كتب نذير رضا في" الشرق الاوسط": يسعى مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان إلى إنهاء الخلاف القائم بين وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي، ومدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، بلقاء الطرفين، الاثنين والثلاثاء، مهّد لها باتصالات بهما أفضت إلى تأكيد حل الخلاف، وسحب إعلان مولوي رفع الحصانة عن عثمان، من التداول نهائياً.


ووفق القانون اللبناني، يُعدّ وزير الداخلية وزير الوصاية على المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي. وبدأ الصراع بين الطرفين على خلفية قرار اتخذه عثمان، في حزيران الماضي، قضى بإلحاق شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي بالمدير العام شخصياً، وفصلها عن وحدة الأركان التي كانت تتبع لها، حتى لا يفقد قائد الشعبة (العميد خالد حمود) منصبه، لكونه صاحب أقدمية على العميد الذي كُلّف بقيادة الأركان بالوكالة.
وفي الأسبوع الماضي، أصدر عثمان برقيات عيَّن بموجبها رؤساء لوحدات في «مؤسسة قوى الأمن» بالوكالة، دون التشاور مع الوزير. وتوعّد وزير الداخلية برفع الحصانة عن عثمان، لمقاضاته في ملفات أمام القضاء.
وعلى أثر انفجار الخلاف بين الطرفين، تدخّل دريان «بمبادرة شخصية منه» في أول تدخُّل من قِبله في الأزمة الناشئة، وفق ما يقول رئيس «المركز الإسلامي للدراسات والإعلام» القاضي الشيخ خلدون عريمط، مشدداً على أن الأمور «ستعود إلى طبيعتها وينتهي الخلاف كلياً».

وقال عريمط، وهو مقرَّب من المفتي دريان، لـ«الشرق الأوسط»، إن المفتي سيستقبل وزير الداخلية، صباح الاثنين، على أن يلتقي اللواءَ عثمان، الثلاثاء، موضحاً أن محور اللقاءين هو «ترميم العلاقة بين الوزير والمدير العام»، مضيفاً أن التمهيد للقاءين حمل مؤشرات بإنهاء الخلاف كلياً، إذ جرى، في اتصال هاتفي بين دريان ووزير الداخلية، وتلقّى على أثره وعداً من مولوي بتوقف أي اتجاه لرفع الحصانة عن عثمان. وقال: «هناك وعد تلقّاه سماحة المفتي من الوزير مولوي بطيّ الموضوع نهائياً»، مشدداً على أن النهاية «من المؤكد ستكون إيجابية».  
ووفق عريمط، فإن موضوع الخلاف بين وزير الداخلية ومدير عام قوى الأمن «سيئ وله انعكاسات سلبية». وعلى أثر استفسار المفتي «أكد مولوي أن الكلام الذي حُكي في الإعلام عن السماح للقضاء باستدعاء عثمان ورفع الحصانة عنه، لا أساس له من الصحة»، وفق ما أكدع عريمط، لكن ذلك لم يخفِ الخلل في العلاقة بين الطرفين، لكنه خلل «ستجري تسويته وستُطوى الصفحة نهائياً». 
ومع تأكيد عريمط أن المفتي «حريص على وحدة الصف الاسلامي كحرصه على وحدة الصف اللبناني»، شدّد على أن الشيخ دريان «يسعى مع الجهات المعنية لإخراج لبنان مما هو فيه لتعود الدولة، وتصبح مؤسساتها خيار اللبنانيين الوحيد»، مشيراً إلى أنه بادر بالتدخل «انطلاقاً من مسؤولياته الإسلامية والوطنية»، مشدداً على أن دريان «مرجعية دينية للمسلمين، ومرجعية وطنية حريصة على عودة لبنان السيد الحر المستقل الذي يضمن سيادة لبنان ومؤسساته، وخصوصاً المؤسسات الأمنية». وقال إن التدخل «يهدف لعدم تأثير أي تشويش جانبي على الاستقرار الأمني في البلاد، ولا يجوز مطلقاً أن يكون هناك أي خلل بالعلاقة بين الوزير والأجهزة الأمنية؛ لأن الجيش وقوى الأمن هما مِن آخِر ما يُبقي لبنان متماسكاً»، مشدداً على أن دريان «حريص على الجيش وقوى الأمن، ويعتبر أن أمن القوى الأمنية جزء أساسي من أمن لبنان».  
ولا يتضمن تدخُّل المفتي لتصحيح العلاقة بين مولوي وعثمان أي جوانب إضافية تبدد الخلاف الأساسي الذي اندلع على خلفية التشكيلات الأمنية. وقال عريمط إن أمر التشكيلات «سيُترَك لوزير الداخلية ومدير عام قوى الأمن لأنهما جهة الاختصاص، فالمفتي لا يتدخل بالقضايا التفصيلية، وهذا الأمر متروك للتوافق بين الوزير وعثمان». وأشار إلى أن دريان «حريص على أن يمارس كل منهما صلاحياته»، موضحاً أن المفتي حريص على «ألا يُهمّش المدير العام، وفي الوقت نفسه ألا يكون هناك تجاهل للوزير»، إذ «المطلوب أن يتكامل الطرفان مع بعضهما للحفاظ على قوى الأمن؛ لأنها رديف للجيش للحفاظ على أمن لبنان وسيادته وعروبته».

