الصحافة واللغة الصينية: قصة نجاح مستوحاة من طريق الحرير
تاريخ النشر: 18th, September 2023 GMT
إن الصداقة بين الصين ومصر، باعتبارهما حضارتين قديمتين مهمتين في العالم، لها تاريخ طويل وستستمر إلى الأبد. ففي العصور القديمة، كان المصريون يرحبون بالحرير الصيني والشاي والسلع الأخرى. وفي العصر المعاصر، رغم التحديات الإقليمية والدولية التي يشهدها العالم، صمدت العلاقات المصرية الصينية في وجه تلك التقلبات والتغييرات، بل وتطورت بخطوات سليمة وثابتة، حيث حافظ قادة البلدين على التواصل الوثيق، وازدهرت التبادلات الودية بين البلدين على كافة المستويات، كما تولي القيادة المصرية أهمية كبير للاستفادة من تجربة التنمية الناجحة في الصين.
وكان لمبادرة "الحزام والطريق" التي أطلقها الرئيس الصيني شي جين بينغ في عام ٢٠١٣ لإحياء مشروع طريق الحرير القديم، والتي تهدف إلى تعزيز التعاون والتكامل بين أكثر من 60 دولة في آسيا وأوروبا وأفريقيا من خلال بناء شبكات جديدة من التجارة والاستثمار والبنية التحتية، صدي واسع في مصر التي رحبت بالمبادرة لما تحققه المبادرة من مصالح متبادلة ومنافع مشتركة.
وفي ظل القيادة الحكيمة لرئيسا البلدين الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي والرئيس الصيني شي جين بينغ، وما يتمتعا به من علاقات ودية وثيقة، وصل حجم التبادل التجاري إلى نحو 20 مليار دولار.
وقد انعكس ازدهار العلاقات بين القاهرة وبكين إيجابيا على انتشار تعلم اللغة الصينية والإقبال علي دراستها في معاهد وكليات وأكاديميات بل وفي مدارس ما قبل التعليم الجامعي في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا وغالبية الدول التي انخرطت في مبادرة الحزام والطريق. حيث أصبحت اللغة الصينية هي الأكثر ذيوعا وانتشارا في الشوارع المصرية، التي أصبحت هدفا وحلما لكل شاب للالتحاق بأقسام اللغة الصينية في الجامعات وأيضا المدارس، والحصول علي وظيفة خاصة بعد انتشار الشركات والمؤسسات الصينية في كل أنحاء مصر.
رحلتي مع اللغة الصينية
بدأت رحلتي لتعلم اللغة الصينية في عام ٢٠١٩، عندما التحق بكلية الألسن جامعة عين شمس قسم اللغة الصينية، ذلك القسم العريق والأقدم في إفريقيا والشرق الأوسط الذي تخرج منه عمالقة اللغة الصينية، والذين كانوا بمثابة جسر يربط بين الحضارتين العريقتين.
لم يكن تعلم الصينية بالأمر السهل في البداية، ولكن مع مرور الوقت تحول الأمر من مجرد دراسة اللغة، إلي نطاق أوسع وهو التعرف علي عادتها وتقاليدها وتاريخها، الأمر الذي جعل دراستي للغة الصينية، ككتاب لا تنتهي صفحاته مهما قرأت فيه. وأصبح هناك حلم يراودني وهو “الذهاب للصين”.
قبل التحاقي بكلية الألسن، كانت لدي رغبة كبيرة في دخول كلية الإعلام جامعة القاهرة، حيث كان يراودني منذ الطفولة حلم الصحافة والإعلام، وما يتميز به أولائك الذين يعملون في هذا المجال من الشهرة والمكانة الاجتماعية. فتمنيت أن تتاح لي الفرصة وأستطيع المزج بين اللغة الصينية وحلم الطفولة، الصحافة والإعلام.
ولم يمر الكثير من الوقت حتي تحقق هذا الحلم و أتيحت لي الفرصة العمل في جريدة “البوابة”، وكان أول موضوع ينشر لي في الجريدة، “العيدان الخشبية 筷子، ثم تطور الأمر بعد ذلك، أصبحت مسؤولا عن “ملف الصين” من أخبار وموضوعات سياسية واجتماعية، ومنحتني الجريدة الفرصة لتغطية جميع أعمال السفارة الصينية في مصر. وبالفعل بدأ حلم الطفولة يتحقق.
وبعد عام من العمل في “البوابة”، أجريت حوارا صحفيا بالفيديو مستخدما اللغة الصينية مع السفير الصيني في مصر لياو ليتشيانغ خلال مؤتمر صحفي عقد في أحد فنادق الجيزة بعد زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي لتايوان الصينية. وأشاد حينها السفير الصيني بتحدثي للغة الصينية، كما أعرب عن سعادته لمقابلة صحفي مصري يتحدث اللغة الصينية، لأول مرة منذ توليه مهام السفير الصيني بمصر.
أدركت حينها أن تعلمي للغة الصينية كان الاختيار الأفضل في حياتي، حيث أنها فتحت لي طرق ومسارات جديدة لم أكن أتوقعها، ولم يقتصر الأمر عند ذلك الحد، بل ساعدتني أيضا في تحقيق حلم الطفولة.
