الديمقراطية وأفنديات القاهرة
تاريخ النشر: 17th, September 2023 GMT
احتفلت الأمم المتحدة يوم الجمعة الماضى، 15 سبتمبر، باليوم العالمى للديمقراطية، مرَّ هذا اليوم مثل أسلافه محمَّلاً بشعارات لم تعد تطرب أحداً، فالعالم لا يعرف إلا ديمقراطية القوة والمصالح والفوضى أحياناً، ديمقراطية «أستيك منه فيه»، تضيق وتتسع فيها مساحات المَنح والمَنع حسب الهوى، ديمقراطية تتطابق أوراقها مع ورقة الزواج العرفى متعددة الأغراض والاستخدامات، هذا ما أراه ـ وقد أكون مخطئاً ـ وإليك الدليل:
اختارت الأمم المتحدة موضوع «أهمية تمكين الشباب» ودورهم فى تعزيز الديمقراطية وحمايتها ليكون محور احتفال هذا العام، وبعيداً عن السرد الممل، فإن الأمين العام للأمم المتحدة «أنتونيو غوتيريش» يبلغ من العمر 74 عاماً، والولايات المتحدة التى صرحت فى هذه المناسبة بأنها تتعهد بحماية الديمقراطية فى العالم، يقف رئيسها على مشارف الـ80 سنة، ثم يتحدثون عن تمكين الشباب!
وفى هذه المناسبة تجد من يُعلن التزامه بدعم الديمقراطية والدفاع عنها، وهو يمارس فى الوقت ذاته أقصى أنواع الاضطهاد والعنف ضد من يختلف معه، وتجد أيضاً من يبادرون بإرسال برقيات التهانى والتبريكات لأصحاب الفخامة والجلالة ـ حفظهم الله جميعاً ـ مهللين بما تحقق من إنجازات ونقلات نوعية لمسيرة الديمقراطية فى ظل دعم ورعاية صاحب الجلالة، وهم لا يعرفون من الديمقراطية إلا اسمها!
وبمناسبة هذا الاحتفال، أنتقل معكم من العام إلى الخاص، من «أصحاب الجلالة» إلى «صاحبة الجلالة» ومساحة الديمقراطية بين الكاتب والسلطة، وهى مساحات معقدة، متشابكة الأسباب والحجج بطبيعة الحال، ونتحدث عن واقعتين لكاتب واحد، قد توضحان هذه العلاقة.
فى 1978 هاجم مصطفى أمين أعضاء مجلس الشعب الذين أسرعوا للانضمام إلى الحزب الوطنى الديمقراطى الذى أسسه الرئيس السادات، فأثار ذلك غضب السادات، وشن هجوماً قاسياً على مصطفى أمين فى أول مؤتمر شعبى يعقده الحزب الوطنى الديمقراطى فى مدينة «تلا» بالمنوفية، محذراً من أية محاولة لاستغلال الديمقراطية، وبوضوح شديد قال الرئيس السادات: لقد نحينا عن الكتابة فى السياسة صحفياً حاول أن يوجِّه الإهانة إلى مجلس الشعب، لم نعتقله، لم نصادر ممتلكاته، لم نقطع أجره، فقط نحيناه عن الكتابة فى السياسة، ولكن بعضاً من «أفنديات» القاهرة يحاولون من خلال اتصالاتهم بمراسلى الصحف ووكالات الأنباء الأجنبية، أن يصوروا للعالم أن الديمقراطية فى خطر، هؤلاء الأفنديات يحاولون أن يصوروا للعالم أنهم يمثلون وجه مصر، ولكن وجه مصر الحقيقى لا يمثله هؤلاء الذين لا يستطيعون أن يعيشوا بعيداً عن الماء الساخن والهواء المكيف.. «نص الخطاب نشرته الأهرام عدد الأربعاء 23 أغسطس 1978».
وهكذا اعتقد السادات أنه عندما يُنحى مصطفى أمين عن الكتابة، فإن هذا العقاب هو أقصى درجات الديمقراطية، طالما أنه لم يعتقله أو يصادر ممتلكاته!
