حركة الحلو تبحث عن سلامِ أضاعته
تاريخ النشر: 18th, September 2023 GMT
أفادت معلومات واردة من ولاية جنوب كردفان بأن الحركة الشعبية جناح الحلو أرسلت في الأيام الماضية رسائل و وسطاء إلى قيادة الفرقة الرابعة عشر مشاة بكادقلي و إلى أحد أبرز رموز الولاية و قادتها الشعبيين الذي يحظى بتأييد شعبي جارف لمواقفه المبدئية ضد الحركة و الذي يقود أحد الفصائل التابعة للقوات المسلحة طالبةً التوصل إلى إتفاق سلام و ذلك بعد أن فقدت بضع مئات من جنودها و عدداً من قادتها العسكريين في محاولاتها الفاشلة للإستيلاء على مدينة كادقلي و التي كان آخرها في 16 أغسطس الماضي !!
رد قيادة الفرقة و الزعيم الشعبي كان قوياً و حاسماً حمًَل الوسطاء رسالة واحدة مضمونها :
– إفتحوا الطريق القومي
-إنسحبوا من النقاط و المواقع التابعة للقوات المسلحة و التي قمتم باحتلالها بعد خرقكم لإتفاق وقف العدائيات
– أعلنوا إلتزامكم بالإتفاق و عدم خرقه مرة أخرى
ثم بعد الوفاء بالنقاط أعلاه فإن القوات المسلحة على استعداد لبحث عملية السلام و إذا لم تلتزموا بها فلا سلام و سنقوم بواجباتنا كاملة !!
جدير بالذكر أنه و منذ أكثر من شهرين خرقت الحركة إتفاق وقف العدائيات الذي كان سائداً في الولاية منذ أربع سنوات و قامت بعدة هجمات على مدينتي كادقلي و الدلنج و احتلت عدداً من النقاط و المواقع التابعة للجيش حولهما و قامت بقطع الطريق القومي الرابط بينهما مما أثر كثيراً على حياة المواطنين فأصبح وصول السلع و البضائع إلى حاضرة الولاية أمراً صعباً للغاية حيث يضطر التجار و المسافرين إلى المرور عبر ولاية غرب كردفان ليتمكنوا من الوصول إلى كادقلي و بالتالي تضاعفت الأسعار و انعدم الدواء و تعيش المدينة في ظلام دامس منذ ذلك الوقت و ازدادت المعاناة أضعافا مضاعفه !!
هجمات حركة الحلو على مدن و أرياف الولاية كانت قد تزامنت مع هجمات مليشيا الدعم السريع على مدينة الدبيبات حاضرة محلية القوز و منطقة الفرشاية و التي قامت بفرض ( أتاوات) على التجار و على مستخدمي الطريق الأمر الذي أثار الشكوك بوجود تنسيق تام و إرتباط خفي بين الحركة و المليشيا برعاية و تمويل خارجي !!
الحركة أضاعت السلام الذي كان سائداً في الولاية و حقق فيها قدراً كبيراً من الإستقرار و السلم المجتمعي جاءت اليوم مرغمةً للبحث عنه بعد الخسائر الكبيرة التي منيت بها خلال هجماتها على مدن و أرياف الولاية !!
#كتابات_حاج_ماجد_سوار
16 سبتمبر 2023
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
أشرف غريب يكتب: سلام لفيروز في عامها التسعين
أتمت جارة القمر فيروز عامها التسعين، كرست من ذلك العمر المديد ما يقرب من خمسة وسبعين عاماً كى تمتعنا ببديع فنها وجميل عطائها، فكانت الصوت العربى الأطول عمراً، والأكثر قدرة على لم شمل الفرقاء.. فى زمن الحرب الأهلية اللبنانية، الذى أخذ من لبنان خمسة عشر عاماً، وقت أن كان اللبنانى يشهر سلاحه فى وجه شقيقه الفعلى ابن أمه وأبيه، والخلافات الطائفية والمذهبية والحزبية تعصف ببلاد الأرز.
كان صوت فيروز الوحيد تقريباً الذى يجمع ولا يفرق، يوحد ولا يشتت، يحفز على الانتماء للوطن ولا ينتصر لفئة دون أخرى، غنت فيروز للبنان الوطن، ولم يثبت يوماً أنها انحازت غنائياً لفصيل دون آخر، فعشقها اللبنانيون دون تحزُّب، واحترمها الجميع دون استثناء، حتى حينما جهرت ذات مرة بدعمها لحزب الله، وهى المسيحية الأرثوذكسية، سارعت وأكدت أنها تؤيد فيه روح المقاومة ضد إسرائيل والدفاع عن الكرامة اللبنانية ولا شىء آخر.
