السلطان برقوق أول سلطان من سلاطين الدولة المماليك والحاكم الخامس والعشرين في تعداد حكام دولة المماليك يموت في المشمش.
ألقى الضوء على القصة الدكتور محمد الجزير، الباحث في قسم الحضارة الإسلامية بجامعة الأزهر، والمنسق العام لمشروع حفظ التراث الإسلامي، وعلى تاريخ السلطان برقوق، قائلًا: "هو أول سلطان من سلاطين دولة المماليك الجراكسة، والحاكم الخامس والعشرين في تعداد سلاطين المماليك، وكان -قبل تنصيبه سلطانًا- أميرًا لـ(طبلخانة)، والتي كان مسؤولًا فيها عن أكثر من 80 جنديا مملوكيا، ثم تولى بعد ذلك إمارة (خور)، وكان فيها مسئولًا عن الإسطبل السلطاني، وبعدها أصبح (أتابك) للعسكر المملوكي، إلى أن تمت ترقيته ليصبح واحدًا من أهل الحل والعقد بتفويض من السلطان المنصور، ونُصب شقيقه صلاح الدين أمير، سلطانًا على البلاد، وكان عمره 11 سنة، ومن هنا انفرد وتحكم الظاهر سيف الدين برقوق، بعرش السلطنة المصرية، إلى أن شجعه أنصاره على خلع شقيقه وتولي حكم البلاد رسميًا، وهو ما حدث بالفعل".
جملة "في المشمش"، استخدمها أبناء المحروسة لأول مرة في عصر المماليك ليعبروا بها عن يوم هام من تاريخ مصر، إذ أنهم كانوا يشيرون بها إلى تاريخ وفاة أحد أشهر حكام مصر، وهو السلطان المملوكي الظاهر سيف الدين برقوق، الذي "مات في المشمش فهذا المثل الشهير الذي يتناقله المصريون منذ القدم للدلالة علي استحالة تحقق الشئ لم يكن محض الصدفة فقد تناقلت ألسنتهم هذا المثل بعد أن نجح العلماء المسلمين في اختراع نوع من أنواع الكتابة والحساب أطلق عليه في ذالك الوقت "حساب الجمل"، وهو ما يعني توظيف حروف اللغة العربية وتركيبها في كلمات وجمل تستخدم بدلًا من الأرقام الحسابية.
وأشار الدكتور الجزيري إلى أن المصريين في العهد المملوكي كانوا يطلقون على عام 801 هجرية الذي توفي فيه السلطان برقوق "في المشمش"، وكان السبب الذي جعلهم يستبدولون الأرقام الحسابية بحروف اللغة العربية هو أن علماء الفلك في ذلك الوقت أوجدوا نوعًا من أنواع الكتابة والحساب يسمى بـ"حساب الجمل"، وهو عبارة عن توظيف حروف اللغة العربية وتمثيلها بأرقام حسابية، فمثلًا كانوا يعتبرون إنحراف حرف "أ" مماثلًا لرقم "1"، وحرف "ب" مماثلًا لرقم "2"، وحينما سأل أحد العلماء -وكان يُعرف بخفة دمه- عن تاريخ وفاة السلطان برقوق؟ أجاب: مات في المشمش، وبالفعل عندما نطابق حروف تلك الجملة على الأرقام نجدها تساوي عام 801 هجريًا".
السطان برقوق يشيد أهم مساجد مصر التاريخيةوهو المسجد الكائن بشارع المعز لدين الله الفاطمي بالقاهرة، والمعروف بـ"مسجد السلطان برقوق"، والذي يُعد تحفة معمارية عجز مهندسي العصر الحديث عن تشييد مثلها،
وهو أول منشأة معمارية تبنى في دولة المماليك، ويرجع تاريخ إنشاء المسجد إلى عام 1286 ميلادية، وشُيد على نظام المدارس ذات التخطيط المتعامد، وكان يُدرس به المذاهب الفقهية الأربعة، ثم ألحق به خانقاه (مكان للتصوف والعبادة وقبة ضريحية تعلو غرفتي دفن، الغرفة الأولى دفن بها جثماني السلطان برقوق وإبنه السلطان الناصر فرج، بينما تضم غرفة الدفن الثانية جثماني زوجة السلطان برقوق وإحدى بناته".