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: وزیر الداخلیة الحصانة عن قوى الأمن حریص على على أن

إقرأ أيضاً:

مفتي الجمهورية: نأمل أن تكون منبرًا يجمع بين الأصالة والتجديد

أعرب المفتي عن سعادته بالمشاركة في الاحتفالية العلمية والفكرية لإطلاق العدد الأول من مجلة طابة، التي نأمل أن تكون منبرًا يجمع بين الأصالة والتجديد، بحضور قامات علمية وفكرية مرموقة، في مقدمتهم الشيخ الحبيب علي الجفري، الذي طالما كان صوتًا للحكمة والوسطية، والأستاذ الدكتور علي جمعة، مفتي الديار المصرية الأسبق وأحد أعمدة الفقه والفكر المستنير، وسعادة الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف المصري، العالم المحدث الجليل.

المفتي: وجود الله حقيقةٌ أزلية ثابتة لا يعتريها ريبٌ ولا تنال منها الظنون بمشاركة المفتي .. جناح الإفتاء يشهد ندوة "الفتوى ومسائل الهُويَّة وتعزيز الانتماء"

وأشار أن تاريخ الحضارة يؤكد أن تأثير الفلسفة في الواقع، نشأ مع نشأة الفلسفة، وتطور مع تطورها، ففلاسفة مثل سقراط وأفلاطون وأرسطو أسهموا في صياغة أدوات عقلانية لتحليل الوجود والإنسان، انعكست لاحقًا على تشكيل المنظومات الفكرية والعملية عبر العصور. مشيرا على اعتماد سقراط على الحوار الجدلي كمنهج لتفكيك الخرافة والمسلَّمات الأسطورية عبر التساؤل النقدي، وهو ما أسس لثقافةٍ تعلي من شأن العقل كمرجعيةٍ لفهم العالم. وإلى ربط أفلاطون في محاورة "الجمهورية" بين الفلسفة والسياسة عبر تصوره حول "طبقات المجتمع والفيلسوف الحاكم"، مؤكدًا أن العدالة الاجتماعية لا تُبنى إلا بأسس عقلانية. وإلى تطوير أرسطو منهجيةً استقرائيةً تربط بين الملاحظة الواقعية والاستنتاج المنطقي.
وأكد فضيلته أن الفلسفة ليست كما يقول المدعون حكرا على اليونان، وأن فلاسفة المسلمون مجرد مترجمون مقلدون، لقد طور فلاسفة المسلمون تراثًا فكريًا خاصًّا، تفاعل مع الواقع الإسلامي بمنهج تكاملي يجمع بين العقل والنقل. مشيرا إلى إسهامات بعضهم مثل الكندي، والفارابي وابن سينا وحجة الإسلام الإمام أبو حامد الغزالي وابن رشد وابن خلدون. 
وبين فضيلته أنه قد تجلَّى بوضوح تأثير الفلسفة في الحضارة الإسلامية من خلال تأسيس المدارس النظامية، وصك العملات المُستوحاة من مفاهيم العدالة، وظهور مفاهيم مثل "المصلحة العامة" في الفقه، و"النظر" في أصول الدين، و"الاستخلاف" في الفلسفة السياسية، وأن كل هذه النماذج تُظهر أن الفلسفة الإسلامية لم تكن امتدادًا سلبيًا للتراث اليوناني، بل كانت تفاعلًا نقديًا حوَّل الأفكار إلى مؤسسات تعليمية وقضائية واقتصادية.
وأكد فضيلته أننا إذا كنا بصدد الإعلان عن انطلاق مجلة طيبة التي تسهم في نشر وإثراء المعرفة الفلسفية والإنسانية، فإننا نستلهم روح الحضارات التي حوَّلت الأفكار المجردة إلى نصوصٍ خالدة، وأن المجلات الثقافية الحديثة تعدُّ امتدادًا لتقليدٍ معرفيٍ يعود جذوره إلى صالونات الفكر في العصر العباسي، حيث كانت "دار الحكمة" في بغداد منصةً لجمع الترجمات والمناقشات الفلسفية. 
