بوابة الوفد:
2024-11-23@17:15:47 GMT

الأدب والفن والثراء الروحى

تاريخ النشر: 17th, September 2023 GMT

يخطئ كثيرًا من يظن أن (الثراء) كلمة مقترنة بالمال فقط، بمعنى أنه ليس من الصحيح أن يقتصر مفهوم (الثراء) على الرجل الذى يمتلك الكثير من الأموال فحسب، ذلك أن (الثراء) فى ظنى مفردة يمتد معناها إلى مستويات أخرى، لعل أهمها مستوى (الثراء الروحي)، وهو ثراء لو تعلمون عظيم، حيث لا يشترط التمتع بهذا (الثراء الروحي) اكتناز المال، وإنما يتأتى من صفاء النفس، وتخففها من شوائب الكراهية والضغائن والأحقاد.

فى مسيرة الحياة، يلتقى المرء بشخصيات متنوعة، بعضها يتمتع بثراء روحى جميل، وبعضها منكمش فى سجن الفقر الروحى المرذول، فإذا حاولنا اكتشاف السبب وراء وجود هذا الثراء أو ذاك الفقر بعيدًا عن الدور الوراثى، وهو دور حاسم لا يمكن إنكاره، نصل إلى نتيجة أظنها صحيحة إلى حد بعيد، وتتلخص فى الآتي:

إن الثراء الروحى ينمو ويزدهر فى القلب والضمير باطراد من خلال إنشاء علاقة عميقة مع الأدب والفن وتعزيزها. ذلك أن الإنسان الذى (يستهلك) يوميًا، وأكرر يوميًا، الكثير من الآداب الرفيعة والفنون الجميلة بتنويعاتها المختلفة، هو الوحيد القادر على إثراء روحه بأسمى المشاعر وأعذبها. هذه المشاعر تتجلى فى خصال وسلوكيات متعددة أبرزها: الكرم والتسامح واستيعاب أخطاء الآخرين، علاوة على تمتعه بلسان حلو وصدر رحب قادر على التغافل عن حماقات الناس، والأهم القدرة على المنح والعطاء: منح الاهتمام والرعاية والحنان، وكذلك منح بعض المال للمحتاجين من الأقارب والأصدقاء، رغم الحب الشديد للمال كما نعلم جميعًا (وتحبون المال حبًا جمًا/ سورة الفجر/ الآية 20).

أما الفقير روحيًا، فهو ذلك الإنسان الذى لا تربطه علاقة ذات شأن مع الأدب والفن، فلا يغنى روحه بقراءة قصيدة لشوقى، أو رواية لمحفوظ، ولا يطرب وجدانه بسماع أم كلثوم وعبدالوهاب، ولا ينشغل كثيرًا بمشاهدة فيلم جميل أو مسرحية مميزة أو لوحة فاتنة.

كما أن الفقير روحيًا شخص ضائق الصدر دومًا بالآخرين وسلوكياتهم، غليظ القلب، خشن اللسان، بخيل المشاعر، بخيل الإنفاق، لا تعرف الرحمة إلى قلبه سبيلا، ولا يدرك حلاوة العطاء لمن هم فى حاجة إلى رعايته واهتمامه.

أما أبشع ما فى المرء المنكوب بالفقر الروحى، فيتمثل فى الغدر بالناس، وخيانة (العِشرة)، وإنكار الجميل، والنظر تحت قدميه فقط، فلا يعى المعنى النبيل لفضائل الوفاء والإخلاص والتضحية والصبر.

من حسن الحظ أن علاقة المصريين بالفن والأدب عميقة راسخة ضاربة فى عمق التاريخ، فأجدادنا الأوائل رسموا ونحتوا وعزفوا ورقصوا وكتبوا الشعر الجميل والقصص المعبرة على جدران المعابد والمقابر والأهرامات، أما أجدادنا الأقربون فعشقوا المسرح والسينما والكتب المطبوعة واللوحات والتماثيل والموسيقى والطرب، وتركوا لنا مئات آلاف من الأعمال الأدبية والفنية التى تثرى أرواحنا وتبهج وجدان الملايين.

