تتجه أنظار العالم بعد غد "الثلاثاء"، إلى مدينة "نيويورك" بالولايات المتحدة الأمريكية، حيث من المنتظر أن تلتئم الجمعية العامة للأمم المتحدة، في دورتها الثامنة والسبعين، والتي ستكون حافلة بالعديد من الملفات الاقتصادية الساخنة، التي ستطرح أمام صناع القرار العالمي، لمناقشة التحديات وسبل تذليلها، وصولا إلى حلول مستدامة لمواجهتها والخروج منها بأقل كلفة.


ويمثل التضخم وما يصاحبه من ارتفاع حاد لأسعار السلع الأساسية والغذائية، علاوة على سياسات التشديد النقدي، المطبقة من قبل البنوك المركزية الرئيسة في العالم، والمتمثلة في الرفع التدريجي لأسعار الفائدة، والتي بدورها ألقت بأعباء إضافية على القطاعات الاقتصادية المختلفة، خصوصا الخاصة منها، أضف إلى ذلك النزاعات الجيوسياسية والاقتصادية وفي مقدمتها الحرب في أوكرانيا، وتداعيات جائحة /كوفيدــ19/، فضلا عن قضايا الديون والتجارة الدولية، حيث تشكل هذه القصايا سالفة الذكر تحديات جمة، يتخوف الجميع، دولا وحكومات وأفرادا، من نتائجها غير المتوقعة، لا سيما في ظل التنبؤات والتحليلات شبه اليومية، التي يتوقع أصحابها هبوطا وتراجعا حادا في وتيرة النمو الاقتصادي العالمي برمته.
ومن المقرر أن يناقش قادة الدول الأعضاء في اجتماعات مباشرة بنيويورك، حزمة من القضايا الجامعة والمتداخلة التي تؤثر في تحقيق أهداف خطة التنمية المستدامة 2030، لاسيما تحديات القضاء على الفقر والجوع، والصحة والتعليم للجميع، والحصول على المياه النظيفة، وتوفير العمل اللائق داخل مدن ومجتمعات محلية مستدامة.
وفي هذا السياق قال المحلل الاقتصادي مبارك التميمي، إن قادة العالم يواجهون تحديات جمة أبرزها زيادة مستوى الديون المستحقة، خاصة على الدول النامية وما تشكله من أعباء مالية كبيرة تقيد قدرتها على النمو والتنمية، مشيرا إلى أن الرفع المستمر لأسعار الفائدة ألقى بتداعياته على التزام هذه الدول وقدرتها على السداد، كما أضعف سعيها لاستقطاب الاستثمارات بسبب تراجع قيمة عملاتها، علاوة على زيادة كلفة الاقتراض مما أثر على الاستثمار والتوسع والنمو وزاد من وتيرة البطالة لديها.
وأضاف التميمي لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، أن التحديات العالمية تعتبر معقدة ومتشابكة ولا يمكن لدولة بمفردها أن تنجح في حلها، مما يتطلب تضافر الجهود المشتركة بين دول العالم والمنظمات الدولية المعنية بالشؤون المالية والاقتصادية، لافتا إلى ضرورة إعادة هيكلة الديون لتخفيف العبء المالي وتمكين الدول من إعادة الاستثمار في قطاعات التنمية الأخرى.
وأوضح أن التحديات الاقتصادية المنتظرة مناقشتها ضمن الدورة الـ78 لاجتماعات الأمم المتحدة، تستدعي تعزيز التعاون الدولي وتبادل الخبرات بين الدول، فضلا عن أهمية تشكيل شراكات وطنية ودولية للعمل على حلول مشتركة وتطوير استراتيجيات اقتصادية قابلة للتطبيق.
وقد جاءت تأكيدات التميمي متناسقة مع التحذيرات السابقة للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في 12 يوليو الماضي، ومفادها أن أزمة الديون بالدول النامية تهدد بكارثة تنموية، حيث تنفق الحكومات على سداد الديون أكثر مما تنفق على مجالات الصحة والتعليم، مؤكدا خلال تقديمه تقريرا للمنظمة الدولية بشأن وضع الدين العالمي، أن "نحو 3.3 مليار شخص، أي نصف البشرية تقريبا، يقيمون في دول تنفق على فوائد خدمة الدين أكثر مما تنفق على التعليم أو الصحة".
وبحسب التقرير ذاته فإن الدين العام في العالم بلغ مستوى 92 تريليون دولار في 2022، وهو مستوى قياسي يشكل 5 أضعاف ما كان عليه عام 2000، وتستحوذ الدول النامية على زهاء 30 بالمئة من إجمالي الدين، كما أن ديونها تنمو بشكل أسرع من غيرها. وتتكبد خدمة دين أكبر، ويعزى ذلك إلى أن نسب الفوائد التي تدفعها أعلى، ووفقا للتقرير، تعاني 52 دولة - أي ما يعادل 40 بالمئة من الدول النامية - من "مشكلة دين خطيرة". 