وأكد فضيلته أن المجلة الثقافية الحديثة تُعدُّ منبرًا معرفيًّا مركبًا يجمع بين التعددية الفكرية والتفاعلية المجتمعية: حيث يتنوع الإصدار الواحد ليشمل مقالاتٍ في «الفلسفة، والعلوم، والأدب، والفنون» يكتبها مؤلفون من خلفيات متباينة؛ من الفيلسوف الأكاديمي إلى الكاتب الصحفي، ومن العالم المتخصص إلى المبدع الأدبي. وتعتمد المجلات على لغةٍ وسيطةٍ تتبنى "التبسيط دون التسطيح"، فتحوّل المفاهيم المعقدة إلى نصوصٍ مفهومةٍ عبر الاستعارة والسرد القصصي. يُضاف إلى ذلك دور المجلات في تعزيز الوعي النقدي عبر طرح الأسئلة الوجودية والاجتماعية بلغةٍ تلائم الجمهور غير المتخصص، مما يسهم في بناء مجتمعٍ قادرٍ على التفاعل مع التحولات العالمية دون انفصام عن الهوية المحلية.
وأشار فضيلة المفتي إلى أن تأثير المجلات لا يقتصر على الفرد بوصفه قارئًا، بل يمتد إلى تشكيل خطابٍ جمعيٍ يُعيد إنتاج المعرفة وفقًا لاحتياجات العصر. لافتا النظر إلى أن رصيد عالمنا العربي الحديث من المجلات المؤثرة في الواقع وافر وكثير، مشيرا إلى مجلة "الهلال" التي أسسها جورجي زيدان، ومجلة "المنار" التي أطلقها الشيخ محمد رشيد رضا عام 1898 كامتداد لفكر أستاذه محمد عبده الإصلاحي، ومجلة "الرسالة" التي أسسها الشيخ أحمد حسن الزيات، ومجلة "الأديب" اللبنانية، التي أنشأها سهيل إدريس، ومجلة "الكاتب" التي أطلقها الدكتور طه حسين، ومجلة "الفكر المعاصر" التي أشرف عليها الفيلسوف زكي نجيب محمود، ومجلة المقتطف: التي تأسست في بيروت ثم انتقلت لاحقًا إلى مصر، ومجلة الأزهر: والتي تأسست عام 1930 في مصر، بهدف نشر الفكر الإسلامي الوسطي، والدفاع عن التراث الإسلامي، والرد على الشبهات الفكرية. 
وقال فضيلته: "نحتفي اليوم بإصدار العدد الأول من مجلة طابة، التي تمثل إضافة نوعية إلى المشهد الثقافي والفكري العربي والإسلامي. فقد جاءت هذه المجلة لتواكب التحولات الفكرية الراهنة، وتسهم في إعادة قراءة قضايا الفكر الإسلامي والفلسفة والدراسات الاجتماعية بمقاربات علمية ومعمقة".
وقال فضيلته بعد أن استعرض المقالات في هذا العدد: "إن هذه التوليفة من المقالات تعكس التزام المجلة بمقاربة معرفية شاملة، تعيد طرح الأسئلة الكبرى في الفكر الإسلامي والفلسفة والعلوم الاجتماعية، وتساهم في صياغة رؤية فكرية متجددة تستجيب لمتطلبات العصر".
وفي ختام كلمته توجه فضيلة المفتي بخالص الشكر والتقدير إلى الشيخ الحبيب علي الجفري، والأستاذ الدكتور علي جمعة، والدكتور أسامة الأزهري، وجميع الأساتذة والمفكرين المشاركين، على إسهاماتهم القيمة التي أثرت هذه المناسبة الفكرية المهمة. كما شكر القائمين على مجلة طابة على هذا الجهد العلمي الرصين، الذي يجمع بين الأصالة والمعاصرة، ويفتح آفاقًا جديدة للحوار والتجديد. داعيا الله أن يبارك في هذا العمل، وأن يكون منبرًا للعلم والفكر المستنير.

مقالات مشابهة

  • مفتي الجمهورية يستقبل وفدا ماليزيًا رفيع المستوى لتعزيز التعاون الإفتائي
  • مفتي الجمهورية يستقبل وفدًا ماليزيًّا لبحث تعزيز التعاون الإفتائي وتدريب المفتين
  • مفتي الجمهورية ضيف شرف صالون الحداد الثقافي "حول دور الفتوى في تحصين الأفكار"
  • مفتي الجمهورية ضيف شرف صالون الحداد الثقافي
  • مفتي الجمهورية يوضح حكم الشريعة في تعطيل العقل عن الفكر والتأمُّل
  • خلاف المعارضة.. ليس على حضور حزب الله!
  • مفتي الجمهورية: نأمل أن تكون منبرًا يجمع بين الأصالة والتجديد
  • مفتي الجمهورية: لا بد من مراعاة الأعراف والعادات عند إصدار الفتاوى
  • عن مصير ودائع اللبنانيين.. إليكم آخر ما قاله منصوري
  • سفاح طرابلس وخدم في لبنان... وزير سوريّ سابق سلّم نفسه وهذا ما قاله