صحيفة البلاد:
2024-09-30@18:55:18 GMT

قلب الدجاجة المكسور

تاريخ النشر: 18th, September 2023 GMT

قلب الدجاجة المكسور

تحت صفة الأخلاق الحميدة،ومسمّى “تكّبير العقل”، غالبًا نتغاضى عن أفعال الأخرين المسيئة لنا، بأنهم عديمو تربية أو صغار في السن أو حتى مصابون بأمراض تسبّب لهم الغضب، ما يجعلهم يتطاولوا علينا بالقول الجارح، فقط علينا أن نتجاوز افعالهم دون ردّ الإعتبارلأنفسنا وتراكم ما نشعر به من انكسارات في قلوبنا نتيجة لتكرار تلك الأفعال منهم.

وحتى اليوم أتعجب من أولئك الذين لازالوا يناقشوني في ردّ الإعتبار لنفسي كلما اتخذته حين يتجاوز أحدهم قوله معي، وخصوصًا أني أعمل في منشأة تستقبل الكثير من المراجعين، فلست مسؤولة عن سبب تأخير أحدهم ثم يأتي مطالبًا متطاولًا على الجميع بإدخاله في وقت مراجع آخر، لا أسكت هنا بل أواجهه بحقائق الوقت والمواعيد واحترام المكان بأعصاب هادئة تجعله يأتي بعد الانتهاء من موعده معتذرًا، مبررًا تصرفه بأسباب واهية لكن بالمقابل ابتسم لأنه يستحق ردة فعل اللطف مني.

بطبيعة الحال نحن لسنا أوعية لاحتمال أفعال الآخرين المسيئة لنا، ومن الخطأ عدم مواجهتهم بما أخطأوا فيه، لأني حين “أكبر راسي”- ويفعل البعض مثلي ثم لا يجد تنبيهًا أو توجيهًا بما اخطأ فيه، يضعه تكرار ذلك في مرحلة التمادي على الآخرين بالقول والفعل وقد يصل للصراخ أو التنمُّر دون مراعاة شعور الشخص الذي يقال له ذلك، مما يتسبب له بالحزن والانكسار لأن صمته كان نتيجة أخلاقه الحميدةالتي تمنعه من الرد على مثل هؤلاء.

في المقابل فإن وضع التربية ضمن إطار هذه الصفة خاطئ، وكثيرًا ما نسمعها حين نستعد للرد أو اتخاذ إجراء نتيجة ذلك، بإن يسعى أحدهم -لتطييب خاطرنا- نتجية ماشعرنا به من الأذى أو لومنا بأنه كان من المفترض اتخاذ أن الصمت هو فعل القوة تجاه المخطئ، ففي الحقيقة لاعلاقة للتربية بذلك، فكل والدين يسعيا لأن يكون صغارهم مثاليين في الأخلاق الحميدة والتربية الحسنة، واسقاط ذلك السوء على تربيتهما أشد خطأً ولؤمًا عليهما، فلا علاقة لهما و للتربية بذلك، وهذا لا يكون فيه تطييب خاطر بقدر الهرب من المواجهة.

وفي جميع الحالات ، فإن على الطرفين مراعاة مشاعر الآخر سواء في القول أو الردّ عليه ما لا يسبّب الأذى والحزن، فحين يقول أحدهم وغيره مايشعرنا بالسوء ولا نتخذ إجراء ،يمكن التنبيه عليه فإننا سنشعر بالسوء والضعف خصوصا إن ظللنا صامتين في كل مرة، كذلك الطرف المسيء إن لاحظ على نفسه تكرار السوء دون توقف فإنه امتلك صفه الجُبن ولن يتوقف حتى يجد من يرد عليه ضعف إساءته مما يكسر قلبه ويشعره كذلك بالحزن، وكلا الحالتين بالمفهوم العامي بأنه “دجاجة”تتصف بالهرب من المواجهة والإختباء خلف ما يشعرها بالأمان،لكنها في مرحلة ما يمكنها أن تسبِّب جرحًا غائرًا حين تقرر ردّ الهجوم بالمثل.

‏‪@i1_nuha

المصدر: صحيفة البلاد

إقرأ أيضاً:

يا خيل الله اركبي.. ضرورة المواجهة الحاسمة

 

أحمد بن محمد العامري

ahmedalameri@live.com

في خضم الأحداث المتسارعة التي يعيشها العالم العربي نجد أنفسنا أمام تحديات لا تحتمل الحلول الوسط أو التسويات غير المجدية، لقد كشف الاعتداء الإرهابي السافر على الضاحية الجنوبية ببيروت وما تبعه من عنجهية وصلف إسرائيلي متزايد حقيقة مريرة: "أن الفراغ الذي يخلّفه التخاذل العربي لا يملأه سوى عدوان أعمى، لا يُكبح جماحه إلا بقوة مواجهة حاسمة".

يُعيدنا هذا الواقع إلى ضرورة الشجاعة في التعامل مع الأزمات الكبرى، العدو لا يتردد في استغلال كل ثغرة ضعف، ولن يتوقف عن الاستمرار في عدوانه إلّا إذا واجهه من يقف بثبات ويضع له حدودًا واضحة.

لبنان، الدولة التي أصبحت رمزًا لمُعاناة طويلة ومستمرة يجسد اليوم بأوضح صور الفشل الشامل للمنظومة السياسية العربية، هذه المنظومة التي من المفترض أن تكون حصنًا للدفاع عن الأمن القومي العربي أضحت رهينة للتردد والتخاذل، وهذا الفشل لا يقتصر على لبنان فحسب؛ فالدول العربية الأخرى من فلسطين إلى العراق، مرورًا بالصومال وسوريا والسودان وليبيا واليمن، تشترك جميعها في هذا المصير المأساوي.