ويوضح لنا الكاتب أحمد بهاء الدين فى كتابه «محاوراتى مع السادات»، أنه بسبب مظاهرات الخبز 1977، أصبحت القاهرة فى نظر السادات مدينة المشاغبين من الطلبة والعمال والمتحذلقين والصحفيين والكتاب، وكل من أصبح يسميهم بقصد الاستهزاء «الأفنديات».
وتمر السنوات ونصل إلى الاثنين 9 سبتمبر 1985، وهو تاريخ الصدام الثانى، حيث كتب مصطفى أمين فى «الأخبار» يقول: «عزيزى الوزير الجديد.. لا أقول لك مبروك وإنما أقول قلبى معك، فلم يعد منصب الوزير فى بلادنا منصباً يستحق التهنئة والتبريك إنه خازوق شاء قدرك أن تجلس فوقه»، ثم يسرد مصطفى أمين لماذا قال ذلك، واختتم المقال بأن الوزراء الصادقين بقوا فوق الرؤوس، والوزراء الكاذبين دِيسوا بالأقدام!
ليخرج الرئيس مبارك غاضباً منتقداً مصطفى أمين بسبب كلمة «خازوق» التى جاءت فى المقال، وقال :«بقى دى كلمة تتقال من راجل كبير، يعنى بيقول يا وزير ما تمسكش وزير، هو ذنبه إنه جه يمسك مسئولية فى أصعب الأوقات اللى بتمر بيها بلدنا، ده راجل قد أبويا مش هقوله عيب، هقوله ما يصحش، ولولا إنه راجل كبير، أنا كنت اتكلمت كلام قاسى»!.. وهكذا تضيق المساحات وتتسع الصدور وفقاً للظروف والأجواء.
فى النهاية.. رغم الأهواء والأجواء والمصالح والتفاهمات، ستبقى الديمقراطية طريقاً من الحرية غلافه الوعى والمسئولية، ستبقى حالة معايشة أساسها العلم والتقدم والرقى والأخلاق وقبول الآخر، قبل أن تكون أصواتاً فى صناديق انتخابية، الديمقراطية حالة لا يمكن منحها بقرار أو منعها بإمضاء.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الأمم المتحدة مصطفى أمین
إقرأ أيضاً:
نهاد أبو القمصان ضيفة أولى حلقات بودكاست المجلس القومي للمرأة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أطلق المجلس القومى للمرأة، أولى حلقات البودكاست من داخل استوديو المجلس تحت عنوان "الكلام على ايه".
واستضافت أولى حلقات بودكاست المجلس القومى للمرأة، نهاد أبو القمصان، رئيسة المركز المصري لحقوق المرأة وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، تناولت الحديث عن معايير النجاح في الحياة العملية والأسرية، وأرست خلالها مجموعة من الرسائل الهامة لتحقيق النجاح فى الحياة الأسرية والعلاقة بين الرجل والمرأة والحياة الزوجية واستشهدت بتجارب من حياتها العملية والشخصية.
حيث أكدت نهاد أبو القمصان في رسائلها من خلال البودكاست، على أن"الحياة من غير خناقات "ماسخة" وسخيفة، وأن الجواز مش تحدي ولا إنجاز، الجواز ونس ودفا للقلب، شراكة في العمر والحياة".
وتابعت، "النجاح الحقيقي اللي يحسسك بالسعادة والأمان والتميز"، مؤكدةً أن مفتاح النجاح الأول لأى علاقة إن الطرفين مايهينوش بعض.
وفي حديثها عن معيار النجاح أكدت "أبو القمصان" أن النجاح معيار واسع ونسبي ومبني على رؤية الشخص لنفسه وفكرة النجاح بشكل عام إنك تعملى حاجة مبسوطة بيها وسعيدة وتشعرى فيها بالإنجاز، مثلا لما بعمل أكله حلوة أو احقق إنجاز في قضية معينة"، وتابعت في رسالتها لأى سيدة: أعملي اللي يحققلك السعادة والإنجاز ويحسسك إنك متميزة.
