لماذا يحتاج الاتحاد الأوروبي إلى التعاون مع البريكس وأفريقيا حول الطاقة المتجددة؟
تاريخ النشر: 17th, September 2023 GMT
ترجمة: قاسم مكي -
اختتمت القمة السنوية الخامسة عشرة لمجموعة بلدان الاقتصادات الصاعدة «البريكس» اجتماعاتِها في 24 أغسطس الماضي بتحدٍّ للمُغرَمين باسمها (المشكَّل من الأحرف الأولى لأعضائها الخمسة). فاعتبارا من يناير 2024 ستتوسع عضويتها لتشمل بالإضافة إلى البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا أعضاء جددا هم الأرجنتين ومصر وإيران وإثيوبيا والسعودية والإمارات.
في الواقع ركزت القمة بقدر كبير على التحول إلى موارد الطاقة المتجددة من بين تشكيلة من القضايا الأخرى تحت شعار «البريكس وأفريقيا».
اكتسبت مجموعة البريكس نبرة جيوسياسية متزايدة في السنوات الأخيرة. وعلى الرغم من المصالح الوطنية والدولية المتباينة لأعضائها إلا أن المجموعة نفسها تحولت إلى ممثل لإحباط جنوب العالم من النظام العالمي الحالي الذي يقوده الغرب.
وفي مجال الطاقة والمناخ الانقسام الأكثر وضوحا بين أوروبا ومجموعة البريكس يدور حول التخلص التدريجي والسريع من الوقود الأحفوري. فدول البريكس بشكل عام تعتبر موارد الوقود الأحفوري مهمة للتنمية والنمو في بلدان الدخل المتوسط والمنخفض ولا ينبغي وقف استخدامها بسرعة.
هذا الاتساق المتعاظم في مواقف بلدان البريكس تجاه استخدام الوقود الأحفوري من أجل تنمية بلدان الدخل المتوسط والمنخفض إلى جانب النفوذ الجيوسياسي للمجموعة في جنوب العالم خصوصا في أفريقيا الغنية بموارد الطاقة يخاطر بتحويل وجهة قراراتها وسياساتها بعيدا عن الأولويات والمصالح الأوروبية.
لكن فيما تراجِع قيادة وبلدان الاتحاد الأوروبي سياساتِها الخارجية حول الطاقة في أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية عليها التركيز بقدر أقل على مواقفها المتباينة مع البريكس والبلدان الإفريقية وبقدر أكبر على المصالح المتداخلة في تحقيق التحول إلى الموارد المتجددة.
مجموعة البريكس وأفريقيا وأوروبا تشترك في الكثير في سعيها نحو صافي صفر كربون والانتقال بسرعة إلى الموارد المتجددة. لذلك على الأوروبيين استكشاف فرص التعاون الثلاثي بالتركيز على الجوانب الفنية والحوافز المطلوبة لتعزيز الأهداف المشتركة مثل توليد واستخدام طاقة أنظف وأيضا خفض الانبعاثات العالمية.
التحديات
تدعو بلدان البريكس إلى تحول مستدام لاقتصاد أقل إطلاقا للكربون ويرتكز على مسؤوليات مشتركة لكن متباينة وحسب قدرات كل بلد. ويعني رفضها لمقاربة أكثر عمومية أن أولوياتها تختلف أحيانا عن الطموحات المناخية للاتحاد الأوروبي. فمثلا بيان القمة الأخيرة يؤكد مجددا على أن أعضاء البريكس يؤيدون بشكل جماعي حق البلدان النامية في استغلال الوقود الأحفوري لخدمة نموها الاقتصادي وأمنها. ومن المرجح أن أعضاء عديدين من البريكس ساهموا في فشل مجموعة العشرين مؤخرا في الاتفاق على التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري.
بيان هذا العام أيضا حدد رفض المجموعة «للحواجز التجارية المتعلقة بالمناخ». وهو يشير بذلك إلى آلية تعديل ضريبة الكربون الحدودية المستهجنة بشدة في أوساط بلدان جنوب العالم والتي تسعى إلى إقامة سلاسل قيمة خضراء خصوصا في الصناعات الكثيفة الكربون.
