكأن العاصفة الأعتى التي تتقاذف لبنان ستنتهي لوحدها بوصْفها.
ولعلّ آخِر «الأدلّة» على هذا الواقع جاء بلسان بعثة صندوق النقد الدولي في ختام أحدث جولاتها الدورية على المسؤولين اللبنانيين حيث«بقّت البحصة» بوجه ما أعلنت أنه «افتقار الى الإرادة السياسية لاتخاذ قرارات صعبة، ولكنها حاسمة، لإطلاق الإصلاحات بما يترك لبنان في مواجهة قطاع مصرفي ضعيف، وخدمات عامة غير كافية، وتدهور البنية التحتية، وتفاقم ظروف الفقر والبطالة، واتساع فجوة الدخل».
تحتاج الحكومة، وفق الخلاصات الدولية، إلى تنفيذ استراتيجية مالية منسجمة لاستعادة استدانة مستدامة وإيجاد مساحة للإنفاق الاجتماعي والبنية التحتية. ولتكون هذه الاستراتيجية فعالة، فإن تحسين استجابة الإيرادات هو أمر بالغ الأهمية. علماً أن الحكومة قامت باتخاذ إجراءات تدريجية نحو تعديل تحصيل الإيرادات لتحسين قيمة القاعدة الضريبية بشكل أكثر واقعية وإعادة ضبط جداول ورسوم الضرائب إلى قيم معقولة، ما أسفر عن زيادة ملحوظة في الإيرادات. ومع ذلك، هناك حاجة للقيام بالمزيد.
وبالمثل، يمكن التكهن وفق المسؤول المالي المعني، بأن رحلة التشريع ستطول أيضاً بما يخص قانونيْ وضْع ضوابط استثنائية على الرساميل والتحويلات (كابيتال كونترول) وإعادة هيكلة المصارف. فالأول جاهز من حيث الصياغة، إنما دون إقراره اعتراضاتٌ كامنة ومواقف حاسمة لكتل نيابية وازنة تنادي بأولوية انتخاب رئيس الجمهورية على أي شأن تشريعي لا يقع في تصنيف«الضرورات القصوى». أما الثاني فهو ملتبس في الإعداد وتَبادُل المسؤوليات بين السلطتين التنفيذية والنقدية، وما من إشارات واعدة لقرب انسيابه، ولا سيما انه سيبني موضوعياً على حصيلة ورشةِ تدقيقٍ دولي بميزانيات البنوك العاملة.
وفي تصنيفٍ«نادر»للخطوات في الاتجاه الصحيح، نوّهت البعثة بالقرارات الأخيرة التي اتخذتها الحاكمية الجديدة لمصرف لبنان للتخلص تدريجياً من منصة صيرفة، وإنشاء منصة تداول عملات أجنبية مرموقة وشفافة، ووقف استنزاف احتياطات العملات الأجنبية، والحد من التمويل النقدي، وزيادة الشفافية المالية.
وبناءً على هذا التقدم، وجدت«الآن»فرصةً للإصلاحات الشاملة لتعزيز حكم مصرف لبنان ومحاسبته وعمليات تداول العملات الأجنبية وفقاً لأفضل الممارسات الدولية. علاوة على ذلك، شددت على وجوب توحيد جميع أسعار الصرف الرسمية بسعر السوق ما سيساعد في القضاء على فرص التحكّم بالأسعار والربح التي تثقل عبء المالية العامة.
... إنه سِباقٌ قديم - جديد بين انهيارٍ مالي يقترب من استعادة سرعته العالية وبين انهياراتٍ مؤسساتية - بدءاً من أزمة رئاسة الجمهورية - سارت معالجاتها العقيمة بوتيرةٍ سلحفاتية على مدى نحو 11 شهراً، ولا أحد يجزم بمآلات المحاولة المتجددة لإنهاء الشغور قبل أن يطفئ شمعتَه الأولى (في الأول من تشرين الثاني) في القصر المسكون بـ... الفراغ.
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
مسؤول أممي يدعو المجتمع الدولي لدعم عودة السوريين وإعادة الإعمار
دعا المتحدث باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ويليام سبيندلر، المجتمع الدولي إلى دعم عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم وإعادة إعمارها.
وقال سبيندلر إن سوريا شهدت أكبر حركة نزوح في العالم خلال السنوات الـ13 الماضية، لجأ 6 ملايين منهم إلى تركيا ولبنان والأردن والدول الأوروبية وغيرها من الدول، إضافة إلى تهجير 7 ملايين داخل سوريا.
وأكد سبيندلر أن المفوضية استأنفت عملياتها في سوريا، وأن مراكزها تخدم بنسبة 80% من طاقتها.
عودة بطيئةوبشأن أعداد السوريين العائدين إلى بلادهم قال سبيندلر إن ما يقرب من 7600 سوري عادوا إلى بلادهم من تركيا، وفقا للمعلومات الواردة من السلطات التركية، و"هذا عدد قليل جدا".
وأضاف: "نعلم أن هناك عدة آلاف من السوريين الذين عادوا، وهذه الأعداد في تزايد، لكننا لم نشهد عودة جماعية في الوقت الحالي، لأن الكثير من الناس ينتظرون ليروا ما سيحدث على الأرض.
توفير بيئة آمنةودعا المسؤول الأممي إلى تقديم مساعدات بقيمة 310 ملايين دولار، لدعم ما يقارب مليون سوري يمكنهم العودة في الأشهر الستة الأولى من عام 2025.
وشدد على أهمية استتباب الأمن، والتأكد من أن الظروف المعيشية في البلاد مناسبة لعودة الناس والبقاء فيها، حتى يتمكن السوريون من العودة دون خوف.
إعلانكما أكد ضرورة تأمين الحاجات الأساسية مثل المأوى والغذاء وفرص العمل والتعليم والرعاية الصحية والكهرباء والإنترنت والماء، من أجل تسريع عودة السوريين.
سوريا بحاجة أهلها للبناءوأشار سبيندلر إلى التحديات التي قد تواجه توفير الخدمات الأساسية في المراحل الأولى للعائدين إلى البلاد، مؤكدا الحاجة إلى حكومة مستقرة تضمن حقوق جميع الذين عادوا والموجودين حاليا في سوريا.
وقال: "سوريا بحاجة إلى المهارات والمواهب والعمل الجاد من جميع السوريين الموجودين خارج البلاد، وهي بحاجة إليهم للعودة والمساعدة في إعادة بناء البلاد".
وأضاف: "هناك شباب مستعدون للعمل من أجل بلادهم، لذا على الأمد الطويل من المهم أن يعود هؤلاء الأشخاص ويساهموا في إعادة إعمار البلاد، ولكن علينا مساعدتهم".
وشدد على أنه ينبغي منح اللاجئين السوريين الوقت الكافي لاتخاذ قرار العودة دون أي ضغوط.
وسيطرت فصائل سورية في الثامن من ديسمبر/كانون الأول الجاري، على دمشق وقبلها مدن أخرى، مع انسحاب قوات النظام السابق من المؤسسات العامة والشوارع.
وفور سقوط نظام الأسد، تجاوز عدد العائدين إلى سوريا من تركيا 25 ألف شخص، وفقا لتصريحات وزير الداخلية التركي.
كما عاد من الأردن 12 ألفا و800 سوري، بينهم 1309 مصنفين لاجئين، وفق مصادر رسمية أردنية.