بوابة الوفد:
2025-04-27@00:57:05 GMT

فى محبة مصطفى بيومي

تاريخ النشر: 17th, September 2023 GMT

بدأب لافت، وحرص مُحب، وهدوء حكيم يُنقّر مثل عصفور حر فوق شجر عتيق، صانعا سبيكة جمال مبهر وباق. يُشكل حٌليه بعشق ويرسم لوحاته بتجرد.

يكُتب مصطفى بيومى مُنذ نصف قرن، يتعبد، يبتهل، ويشدو فى أناة وطيبة، دون لغط، وبلا ضجيج، وبأمل أن يغرس شجيرات نافعات فى حدائق الكتابة.

يُدرك الرجل أن المعارك الكاذبة ستخمد لا محالة، وأن الوهج الزائف سينطفىء حتما، ولن يبقى على الأرض إلا كل حُسن حقيقى.

فيكتب ثم يكتب: إبداعا، نقدا، تحليلا، وتاريخا إنسانيا مبهرا، لتتجاوز كُتبه ثمانين كتابا فى شتى المجالات ولتبقى علامات مُضيئة لأجيال وأجيال.

تلاحقه الأوجاع، وتبارزه الصحة، تحاصره الهموم ومشكلات الحياة، تُخيم عليه غمامات الوطن وأحزانه، وتقصفه المحن الصعاب، ويُحزنه صعود المنافقين والأنصاف، فيواصل الكتابة مُتحديا وعابرا وشامخا، مُعتزا بكرامة المبدع الحقيقى، ومنتصرا بالاستغناء النقى.

يعتل قلبه المُفعم بالحب، تعتصره الآلام، فيقف صلبا، مُتقبلا وراضيا وسعيدا بما كتب وأنجز من موسوعات ودراسات وكتب قيمة تظل مراجع دائما لكل باحث جاد.

أحب مصطفى بيومى الإنسان، والمبدع. أراه مرشدا ورائدا ومؤثرا فى كل مجال سلكه. انبهر بإبداعاته الأدبية، ولغته السلسة الجميلة، وتلامسه مع المشاعر الإنسانية المتنوعة.

استعظم مشروعه الفكرى والنقدى القائم على الانتصار لقيم التسامح، والتعددية، وقبول الآخر، ورفض التدين الشكلى، المظهرى، الانتهازى، المُسيس، ونبذ الاستبداد السياسى، والفردية، واستعلاء الحكام على المحكومين، وأستعيد عبارته الأثيرة بأننا نعيش منذ ولدنا فى ظل حالة طوارىء لا تنقضى أبدا.

كان الرجل ومازال يرى أن جمال عبدالناصر، وزمنه، ورجاله، وسياساته أوقفوا صعود المجتمع المدنى المصرى، وردوه إلى عصور وسطى من نفاق السلطة، والانتهازية، والإتجار بالدين. وفى مسيرة التاريخ المصرى الحديث كانت ثورة يوليو هى نقطة البداية لدحر مشروع التحضر والتقدم الإنسانى.

لم ينل مصطفى بيومى التكريم المستحق من مؤسسات الدولة، وهو الذى استكشف فى ثلث كتبه تفاصيل تفرد الروائى العالمى نجيب محفوظ. لم يحظ الرجل بالمساندة والدعم المفترض من صروح الثقافة وكياناتها، وهو الذى مزج التاريخ بالأدب ليستقرىء لنا سمات الشخصية المصرية وتطورها من عصر إلى عصر. لم يُحقق الرجل ثروة مالية تفى بحياة هانئة ورعاية صحية جيدة، وهو الذى جنت دور نشر عديدة عائدات ضخمة من توزيع مؤلفاته.

بدا الرجل راضيا بمقولة فولتير الشهيرة « لا تحزن إن لم تنل ما تستحق من تقدير.. فيكفيك أنك تستحق»، ليواصل إبداعاته مبتسما وسعيدا بمحبة الناس واحترامهم، ودعواتهم له بالصحة والعافية.