بدوره، أكد الخبير الاقتصادي أحمد عقل، أن العالم يواجه حزمة تحديات أبرزها ارتفاع تكلفة الأصول، وارتفاع معدلات التضخم، وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية وما ترتب عليها من ارتفاع حاد في أسعار الغذاء، علاوة على التحولات الاقتصادية والجيوسياسية، ما أدى إلى تباطؤ ملحوظ في معدلات نمو الاقتصاد العالمي.
ولفت عقل لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، إلى أن التداعيات السلبية للنزاعات الدولية والتجارة غير العادلة وتغير المناخ ومشكلات التنمية جميعها تحديات تؤثر على استقرار الاقتصاد العالمي وتزيد من صعوبة تحقيق التنمية المستدامة وأهدفها الـ17 التي تسعى الأمم المتحدة إلى تحقيقها.
وفي سياق متصل، توقع صندوق النقد الدولي، مؤخرا، في تقرير له حول /آفاق الاقتصاد العالمي/، أن ينمو الاقتصاد العالمي بنسبة 3 بالمئة، خلال العام الجاري، مقارنة بـ3.5 بالمئة، في 2022، على أن يسجل نموا، في عام 2024 بنسبة 3 بالمئة أيضا، فيما توقع تراجع التضخم العالمي من 8.7 بالمئة في 2022 إلى 6.8 بالمئة خلال 2023 و5.2 بالمئة العام المقبل.
وأكد الخبير الاقتصادي أحمد عقل أن دور الأمم المتحدة في مواجهة التحديات الاقتصادية هو توفير المساعدة المالية والفنية للدول الأعضاء، من خلال برامجها ومؤسساتها وصناديق التنمية التابعة لها، حيث تقوم المنظمة الأممية بدعم الدول في تطوير قطاعاتها الاقتصادية وتنفيذ سياسات التنمية المستدامة، مشيرا إلى أن المساعدة المالية والفنية تشمل تقديم القروض بفائدة منخفضة والمساعدة في تحسين البنية التحتية وتطوير الصناعات الرئيسية، فضلا عن تقديم التدريب والتقنيات الحديثة للدول لمساعدتها في تنمية مهارات العمل وزيادة قدرتها على المنافسة في الأسواق العالمية.
ويترقب العالم ما ستتمخض عنه هذه الاجتماعات من نتائج قد تسهم في معالجة تحديات المنظومة الاقتصادية العالمية بشكل كلي، ومن المتوقع أن يركز المجتمع الدولي على قضايا التنمية المستدامة وتطوير وتعزيز القطاعات الاقتصادية الحيوية، مثل الزراعة والصناعة والسياحة والتكنولوجيا، بما يمكن من تحقيق نمو اقتصادي مستدام وخلق فرص عمل للسكان، وقابلية هذه القطاعات لتكون قادرة على المنافسة على المستوى الدولي وزيادة القدرة التصديرية، وهو ما يتطلب تعزيز التعاون الدولي وتبادل الخبرات.
يشار إلى أن الدول الأعضاء في الأمم المتحدة اعتمدت في العام 2015 بالإجماع خطة التنمية المستدامة لعام 2030 (خطة عام 2030) بأهدافها الـ17، وغاياتها الـ169 ومؤشراتها الـ231 الفريدة. وتهدف هذه الخطة إلى تحديد اتجاه السياسات العالمية والوطنية المعنية بالتنمية، وإلى تقديم خيارات وفرص جديدة لسد الفجوة بين حقوق الإنسان والتنمية. كما أنها تشكل إطارا عاما يوجه العمل الإنمائي العالمي والوطني.
وتتضمن أهداف التنمية المستدامة المحددة، القضاء على الفقر والجوع، تحسين الصحة والتعليم، وضمان توافر المياه النظيفة، وتعزيز فرص العمل اللائق، وتحقيق نمو اقتصادي مستدام، وبناء مجتمعات محلية مستدامة، وتعزيز السلام والعدالة وبناء مؤسسات قوية، والكثير من المحتوى الأساسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، إضافة إلى أهداف بشأن بعض الأبعاد الأساسية للحقوق المدنية والسياسية، بما في ذلك الأمن الشخصي والوصول إلى العدالة والحريات الأساسية.
يُسعى إلى تحقيق هذه الأهداف والحقوق من خلال جهود متعددة القطاعات، منها الحكومات والمنظمات الدولية والمجتمع المدني. تهدف هذه الجهود إلى تحسين جودة الحياة للبشر جميعًا وتعزيز العدالة والمساواة.
 