الدول الأفريقية التي تصطف إلى جانب العديد من هذه المواقف لديها أيضا مصلحة مشتركة في تعزيز تدفقات التجارة والاستثمار مع مجموعة البريكس. وهذا قد يشكل مخاطر لأوروبا بسبب اشتداد المنافسة على الموارد والأسواق في القارة الأفريقية التي تتعاظم أهميتها الاستراتيجية كمصدر لموارد الطاقة والمعادن.
الاتحاد الأوروبي بحاجة إلى ضمان عدم خسارة فرص دعم حلوله للطاقة وجهوده المناخية وأن يظل فاعلا في حوكمة الطاقة والمناخ على الصعيد العالمي. زادت أهمية ذلك في أعقاب قرار قمة البريكس بتوسيع عضوية المجموعة.
إضافة الدول الجديدة لن تقتصر فقط على تعزيز الشرعية الدولية لمجموعة البريكس ولكنها أيضا تعزز تجارتها واستثماراتها وقدرتها على المساومة في تشكيل التحول إلى الطاقة الخضراء. ويجب ألا أن تمنع العقوبات والحاجة إلى عزل روسيا الاتحاد الأوروبي من التفاوض مع البريكس كمجموعة والتعاون معها (مثلما يفعل الأوروبيون مع مجموعة العشرين التي تضم روسيا).
الفرص
الحوار المتعدد الأطراف بين الاتحاد الأوروبي ومجموعة البريكس والدول الأفريقية يمكن أن يسمح بتحديد خارطة طريق مشتركة وتطوير استجابات مشتركة للقضايا ذات الاهتمام المشترك حول القارة الأفريقية. من الممكن أن تعني مثل هذه الخطوة إمكانية اقتسام هذه الأطراف تكاليف ومخاطر الاستثمار وتوسيع فرص السوق ودعم احتياجات أفريقيا على نحو أفضل.
للتشجيع على هذا التعاون على الأوروبيين الالتزام بإيجاد سبل تخفيف الآثار السلبية لسياسات الاتحاد الأوروبي مثل آلية تعديل ضريبة الكربون الحدودية. وفي ذات الوقت على الاتحاد الأوروبي الإقرار بالدور القيادي لأي من بلدان البريكس وأفريقيا في مجالات مهمة للأوروبيين. هذا يمكن أن يشمل مبدئيا دعما أقوى للمبادرات المتعددة الأطراف التي تقودها هذه البلدان. فالأوروبيون يمكنهم مثلا مساندة مبادرة البرازيل لحماية غابات العالم المطيرة والتي دشنتها مع جمهورية الكونغو الديموقراطية وأندونيسيا بهدف التحديد المشترك لمعايير حساب كمية الانبعاثات الكربونية. فتعزيز التعاون مع الدول كلٍ على حدة يمكن أن يمهد الطريق لمزيد من التعاون مع البريكس كمجموعة.
يمكن أن يركز التعاون الجماعي على تدريب المهارات على كلا المستويين الفني والحكومي في مجال الطاقة المتجددة والتقنيات. الحوار الثلاثي الأطراف من الممكن أيضا أن يعزز التطوير والتمويل المشترك للمشروعات الإقليمية الاستراتيجية مثل خطوط نقل الكهرباء والبنية التحتية للسكك الحديدية حسب تحديدها بواسطة الاتحاد الأفريقي. هذه المشروعات غالبا مما تتطلب تعهدات مالية وتقنية متنوعة يصعب تحقيقها بدون العمل الجماعي.
إلى ذلك يمكن أن يسعى الاتحاد الأوروبي للتعاون مع البريكس والدول الأفريقية حول حلولٍ تتجنب وتخفف وتزيل الانبعاثات الكربونية في سلاسل قيمة الوقود الأحفوري. ويمكن أيضا أن تتعاون لتطوير سلاسل قيمة في مجالات محددة مثل الوقود الحيوي.
