أكاديمي إماراتي يتساءل عن سبب الإصرار على تسليم الجنوب لجماعة الحوثي؟
تاريخ النشر: 17th, September 2023 GMT
تساءل الأكاديمي الإماراتي، عبدالخالق عبدالله، اليوم الاحد، عن سبب إصرار البعض على تسليم الجنوب لجماعة الحوثي.
وقال عبدالله في تغريدة على حسابه بموقع " إكس "، رصدها " المشهد اليمني "، "لماذا يصر البعض على تسليم الجنوب العربي لجماعة الحوثي الايرانية الانقلابية بصنعاء".
وأضاف: قضية الجنوب العربي ليست قضية انفصال بل هي قضية تحرر وطني يسعى شعب الجنوب تأسيس وطنه الحر ودولته المستقلة ويستحق دعم دول العالم وشعوب المنطقة وفي المقدمة دول وشعوب الخليج العربي، دولة ولها عنوان؛ حد زعمه.
ويشتهر عبدالله باستفزازه المتكرر لليمنيين بشأن الوحدة والانفصال.
وفي أغسطس الماضي، قال عبدالله إن "وحدة اليمن لم تكن ضمن أولويات التحالف العربي الداعم للشرعية في اليمن".
ولاقت تغريدته ردودًا واسعة، دعته لعدم التدخل في شؤون الاخرين والتخلي عن الدور المشبوه.
المصدر: المشهد اليمني
إقرأ أيضاً:
النقد الجارح .. معول هدم للهمم
اذا كان وراء المثل العربي القديم: «من كان بيته من زجاج، لا يقذف الناس بالحجارة»، قصة عجيبة، فإنه أيضا يرمز إلى عمق كبير في المعنى الذي نريد الوصول إليه وهو أن الإنسان يجب أن يعرف إطار حياته الذي يعيش فيه بحرية دون أن ينتهك خصوصية الآخرين ويكيل له بمكيالين فيما تتهاوى أركان أسطح ملاذه في أي لحظة.
النظرة الدونية لعيوب الآخرين، والتقليل من شأنهم، واتهامهم بالباطل بما ليس فيهم، سلوكيات نراها كثيرا في حياتنا اليومية وفي محيط أعمالنا، البعض يدعي بأنه نابغة زمانه وحكيم عصره، وينتقد أعمال الآخرين وتصرفاتهم، ويحقر من شأنهم، بينما لا ينظر أبدا إلى ذاته، ليرى منابع الضعف التي يعاني منها.
وهنا نستذكر شيئا من قوافي الشعر التي أثرت الجانب الإنساني لدى العقلاء وهي أبيات شعرية من ديوان الإمام الشافعي يقول فيها:
«لسانك لا تذكر به عورة امرئ
فكلك عورات وللناس ألسن
وعيناك إن أبدت إليك معايبا
فدعها وقل يا عين للناس أعين
وعاشر بمعروف وسامح من اعتدى
ودافع ولكن بالتي هي أحسن»
ولو تأملنا القيم التي تحملها تلك الأبيات للمسنا فيها عمقا ومعاني وقيما جميلة.. وبها رسالة واضحه تدعونا ألا نعيب ونذكر الصفات المذمومة للأشخاص. لأننا ببساطة لدينا عيوب كثيرة وصفات غير حميدة، فلا يوجد إنسان معصوم من الخطأ. ولأنه ببساطة أن للناس ألسنا يمكن أن تذمنا.
وإذا رأينا مساوئ الناس، فلنذكر دوما أنفسنا بأن الناس يرون عيوبنا أيضا.
تطورت الحياة وأصبح البعض يتباهى بما لديه من أشياء ليس في مجالسه أو لقاءاته مع الناس، ولكن أصبحت بعض وسائل التواصل الاجتماعي منابر لنقد ليس من أجل الفائدة وإنما من أجل السخرية من الآخرين والتقليل من شأنهم، والتحقير من أفعالهم.
