ملتقى مستقبل الإعلام والاتصال ينهي أعمال يومه الأول بمناقشة تحديات منصات التواصل الاجتماعي وحرية التعبير وخطاب الكراهية
تاريخ النشر: 17th, September 2023 GMT
الطيبي: ليس الإعلام الذي يغيب القضية الفلسطينية ولكن القضية الفلسطينية غيبت في هذه المرحلة ولم تعد القضيه الأساسية
المعشر: نحن لا نريد شعارات عن حرية الإعلام، بل نريد مؤشرات لا تبقي شعارات جوفاء لا تترجم إلى أعمال على الأرض
القطامين: نسبة “التفاهة” على مواقع التواصل بلغت 99%
حجاج: السوشيال ميديا كان لها فوائد ومضار لكن فرضت علي كفنان تغييرا في الأدوات
عوض: الذكاء الاصطناعي له قدرة على أخذ الأصوات ووضعها بأماكن أخرى، لكن ذلك لا يلغي وجود الفنان
فراج: الناشط على منصات السوشيال ميديا لا يمكن ان يحل محل الاعلامي والعكس صحيح
نويرة: السوشيال ميديا تنتشر فيها الاخبار الكاذبة وبعضها يحض على التمييز العنصري والكراهية والحقد
أبورمان: بعض الحكومات لم تتعلم من الربيع العربي، في وقت تعمل فيه مواقع التواصل الاجتماعي على تغيير الآراء
سمور: دولة الاحتلال تعتبر الكاميرا أداة قاتلة لكيانهم كونهم تفضح انتهاكاتهم
البرماوي: التعامل مع المنصات الرقمية بالعالم ستؤثر، ونحن في المرحلة الثالثة في تطور الميديا
صراحة نيوز- انهى ملتقى مستقبل الإعلام والاتصال تحديات الواقع ورهانات المستقبل الذي ينظمه مركز حماية وحرية الصحفيين أعمال يومه الأول بمشاركة عدد كبير من الإعلاميين والنقابيين والدبلوماسيين والخبراء ومنظمات محلية وعربية وأجنبية.
الملتقى الذي انطلقت أعماله صباح اليوم الأحد في فندق الرويال عمان ويستمر لثلاثة أيام متواصلة ناقش في يومه الأول جملة من الأسئلة والتحديات التي ركزت غالبيتها على منصات التواصل الاجتماعي وحرية التعبير وخطاب الكراهية توزعت على سبع جلسات.
كشف وزير العمل والاستثمار الأسبق والناشط على منصات التواصل الاجتماعي د. معن القطامين أن نسبة “التفاهة” على مواقع التواصل بلغت 99%.
وشدد القطامين على الحاجة لميزان حقيقي للتوصل إلى تقدير أهمية المعلومات المقدمة من خلال المنصات وتقدير خطورتها.
وحول مظاهر التأثير على المجتمعات بسبب المنصات، قال القطامين “كنا في سبعينيات القرن الماضي نشاهد من 500 -1600 اعلان في اليوم الواحد، اما الان فنشاهد يوميا 4000 – 10000 إعلان، بالإشارة لتأثير هذه المنصات “خيرا أم شرا على الانسان والمجتمعات”.
وأكد المتحدثون أن السوشيال ميديا “لن تحل محل الاعلام التقليدي والاتصال وكلاهما يكملان بعضهما البعض”.
وقال الرسام الكاريكاتوري عماد حجاج إن السوشيال ميديا كان لها فوائد ومضار، لكن فرضت علي كفنان تغييرا ففن الكاريكاتير اختلف مع كل تحديات السوشيال ميديا فالكل يقوم بالتقليد ونسخ الافكار لكن العبرة في الابتكار والابداع .
وحول آثار الذكاء الاصطناعي على الفن، قالت الفنانة الاردنية زين عوض إن “الذكاء الاصطناعي له قدرة على اخد الاصوات ووضعها بأماكن أخرى، لكن ذلك لا يلغي وجود الفنان، لأن الفنان سيناريو قائم بحد ذاته، وبدلا من ان نأخذ صوت اي فنان ونقتحم خصوصيته، الأولى أن نعيد توزيع تراثنا القابل للاندثار وهو ليس خطرا كبيرا لكنه شيء مزعج”.
