إن الصداقة بين الصين ومصر، باعتبارهما حضارتين قديمتين مهمتين في العالم، لها تاريخ طويل وستستمر إلى الأبد. ففي العصور القديمة، كان المصريون يرحبون بالحرير الصيني والشاي والسلع الأخرى. وفي العصر المعاصر، رغم التحديات الإقليمية والدولية التي يشهدها العالم، صمدت العلاقات المصرية الصينية في وجه تلك التقلبات والتغييرات، بل وتطورت بخطوات سليمة وثابتة، حيث حافظ قادة البلدين على التواصل الوثيق، وازدهرت التبادلات الودية بين البلدين على كافة المستويات، كما تولي القيادة المصرية أهمية كبير للاستفادة من تجربة التنمية الناجحة في الصين.

وكان لمبادرة "الحزام والطريق" التي أطلقها الرئيس الصيني شي جين بينغ في عام ٢٠١٣ لإحياء مشروع طريق الحرير القديم، والتي تهدف إلى تعزيز التعاون والتكامل بين أكثر من 60 دولة في آسيا وأوروبا وأفريقيا من خلال بناء شبكات جديدة من التجارة والاستثمار والبنية التحتية، صدي واسع في مصر التي رحبت بالمبادرة لما تحققه المبادرة من مصالح متبادلة ومنافع مشتركة.

وفي ظل القيادة الحكيمة لرئيسا البلدين الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي والرئيس الصيني شي جين بينغ، وما يتمتعا به من علاقات ودية وثيقة، وصل حجم التبادل التجاري إلى نحو 20 مليار دولار.
وقد انعكس ازدهار العلاقات بين القاهرة وبكين إيجابيا على انتشار تعلم اللغة الصينية والإقبال علي دراستها في معاهد وكليات وأكاديميات بل وفي مدارس ما قبل التعليم الجامعي في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا وغالبية الدول التي انخرطت في مبادرة الحزام والطريق. حيث أصبحت اللغة الصينية هي الأكثر ذيوعا وانتشارا في الشوارع المصرية، التي أصبحت هدفا وحلما لكل شاب للالتحاق بأقسام اللغة الصينية في الجامعات وأيضا المدارس، والحصول علي وظيفة خاصة بعد انتشار الشركات والمؤسسات الصينية في كل أنحاء مصر.

رحلتي مع اللغة الصينية
بدأت رحلتي لتعلم اللغة الصينية في عام ٢٠١٩، عندما التحق بكلية الألسن جامعة عين شمس قسم اللغة الصينية، ذلك القسم العريق والأقدم في إفريقيا والشرق الأوسط الذي تخرج منه عمالقة اللغة الصينية، والذين كانوا بمثابة جسر يربط بين الحضارتين العريقتين.

لم يكن تعلم الصينية بالأمر السهل في البداية، ولكن مع مرور الوقت تحول الأمر من مجرد دراسة اللغة، إلي نطاق أوسع وهو التعرف علي عادتها وتقاليدها وتاريخها، الأمر الذي جعل دراستي للغة الصينية، ككتاب لا تنتهي صفحاته مهما قرأت فيه. وأصبح هناك حلم يراودني وهو “الذهاب للصين”.

قبل التحاقي بكلية الألسن، كانت لدي رغبة كبيرة في دخول كلية الإعلام جامعة القاهرة، حيث كان يراودني منذ الطفولة حلم الصحافة والإعلام، وما يتميز به أولائك الذين يعملون في هذا المجال من الشهرة والمكانة الاجتماعية.  فتمنيت أن تتاح لي الفرصة وأستطيع المزج بين اللغة الصينية وحلم الطفولة، الصحافة والإعلام.

ولم يمر الكثير من الوقت حتي تحقق هذا الحلم  و أتيحت لي الفرصة العمل في جريدة “البوابة”، وكان أول موضوع ينشر لي في الجريدة، “العيدان الخشبية 筷子، ثم تطور الأمر بعد ذلك، أصبحت مسؤولا عن “ملف الصين” من أخبار وموضوعات سياسية واجتماعية، ومنحتني الجريدة الفرصة لتغطية جميع أعمال السفارة الصينية في مصر. وبالفعل بدأ حلم الطفولة يتحقق.
وبعد عام من العمل في “البوابة”، أجريت حوارا صحفيا بالفيديو مستخدما اللغة الصينية مع السفير الصيني في مصر لياو ليتشيانغ خلال مؤتمر صحفي عقد في أحد فنادق الجيزة بعد زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي لتايوان الصينية. وأشاد حينها السفير الصيني بتحدثي للغة الصينية، كما أعرب عن سعادته لمقابلة صحفي مصري يتحدث اللغة الصينية، لأول مرة منذ توليه مهام السفير الصيني بمصر.