ما يحدث في هذه الدول ليس وليد لحظة عابرة بل هو نتيجة تراكمات من خيانات وتواطؤات بعض القادة العرب الذين خانوا قضيتهم المركزية وهي الدفاع عن كرامة الأمة والدفاع عن القدس الشريف، ولكن من هؤلاء من خذل ببساطة ومنهم من باع القضية علنًا، الأمر الذي سمح لإسرائيل وحلفائها بتوسيع نفوذهم وفرض هيمنتهم.

"الأيام دول" هو درس متجدد من دروس التاريخ، فلا أحد يأمن تقلّبات الزمن وخاصة من خان أو خذل من القادة العرب، فمن يظن أنه في مأمن اليوم قد يجد نفسه غدًا خارج المشهد السياسي، بلا دور يُذكر أو تأثير حقيقي، هذه هي سنة التاريخ التي لم تتغير عبر العصور، ولهم في ملفات مزابل التاريخ عبرة.

الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة ليست سوى محطات في سياق طويل من التآمر على المصير العربي، لكن من يظن أن الأمة ستظل صامتة إلى الأبد، فهو مخطئ، الشعب العربي لم يفقد تمامًا عزيمته وما زال قادرًا على النهوض، ولكن بشرط واحد: أن يتحمل مسؤوليته التاريخية ويواجه العدوان بنفسه بعيدًا عن انتظار الحلول التي لن تأتي من الخارج أو دعم الخونة والمتخاذلين.

الواضح اليوم هو أن الأنظمة قد أثبتت فشلها التام في مواجهة التحديات الكبرى التي تهدد الأمن القومي العربي ولم يعد بالإمكان التعويل على هذه الأنظمة التي تآكلت شرعيتها وأصبحت عاجزة عن تقديم الحلول الحقيقية، الأمل الوحيد المتبقي هو في الشعب العربي الذي ينبغي أن يتحمل المسؤولية ويتحرك للدفاع عن كرامة الأمة، ليس فقط عبر الوسائل التقليدية، بل عبر الكفاح المسلح وهو الأمر الذي نحتاجه اليوم، "لنكون أو لا نكون".

التاريخ يُعلمنا أن الشعوب التي تناضل وتقاتل من أجل حريتها وكرامتها هي التي تكتب مستقبلها بأيديها، أما التراجع أمام العدوان فلا يؤدي إلا إلى المزيد من الانكسارات، والآن الرد الوحيد الذي يمكن أن يوقف هذا التمادي هو مواجهة إسرائيل وجميع القوى المتحالفة معها في كل مكان، وليس فقط على حدود المواجهة التقليدية.

لقد بات واضحًا أن الحديث عن حقوق الإنسان والعدالة الدولية، رغم أهميتهما على الصعيد النظري، لن يقدما الحل المطلوب للأمن القومي العربي، المنظومات الدولية أصبحت عاجزة أو غير راغبة في تحقيق العدالة التي تنشدها الشعوب. في ظل هذا الواقع، لا يمكن للأمة العربية أن تنتظر طويلًا حتى تأتي هذه العدالة المفترضة.

يجب أن يكون الرد متناسبًا مع حجم العدوان، ويجب أن تُفعل كل الأدوات الممكنة في سبيل استعادة الكرامة، التاريخ مليء بالشواهد على أن القوى الطاغية لا تتوقف إلا إذا واجهتها قوة مقابلة.

"إنَّ السَّلامَ حَقيقةٌ مَكْذوبةٌ،

والعَدْلَ فَلْسَفةُ اللّهيبِ الخابي.

لا عَدْلَ إلاَّ إنْ تَعادَلتِ القوى،

وتَصادَمَ الإرهابُ بالإرهابِ".

وفي نهاية المطاف، لا بد أن ندرك أن التغيير لن يأتي إلا من الداخل، ومن إرادة الشعوب التي لا تعرف الخنوع، الأنظمة العربية أضاعت الكثير من الفرص لتحقيق نهضة شاملة، وتوحيد الصفوف في مواجهة المخاطر، لكن الشعوب ما زالت تملك القدرة على صنع الفرق، لا يكفي التنديد والاستنكار والاحتفاظ بحق الرد؛ يجب أن يتحول الغضب إلى فعل، والكلمة إلى سلاح، والإرادة إلى قرار.

التاريخ يفتح أبوابه لأولئك الذين يجرؤون على تغييره، والأمة العربية أمام مفترق طرق: إما أن تختار طريق الكرامة والكفاح، أو أن تظل أسيرة الخيانة والتخاذل، فلسراة الليل يهتف الصباح.

مقالات مشابهة

  • مفاجأة.. مبابي قد يلعب مع ريال مدريد ضد ليل بدوري الأبطال
  • يكفيك أن يصفق لك أحدهم بيديه
  • كل ما تبقى منه.. حقيقة صورة خاتم حسن نصرالله المكسور
  • كل ما تبقى منه.. حقيقة صورة خاتم حسن نصرالله المكسور؟
  • أحدهم إنشق عن الحزب.. قصة أمناء حزب الله الثلاثة ولماذا عمّائمهم البيضاء والسوداء؟
  • الاحتلال يصيب 3 شبان فلسطينيين بالرصاص ويعتقل أحدهم شمال طوباس
  • نبحث عن كنز أثرى .. اعترافات المتهمين بالتنقيب عن الآثار بالقاهرة
  • يا خيل الله اركبي.. ضرورة المواجهة الحاسمة
  • حفرة بعمق 10 أمتار.. التحقيق مع 4 أشخاص بتهمة التنقيب عن الآثار بالقاهرة
  • بعد مقتل حسن نصر الله..هل حان وقت المواجهة بين إيران وإسرائيل؟