نوافذ: تعليم إلكتروني وثلاث مشاكل!
تاريخ النشر: 17th, September 2023 GMT
قبل أعوام قليلة، وضعَنا «فيروس» مجهري في مواجهة قاتلة مع ضآلتنا البشرية، وهو آخذ في سحق ما ظنناه حضارة حصينة، فانهارت السدود المنيعة لكثير من قطاعات الصحة، وقوى الاقتصاد في العالم، وكان التعليم بصورة أو بأخرى مهددا بانزياحات لا عودة منها.
لكن وفي تلك اللحظة الفارقة من حياتنا جميعا، أُجبرت أغلبُ المدارس على التحول من التعليم التقليدي إلى التعليم الإلكتروني، فظهرت «منصات» خادمة لهذا التوجه، وقد شاب تلك المرحلة بعض الأخطاء والإخفاقات، كما قد يحدثُ مع أي تجربة جديدة في ظرف استثنائي.
آنذاك صُرفت الجهود والمبالغ المالية على «المنصات» وعلى تدريب الأساتذة ليتمكنوا من التعامل معها، لكن وبمجرد أن فكت الجائحة خناقها، عدنا إلى ما كنا عليه، بينما استفادت دول أخرى من الدرس القاسي الذي لقننا إياه «الفيروس»، فأسست أطواق حماية جديدة للتعليم على نحو خاص.
فعوض أن تترك لنا الجائحة في بلدنا نظاما مُتقدما يُلحقنا بلغة العصر، خلّف لنا كارثة اسمها جروبات «الواتس أب»، تلك الوسيلة الرديئة التي تستهلكُ وقت أولياء الأمور، قدر استهلاكها المضني لوقت المعلمين! فصرنا أمام خيارين ضيقين أحلاهما مر: إمّا أن نتفاعل مع جروبات «الواتس أب» حول مسائل لا تخصنا وإنّما تخص أبناءنا الطلبة، مما يعني تحولهم إلى كائنات مشلولة عن إدراك ما لهم وما عليهم من مهام يومية! وإمّا أن نسمح لهم باقتناء الهواتف لنزيح عن أنفسنا هما، بينما نتورطُ في مشاكل من نوع آخر!
تكتفي «المنصات» الآن بمهام قد لا تتعدى نقل الطلبة من مرحلة إلى أخرى، وكان الأولى أن نُكمل بواسطتها ما كنا قد بدأناه، فيصبح لكل طالب من الطلاب حساب مُفعل، تُرسل عبره الواجبات والدروس التي ينبغي تحضيرها، ونتابعُ كأولياء أمور تقدمهم التعليمي عبر أيقونة مُخصصة، تتيح لنا فسحة الالتقاء بالأساتذة وملاحظاتهم دون الحاجة إلى التكدس البشري الهائل وقت الاجتماعات الدورية.
كان بإمكاننا أيضا الاستعانة بهذه المنصات فيما لو طورت وزودت بالدروس المسجلة أو التفاعلية ونماذج الامتحانات في القضاء على الوباء الأشد فتكا بالتعليم الآن، أعني ظاهرة الدروس الخصوصية. وبينما يُغير الذكاء الاصطناعي وجه العالم وينسف إيقاعه المتواتر، يُسلم أبناؤنا الطلبة أنشطتهم وبحوثهم ورقيا، ونضطر للذهاب إلى المكتبات في أوقات متفاوتة من اليوم لطباعة مشاريع كل ما تفعله إهدار الوقت والمال، فمصيرها المحتوم سلّة القمامة في آخر العام الدراسي!
من المؤكد أنّ ثلاث مشاكل ستواجهنا فيما لو فكرنا بتطوير منصاتنا التعليمية، ستتمثل المشكلة الأولى في عدم توفر الأجهزة عند العديد من الأسر، لكن علينا أن نتذكر أنّنا بدأنا وقت الجائحة بمصاعب أكبر، وقد شقت خطوتنا الأولى الطريق، وإن لم تكن خطوة مثالية، ولكن كان يمكن أن نُراكم عليها المزيد من الجهد والتحديث عوض أن نختار التوقف!
كل ما علينا فعله الآن هو حصر الأسر التي ستحتاج إلى أجهزة، ومن ثمّ بناء استراتيجية لتوفيرها بدعم حكومي وخاص.