وعن الزواج وشريك الحياة، قالت: الجواز للست والراجل مرحلة في الحياة لا يمكن اعتبارها إنجازا ولكنها مرحلة من مراحل الحياة، والجواز من المراحل المهمة فى الحياة وتطور مهم للرجاله والستات.
وأضافت، الجواز حاجه ليها علاقة بالونس ودفء القلب ولغة مشتركة بين الأتنين، واستشهدت بتجربة مع أحد أساتذتها: كان حد من أساتذتي الكبار اتجوز بسببي بعد ما عدى سن الستين قلتله وبعدين مين اللي هيجي يخبط عليك، قلتله اتجوز عيش حياتك، النهارده عنده 82 سنة وبنته في ثانية ثانوي.
وتابعت، بستغرب أما بشوف بنات تقول أنا مش محتاجه راجل ولما أشوف رجالة بتقول أنا مستقل بذاتي ومش محتاج ست في حياتي، الناس عندها مفاهيم ملخبطة وستات بتقول لنفسها يا إما اشتغل يا ابقى ست بيت.
وعن تجربتها في الجواز، قالت: مع الجواز مكنتش بجهز بيتي عشان الناس تقول إننا شطار، وأي اتنين مهما كانت إمكانياتهم تخطيطهم وميزانيتهم أقل كتير من اللي عايزينه، كنا بنخطط حياتنا على ظروفنا احنا، ومهما كنا عارفين بعض بيكون فى اختلاف في العادات والحياة استمرت لأن عمرنا ما غلطنا في بعض.
وأضافت، مفتاح النجاح الثاني إنك وأنتي بتختارى راجل تتجوزيه مش تبقي بتدوري على عريس ولكن تبقى بتدوري على شريك.
وقالت، البنات اللي بتبص للعربية والساعة والشقة مبتحترمش نفسها، ولو أنتى شايفه إنك هتنجحي وتعتمدي على نفسك وتحققي اللي انتي عاوزه مش هتستني حد يجبلك العربية والخاتم والشنطة، ولو أنتي معندكيش ثقة في نفسك ولازم تشعلقي في قفا راجل يجبلك اللي أنتي عاوزاه هتدوري على راجل يعملك كل دا.
وعن تجربتها فى اختيار شريك الحياة. قالت: بمقاييس الشقة والعربية حافظ جوزي مكنش هيبقى رقم واحد واحنا كنا وش السعد على بعض وكنا أصحاب، كنت بدور على حد صاحبي حد يفهمني ولو هو راجل دماغه صغيرة كان لازم يطفش من أول يوم لأني قلتله إني مبحبش الضغط وإني شغلي مهم عندي.
يذكر أنه في إطار جهود المجلس القومي للمرأة المستمرة لنشر الوعي بقضايا المرأة والأسرة المصرية، وحرصًا منه على تطوير أساليب وصوله إلى الجمهور، والوصول الى شريحة كبيرة من متابعي منصات التواصل الاجتماعي وخاصة الشباب، يطلق المجلس القومي للمرأة أول بودكاست يناقش قضايا المرأة والأسرة المصرية بعنوان "الكلام على ايه".
وتم تصوير حلقات البودكاست باستوديو المجلس القومي للمرأة ويعد باكورة الأعمال الإعلامية له، ويتضمن الموسم الأول من البودكاست ثمان حلقات تقدمها الاعلامية سارة قناوي، تناقش قضايا متنوعة منها أن العمر مجرد رقم وتأثير مواقع التواصل الاجتماعي على المراهقين وتحديات العام الأول في الزواج وغيرها من القضايا العامة التي يقدمها نخبة من الخبراء والمتخصصين، وسوف يتم عرضه على جميع منصات التواصل الاجتماعي الرسمية للمجلس، وقد أطلق المجلس اليوم برومو للتنويه عن البودكاست، وسوف تذاع حلقاته بدءًا من الأسبوع القادم.
تجدر الإشارة الى أن استوديو المجلس القومي للمرأة هو استوديو تلفزيوني متخصص فى إنتاج مواد إعلامية توثق جهود المجلس وأنشطته وتناقش قضايا المرأة والأسرة المصرية، وقد شهد إطلاق مواد اعلامية متنوعة خلال الانتخابات الرئاسية 2024.