مازن إسلام محرر صدي البلد مع السفير الصيني بالقاهرة

أدركت حينها أن تعلمي للغة الصينية كان الاختيار الأفضل في حياتي، حيث أنها فتحت لي طرق ومسارات جديدة لم أكن أتوقعها، ولم يقتصر الأمر عند ذلك الحد، بل ساعدتني أيضا في تحقيق حلم الطفولة.
ومن ثم انتقلت للعمل في أحد أهم المواقع المصرية “صدي البلد”، أجريت في ذلك الوقت حوارات مختلفة مع أهم المسؤولين الصينيين في مصر. وبعدها شاركت مع شركة “بيت الحكمة” في مراجعة وإعداد برنامج “تعلم اللغة الصينية” بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم المصرية عبر قنوات “مدرستنا”. وبعدها انتقلت للعمل في موقع قناة “القاهرة الإخبارية”، لأكون مسؤولا عن ملف “شرق آسيا”. 

مازن إسلام محرر صدي البلد مع القنصل الصيني بالأسكندريةمازن إسلام محرر صدي البلد مع الوزير المفوض للسفارة الصينيةمازن إسلام محرر صدي البلد مع مدير المركز الثقافي الصيني


وبعد ٤ أعوام من تعلم اللغة الصينية تحقق الحلم الأكبر وهو الذهاب للصين، حيث أرسلت لي السفارة الصينية في مصر دعوة لزيارة الصين إلى جانب نخبة من الصحفيين الكبار الذين يهتمون بملف الصين  والذين يمثلون أكبر الصحف والمواقع المصرية، كأول وفد مصري يزور الصين منذ تفشي فيروس كورونا. وكنت الصحفي الأصغر في الوفد.

مع وصولي الصين، وخاصة العاصمة بكين، ومع نزولي من الطائرة والخروج من مطار بكين الدولي، اندهشت من حجم التطور والتنمية التي تتمتع بها الصين، ليس هناك أي شئ غير موجود، بل إن كل شيء موجود بكثافة وتنوع وجودة وسمعة، بلد ينتقل من حالة الانغلاق والكمون والسكون الجيوسياسي إلى الانفتاح على العالم والذهاب إلي العواصم و الموانئ والممرات البحرية والبرية في مبادرة هي الأكبر عالميا، ما سمته “الحزام والطريق”.


في كل خطوة تخطوها، وفي كل مدينة تذهب إليها تجد من الغرائب ما  يدهشك، بلاد نظيفة تحافظ على البيئة، العمل أولا وأخيرا “لا وقت للجدال في السياسة”، حالة سياسية واقتصادية متفردة في العالم، وليس هذا من قبيل المديح بل من قبيل التوصيف والتحليل والرصد.

الصين قادمة بل جاءت بالفعل وحققت حضورا بارزا وتفاعلا لافتا فى أزمات العالم والصراعات الدولية رافعة شعار إعلاء المصالح المشتركة والمنافع المتبادلة.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: التحديات الإقليمية والدولية الحزام والطريق الرئيس الصيني شي جين بينغ الرئيس الصيني شي الرئيس المصري العلاقات المصرية الصينية الصين اللغة الصينية طريق الحرير عبدالفتاح السيسي مبادرة الحزام والطريق مصر العلاقات الصينية المصرية تعلم اللغة الصینیة السفیر الصینی الصینیة فی فی مصر

إقرأ أيضاً:

الجامعة المصرية الصينية تتقدم بـ7 مشروعات بحثية لأكاديمية البحث العلمي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أعلنت الجامعة المصرية الصينية، تقدمها بسبع مشروعات بحثية لعام 2024 لأكاديمية البحث العلمي، في إطار إهتمام الجامعة بالبحث العلمي، وإنتاج مشروعات بحثية تخدم المجتمع، وتربط الطلاب وأعضاء هيذة التدريس بمجتمع الصناعة.
وقالت الدكتورة رشا الخولي رئيسة الجامعة المصرية الصينية - في تصريح لها اليوم - إن فلسفة الجامعة تقوم على مواكبة البحث العلمي للتطورات العالمية والاقتصادية مع مراعاة التنمية المستدامة للجامعة المنتجة، وإعداد باحث متميز يتمتع بروح تنافسية، لافتة إلى أن  الجامعة تعمل على الشراكة مع المؤسسات المحلية والدولية لخدمة مشاكل المجتمع وتنمية البيئة.
وأضافت أن الجامعة تقدمت بسبع مشروعات بحثية هذا العام 2024 لأكاديمية البحث العلمي، مؤكدة أن جميع هذه المشروعات تطبيقية وتربط الصناعة بالتنمية وتخدم المجتمع.
وأشارت الخولي، إلى أن الجامعة المصرية الصينية تحرص دائماً على خدمة المجتمع وبناء زخم ريادي وتعزيز الابتكار والتحول إلى مفهوم الجامعة الريادية التى تبنى مناهجها وتخصصاتها لتخريج طلاب قادرين على خلق فرص العمل في السوق،  وتوجيه الشباب للعمل الحر ومساعدتهم في تأسيس شركات ناشئة قائمة على أفكار مبتكرة تسهم في تنمية الاقتصاد الوطني وزيادة الناتج القومي الإجمالي وتنوع مصادره وخلق المزيد من فرص العمل للشباب.
ونوهت إلى أنه من أهم هذه المشروعات المقدمة لاكاديمية البحث العلمي، هو مشروع المكتب المصري  للابتكار التكنولوجي والتجاري" تايكو " والذي يهدف إلى دعم الابتكار ودفع قاطرة التنمية التكنولوجية في المجتمع لتفعيل دور البحث العلمى، وربطه بالصناعة، ودعم الثقة بينهما، حيث يعمل التايكو على نقل وتسويق التكنولوجيا، ومتابعة المشروعات البحثية، والتعريف بفرص التمويل والتعاون الدولي، ونشر ثقافة الملكية الفكرية وبراءات الاختراع.
وتابعت قائلة، إن الجامعة المصرية الصينية تقدمت أيضا بمشروع نادي ريادة الأعمال، والذي أفتتح بالجامعة منذ سنوات ونجح في نشر ثقافه ريادة الاعمال وخلق فرص عمل مبنية على الابتكار والإبداع، وتشجيع الطلاب على التفكير الإيجابي وغرس الثقة، وتشجيع المشاركة والتفاعل بين المجتمع الطلابي وأعضاء هيئة التدريس وجميع العاملين بالجامعة، إلى جانب مشروع جامعة الطفل، حيث شاركت الجامعة بجميع كلياتها  في برامج وورش عمل في مجالات الصحة، الطاقة المتجددة، العلوم، المصريات، البيئة، فنون، إدارة الأعمال، وميكاترونكس، تكنولوجيا المعلومات والإتصالات، بالإضافة إلى الأنشطة الترفيهية والرياضية.
وذكرت الخولى أن المشروع عمل علي مساعدة الأطفال المصريين في اكتشاف نقاط القوة في شخصياتهم لإعدادهم لمواجهة التحديات المختلفة وبناء عقولهم، بتعزيز اهتمامهم بالعلوم من خلال التأكيد على أهمية البحث العلمي وتطوير مهاراتهم الإبداعية، وإعطائهم الفرصة لإجراء التجارب والأبحاث، والإطلاع على أحدث ما توصل إليه العلم في مجالات متعددة بأسلوب علمي بعيدًا عن التلقين والصورة النمطية.
وأوضحت رئيسة الجامعة المصرية الصينية أنه من ضمن المشروعات التى تقدمت بها الجامعة لأكاديمية البحث العلمي، مشروع تعديل البنية ونظام توصيل مستهدف للمكونات النشطة الطبيعية التي تستهدف مجمع إشارات PD-1/PDL1 ضد سرطان الثدي الثلاثي السلبي، ومشروع التطبيقات الأساسية والسريرية في التدخل المستهدف للمجمع الثلاثي "سيترال-بايكالين/أبتامر/هيدروجيل/" ضد مقاومة المكورات العنقودية الذهبية المقاومة للميثيسيلين (MRSA) للأدوية المتعددة، بالإضافة إلى مشروع تطوير بحث مشترك لإنتاج منتجات عالية القيمة من عملية تحلل الإطارات المستعملة باستخدام الطاقة الشمسية المتصلبة مع إعادة تدوير الفحم الأسود، وأخيرا مشروع حلول مبتكرة لاستخدام مياه البحر في تطبيقات الخرسانة الجيوبوليمرية المستدامة.

مقالات مشابهة

  • "المركزي الصيني" : الصين تحافظ على سعر صرف اليوان مستقرا بشكل أساسي
  • شراكة بين «مصدر» و«صندوق طريق الحرير» في الطاقة المتجددة
  • شراكة بين "مصدر" و"صندوق طريق الحرير" في الطاقة المتجددة
  • شراكة بين “مصدر” و”صندوق طريق الحرير” في الطاقة المتجددة
  • شراكة بين "مصدر" و"صندوق طريق الحرير" في الطاقة المتجددة
  • الدفاع الصينية: واشنطن هي المسئولة عن عدم انعقاد اجتماع بين وزيري الدفاع الصيني والأمريكي
  • معالي سعيد محمد الطاير يستقبل وفداً من كلية بنك الشعب الصيني للعلوم المالية التابعة لجامعة تشينغهوا الصينية
  • الجامعة المصرية الصينية تتقدم بـ7 مشروعات بحثية لأكاديمية البحث العلمي
  • مديرة معهد كونفوشيوس بجامعة القاهرة تحصل على جائزة التألق في اللغة الصينية
  • رئيس جامعة الأقصر تلتقي ممثلي أعرق الجامعات الصينية في بكين لبحث سبل التعاون المشترك