وعبرت عوض عن استيائها من الذكاء الاصطناعي من خلال إتاحته امكانية تغير اصوات المغنين الى اغاني اخرى بأصوات مختلفة، وهذا يعمل على اقتحام خصوصية الشخص، مضيفة بقولها “يجب أن نستفيد من الذكاء الاصطناعي بطرق افضل من استنساخ الاصوات”.
من جهتها أكدت الناشطة ديما فراج أن الناشط على منصات السوشيال ميديا “لا يمكن ان يحل محل الاعلامي والعكس صحيح، فكلاهما له دوره ومساحته الخاصة به”.
ولم يخفي عدد من الصحفيين المشاركين تخوفاتهم من استخدامهم للسوشيال ميديا، لكنهم في الوقت نفسه أكدوا على الحاجة الماسة للاستخدامها من قبل الصحفيين أنفسهم.
الصحفي جهاد ابو بيدر يرى أن الصحفي يبقى اكبر من السوشيال ميديا، مشيرا الى أن 200 صحفي وصحفية ينشطون على تلك المنصات من أصل 2000 ــ 3000 صحفي وصحفية لديهم حساباتهم على تلك المنصات.
وأرجع ابو بيدر قلة عدد الصحفيين الى ما وصفه بعدم احتمالهم للنقد ايجابا او سلبا، وكذلك بسبب القانون، مؤكدا أنه يتقبل النقد سلبا او ايجابا على صفحته الشخصية.
ووفقا للرئيس المؤسس لنقابة الصحفيين التونسيين الهاشمي نويرة فان تلك الخشية لدى الصحفيين بسبب القوانين واخلاقيات المهنة.
وقال ان السوشيال ميديا تنتشر فيها الاخبار الكاذبة وبعضها يحض على التمييز العنصري والكراهية والحقد لا بد لها من الامتثال للقوانين ومنها قانون الجرائم الالكترونية، مشيرا الى ان مثل تلك الاخبار يمكنها ان تهدد استقرار الدول ولذلك يجب الحد منها بالقوانين، مشيرا الى أن دولا ديمقراطية ودولا اخرى يمكن ان تحد من ذلك عن طريق القوانين. وبذلك تتحقق المعادلة التكاملية بين حرية الصحافة والسوشيال ميديا والمسؤولية امام الاخرين ــ على حد قوله ــ .
ونفى مؤسس وعضو إدارة مركز حماية وحرية الصحفيين نضال منصور توافر اية معلومات او احصائيات عن عدد الصحفيين الناشطين على السوشيال ميديا، مشيرا الى أن غالبية الصحفيين والصحفيات لديهم حسابات متنوعة على وسائل التواصل الاجتماعي، وبالرغم من انها صفحات شخصية إلا أنهم يستخدمونها بنقل ونشر الأخبار والمعلومات والصور والفيديوهات.
لم يخفي المتحدثون في جلسة تناولت مدى تدخل الحكومات في السوشيال ميديا، أن الحكومات تتدخل في إطار فرض الرقابة، وأنها لم تتعلم من أجواء الربيع العربي.
وقال المتحدثون إن الحكومات ومن خلال القوانين لديها القدرة على السيطرة على المعلومات في الفضاء الالكتروني.
وقال وزير الثقافة والشباب الاسبق ومستشار معهد السياسة والمجتمع الدكتور محمد أبو رمان إن “بعض الحكومات لم تتعلم من الربيع العربي، في وقت تعمل فيه مواقع التواصل الاجتماعي على تغيير الآراء”، مشيرا إلى ان المنصات أسهمت في نشر الاخبارسواء كانت صحيحة أم خاطئة، ومنها الاخبار على شكل الذباب الالكتروني.
وأضاف أبورمان أنه أمام حالة المنصات المنتشرة هذه أضحى لدينا سياسات جديدة في السيطرة على المنصات مع اختلاف الآليات.
من جهته قال رائد سمور خبير في أمن المعلومات، إن “دولة الاحتلال تعتبر الكاميرا أداة قاتلة لكيانهم كونهم تفضح انتهاكاتهم”.
وفي هذا الصدد، وفي إطار إجابته عن ما هو مطلوب منا كشعوب تجاه القضيه الفلسطينية، قال أحمد الطيبي رئيس الحركة العربية للتغيير: “أعتقد أنه ليس الإعلام الذي يغيب القضية الفلسطينية ولكن القضية الفلسطينية غيبت في هذه المرحلة ولم تعد القضيه الأساسية والمطلوب منا كشعوب عربية واسلامية هو تداول اخبار فلسطين ونشر المعرفة اكثر عن الاخبار التى تخص فلسطين حتى لا يتم تشويه الحقائق”.