باختصار... علينا العمل على إثراء أرواحنا بالتعاطى يوميًا مع الأدب والفن، أما الفقير روحيًا، فلا نملك له سوى الشفقة، عسى أن ينضم يومًا ما إلى قبيلة الأثرياء روحيًا.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الصحيح الأموال روحی ا

إقرأ أيضاً:

“دبي للثقافة” تنظم “ملتقى تعبير الأدبي “

أعلنت هيئة الثقافة والفنون في دبي “دبي للثقافة” عن تفاصيل النسخة الثالثة من “ملتقى تعبير الأدبي” التي تنظمها يومي 26 و27 نوفمبر الجاري، بهدف تسليط الضوء على قضايا الأدب والشعر والدراسات الإنسانية والثقافة المعاصرة ودورها في تطوير المجتمع، وإبراز الإنتاج الأدبي المحلي. ويأتي الملتقى الذي يندرج تحت مظلة “منصة تعبير” في سياق التزامات الهيئة الهادفة إلى رفع وتيرة الحراك الثقافي الذي تشهده دبي.

ستتضمن أجندة الملتقى الذي تستضيفه مكتبة محمد بن راشد عقد سلسلة من الجلسات النقاشية والندوات التخصصية وورش العمل التفاعلية، بمشاركة نخبة من المثقفين والمبدعين والكتاب الإماراتيين والمقيمين على أرض الدولة.

وستستضيف جلسات “فضاءات 6 – عوالم مبدعة وتجارب مُلهمة”، نخبة من الكتاب والمثقفين، بينما سيشهد الملتقى تنظيم مجموعة من ورش العمل، من بينها ورشة “كيف تكتب نصًا يحقق ملايين المشاهدات؟” وورشة “تحويل الكلمات إلى ثروة” وتُختتم الجلسات بأمسيات شعرية ما يضفي بعداً ثقافياً خاصاً يعكس ثراء الأدب الإماراتي ويمنح الجمهور فرصة التفاعل مع رواده.

ولفت محمد الحبسي، مدير إدارة الآداب بالإنابة في “دبي للثقافة” إلى أن “ملتقى تعبير الأدبي” يعكس أهمية تفاعل الحركة الأدبية المحلية مع الجمهور تهدف إلى ضمان استدامته وتطوره عبر مد جسور التواصل بين الأجيال، وفتح آفاق جديدة أمام الأقلام الناشئة والمبدعين والمثقفين، وتحفيزهم على التعبير عن آرائهم والمشاركة في تشكيل مستقبل الأدب الإماراتي.

ويستضيف الملتقى على هامش فعالياته مجموعة من المنصات التفاعلية التي تقدمها مجموعة دبي للفلك، ومركز جمعة الماجد للثقافة والتراث، ومنصة تنمو، وجمعية الإمارات للمكتبات والمعلومات، فيما تقدم خولة السويدي عبر منصة “الأدب التشكيلي” لمحة تعريفية عن العلاقة بين الفنون والأدب.وام


مقالات مشابهة

  • «طمع ابن عمها كلمة السر».. قصة «مليونيرة» تبدل حالها من الثراء الفاحش لـ عطف الجيران
  • هيام عباس: السينما أداة قوية للتعبير عن الهوية والتراث والفن يُحافظ على الذاكرة الجماعية
  • شـواطئ.. سفيرة النجوم فيروز وسوسيولوجيا الإبداع (1)
  • الأدب يهزم القُبح.. ويبقى ذاكرة للحروب (2)
  • «دبي للثقافة» تجمع رواد الثقافة في «ملتقى تعبير الأدبي 3»
  • “دبي للثقافة” تنظم “ملتقى تعبير الأدبي “
  • من هو الفنان؟ سؤال يُثير الجدل في عصر الـNFT والفن الرقمي
  • الفنان عبد الرحيم حسن: السينما والفن عوامل تساعد في تربية الأبناء
  • خطوات مهمة لتحسين صحتك النفسية.. الصحة تنصح المواطنين
  • مش هنخرج عن الأدب.. شوبير يوجه رسالة عن مبادئ الأهلي