تتمثلُ المشكلة الثانية في ضعف شبكات الإنترنت لاسيما كلما ابتعدنا عن مسقط، والسؤال: لماذا لا يكون هنالك تعاون بين وزارة التربية والتعليم وبين شركات الاتصال في عُمان لتذليل هذه المشكلة؟ وإن كان من الصعب إحاطة عُمان كلها بشبكة قوية من الإنترنت، فلنبدأ بمحافظة مسقط، لنبدأ على نحو تدريجي بدلا من النكوص بخطواتنا إلى الوراء!
المشكلة الثالثة وهي الأكثر صعوبة، تكمنُ في عدم وجود بيئة تعليمية مُهيأة لدينا، إذ من المُؤكد أنّ الوزارة إن رغبت في استعادة «المنصات» فإنّ المعلم المثخن بالنصاب المرتفع من الحصص سيكون أول من يقول: «لا». يكفي أنّ حياته تتشرذم وهو ينقل أبناءه عبر منصة «منظرة»، ويرصد إجازاته عبر منصة «مورد»، ويُقيد أهدافه في منصة «إجادة»!
كل ما علينا أن نفكر فيه الآن: كيف يمكن أن تكون المنصات الإلكترونية بالدرجة الأولى عونا للطلاب وللكادر التعليمي ولأولياء الأمور، لا فخا جديدا لأعباء غير متوقعة؟
لم يعد الاقتصاد العالمي ينفصل عن المعرفة والتعليم، بل ينهضُ عليهما أكثر من أي وقت مضى، هذا ما أشار إليه الكاتب كيفن واتكنز في مقال له بعنوان «الاستثمار في المعرفة.. الحل الأمثل لأزمنة التعليم العالمية»، وقد أكد واتكنز أنّ مشكلة حكومات الدول النامية تكمن في كونها تُعطي الأولوية لسداد قروضها، أكثر مما تفكر في الاستثمار في رأس المال البشري المتمثل في التعليم. بعضُ هذه الدول، «لديها أفضل الطرق والجسور على مستوى العالم، ولكن لديها أنظمة تعليمية محدودة الجودة لا تؤدي دورها بشكل جيد وسريع فيما يتعلق بالنمو الاقتصادي طويل المدى والتنمية البشرية».
وبما أنّ العالم ليس بمنأى عن الأوبئة والحروب والتحولات، فالاستثمار الأبقى هو الاستثمار في جوهر التعليم والمعرفة.
هدى حمد كاتبة عمانية ومديرة تحرير مجلة نزوى
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
إيلون ماسك.. أقوى رجل غير منتخب في العالم
سلط مقال ورد على موقع أكسيوس الأمريكي الضوء على شخص قد يكون بقدر أهمية الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، ويشير إلى أنه قد يتجاوزه من حيث الأهمية والنفوذ بسبب أفعاله وطريقة تفكيره وطموحاته. فكيف اكتسب إيلون ماسك هذه المكانة؟
اعلانيمكن النظر إلى ترامب على أنه أقوى رجل جرى انتخابه في العالم في هذه الفترة الزمنية، ولكنّ هناك رجلا آخر يمكن اعتباره الأقوى دون انتخاب، إنه إيلون ماسك، مالك منصة إكس.
دعم ماسك ترامب بقوة عن طريق استخدام ماله وجهده ومنصته، وصار ماسك يتربع الآن على عرش القوة فهو على صلة بمجال الأعمال التجارية لأنه الرئيس التنفيذي لشركتي تسلا وسبيس إكس. وهو أصلا يسيطر على التدفق العالمي للمعلومات بما فيها تلك المضللة، والآن سيمتلك نفوذا حكوميا.
وتمتد سلطة ماسك إلى حيز كبير وفترة طويلة، وهو غير مضطر ليحصر نفسه في مدة أربع سنوات من الحكم على كرسي ما. فبما أنه يتملك إحدى أهم وسائل التواصل الاجتماعي ويستطيع أن يسيطر على المعلومات، يعتبر ماسك واسع النفوذ إلى حد كبير جدا قد يكون مهولا.
"أنتم الإعلام الآن"في السابق عندما اشترى تويتر -وهو اسم المنصة قبل أن تدعى إكس- اعتقد العديد أن ماسك أحمق لإقدامه على هذه الخطوة، ولكن الآن تبين أنه يسيطر على أقوى منصة معلومات للحزب الحاكم في أمريكا.