وقال الإعلامي المصري وخبير السوشيال ميديا خالد البرماوي أن “التعامل مع المنصات الرقمية بالعالم ستؤثر، ونحن في المرحلة الثالثة في تطور الميديا وانا مؤمن بأنه يوجد فرص كثيرة جدا كصحفيين فالصحفي يأخذ المعلومة ويدققها ويعيد صياغتها بطريقة مبتكرة وجديدة من نوعها.
وترى الصحفية رنا صوصيص من صحيفة نيويورك تاميز أن “سوق العمل وتحديدا في الاردن لا يواكب متطلبات السوق التي تتغير بسرعة”، وتجد أن “المناهج تساعد على دخول الخريجين الى سوق العمل”.
ودعا نائب رئيس معهد كارنيجي ووزير البلاط الملكي الأسبق مروان المعشر وسائل الإعلام لأن تطرح منصات للتحاور بين الجمهور، مشيرا إلى تجربته كوزير للإعلام قبل ٢٧ عامًا حين أقر الغاء وزارة الإعلام ليتأخر هذا القرار في ادراج مجلس النواب لمدة سبعة سنوات. متسائلا هل استقلالية الإعلام الأردني اليوم أكثر مما كانت عليه سابقا قبل ٢٧ عاما؟
وقال المعشر في ختام جلسات اليوم الأول للملتقى “نحن لا نريد شعارات عن حرية الإعلام، بل نريد مؤشرات لا تبقي شعارات جوفاء لا تترجم إلى أعمال على الأرض. في الوقت الذي لدينا الكثير لنعمله من اجل استقلالية الإعلام”.
وأشار إلى أن الحكومات العربية التي تمنع استقلالية الإعلام تعتقد أن اعلامها الرسمي يكفي للتأثير على الجمهور مضيفا إلى ان الشيء الأهم في تطور الإعلام هو تقديم الرأي الأخر وترك الحكم للمواطن وهو عكس ما تفعله الحكومات العربية
وأضاف هناك وسائل اعلام مستقلة لكن الأساس في العمل الإعلامي ليس الحيادية فقط، لأن من الصعب للغاية أن تكون وسائل الإعلام حيادية، لكن مقابل هذه الحيادية يجب ان تتوفر المهنية التي تعني تقديم جميع وجهات النظرز
وأكد المعشر على عدم حيادية الجانبيين، سواء الاعلام المستقل أو الاعلام الحكومي، وهذا واضحا في العديد من الازمات ومنها ازمة روسيا واوكرانيا.
وأضاف لدينا في العالم العربي قضيتين كبيرتين هما قضية الربيع العربي او الثورات العربية التي لم تكتمل والصراع العربي الإسرائيلي، متسائلا اين وسائل الإعلام العربية من هذين الملفين؟ فالتغطية لا تزال قاصرة ونحن على سبيل المثال لدينا علاقة مع إسرائيل افلا يستحق هذا الموضوع فتح حوار على مستوى الوطن للإجابة عن عدد من الأسئلة والقضايا التي تشغلنا في هذا الملف؟
وقال: ان مهمة الإعلام نقل الحدث وليس صناعته، ولكن هذا لا يعني أنه لا يؤثر وبالنتيجة فالإعلام الذي لا يسمح بتعدد الآراء ليس إعلاما ولدينا مؤسسات خاصة تمتلك وسائل إعلام لكننا بالمقابل نحتاج لتدريب الصحفيين والإعلاميين والسماح بالحرية.
وأشار المعشر إلى ان قوانين الإعلام في العالم العربي هي قوانين تكميم وليس قوانين تنظيم، معربا عن امله بالشباب العربي والجيل الجديد قائلا إن جيلنا فشل في إرساء قواعد التعددية والديمقراطية، وما يميز الشباب العربي أنه لا يقبل العيش كما عاش اباءه ويستطيع إيجاد أساليب أخرى للحوار والحياة.
وقال ان الدول العربية تنقسم إلى ثلاثة أجزاء الأول هي الدول الغنية التي تتمثل بدول الخليج المزدهرة لكنها بدون إصلاحات سياسية والجزء الثاني مجموعات تقوم بإصلاحات متجزئة غير كاملة والجزء الثالث هي الدول الفاشلة او التي هي في طريقها إلى الفشل مثل سوريا ولبنان واليمن والسودان، وهذه لا تريد تقديم إصلاحات سياسية ولا يريدون للمواطن شراكة أكبر في اتخاذ القرارات.