اقرأ أيضاًخطة جديدة للحكومة لإعادة إحياء القاهرة التاريخية.. رئيس الوزراء يوضح
الإثنين المقبل.. أوركسترا الأنامل الصغيرة بسور القاهرة الشمالي بشارع المعز
لمحبي آل البيت.. تطوير مساجد وأضرحة شارع الأشراف (التفاصيل)
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: في المشمش سلطان ا
إقرأ أيضاً:
عبد الرحمن عزام.. سياسي مصري جمع بين النضال والدبلوماسية
يعد عبد الرحمن عزام واحدًا من أبرز الشخصيات في تاريخ مصر الحديث، حيث جمع بين النضال ضد الاستعمار والعمل السياسي والدبلوماسي الرفيع.
تنقل عزام بين ميادين القتال والسياسة والدبلوماسية، مما جعله أحد المؤثرين في تشكيل المشهد العربي خلال القرن العشرين.
من المقاومة إلى السياسة
ولد عبد الرحمن عزام عام 1893 في محافظة الجيزة، وشارك منذ شبابه في النضال ضد الاحتلال البريطاني، كان من أوائل المنضمين إلى “الحزب الوطني” بقيادة مصطفى كامل، كما شارك في حرب البلقان عام 1912 ضد الاستعمار، حيث تطوع للقتال إلى جانب العثمانيين ضد بلغاريا، مما أكسبه خبرة عسكرية وشعورًا عميقًا بأهمية التحرر الوطني.
بعد عودته إلى مصر، انضم عزام إلى الحراك الوطني ضد الاحتلال البريطاني، وشارك في ثورة 1919، حيث لعب دورًا في تنظيم المقاومة الشعبية، لكنه سرعان ما انتقل من النضال المسلح إلى العمل السياسي، مقتنعًا بأن تحقيق الاستقلال يتطلب بناء مؤسسات سياسية قوية ومؤثرة.
في صفوف الدبلوماسية والسياسة المصريةدخل عبد الرحمن عزام البرلمان المصري عام 1924 ممثلًا عن محافظة الجيزة، وبرز كصوت وطني يدافع عن قضايا الاستقلال والعدالة الاجتماعية، تولى عدة مناصب حكومية، منها وزير الدولة في حكومة مصطفى النحاس، حيث عمل على تعزيز السياسة الخارجية المصرية.
إلى جانب عمله الحكومي، كانت له مساهمات قوية في القضايا العربية، حيث دعم ثورة فلسطين عام 1936 ووقف إلى جانب القوى الوطنية في الدول العربية الساعية للاستقلال.
عزام والجامعة العربية: من الدبلوماسية إلى الحلم العربيفي عام 1945، كان عبد الرحمن عزام أحد أبرز الشخصيات التي ساهمت في تأسيس جامعة الدول العربية، ليصبح أول أمين عام لها، خلال فترة قيادته، سعى إلى تحقيق التعاون العربي وتعزيز الوحدة، ودعم القضايا القومية مثل القضية الفلسطينية. كان من أشد المدافعين عن قرار إرسال الجيوش العربية إلى فلسطين عام 1948، ورغم الهزيمة، استمر في الدعوة إلى توحيد الصف العربي لمواجهة التحديات المشتركة.
موقفه من ثورة 1952 وعلاقته بالضباط الأحرارعندما اندلعت ثورة 23 يوليو 1952 بقيادة الضباط الأحرار، رحّب بها عزام باعتبارها خطوة نحو الاستقلال الكامل لمصر، لكنه لم يكن جزءًا من النظام الجديد، حيث فضّل التفرغ للعمل الدبلوماسي والمساهمة في الفكر السياسي العربي.
بعد الثورة، اتجه عزام إلى العمل الفكري وكتابة المذكرات، حيث ركز على رؤيته لمستقبل الوحدة العربية وأهمية التضامن بين الدول الإسلامية.
إرثه وتأثيره في السياسة المصريةيعتبر عبد الرحمن عزام أحد الشخصيات التي جمعت بين النضال والممارسة السياسية والدبلوماسية، مما جعله نموذجًا لرجل الدولة الذي سعى لتحقيق الاستقلال والتعاون العربي.