ومن ثم انتقلت للعمل في أحد أهم المواقع المصرية “صدي البلد”، أجريت في ذلك الوقت حوارات مختلفة مع أهم المسؤولين الصينيين في مصر. وبعدها شاركت مع شركة “بيت الحكمة” في مراجعة وإعداد برنامج “تعلم اللغة الصينية” بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم المصرية عبر قنوات “مدرستنا”. وبعدها انتقلت للعمل في موقع قناة “القاهرة الإخبارية”، لأكون مسؤولا عن ملف “شرق آسيا”.
وبعد ٤ أعوام من تعلم اللغة الصينية تحقق الحلم الأكبر وهو الذهاب للصين، حيث أرسلت لي السفارة الصينية في مصر دعوة لزيارة الصين إلى جانب نخبة من الصحفيين الكبار الذين يهتمون بملف الصين والذين يمثلون أكبر الصحف والمواقع المصرية، كأول وفد مصري يزور الصين منذ تفشي فيروس كورونا. وكنت الصحفي الأصغر في الوفد.
مع وصولي الصين، وخاصة العاصمة بكين، ومع نزولي من الطائرة والخروج من مطار بكين الدولي، اندهشت من حجم التطور والتنمية التي تتمتع بها الصين، ليس هناك أي شئ غير موجود، بل إن كل شيء موجود بكثافة وتنوع وجودة وسمعة، بلد ينتقل من حالة الانغلاق والكمون والسكون الجيوسياسي إلى الانفتاح على العالم والذهاب إلي العواصم و الموانئ والممرات البحرية والبرية في مبادرة هي الأكبر عالميا، ما سمته “الحزام والطريق”.
في كل خطوة تخطوها، وفي كل مدينة تذهب إليها تجد من الغرائب ما يدهشك، بلاد نظيفة تحافظ على البيئة، العمل أولا وأخيرا “لا وقت للجدال في السياسة”، حالة سياسية واقتصادية متفردة في العالم، وليس هذا من قبيل المديح بل من قبيل التوصيف والتحليل والرصد.
الصين قادمة بل جاءت بالفعل وحققت حضورا بارزا وتفاعلا لافتا فى أزمات العالم والصراعات الدولية رافعة شعار إعلاء المصالح المشتركة والمنافع المتبادلة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: التحديات الإقليمية والدولية الحزام والطريق الرئيس الصيني شي جين بينغ الرئيس الصيني شي الرئيس المصري العلاقات المصرية الصينية الصين اللغة الصينية طريق الحرير عبدالفتاح السيسي مبادرة الحزام والطريق مصر العلاقات الصينية المصرية تعلم اللغة الصینیة السفیر الصینی الصینیة فی فی مصر
إقرأ أيضاً:
"ديب سيك".. ماذا نعرف عن المنافس الصيني المرعب لـ ChatGPT؟
حققت منصة الذكاء الاصطناعي الصينية "ديب سيك" إنجازا لافتا بعد أن تصدرت قائمة التنزيلات في متجر تطبيقات آبل في الولايات المتحدة، متفوقة على "شات جي بي تي" التابع لشركة "أوبن أيه آي".
وتضع هذه القفزة السريعة في التصنيف، التي أورداها شركة أبحاث بيانات التطبيقات "سنسور تاور"، "ديب سيك" في منافسة قوية مع كبار اللاعبين في مجال الذكاء الاصطناعي.
وقد خلق التطبيق الصيني حالة من الذعر وضجة كبيرة في الأسواق، خصوصا وسط الشركات الأميركية العملاقة والتي أنفقت مبالغ ضخمة للهيمنة على قطاع الذكاء الاصطناعي.
ما هو "ديب سيك"؟
يعد "ديب سيك إر 1"، وهو المنتج الرئيسي لمنصة ذكاء الاصطناعي طورتها شركة ناشئة مقرها في هانغتشو الصينية، نموذجا لغويا متقدما يعتمد علىتقنية مبتكرة تهدف إلى تعزيز قدرات الاستدلال والتحليل.
ويستخدم النموذج بنية هجينة تجمع بين التعلم التعزيزي والاستدلال المتسلسل، مما يتيح له أداء مهام معقدة بكفاءة عالية.
وتقدم "ديب سيك" نسختين من منصتها:
"ديب سيك إر 1": النسخة القياسية التي تناسب الاستخدامات العامة.
"ديب سيك إر 1 زيرو": النسخة المتطورة التي توفر تعديلا غير مراقب للحصول على استدلال أفضل.
لماذا يحظى "ديب سيك "بشعبية متزايدة؟
حقق التطبيق شهرة واسعة بفضل تسعيره التنافسي وأدائه المتميز، حيث يقدم الخدمة بسعر 0.55 دولار لكل مليون رمز إدخال، ما يجعله اقتصاديا أكثر من نموذج "أوبن أيه آي 1" الذي يصل سعره إلى 15 دولارا لكل مليون رمز.
ولم تقتصر ميزاته على التكلفة فقط، بل تفوق أيضا في العديد من المهام، ففي اختبارات البرمجة، سجل "ديب سيك إر 1" نسبة نجاح بلغت 97%، متفوقًا على نموذج "أوبن أيه آي 1" في العديد من الاختبارات والمعايير.
كما أثار التطبيق الصيني إعجاب المستخدمين على وسائل التواصل الاجتماعي بفضل أدائه السلس على الهواتف الذكية وقدرته على التعامل مع المهام المعقدة، بما في ذلك العمليات الحسابية المتقدمة.
وعلاوة على ذلك، توفر المنصة إصدارات مدمجة تعمل على أجهزة الكمبيوتر المحمولة والأجهزة الأخرى، ما يعزز من وصولها وانتشارها بين المستخدمين.