وختم بالقول إذا حصل الإعلام على الاستقلالية فهذا بالنتيجة يأتي بسبب تغيير النهج ولست متفائلا في ذلك.
المصدر: صراحة نيوز
كلمات دلالية: اخبار الاردن الوفيات أقلام مال وأعمال عربي ودولي منوعات الشباب والرياضة علوم و تكنولوجيا اخبار الاردن الوفيات أقلام مال وأعمال عربي ودولي منوعات الشباب والرياضة علوم و تكنولوجيا زين الأردن اخبار الاردن اخبار الاردن اخبار الاردن الوفيات أقلام مال وأعمال عربي ودولي منوعات الشباب والرياضة التواصل الاجتماعی القضیة الفلسطینیة الذکاء الاصطناعی السوشیال میدیا الربیع العربی مواقع التواصل على منصات مشیرا الى
إقرأ أيضاً:
السوشيال ميديا أم قنبلة اليورانيوم.. أيّهما أشد فتكًا بالعالم؟
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
رأيتُ النارَ تُذكيها الرياحُ
فقلتُ أهذا دَمعُ الأرضِ أمْ زَفَري؟
أبو القاسم الشابي
لم تكن النارُ يومًا مُجرَّد طاقةٍ تُؤجَّجُ للطهو أو الدفء، لقد كانت عبر العصور استعارةً للخراب والتطهير معًا، كأنها السيف الذي يقطع، ثم يُمهِّد لبدايةٍ أخرى، واليوم، في زمنٍ تتخفّى فيه القنابل خلف شاشاتٍ مضيئة، باتت السوشيال ميديا هي النار، لكنها نارٌ لا يُرى لهيبها، تُحيل العقول إلى رماد دون أن تلمسَ الجلد، إنها السلاحُ الذي لا يحتاج إلى فتيل، بل إلى تفاعل، «الحرب العالمية الثالثة» انطلقت فعلًا، لكن ميادينها ليست خنادق، بل صفحات، وأساليبها لا تقتلُ الأجساد، بل تُفجِّر المعنى من داخله.
التشويش الكوني.. كيف حوَّلت المنصاتُ الإنسانَ إلى "رقمٍ مُعلَّق" ؟
يُحكى أن الجنون لم يكن عيبًا في أساطير القدماء، بل مَلكة من يرى ما لا يراه الآخرون، واليوم، صرنا جميعًا مجانين من طرازٍ رقمي، نرى أنفسنا في مرايا مُتعددة، نُفكّك ذواتنا بين الفيسبوك والتيك توك والإنستجرام، ونُعيد بناءها من شظايا "إعجاب" و"تعليق"، الهوية انفجرت، وصار الإنسان رقمًا مُعلَّقًا في فضاءٍ يُشبه العدم.
كما يقول جان بودريار: "الواقع لم يعُد موجودًا.. هناك فقط الصورة" السوشيال ميديا اختزلت الوجود إلى محتوى، والعاطفة إلى إيموجي، والوعي إلى تريند، نحن الآن في استعمارٍ رقمي لا يقلّ عن استعمار الأرض، الاحتلال لا يحتاج جنودًا، بل يحتاج "مستخدمين نشطين" الهوية نفسها صارت سوقًا، تباع وتشترى، وتُستبدل كما تُستبدل الخلفيات والصور الرمزية.
في عام 2022، أعلنت منظمة "مراسلون بلا حدود" أن 60% من الأخبار المُتداولة خلال الأزمات كانت مزيفة، هل نُسمي هذا حريةً أم إرهابًا ناعمًا؟ حتى الأوهام صارت تُروَّج كحقائق، فلا تَعرفُ العقولُ الفرق، وتتماهى مع الزيف كما يذوبُ الثلج في النار.
وفي مقارنة باردة، تُشير إحصاءات منظمة الصحة العالمية لعام 2023 إلى أن أكثر من 3 ملايين شخص يموتون سنويًا بانتحارٍ مباشر أو بأمراضٍ نفسية فَجَّرَتْها العزلة الرقمية، هيروشيما سقطت بقنبلة، ونحن نسقط يوميًا بقنابل صامتة، تُدعى المنصات.
