الأسبوع:
2024-09-19@19:52:40 GMT

فتوى

تاريخ النشر: 17th, September 2023 GMT

فتوى

بالصدفة، شاهدت فيديو لأحد الشيوخ- لم أسمع به من قبل، لكن تبين أن متابعيه يقارب عددهم 90 ألفًا- وليتني لم أفعل، لقد فاجأني فضيلة الشيخ بحديثه، بداية من الميت لا يشتاق لأهله، ولا يسأل عن أخبارهم، ولا يجوز التحدث مع الميت، ومرورًا بتحريم قراءة الفاتحة، أو غيرها من سور القرآن الكريم، ووهب ثوابها للمتوفى لأنها بدعة، وانتهاء بتحريم زيارة القبور!! لكنه، والحق يقال أجاز لنا فقط الدعاء للميت.

فجأة وجدتني أقول- واسمحوا لي أن أكتب بالعامية الدارجة التي نطقت بها- حرمت علينا كل حاجة يا شيخ!! وصعبت علينا الدنيا أكثر ما هي!! ما تسيبني يا عم الشيخ أتكلم مع ماماتي حتى لو مش سامعاني، فالكلام علاج ليا مش ليها، وسيبني أزورها، أنت ما تعرفش إني بأتونس بيها حتى، وهي تحت الأرض، وسيبني أقرا لها قرآن، مش قراءة القرآن عمل صالح بآخد ثوابه، وممكن أوهب مثل هذا الثواب لأمي؟!

حرمت علينا حياتنا يا عم الشيخ، ربنا رحيم بعباده، وحنين عليهم قوي، ويتقبل منهم الأعمال مهما صغرت، ويجازيهم خيرًا عن كل عمل صالح، ده كل حرف من حروف القرآن عليه ثواب، ولو أخطأت في نطقه، وحاولت مرارًا، بآخذ ثواب المحاولة، وأنت عاوز تحرم علينا كل حاجة!!!

بالطبع، لست أهلاً للفتوى، لكن في حدود ما قرأته، وتعلمته من علماء أجلاء هم أهل للفتوى حقًّا، أعلم أن الأرواح تتلاقي في البرزخ، ويسألون القادم حديثًا عن أحوال الأهل في الدنيا، وأن من آداب زيارة القبور السلام على أهلها بقول: السلام عليكم يا أهل الديار أنتم السابقون ونحن اللاحقون، وأن المتوفى يشعر بزيارة أهله ويفرح بها، وأن كل عمل صالح يمكن وهب ثوابه للميت.

ما سمعتش يا عم الشيخ قول أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (إذا احتضر المؤمن.. .يأتون به باب السماء فيقولون: ما أطيب هذه الريح.. .فيأتون به أرواح المؤمنين، فهم أشد فرحًا به من أحدكم بغائبه.. فيسألونه ماذا فعل فلان؟ ماذا فعل فلان؟ فيقولون: دعوه، فإنه كان في غم الدنيا.. .)؟

طيب ما تعرفش حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: (ما من مسلم يمر على قبر أخيه كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا رد الله عليه روحه حتى يرد عليه السلام)، وغيرها من الأحاديث التي تخبرنا عن الحياة الأخرى.

اللي ذاق وجع رحيل الأم، ومرارته هو اللي هيحس، ويفهم أد إيه إحنا بندور على الثواب علشان نهديه ليها مع كل فعل، وكل همسة، ولو قدرنا لوهبنا لها ثواب مع كل نفس نتنفسه.

الله يرحمك يا أمي، ويغفر لك، ويعفو عنك، ويرحم كل أحبابنا في دار الحق.

المصدر: الأسبوع

إقرأ أيضاً:

في ذكرى مولده صلى الله عليه وسلّم.. لا قُدّسَت أمةٌ لا يأخذُ الضّعيف فيها حقّه غير مُتعْتَع

ذات مرة جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم يتقاضاه دينا كان عليه، فاشتد عليه، حتى قال له: أُحرِجُ عليك إلا قضيتني، فانتهره أصحابه، وقالوا: ويحك تدري من تكلم؟! قال: إنّي أطلب حقي، فقال النّبي صلى الله عليه وسلم: "هلّا مع صاحب الحق كنتُم؟!".

ثم أرسل إلى خولة بنت قيس رضي الله عنها فقال لها: "إن كان عندك تمرٌ فأقرضِينا حتى يأتينا تمرُنا فنقضيك"، فقالت: "نعم، بأبي أنت يا رسول الله"، فأقرضته، فقضى الأعرابي وأطعمه، فقال الأعرابي: "أوفيت، أوفى الله لك"، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أولئك خيار الناس، إنه لا قُدست أمةٌ لا يأخذُ الضعيف فيها حقه غير مُتَعْتَع".

وقد عنون له ابن ماجه الذي أخرج الحديث بسند صحيح في السّنن حين رواه في كتاب الصّدقات بقوله: "باب لصاحب الحقّ سلطان".

لقد ربّى رسول الله صلى عليه وسلم جيلا كاملا على أن يكونوا أحرارا في مواقفهم، أحرارا في قناعاتهم، أحرارا لا يخضعون إلا لله تعالى، يعلنون مطالبتهم بحقّهم دون مواربة أو تردّد أو خوف أو وجل، وينصرون الحقّ دون اعتبارٍ للشخص ضعيفا كان أم قويا، غنيا أم فقيرا، صاحب جاه ومنصب أم من الطبقات المسحوقة؛ فحريتهم تقتضي خضوعهم للحق وحده يدورون معه حيث دار، فالعبرة بالحق حيث يكون ولا عبرة لمن يدعيه.