دعم مثل هذا العمل المشترك سيبعث برسالة فحواها أن الاتحاد الأوروبي منفتح على التعاون مع البريكس والدول الأفريقية والآخرين في جنوب العالم لحشد الخبرة المالية والفنية المطلوبة من أجل تدشين خطط طموحة في مجال التحول إلى الموارد المتجددة.
هذا من شأنه أن يسمح للاتحاد الأوروبي بإرسال إشارة مهمة تعترف بالأهمية المتزايدة للبريكس وأفريقيا في اتخاذ القرار العالمي ودورهما الحيوي في ديناميات الطاقة والمناخ. كما سيبيِّن عمليا تعاطف الاتحاد مع قضايا جنوب العالم وربما يساعد على تجنب أي مشاعر نفور متبادلة.
إلى ذلك يمكن أن يقود المزيد من الاصطفاف بين بلدان جنوب العالم مثل توسيع عضوية البريكس (على الرغم من الاختلافات العديدة المحتملة التي تنتظر المجموعة في المستقبل) إلى امتلاكها حصصا أكبر في قطاعات الطاقة باقتصاد كل منها. وهذا قد يشمل المجالات التي يجتهد واضعو السياسات الأوروبيين للتقليل من دورها (مثل صناعة الوقود الأحفوري) وأيضا تلك التي يهدف الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء إلى التوسع فيها (مثل سلاسل قيمة المعادن).
الأوروبيون بحاجة إلى الانضمام للحوار حيثما أمكن ذلك والعمل على تعزيز التعاون بين الشمال والجنوب للتقليل من أي مخاطر محتملة قد تنشأ من تقوية وحدة بلدان جنوب العالم والحفاظ على أهمية أوروبا في الديناميات المتغيرة للحوكمة العالمية للمناخ والطاقة.
على بلدان البريكس على الأقل وضع اعتبار لهذا الانفتاح إذا أرادت أن تظل أمينة لشعارها «من أجل حوكمة أكثر شمولا».
مادَلينا بروكوبيو زميل أول سياسات بالمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الاتحاد الأوروبی الوقود الأحفوری الدول الأفریقیة مجموعة البریکس جنوب العالم مع البریکس التعاون مع التحول إلى یمکن أن
إقرأ أيضاً:
وزير الزراعة يلتقي نظراءه من مدغشقر وجنوب السودان وأفريقيا الوسطى لتأمين الغذاء بالقارة السمراء
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
واصل علاء فاروق وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، لقاءاته الثنائية مع نظراءه من الدول الافريقية، على هامش مشاركته في قمة الاتحاد الأفريقي الاستثنائية للتنمية الزراعية، والتي تعقد حاليا في العاصمة الأوغندية كامبالا.
والتقى فاروق ونظراءه من دول مدغشقر وجنوب السودان وأفريقيا الوسطى، فضلا عن مدير إدارة البحوث الزراعية بالإتحاد الافريقي لبحث سبل التعاون الزراعي المشترك وتحقيق الأمن الغذائي، لشعوب القارة السمراء.
وأكد وزير الزراعة خلال لقاءه و"هاجاريسون فرانسوا" وزير زراعة والثروة الحيوانية بدولة مدغشقر، على توجيهات القيادة السياسية في مصر، وتكليفات فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي بتقديم كافة أشكال الدعم للأشقاء من الدول الأفريقية، بإعتبارها الامتداد الاستراتيجي لمصر، وهناك اهتمام خاص بتحقيق التنمية في كافة دول القارة السمراء، خاصة في مجال الزراعة، في ظل التحديات التي يواجهها هذا القطاع على مستوى دول العالم.
ومن جهته أعرب الوزير المدغشقري عن رغبته في زيادة سبل التعاون الزراعي مع مصر، والاستفادة من الخبرات المصرية في المجال الزراعي والإنتاج الحيواني، بما يساهم في تحقيق الأمن الغذائي.
