بدأب لافت، وحرص مُحب، وهدوء حكيم يُنقّر مثل عصفور حر فوق شجر عتيق، صانعا سبيكة جمال مبهر وباق. يُشكل حٌليه بعشق ويرسم لوحاته بتجرد.
يكُتب مصطفى بيومى مُنذ نصف قرن، يتعبد، يبتهل، ويشدو فى أناة وطيبة، دون لغط، وبلا ضجيج، وبأمل أن يغرس شجيرات نافعات فى حدائق الكتابة.
يُدرك الرجل أن المعارك الكاذبة ستخمد لا محالة، وأن الوهج الزائف سينطفىء حتما، ولن يبقى على الأرض إلا كل حُسن حقيقى.
تلاحقه الأوجاع، وتبارزه الصحة، تحاصره الهموم ومشكلات الحياة، تُخيم عليه غمامات الوطن وأحزانه، وتقصفه المحن الصعاب، ويُحزنه صعود المنافقين والأنصاف، فيواصل الكتابة مُتحديا وعابرا وشامخا، مُعتزا بكرامة المبدع الحقيقى، ومنتصرا بالاستغناء النقى.
يعتل قلبه المُفعم بالحب، تعتصره الآلام، فيقف صلبا، مُتقبلا وراضيا وسعيدا بما كتب وأنجز من موسوعات ودراسات وكتب قيمة تظل مراجع دائما لكل باحث جاد.
أحب مصطفى بيومى الإنسان، والمبدع. أراه مرشدا ورائدا ومؤثرا فى كل مجال سلكه. انبهر بإبداعاته الأدبية، ولغته السلسة الجميلة، وتلامسه مع المشاعر الإنسانية المتنوعة.
استعظم مشروعه الفكرى والنقدى القائم على الانتصار لقيم التسامح، والتعددية، وقبول الآخر، ورفض التدين الشكلى، المظهرى، الانتهازى، المُسيس، ونبذ الاستبداد السياسى، والفردية، واستعلاء الحكام على المحكومين، وأستعيد عبارته الأثيرة بأننا نعيش منذ ولدنا فى ظل حالة طوارىء لا تنقضى أبدا.
كان الرجل ومازال يرى أن جمال عبدالناصر، وزمنه، ورجاله، وسياساته أوقفوا صعود المجتمع المدنى المصرى، وردوه إلى عصور وسطى من نفاق السلطة، والانتهازية، والإتجار بالدين. وفى مسيرة التاريخ المصرى الحديث كانت ثورة يوليو هى نقطة البداية لدحر مشروع التحضر والتقدم الإنسانى.
لم ينل مصطفى بيومى التكريم المستحق من مؤسسات الدولة، وهو الذى استكشف فى ثلث كتبه تفاصيل تفرد الروائى العالمى نجيب محفوظ. لم يحظ الرجل بالمساندة والدعم المفترض من صروح الثقافة وكياناتها، وهو الذى مزج التاريخ بالأدب ليستقرىء لنا سمات الشخصية المصرية وتطورها من عصر إلى عصر. لم يُحقق الرجل ثروة مالية تفى بحياة هانئة ورعاية صحية جيدة، وهو الذى جنت دور نشر عديدة عائدات ضخمة من توزيع مؤلفاته.
بدا الرجل راضيا بمقولة فولتير الشهيرة « لا تحزن إن لم تنل ما تستحق من تقدير.. فيكفيك أنك تستحق»، ليواصل إبداعاته مبتسما وسعيدا بمحبة الناس واحترامهم، ودعواتهم له بالصحة والعافية.
وكما كتبت مرارا، فإن كل الكلمات إلى زوال، إلا ما ينفع الناس، لذا ستتلاشى كلمات التحريض ضد الإبداع فى الأمم الناعسة، وستندثر مدائح النفاق المطولة فى الأنظمة الحاكمة شرقا وغربا، وستنهزم الإبداعات المُسلعة والممولة، وستولى خطب الكراهية والتعصب الأدبار.
والله أعلم
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: نصف قرن
إقرأ أيضاً:
تزوجت ثلاث مرات.. رانيا يوسف: أنا ست مش قوية
تحدثت الممثلة رانيا يوسف عن وجهة نظرها في العلاقات بين الرجل والمرأة وتجاربها في الحياة، خلال استضافتها في بودكاست “ع الرايق” الذي تنتجه الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية ويقدمه الإعلامي خالد عليش والإعلامية ميرهان عمرو.
وقالت رانيا يوسف في البودكاست إنها تزوجت ثلاث مرات وارتبطت ثلاث مرات، لكن الحظ لم يحالفها في هذه التجارب.
وحول رؤيتها لما يجب أن يكون عليه الرجل قالت إن الرجل لابد أن يكون السند الحقيقي للمرأة، كما يجب أن يتمتع بالحنان وأن تشعر معه السيدة بالأمان، وهو الأمر الذي لم يتحقق في تجاربها المتعددة.
وأكدت رأنيا يوسف أنها “ست مش قوية” فحينما تحب تمنح الرجل زمام الأمور في كل شيء، أو على الأقل تشعره بأنه هو المتحكم في كل شيء، لكن من ناحية أخرى تفعل كل ما تراه صحيحا بشرط ألا تتصادم معه.
وأكدت رانيا يوسف أن عملها بالفن وشهرتها ونجوميتها أثروا بشكل كبير على حياتها الشخصية، فالرجل الذي تتزوجه يتوقع أن يراها دائما كما يراها في الأفلام والمسلسلات، ولا يضع في حسبانه أنها سيدة عادية لا تضع “ميك أب” طوال الوقت، وأنها مثلها مثل أي سيدة أخرى في الحياة العادية، وهو ما ينعكس سلبيا على حياتها.
وكشفت أنها تعرضت إلى تجارب سيئة في زيجاتها، منها أنها تعرضت إلى اعتداء من زوجيها الأول والثاني، وأنهما “مدوا أديهم عليا” وهو ما انتبهت إليه ابنتها، التي قالت لها إنها ليست سعيدة، وأن ابنتها كانت ترسم رسومات تعبر عن أن البيت غير سعيد وانتابها اضطرابات في النوم وهو ما جعلها تعرضها على طبيب نفسي. الذي قال لها إن الاضطربات التي تتعرض لها ابنتها ناتجة عن أن الخلافات الأسرية.
جدير بالذكر إن بودكاست “ع الرايق” يستعرض أسرار العلاقات العاطفية والزوجية وأهم تحدياتها ومشاكلها، عبر استعراض الكثير من المواقف التي يفاجئ في تفاصيل الحياة العاطفية وما بها من مفارقات متعددة نتجت عن اختلاف التربية أو الثقافة أو مجالات العمل، أو تدخل أطراف خارجية. ويستعرض كل “عليش ومريهان” أهم هذه المفارقات من خلال تجارب حية من واقع الحياة، حيث يستضيفان في “البودكاست” الكثير من الخبراء والمتخصصين والمشاهير ، لتقديم تجاربهم مع ما يواجهونه يوميًا من تفاصيل متشابكة وما ينتج عنها من مواقف طريفة أحيانًا ومربكة أحيانًا.
بوابة روز اليوسف
إنضم لقناة النيلين على واتساب