ما أعظم المجتمع حين يكون مجتمعا يقف إلى جانب الحقّ لا إلى جانب القوّة والسلطان، فالضّعيف فيه إن كان صاحب حقّ يأخذ حقّه في ذلك المجتمع ولو كان من رئيس الدولة غير متَعتَع، ومعناها كما يقول السّندي في حاشيته على سنن ابن ماجه: "غَيْرَ مُتَعْتَعٍ؛ بِفَتْحِ التَّاءِ الثَّانِيَةِ، أَيْ: مِنْ غَيْرِ أَنْ يُصِيبَهُ أَذى يُقْلِقُهُ وَيُزْعِجُهُ".

من أراد أن يعيش ولادة النبي صلى الله عليه وسلم عليه أن يتحسس الحرية في نفسه، حريته هو من قيود الطغاة والمجرمين، وعمله من أجل تحرير الإنسان من الخضوع لأغلال الرقّ كلّها، وعندما يكون الفرد حرا فإنّه يكون قادرا على صناعة أمة لها قداسة ومكانة، فلا قداسة لأمة يعلو فيها الظلم وتكمم الأفواه وتخرس الأصوات ويحسب صاحب الحق ألف حساب قبل أن يطالب بحقّه.

كلّ أمّةٍ أو مجتمع أو جماعة ولو وصفت نفسها أنّها إسلاميّة لا يستطيع الضعيف أن ينال فيها حقه غير متَعتَع ولا يكون لصاحب الحقّ فيها مقالا؛ هي أمة لا قداسة فيها أو لها، وهي جماعة تنكبت درب نبيها ونهج أسوتها وقدوتها
في المجتمع الذي يتربى على الحرية يغدو صوت صاحب الحقّ مرتفعا، وارتفاع صوت صاحب الحقّ ليس منّة من حاكم أو مكرمة ملكية أو رئاسيّة، بل هو فطرة إنسانيّة رسّخها التشريع الإسلاميّ وحرس حماها التّبيلغ النّبويّ.

فعن أبي هريرة رضي الله عنه كما أخرج البخاريّ في صحيحه: "أنَّ رَجُلا تَقَاضَى رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأغْلَظَ له فَهَمَّ به أصْحَابُهُ، فَقالَ: دَعُوهُ، فإنَّ لِصَاحِبِ الحَقِّ مَقَالا، واشْتَرُوا له بَعِيرا فأعْطُوهُ إيَّاهُ وقالوا: لا نَجِدُ إلَّا أفْضَلَ مِن سِنِّهِ، قالَ: اشْتَرُوهُ، فأعْطُوهُ إيَّاهُ، فإنَّ خَيْرَكُمْ أحْسَنُكُمْ قَضَاء".

ويقول ابن حجر العسقلاني في تعليقه على الحديث في "فتح الباري": "فإنّ لصاحب الحق مقالا؛ أي صولة الطّلب وقوّة الحجّة".

ولا يمكن أن يكون لصاحب الحقّ صولة في الطلب وقوة في القول وإقداما في العرض إلّا في المجتمع الذي أحاط حماه بسياج من حريّة حقيقيّة؛ لا مجرد شعارات زائفة يرددها التلاميذ في الطابور الصباحيّ.

هكذا صاغ رسول الله صلى الله عليه وسلّم المجتمع من جديد بعد أن كان معجونا بالاستبداد وملفوفا بالقمع ومتسربلا بالظلم؛ فنسجه من جديد جاعلا العدل سُداه والحريّة لحُمتَه.

إنّ كلّ أمّةٍ أو مجتمع أو جماعة ولو وصفت نفسها أنّها إسلاميّة لا يستطيع الضعيف أن ينال فيها حقه غير متَعتَع ولا يكون لصاحب الحقّ فيها مقالا؛ هي أمة لا قداسة فيها أو لها، وهي جماعة تنكبت درب نبيها ونهج أسوتها وقدوتها، وإنّ ذكرى ولادة النبيّ صلى الله عليه وسلّم ينبغي أن تكون مناسبة تتحسس فيها الأمة قدرة الضعفاء فيها على نيل حقوقهم، وتراجع فيها الجماعات الإسلاميّة مساحات الحريّة الممنوحة داخلها لرفع الأصوات من أصحاب الحقوق، فهذا أحد أهم المعايير لمدى تحقق الولادة الحقيقيّة لرسول الله صلى الله عليه وسلّم في قلوبنا ونفوسنا وأرواحنا وواقعنا المتشابك وأعمالنا اليوميّة.

x.com/muhammadkhm

مقالات مشابهة

  • النبي (صلى الله عليه وسلم) معلمًا ومربيًا
  • وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم ييعث حيًا.. خطبة الجمعة القادمة
  • في ذكرى مولده صلى الله عليه وسلّم.. لا قُدّسَت أمةٌ لا يأخذُ الضّعيف فيها حقّه غير مُتعْتَع
  • فضل الصلاة على النبي صل الله عليه وسلم
  • خسوف القمر 202: اللهم اجعل هذا الخسوف رحمة علينا ولا تجعله غضبًا يا رحيم
  • المفتي سوسان: ما أقدم عليه العدو هو قمة الإجرام وهو اعتداء على كل لبنان
  • فتوى مضللة
  • رئيس مجلس الوزراء يعزي في وفاة الشيخ صالح القفيلي
  • الرئيس المشاط يعزي في وفاة الشيخ صالح حسين القفيلي
  • الدرقاش: من فوائد المولد النبوي نشر فتوى دار الإفتاء بخصوص الاحتفال به