ويعتبر البعض أن المنصة وكأنها كتيب صغير للفكر اليميني للحزب. فكل صوت قوي في النظام الإعلامي لترامب تجده على منصة إكس، حتى قال لهم ماسك: "أنتم الإعلام الآن".
إيلون ماسك يتحدث أمام دونالد ترامب في تجمع انتخابي في نيويوركEvan Vucci/APنفوذه يمتد ويزداد باستخدام أصدقائه، إذ تمكن ماسك من ترتيب مقابلة لدونالد ترامب في برامج جو روغان الذي هو أكثر البرامج المسموعة انتشارا، ولاقى تأييد مقدم البرنامج، مما ساعد ترامب على تحقيق أهدافه.
وعلاوة على ذلك، تبرع بما لا يقل عن 119 مليون دولار للجنة العمل السياسي الأمريكية التابعة لماسك لمساعدة ترامب، والآن بعد فوزه سيساعد ماسك في إدارة أعلى الرتب في البيت الأبيض، وسيدير جسما غير نظامي لإعطاء توصيات تتعلق بكيفية إعادة تنظيم الحكومة.
Relatedمحكمة أسترالية تؤيد غرامة مفروضة على شركة "إكس" قدرها 418 ألف دولارللمرة الأولى.. «سبايس إكس» تستعيد الطبقة الأولى من صاروخها «ستارشيب»"إكس" تعلّق حساب خامنئي بالعبرية بعد 24 ساعة فقط من إنشائهيذكر أن الرجل لا يتوقف عند هذا الحد من السيطرة والنفوذ، بل يسعى للتوسع خارج الكرة الأرضية. إذ يؤمن ماسك بأن مستقبل البشر مرهون بالمجرة ككل. ولديه احتكار عالمي افتراضي للأقمار الصناعية وشركة الفضاء الأهم على مستوى العالم، وهي سبيس إكس التي تعتمد عليها وكالة ناسا.
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية ما هو السر وراء دعم إيلون ماسك اللامحدود لدونالد ترامب؟ إيلون ماسك: الحكومة أجبرتنا على اختطاف فقمة! مفوضية الاتحاد الأوروبي تلوّح بغرامات على "إكس" قد تطال إيلون ماسك شخصياً الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024 دونالد ترامب منصة إكس إيلون ماسك سبيس إكس الحزب الجمهوري اعلاناخترنا لك يعرض الآن Next مباشر. الحرب بيومها الـ399: تصعيد شمالي قطاع غزة وحزب الله يقصف حيفا وإسرائيل تبحث عن مفقودين في هولندا يعرض الآن Next إصابة 10 إسرائيليين وفقدان الاتصال بـ3 آخرين عقب اشتباكات مع مناصرين لفلسطين في العاصمة الهولندية يعرض الآن Next مراهقان يواجهان تهما بالإرهاب إثر إلقاء قنبلتين على سفارة إسرائيل في الدنمارك في أكتوبر/ تشرين الأول يعرض الآن Next إعصار "ينكسينغ" يضرب منطقة شمال الفلبين قبل أن تتعافى من عاصفتين متتاليتين يعرض الآن Next "فايننشال تايمز": تفاهم بين نتنياهو وترامب للعمل على إنهاء الحروب في المنطقة اعلانالاكثر قراءة من الاعتراف بها عاصمة لإسرائيل.. إلى موضوع المواليد.. ماذا حل بالقدس في ولاية ترامب الرئاسية الأولى؟ حزب الله يقصف حيفا وعكا وفضيحة تسريب جديد بمكتب نتنياهو وغالانت يؤكد أن لا أهمية للبقاء في فيلادلفيا ترامب بعد فوزه.. محادثات مع قادة العالم حول الحرب في أوكرانيا وغزة ودعم إسرائيل وتهديدات إيران كيف تسهم الموانئ الرئيسية في الجزائر: عنابة وجن جن وبجاية في دفع النمو الاقتصادي بالمشاركة مع anep اليابان ترفع السن القانوني لممارسة الجنس من 13 إلى 16 عاما اعلانLoaderSearchابحث مفاتيح اليومالانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024إسرائيلدونالد ترامبفيضانات - سيولالصراع الإسرائيلي الفلسطيني بحث وإنقاذروسياالحرب في أوكرانيا لبنانغزةمراهقونكامالا هاريسالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesJob offers from AmplyAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactPress officeWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2024