المصدر: العرب القطرية

كلمات دلالية: الأمم المتحدة

إقرأ أيضاً:

في اليوم العالمي لمكافحة الإدمان.. تحديات صحية ومسئولية حكومية مجتمعية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

يصادف اليوم الدولي الأممي لمكافحة إدمان المخدرات 26 يونيو من كل عام، ويمثل مناسبة هامة للتوعية بمخاطرها والتأكيد على الجهود المبذولة عالميًا لمكافحتها وقد أُعلن عن هذا اليوم من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1987، بهدف تعزيز التعاون الدولي للحد من تأثير المخدرات على الأفراد والمجتمعات، يمثل اليوم الدولي لمكافحة إدمان المخدرات فرصة هامة لتجديد الالتزام العالمي بمكافحة هذه الظاهرة الخطيرة من خلال التوعية والتعليم والتعاون الدولي، يمكننا الحد من تأثير المخدرات وتحقيق مستقبل أكثر صحة وأمانًا للمجتمعات حول العالم.

الإدمان وتبعاته الوخيمة على الصحة  

من جانبه قال الدكتور عمرو عثمان لـ«البوابة نيوز» مدير صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي: "تعتبر مشكلة المخدرات واحدة من أكبر التحديات الصحية والاجتماعية والاقتصادية التي تواجه المجتمعات حول العالم فالإدمان يؤدي إلى تبعات وخيمة على الصحة العامة، مثل زيادة معدلات الأمراض المعدية كفيروس نقص المناعة البشرية/ الإيدز والتهاب الكبد الوبائي، بالإضافة إلى الآثار النفسية والعقلية المدمرة التي تصيب المدمنين، كما يؤثر اتساع سوق المخدرات غير المشروعة على الاقتصاد من خلال زيادة تكلفة الرعاية الصحية وانخفاض الإنتاجية، وتساهم في تفاقم معدلات الجريمة والعنف".

الاحتفال باليوم العالمي لمكافحة الإدمان

وأكد الدكتور عمرو عثمان، أن الاحتفال بهذا اليوم يهدف إلى رفع مستوى الوعي بين الأفراد حول يؤدي إلى تبعات وخيمة على الصحة. يتم تنظيم العديد من الأنشطة والفعاليات في هذا اليوم، بما في ذلك الحملات الإعلامية، والندوات، وورش العمل، والمعارض الفنية، والمبادرات المجتمعية التي تستهدف كافة فئات المجتمع، من الشباب والكبار وحتى الأطفال. هذه الأنشطة تساعد في نشر المعلومات الصحيحة حول المخدرات وأضرارها، وتشجيع الناس على اتخاذ موقف حازم ضدها.

التوعية والتعليم أدوات أساسية في مكافحة الإدمان 

وأردف: "تعد التوعية والتعليم أدوات أساسية في مكافحة إدمان المخدرات فالبرامج التعليمية التي تقدَم في المدارس والمجتمعات تساعد في توجيه الشباب وتوعيتهم بمخاطر المخدرات، وتشجعهم على اتخاذ قرارات صحية. بالإضافة إلى ذلك، تُقدَّم الدعم والإرشاد للأسر لمساعدتها في التعرف على العلامات المبكرة لتعاطي المخدرات والتعامل معها بشكل فعّال".

إعادة التأهيل للمدمنين

فى ذات السياق، قالت الدكتورة منى عبد المقصود الأمين العام للأمانة العامة للصحة النفسية وعلاج الإدمان لـ«البوابة نيوز»: إن الحكومات والمنظمات غير الحكومية تلعب دورًا محوريًا في مكافحة المخدرات، فالتشريعات والسياسات الوطنية تهدف إلى تعزيز الوقاية وتحسين الوصول إلى خدمات العلاج وإعادة التأهيل للمدمنين، وتعزيز التعاون الدولي لمكافحة تهريب المخدرات على المستوى الدولي، واستمرار العمل الأممى من خلال مكاتبنا المعني بالمخدرات والجريمة (UNODC)، على تنسيق الجهود الدولية وتقديم الدعم الفني للدول الأعضاء في تنفيذ استراتيجيات مكافحة المخدرات.

 وأضافت، "يجب أن تكون الجهود المبذولة لمكافحة المخدرات شاملة ومتكاملة، تشمل الوقاية، والعلاج، وإعادة التأهيل، بالإضافة إلى تطبيق القانون ومكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات. تتطلب هذه الجهود تعاونًا واسع النطاق بين الحكومات، والمنظمات الدولية، والمجتمعات المحلية، والأسر، والأفراد".

مقالات مشابهة

  • الأمم المتحدة: تقرير التنمية المستدامة يُظهر أن 17% فقط من الأهداف تسير على المسار الصحيح
  • الأمم المتحدة تُشدد على الالتزام بالمسؤولية الجماعية لدعم من أجبروا على مغادرة ديارهم وأوطانهم
  • الدولار يتراجع بعد بيانات اقتصادية ضعيفة وصعود طفيف للين
  • الأمم المتحدة تحيي يوم المؤسسات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة
  • وزير الداخلية الروسي يدعو في مقر الأمم المتحدة لتقييم الهجوم الأوكراني على القرم بصواريخ أمريكية
  • في اليوم العالمي لمكافحة الإدمان.. تحديات صحية ومسئولية حكومية مجتمعية
  • تقرير أممي: نحو 300 مليون شخص يتعاطون المخدرات في العالم وتزايد الإتجار
  • بلومبيرغ: الإمارات مغناطيس الأثرياء الفاسدين المتهربين من الضرائب حول العالم
  • متحدث الوزراء يكشف تفاصيل تحضيرات استضافة القاهرة للمنتدى الحضري العالمي (فيديو)
  • سيف بن زايد: الإمارات من أكثر الدول استقطاباً للاستثمارات الأجنبية المباشرة على مستوى العالم لعام 2023