ووجه "فاروق" الدعوة لنظيره المدغشقري لزيارة مصر، للإطلاع على التقنيات الزراعية الحديثة، والتجربة المصرية في هذا المجال، وزيارة مزارع الإنتاج النباتي والحيواني، والاستفادة من تجارب مكافحة امراض النباتات، والتعاون في مجالات مكافحة التصحر وتدهور الأراضي، والاستفادة من ترشيد استخدام المياه وغيرها.
وفي سياق متصل بحث "فاروق" مع الدكتور أحمد المقص مدير إدارة البحوث الزراعية بالإتحاد الافريقي سبل تعزيز التعاون الزراعي بين مصر والدول الأفريقية الشقيقة، في مجال البحوث الزراعية وتبادل الخبرات والتكنولوجيات الزراعية الحديثة، من خلال مركزي البحوث الزراعية والصحراء في مصر، وذلك بهدف رفع مستوى الإنتاجية الزراعية وتحقيق الأمن الغذائي لشعوب القارة.
وبحث الجانبان سبل تعزيز التعاون في مجال البحوث الزراعية، واستنباط أصناف جديدة من المحاصيل المختلفة خاصة الاستراتيجية، ومقاومة الآفات والأمراض.
فيما أكد فاروق خلال لقاءه و"جوزفين لاجو" وزيرة الزراعة والأمن الغذائي بجنوب السودان، حرص مصر على دعم التعاون الزراعي مع الدول الأفريقية، وتقديم الدعم الفني والتدريب اللازم للمزارعين الأفارقة، لافتا إلى امتلاك مصر خبرات كبيرة في مجال الزراعة، والثروة الحيوانية، وترشيد استخدام المياه وتطوير المعامل البحثية، الأمر الذي يجعلها تلعب دوراً محورياً في تحقيق التنمية الزراعية المستدامة في القارة الأفريقية.
وبحث الجانبان أيضا تكثيف التعاون في مجال التدريب للاخصائيين الزراعية من دولة جنوب السودان، ونقل الخبرات المصرية اليها، كما تم استعراض التجارب المصرية في إنشاء المجتمعات الزراعية التنموية المتكاملة، وجهود مصر في تحقيق التنمية في القارة السمراء، وخاصة فيما يتعلق بالمزارع المصرية الأفريقية النموذجية المشتركة.
والتقى فاروق أيضا و "غيسمالا حمزة" وزير الزراعة والتنمية الريفية في جمهورية أفريقيا الوسطى، لمناقشة سبل تعزيز التعاون الزراعي بين البلدين، والعمل المشترك لتحقيق الأمن الغذائي والتنمية المستدامة في القارة الأفريقية.
وأكد الجانبان خلال اللقاء على أهمية تبادل الخبرات والتكنولوجيا الزراعية بين البلدين، خاصة في مجال الإنتاج الزراعي وتحسين أصناف المحاصيل، فضلا عن زيادة فرص الاستثمار المشترك في مجال الزراعة، وتعزيز التعاون في مجال البحوث الزراعية، وتبادل الباحثين والعلماء، إضافة إلى زيادة فرص تدريب الكوادر الزراعية في كلا البلدين، لتطوير القطاع الزراعي وتعزيز الإنتاجية.
وحضر اللقاءات السفير منذر سليم سفير مصر بدولة اوغندا، والدكتور عادل عبدالعظيم رئيس مركز البحوث الزراعية، والدكتور سعد موسى المشرف على العلاقات الزراعية الخارجية.
وكان علاء فاروق وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، القاهرة توجه إلى العاصمة الأوغندية كامبالا، للمشاركة نيابة عن الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية، في قمة الاتحاد الأفريقي الاستثنائية حول البرنامج الأفريقي الشامل للتنمية الزراعية والتي تعقد في الفترة من 9 إلى 11 يناير الجاري.
1000143370 1000143372 1000143368 1000143376 1000143374 1000143364 1000143366 1000143358 1000143356 1000143354 1000143352