وكما كتبت مرارا، فإن كل الكلمات إلى زوال، إلا ما ينفع الناس، لذا ستتلاشى كلمات التحريض ضد الإبداع فى الأمم الناعسة، وستندثر مدائح النفاق المطولة فى الأنظمة الحاكمة شرقا وغربا، وستنهزم الإبداعات المُسلعة والممولة، وستولى خطب الكراهية والتعصب الأدبار.

والله أعلم

[email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: نصف قرن

إقرأ أيضاً:

عرض لعبة النهاية من جديد على مسرح الطليعة

ضمن فعاليات وزارة الثقافة، و ضمن خطة قطاع المسرح برئاسة المخرج  خالد جلال، و خطة البيت الفني للمسرح برئاسة الفنان هشام عطوة، يعود عرض "لعبة النهاية" من إنتاج فرقة مسرح الطليعة بقيادة المخرج سامح بسيوني من جديد لمسرح الطليعة حيث يقدم العرض ابتداء من مساء أمس  الخميس ، و يستمر العرض يوميا في تمام السابعة و النصف مساء على قاعة صلاح عبد الصبور بمسرح الطليعة بالعتبة.

يذكر أن عرض " لعبة النهاية "  أعادت فرقة مسرح الطليعة إنتاجه باعتباره أول عمل قدمته الفرقة عند افتتاحها عام 1962، بمناسبة  مرور ستين عاماً على عرضه الأول وضمن مشروعها الاستعادي لتراث الفرقة، حيث ان  نسخة "لعبة النهاية"2024، من إخراج السعيد قابيل، بينما حملت نسخة العام 1962 توقيع الراحل الكبير سعد أردش.

تدور مسرحية لعبة النهاية أو نهاية اللعبة، كما أرادها مؤلفها  صموئيل بيكيت، حول أربع شخصيات، «هام» الرجل المشلول كفيف البصر الذى يجلس عاجزا على كرسيه المتحرك يرى الحياة من خلال خادمه المطيع «كلوف»، ذلك الخادم المسكين المهمش الذى لا يدرى سببا لطاعة سيده ولا يفضل صحبته، ولكنه يجد نفسه مضطرا للسمع والطاعة وتلبية رغباته التافهة والإجابة عن أسئلته المكررة، بينما تعيش شخصيتان من العالم الافتراضي  في براميل صدئة هما «ناج» و«نيل»، والد ووالدة هام المشلول، واللذان توفيا منذ زمن طويل لكنهما يظهران في مخيلته ويدور بين الثلاثة حوار أقرب للهذيان.
"لعبة النهاية" 2024،  تأليف صمويل بيكيت، إعداد وإخراج السعيد قابيل، تمثيل د. محمود زكي، محمد صلاح ، لمياء جعفر، محمد فوزي الريس، ديكور ودعاية أحمد جمال ، أزياء مها عبدالرحمن، إضاءة إبراهيم الفرن. 

طباعة شارك خالد جلال مسرح الطليعة مسرح

مقالات مشابهة

  • الرجل والمرأة في الإسلام.. بين تساؤلات الماضي والحاضر
  • مصطفى كامل يكشف سبب غيابه عن حفل زفاف ليلي زاهر وهشام جمال
  • شطب وفلس .. خالد بيومي يفتح النار علي كولر ومجلس الأهلي
  • عرض لعبة النهاية من جديد على مسرح الطليعة
  • هل فرض على الرجل الزواج أكثر من مرة؟.. الدكتورة دينا أبو الخير تجيب
  • اعلان لائحة الذوق تستحق في ذوق مكايل
  • واشنطن تعيّن الرجل الأمثل للتفاوض الفني مع إيران السبت المقبل
  • الطلاق لا يعني نهاية دور الرجل.. كيف يتعامل الأب مع أطفاله بعد الطلاق؟
  • أكاذيب الهلالي على الحجاب
  • هل يجوز توزيع تركة الرجل الحي على أولاده قبل موته؟.. الأزهر يجيب