يقول د.سعود بن شنين البدري في مقال نشره إلكترونيا منذ نحو 7 سنوات تقريبا بعنوان «تصيد الأخطاء.. واقع مرير»: «في الوقت الذي تنتشر فيه برامج التواصل في دنيا الناس حتى غدا العالم كقرية صغيرة، فقد أصبح الوضع الحالي لا يبشر بخير، ففي الوقت الذي بلغ بنا الحرص على اقتناء هذه التكنولوجيا والاستفادة منها، إلا أنها أبانت عن أخطار كبيرة لم تكن معروفة في السابق، فقد دخلت كل بيت، وأصبحت بيد كل شخص، والمجهول لا يعلمه إلا الله، لست بالناكر لفوائد التكنولوجيا، ولا أدعو إلى التخلي عنها كليا؛ بل أدعو إلى التنبه واليقظة لمخاطرها وكوارثها».
المغزى الذي ذهب إليه الكاتب هو أنه قد تنبأ في وقت سابق من الزمن بأمر مهم للغاية وهو أن التواصل الاجتماعي سيكون سلاحا لتصفية حساباتنا تجاه الغير، وأيضا مجالا حيويا للنيل ممن يخالفنا الرأي أو لا يأتي على هوانا، ولهذا أصبحنا لا نتعجب أن نرى بعض المنصات التواصلية التي يستخدمها الناس بشكل يومي عبارة عن «ساحة قتال يومية وحرب ضروس لا تأتي بخير»، وجزء من حملة التشهير والتكذيب والتعدي على الآخرين بقالب النصح والإرشاد أو كشف أخطاء الآخرين وزلاتهم على الملأ، وتتبع كل الثغرات التي ليس معصوما منها أحد على وجه الأرض.
البعض يظن بأنه قادر على إيذاء الآخرين من غير سبب سوى أنه يرى في نفسه أنه الشخص الذي به «الكمال والتمام كله» بينما هاتان الصفتان هما لله وحده فهو الكامل التام المتنزه عن الأخطاء.
في عالم الحكماء هناك قول رائع لم استدل إلى قائله رغم أنني بحثت طويلا، ومن شدة إعجابي به اقتبسه لروعته وهو «البعض يتفنن في انتقاد الآخرين، ولو نظرت لحاله احترت من أين تبدأ.»، وهذا القول هو دلالة فعلية على أن الإنسان ناقص بطبعه، ومهما أصابه الغرور والترفع والتنزه عن الأخطاء يظل بينه وبين نفسه يعرف قيمته، فالبعض يعتقد بأنه يستطيع إتقان كل شيء بينما يجهل الآخرون ذلك.
عندما نخطئ، علينا أن نتقبل النقد والتوضيح ولكن على الذي يعرفنا أخطاءنا أن لا يقصد التجريح أو إحداث نوع من الإحباط، لأن الحكمة تقول: «ليس كل مجتهد مصيبا» والنقد لا يكون خلف ظهور العباد بل يكون أمامهم وبشكل مهذب وعندما نريد أن نفتح هذا الأمر علينا أن نضع أمام أعيننا قولا دقيقا يقول: «لسانك لا تذكر به عورة امرئ ... فكلك عورات وللناس ألسن».
في هذا الزمن، تخصص بعض الناس في مراقبة الآخرين والبحث عن أخطائهم سواء في القول أو الفعل أو أي عمل يقومون به، ليس هدفه النصح والإرشاد بقدر ما هو مرض نفسي يتلذذ بالمجاهرة بأخطاء الآخرين والنيل من كرامتهم وآدميتهم.
هناك نصيحة أسداها أحد المفكرين للناس حينما قال: «لا تكن كمن يفتش عن أخطاء الآخرين وكأنه يبحث عن كنز!» وقال آخر: «التغافل عن أخطاء الآخرين أرقى شيم المكارم».
يقول أحد الفلاسفة: «عندما تدرك أخيرا أن سلوك الآخرين يرتبط بصراعاتهم الداخلية أكثر من كونه متعلقا بك، تتعلم الترفع والتسامح...».