الداخل المحتل - صفا

حفظها شهودها العيان في صدورهم، ومن بشاعتها لم تكن لديهم الرغبة في روايتها بعد أعوام من حدوثها، كما أن سكان القرية كانوا مظلومين على مستوى حقوق الإنسان والإعلام، فظّلت مجزرة "صندلة" مخفية، مؤرشفة في صدور أباء ضحاياها.

وقبل أعوام قريبة كُشف الستار عن تفاصيل مجزرة "صندلة"، وأصبحت معروفًا لدى القليل من الفلسطينيين، بينما لا يعرف الكثيرون منهم عنها إلى اليوم، الذي يوافق ذكراها الـ66.

ففي مثل هذا اليوم الـ17 من أيلول/سبتمبر عام 1957 وقعت المجزرة بحق أطفال صندلة، أثناء رحلتهم إلى المدرسة، والتي انتهت ظهر ذلك اليوم أثناء عودتهم منها، بأن تحولوا إلى أشلاء ممزقة، نتيجة قنبلة من قنابل الاحتلال الإسرائيلي.

كانت الساعة الثانية من بعد ظهر يوم الثلاثاء الموافق 17 أيلول من ذلك العام، حيث دق جرس مدرسة صندلة- مقيبلة المشتركة، والتي تبعد عن قرية صندلة أكثر من كيلومترا، كان أطفالها يقطعونها يوميًا من أجل الوصول إليها، وسيرًا على أقدامهم.

جرس العودة دون عودة

ويروي رشاد عمري أحد أبناء من شهدوا المجزرة، لوكالة "صفا" تفاصيلها": "إن 15 طفلًا من صندلة، خرجوا في ذلك اليوم من مدرستهم، بعدما أذن جرس العودة، وأثناء قطعهم تلك المسافة الكبيرة، صادفوا قنبلة من قنابل الدبابات الإسرائيلية، فاقتربوا منها، بعدما أثارت انتباههم ودهشتهم، فانفجرت فيهم بغمضة عين".

يصف المشهد كما نقله والده له "كان صوت الانفجار مخيف وضخم، وتناثر الغباء من شدة الانفجار في كل صندلة، وهرع الأهالي جميعًا نحو الصوت، ليجدوا أشلاءً ممزقة، لا ملامح لأبنائهم، إنهم 15 طفلًا، اختلطت دمائهم، ومُحيت ملامحهم".

وتعالت صراخ الأهالي من نساء ورجال وشيوخ وهم يشهدون أشلاء أطفالهم، واهتزت الأرض من روع مشاعرهم وريب المشهد، محاولين أن يعوا ما حدث، دون أن يقدروا على ذلك.

حصاد الدماء والأشلاء

وتحوّل أيلول الذي كان الأهالي يحصدون فيه مزروعاتهم الصيفية، سيما موسم قطف الزيتون، إلى مأساة وفاجعة، فأصبحوا يجمعون الأشلاء ويحصدون ثمن أطفالهم، ثمنًا لوجود الاحتلال في أراضيهم.

ونظرًا لوجود صندلة في منطقة نائية قرب حدود جنين، فلم تحظ المجزرة باهتمام الإعلام ولا الأحزاب، كما أنها لم تصل المنظمات التابعة للأمم المتحدة، أو غيرها.

ومرّت الأيام والسنوات ونُسيت مجزرة صندلة، قبل أن يعرفها أحد، إلا أن من شاهدوها كانوا من هول ما رأوا، يرفضون مجرد استحضارها، كما يروي عمري.

ويقول "كنت كلما طلبت من والدي أن يروي لي ما حدث، يغضب ويرفض، ويقول لي: لا تذكرني يا ولدي، لا تسألني، لا تقلب عليّا الوجع، وكان أهل صندلة يحفظونها في صدورهم، ولا يرغبون استحضار مشاهدها من بشاعتها".

ولم تحقق أي من المنظمات الأممية، ولا الأحزاب في المجزرة، كما أن جهة لم توثقها كباقي المجازر التي ارتكبت في فلسطين، منذ عام النكبة 1948، وما حدث هو أن الحزب الشيوعي في "إسرائيل" أطلق مجرد مسائلة عما جرى.

ويؤكد عمري أن مرتكبي المجزرة ومن ألقوا القنبلة ما زالوا مجهورين، مضيفًا "لكن أحفادهم يتمددون في فلسطين إلى اليوم، ويرتكبون المزيد من المجازر عبر الطائرات والدبابات والرصاص".

وبحسبه، فإنه "خلال الأعوام القليلة الماضية، كشف عن أن هناك مجزرة وقعت في صندلة، وأصبح لدينا مهرجانًا لإحياء ذكراها في كل عام، على أراضي القرية".