ومن لبنان، تتسع دائرة محبة فيروز لتشمل جميع أرجاء الوطن العربى، فيروز هى أكثر المطربين والمطربات العرب التى لها فى كل مدينة عربية كبرى أغنية وذكرى، حتى مدينة مكة، قلب الإسلام ومهبط الوحى، غنت لها فيروز المسيحية بذات القدسية والإجلال التى رتلت بها ترانيمها الكنسية الشهيرة، فهى حينما تقف لتغنى أمام الميكروفون تنزع عن نفسها كل ميل وهوى، وتطلق لصوتها عنان المحبة الإنسانية فى أبهى صورها وتجلياتها.
أما عن القضية الفلسطينية، فإن صوت فيروز كان الحاضر دائماً فى كل مناسبة وحدث، هى التى ناصرت الشعب والهوية، وبثت الأمل فى العودة والقضاء على آثار القدم الهمجية، هى التى حملت على كتفيها وعبر صوتها الهمَّ الفلسطينى وطافت به العالم شرقاً وغرباً لتغنى: زهرة المدائن، القدس العتيقة، سيف فليشهر، الغرباء، جسر العودة، غاب نهار آخر، يافا، بيسان، وعشرات الأغنيات الأخرى.
هى التى غنت القدس فى البال، وعنونت بها ألبومها الصادر عام 1971 يحمل بعضاً مما غنته للقضية، فيروز كانت صوت فلسطين الهادر أكثر من الفلسطينيين أنفسهم مثلما قال شاعر المقاومة الفلسطينية الأكبر محمود درويش فى أحد مقالاته الشهيرة عام 1986، ولذلك قدرها الفلسطينيون وأجلوا لها عظيم مواقفها تجاه القضية، ومنحوها دون غيرها من المطربين العرب مفتاح مدينة القدس وصينية من الصدف صنعتها نسوة مدينة بيت لحم، مهد السيد المسيح، فى احتفال مهيب بالعاصمة اللبنانية بيروت فى أغسطس عام 1968 بعد أربعة عشر شهراً من ضياع بقية المدينة المقدسة فى حرب يونيو 1967، يومها ألقى منصور رحبانى، رفيق سلاحها الغنائى مع شقيقه عاصى، كلمة معبرة تلخص موقف ثلاثتهم وإصرارهم على المضى قدماً فى طريق النضال الغنائى من أجل فلسطين حيث قال:
«تكون المفاتيح من حديد، غير أن مفتاح المدينة المقدسة من خشب الزيتون، من خشب السلام، من جذوع صلى عليها خادم السلام، وتفيأ ظلالها الأنبياء، فيا أبناء القدس إخوتنا، ويا أيها السادة الذين تحملوا مشقة السفر: باسم فيروز ومنصور وعاصى وكل من أسهم معنا أقول لكم شكراً.. إن كل ما أعطيناه واجب، بل هو أقل من واجب، إن هو إلا شعور داخلى، شعور ينبع من هول المأساة التى زلزلتنا، ولو أن الغناء يكون صامتاً لكان أجدر بنا أن نغنى صامتين، لكنه صراخ الحق تفجر غناء، إن لقاءنا بكم اليوم عهد نجدده بأننا لن نتوقف عن الغناء.
نغنى للذين يقاومون بالداخل، فتمتزج جراحنا بجراحهم، نغنى للأطفال الذين ولدوا فى الغربة ليتذكروا أنهم دائماً على سفر، وأن العودة إلى هناك آتية، لكل ضمير فى الدنيا، لكل إنسان نعلن نشيد الحق ونجرح سماء العالم بصراخنا، نحن نؤمن بالعودة، نتلوها فى كل صلاة، نؤمن بها فعلاً وإيماناً، نرددها كما فى ذكر أسمائه الحسنى، وإنه لفرح عظيم أن يختارنا المفتاح الرمز، أن نعلقه بركة فى بيتنا، أمانة فى أعناقنا، ووعداً فى قلوبنا، أما الفرح العميم فيوم أن تتدافع الأيادى السمر عائدة حاملة مفاتيح بيوتها، ذلك أن هناك أبواباً وجدراناً وبقية من ظلال تنتظر، تعرف أهلها وتحن إليهم، يومنا الكبير يوم انتصار الحق، يوم عودة أصحاب المفاتيح».
وفى يقينى أن فيروز والرحابنة ظلوا أوفياء لهذا العهد الذى قطعوه على أنفسهم يوم أن تسلموا مفتاح مدينة القدس، فيروز التى قالت وهى تمر بشوارع القدس العتيقة: «البيت لنا، والقدس لنا، وبأيدينا سنعيد بهاء القدس، للقدس سلام»، نقول لها وهى فى التسعين: سلام عليكِ يوم ولدتِ، ويوم غنيتِ، ويوم أتممتِ عِقدك التاسع.