استراتيجيات الهجوم.. عندما تصير «الستوريز» رصاصاتٍ
"الحربُ أولُها كلام" — سوفوكليس
الحروب الحديثة لا تُطلِق صواريخ، بل تُغرِقُ العقول في "فوضى المعنى"، الستوريز اليومية التي نُشاهدها بريئةٌ في ظاهرها، لكنها رصاصات فكرية تُعيد تشكيلنا، تُغيّر أولوياتنا، تُشوِّه مفاهيمنا، السوشيال ميديا تحوّلت إلى سلاح هجومي، يتقن صناعة القتل البطيء.
كل «تحدٍّ» جديد، كل "فيديو قصير" يُسوّق نمطَ حياةٍ غربيًّا ناعمًا، يحفر في لاوعي الشباب مفهومًا واحدًا "استهلك، لا تفكّر"، وكما يُقال في المثل المصري: "اللي يتربى عالتلفزيون.. يبيع أبوه عالنت"
لم تَعُد البضائعُ تُباع في الأسواق، بل في القصص المُعلّقة على إنستجرام، الخوارزميات تُسيّر الذوق، وتتحكّم في الرغبات، كأنها إلهٌ خفي يُقرّر لنا ما نُريد دون أن نُدرك.
في عام 2020، كشفت تقارير أممية أن إسرائيل استخدمت تيك توك لترويج دعايات مضللة تجاه الشباب الفلسطيني، لم تعُد الحربُ على الأرض فقط، بل على الشاشات، وعلى الوعي.
فنون الدفاع.. هل نستعيد السيطرة على "العقل الرقمي"؟
"أعظم الانتصارات أن تنتصر على نفسك" — مثل بوذي
النجاة ليست مستحيلة، لكنها مشروطة بالوعي، لن نُطفئ نار السوشيال ميديا بالهرب، بل بالتحكُّم، أن تتحوّل المنصة من قيدٍ ناعم إلى أداةٍ نُعيد بها التفكير.
أوقف موجات الاستهلاك المفرط، وابدأ باختيار ما تراه، لا ما يُقدَّم إليك، لا تمنح بياناتك مجانًا، ولا تَنسَ أن كل ضغطة زر تُغذّي آلةً تُحاول أن تسرق وقتك ووعيك.
نحتاج جيلًا يُفكّك الصور، يُشكّك في الظاهر، ويُعيد بناء المعرفة، كما قال ابن خلدون: "التمييز بين الظاهر والباطن هو أساس العقل".
فرض قوانين تُجبر الشركات على الشفافية، كما فعل الاتحاد الأوروبي في "قانون الخدمات الرقمية" عام 2024، حيث صار للناس الحق في معرفة كيف تُصاغ المحتويات التي تُسيطر على أذهانهم.
مابعد الانفجار.. هل نُطفئ النار أم نتعلم الرقص ضمن لهبها؟
الحل لا يكمن في إغلاق الحسابات أو الانسحاب، بل في تحويل المنصات إلى ساحات وعي، الفن، الكلمة، التأمّل، هي أسلحتنا القادمة.
الفن كسلاح.. أن نصنع محتوى لا يُفرِّغ العقول، بل يملؤها، أن نحكي قصصنا لا قصص الآخرين، كما حوَّل نجيب محفوظ الحارة إلى أسطورة، يمكننا أن نحول الشاشة إلى مسرح وعي.
لا تدَعْ عدد المتابعين يحدّد قيمتك. "الثقافةُ مقاومةٌ.. والمقاومةُ ثقافة"، فلنقاوم، لا بالصراخ، بل بالإبداع، بالتفكير، بالحب.
"السوشيال ميديا كالبحر.. مَنْ لا يعرف السباحة يغرق، ومَنْ يعرفها يصل إلى عالمٍ لا يُشبهنا"
لكن البحر نفسه قد يكون سرابًا، ما نراه موجةً قد يكون ظلًّا لشيءٍ مخيف وأكثر فتكا ورعبا، فلنُدرك، قبل فوات الأوان، أن السوشيال ميديا ليست مرآةً صادقة، بل كائنٌ يُعيد تشكيلنا على صورته، وكما قال أدونيس: "الضوءُ يحتاج إلى عينين تُحبّان الضوء"، فلنُطهِّر أعيننا من هذا الزيف، لنرى العالم كما هو، لا كما يُراد لنا أن نراه.
لعلّ النجاة تبدأ بسؤال من يملُكُ وعيك؟