مجزرة متمددة

ولا يتوقف سواد "أيلول" في ذاكرة أهل صندلة على مجزرة الأطفال الخمسة عشر، ففي ذات الشهر إبان أحداث النكبة سنة 1948، اغتالت عصابات الاحتلال الشيخ صالح عمري، وهو من أئمة ومشايخ فلسطين.

ويروي عمري "نعم عمري كان قد درس في الأزهر، وكان إمام مسجد الشيخ عبد الله في حي الحليصة بحيفا، وأثناء عودته منها إلى صندلة، اغتالوه، وإلى اليوم لا ندري أين أخفوا جثمانه".

كما أن ضحايا مجزرة صندلة الـ15 جميعهم من عائلة عمري، وهي العائلة التي تقطن صندلة منذ عقود، وكان عدد سكانها يوم المجزرة ما يقارب 300 نسمة.

وعن هذا يقول عمري "تصوروا أن جيلًا بأكمله راح ضحية هذه المجزرة، أي أنه في كل بيت كان هناك شهيد".

المأساة لم تتوقف مع مرور السنين، فأهل صندلة وآل عمري كانوا قبل شهرين على موعد مع ذات المشهد، على يد حفيد من أحفاد الصهيونية، أعدم الفتى ديار عمري أثناء عودته إلى قريته في منطقة مرج بن عامر، وذلك في مايو المنصرم.

وشهدت صندلة منذ وقوع جريمة إعدام ديار عمري، احتجاجات ومظاهرات، استذكر فيها الأهالي المجازر التي تجرعوها على يد العصابات الصهيونية، وما زالوا يدفعون ثمن احتلال جلبه الغرب لوطنهم، كما يصف عمري.

ويجزم "بالأمس 15 طفلًا واليوم شقيقهم ديار يُعدم، والقاتل نفسه يتمدد ويتسع بدباباته وقنابله ورصاصه ومجازره، برًا وبحرًا وجوًا، وعلى هذا الحال نحن كشعب منذ عقود".

يُذكر أن شهداء مجزرة صندلة الأطفال هم:

1-الشهيدة الطفلة آمنة عبد الحليم عمري -10 سنوات؛

2- الشهيد الطفل طالب عبد الحليم عمري-13سنة؛

3- الشهيد الطفل غالب عبد الحليم عمري-8سنوات؛

4- الشهيد الطفل محمد عبداللـه عبد العزيز عمري-13سنة؛

5-الشهيدة الطفلة اعتدال عبد القادر عمري-9 سنوات؛

6- الشهيدة الطفلة رهيجة عبد اللطيف عمري- 8 سنوات؛

7- الشهيدة الطفلة سهام زكريا عمري- 8 سنوات؛

8- الشهيدة الطفلة صفية محمود عمري- 8 سنوات؛

9- الشهيد الطفل عبد الرؤوف عبد الرحمن عمري- 8 سنوات؛

10- الشهيدة الطفلة فاطمة احمد يوسف عمري –10 سنوات؛

11- الشهيدة الطفلة فهيمة مصطفى أحمد عبد الرحمن عمري 8 سنوات؛

12- الشهيد الطفل محيي الدين سعد عمري- 9 سنوات؛

13- الشهيد الطفل يوسف احمد محمد عمري-8 سنوات؛

14-الشهيد الطفل يحيى احمد حسن عمري –9 سنوات؛

15- الشهيد الطفل فؤاد عبدالله محمد عبد العزيز عمري-8 سنوات.

المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية

كلمات دلالية: شهيد الشهید الطفل کما أن

إقرأ أيضاً:

منظمة حقوقية تتهم الدعم السريع بتنفيذ مجزرة في موية بالسودان

اتهمت منظمة شباب من أجل دارفور "مشاد" قوات الدعم السريع بتنفيذ "مجزرة" في منطقة جبل موية غرب ولاية سنار أسفرت عن "مقتل 40 مدنيا رميا بالرصاص".

وطالبت المنظمة في بيان، الجمعة، الهيئات الحقوقية والمؤسسات العدلية بحماية المدنيين، وملاحقة الدعم السريع وتصنيفها منظمة "إرهابية".

ودانت منظمة مشاد في بيانها "المجزرة الجديدة التي نفذتها قوات الدعم السريع بقتل أكثر من (40) مدنيا رميا بالرصاص" في منطقة جبل موية والقرى المحيطة بها.

وقالت إن "الجريمة الشنيعة تضاف لسجل القوات الحافل بالفظائع، وهي انتهاك صريح حقوق الإنسان وتجاوز صريح للقانون الدولي للحرب، وسلوك ممنهج ظلت تقوم به في المناطق التي تقتحمها".

وشددت مشاد على "أهمية وقف اعتداءات الدعم السريع على الأعيان المدنية والمدنيين الأبرياء العزل بالقتل والتهجير القسري وحملات الإبادة الجماعية التي ترتكبها".

وطالبت المنظمة "الهيئات الحقوقية والمؤسسات العدلية الدولية والإقليمية، بمواصلة جهودهم لحماية المدنيين، وملاحقة الدعم السريع، والعمل على فرض عقوبات على قادته وأعوانهم وتصنيفه كمنظمة إرهابية".

وتدعو مشاد "المنظمات الإنسانية بتلبية الاحتياجات الإغاثية في المنطقة بعد أن أجبر الدعم السريع الكثيرين لمغادرة منازلهم والنزوح بحثاً عن الأمان، حيث تعرضوا لأزمة معيشية قاسية جراء الحصار وفقدان ممتلكاتهم".

ونزحت مئات الأسر من سكان منطقة جبل موية بولاية سنار، جنوب شرق السودان، بعد سيطرة قوات الدعم السريع عليها، ما يهدد أمن طريق حيوي يربط الولاية بولاية النيل الأبيض في الجنوب.

وتحدث شهود عيان، الثلاثاء، عن "نزوح المئات من سكان قرى جبل مويه باتجاه مدينة سنجة التي تبعد نحو 50 كيلومترا جنوب سنار، أو غربا إلى مدينة ربك عاصمة ولاية النيل الأبيض".

وفي هذا الصدد، كتب المتحدث باسم المقاومة الشعبية بولاية سنار، عمار حسن عمار، عبر حسابه على موقع "فيسبوك": "للأسف وبعد معارك مستمرة بذلت فيها قواتكم كل غالٍ ونفيس، سقطت منطقة جبل موية في يد المليشيا المتمردة (الدعم السريع) وجاري العمل لاستعادتها".

وأكدت قوات الدعم السريع عبر حسابها على منصة "إكس" للتواصل الاجتماعي: "أفلح أشاوس الدعم السريع في تحرير منطقة جبل موية على امتداد ولايتي سنار والنيل الأبيض".

وأوضح مسؤول عسكري لوكالة فرانس برس - دون الكشف عن هويته - أن أهمية منطقة جبل موية تكمن في "تأمين طريق سنار-ربك الذي يربط ولاية النيل الأبيض بولاية سنار ومن بعدها بشرق السودان".

ويشهد السودان منذ 15 أبريل 2023 حربا دامية بين الجيش بقيادة، عبدالفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة، محمد حمدان دقلو، أعقبتها أزمة إنسانية عميقة.

وأسفرت الحرب في السودان عن مقتل عشرات الآلاف بينهم ما يصل إلى 15 ألف شخص في الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور، وفق خبراء الأمم المتحدة.

لكن ما زالت حصيلة قتلى الحرب غير واضحة فيما تشير بعض التقديرات إلى أنها تصل إلى "150 ألفا"، وفقا للمبعوث الأميركي الخاص للسودان، توم بيرييلو.

كذلك، سجل السودان قرابة عشرة ملايين نازح داخل البلاد وخارجها منذ اندلاع المعارك، وفقا لإحصاءات الأمم المتحدة.

وتعرضت البنية التحتية للبلاد إلى دمار هائل، في حين بات سكانها مهددين بالمجاعة.

مقالات مشابهة

  • حدث وأنت نائم| اعترافات المتهمين بقتل «طفل البداري».. والإفراج عن حسن راتب
  • "أرجوحة" تتسبب في وفاة ٣ أطفال بالبداري
  • مصرع 3 أطفال انهار عليهم جدران حائط أثناء ربط مرجيحة فى أسيوط
  • غزة.. أطفال جرحى ومرضى يغادرون القطاع بأول إجلاء طبي منذ أسابيع
  • 28 عاما مرت على مجزرة أبو سليم.. فهل أفلت الجناة؟
  • رقص وفرحة عامرة.. مفيدة شيحة تحتفل بعقد قران ابنتها: فرحة عمري -(فيديو وصور)
  • «النهاردة فرحة عمري».. مفيدة شيحة تحتفل بعقد قران ابنتها اليوم | فيديو
  • منظمة حقوقية تتهم الدعم السريع بتنفيذ مجزرة في موية بالسودان
  • فيديو.. طفل مقدسي رهن الحبس المنزلي ومهدد بالسجن 3 سنوات
  • معارك عنيفة في شمال غزة.. والاحتلال يرتكب مجزرة في الشجاعية