لجريدة عمان:
2024-10-07@12:22:55 GMT

نوافذ: تعليم إلكتروني وثلاث مشاكل!

تاريخ النشر: 17th, September 2023 GMT

قبل أعوام قليلة، وضعَنا «فيروس» مجهري في مواجهة قاتلة مع ضآلتنا البشرية، وهو آخذ في سحق ما ظنناه حضارة حصينة، فانهارت السدود المنيعة لكثير من قطاعات الصحة، وقوى الاقتصاد في العالم، وكان التعليم بصورة أو بأخرى مهددا بانزياحات لا عودة منها.

لكن وفي تلك اللحظة الفارقة من حياتنا جميعا، أُجبرت أغلبُ المدارس على التحول من التعليم التقليدي إلى التعليم الإلكتروني، فظهرت «منصات» خادمة لهذا التوجه، وقد شاب تلك المرحلة بعض الأخطاء والإخفاقات، كما قد يحدثُ مع أي تجربة جديدة في ظرف استثنائي.

آنذاك صُرفت الجهود والمبالغ المالية على «المنصات» وعلى تدريب الأساتذة ليتمكنوا من التعامل معها، لكن وبمجرد أن فكت الجائحة خناقها، عدنا إلى ما كنا عليه، بينما استفادت دول أخرى من الدرس القاسي الذي لقننا إياه «الفيروس»، فأسست أطواق حماية جديدة للتعليم على نحو خاص.

فعوض أن تترك لنا الجائحة في بلدنا نظاما مُتقدما يُلحقنا بلغة العصر، خلّف لنا كارثة اسمها جروبات «الواتس أب»، تلك الوسيلة الرديئة التي تستهلكُ وقت أولياء الأمور، قدر استهلاكها المضني لوقت المعلمين! فصرنا أمام خيارين ضيقين أحلاهما مر: إمّا أن نتفاعل مع جروبات «الواتس أب» حول مسائل لا تخصنا وإنّما تخص أبناءنا الطلبة، مما يعني تحولهم إلى كائنات مشلولة عن إدراك ما لهم وما عليهم من مهام يومية! وإمّا أن نسمح لهم باقتناء الهواتف لنزيح عن أنفسنا هما، بينما نتورطُ في مشاكل من نوع آخر!

تكتفي «المنصات» الآن بمهام قد لا تتعدى نقل الطلبة من مرحلة إلى أخرى، وكان الأولى أن نُكمل بواسطتها ما كنا قد بدأناه، فيصبح لكل طالب من الطلاب حساب مُفعل، تُرسل عبره الواجبات والدروس التي ينبغي تحضيرها، ونتابعُ كأولياء أمور تقدمهم التعليمي عبر أيقونة مُخصصة، تتيح لنا فسحة الالتقاء بالأساتذة وملاحظاتهم دون الحاجة إلى التكدس البشري الهائل وقت الاجتماعات الدورية.

كان بإمكاننا أيضا الاستعانة بهذه المنصات فيما لو طورت وزودت بالدروس المسجلة أو التفاعلية ونماذج الامتحانات في القضاء على الوباء الأشد فتكا بالتعليم الآن، أعني ظاهرة الدروس الخصوصية. وبينما يُغير الذكاء الاصطناعي وجه العالم وينسف إيقاعه المتواتر، يُسلم أبناؤنا الطلبة أنشطتهم وبحوثهم ورقيا، ونضطر للذهاب إلى المكتبات في أوقات متفاوتة من اليوم لطباعة مشاريع كل ما تفعله إهدار الوقت والمال، فمصيرها المحتوم سلّة القمامة في آخر العام الدراسي!

من المؤكد أنّ ثلاث مشاكل ستواجهنا فيما لو فكرنا بتطوير منصاتنا التعليمية، ستتمثل المشكلة الأولى في عدم توفر الأجهزة عند العديد من الأسر، لكن علينا أن نتذكر أنّنا بدأنا وقت الجائحة بمصاعب أكبر، وقد شقت خطوتنا الأولى الطريق، وإن لم تكن خطوة مثالية، ولكن كان يمكن أن نُراكم عليها المزيد من الجهد والتحديث عوض أن نختار التوقف!

كل ما علينا فعله الآن هو حصر الأسر التي ستحتاج إلى أجهزة، ومن ثمّ بناء استراتيجية لتوفيرها بدعم حكومي وخاص.

تتمثلُ المشكلة الثانية في ضعف شبكات الإنترنت لاسيما كلما ابتعدنا عن مسقط، والسؤال: لماذا لا يكون هنالك تعاون بين وزارة التربية والتعليم وبين شركات الاتصال في عُمان لتذليل هذه المشكلة؟ وإن كان من الصعب إحاطة عُمان كلها بشبكة قوية من الإنترنت، فلنبدأ بمحافظة مسقط، لنبدأ على نحو تدريجي بدلا من النكوص بخطواتنا إلى الوراء!

المشكلة الثالثة وهي الأكثر صعوبة، تكمنُ في عدم وجود بيئة تعليمية مُهيأة لدينا، إذ من المُؤكد أنّ الوزارة إن رغبت في استعادة «المنصات» فإنّ المعلم المثخن بالنصاب المرتفع من الحصص سيكون أول من يقول: «لا». يكفي أنّ حياته تتشرذم وهو ينقل أبناءه عبر منصة «منظرة»، ويرصد إجازاته عبر منصة «مورد»، ويُقيد أهدافه في منصة «إجادة»!

كل ما علينا أن نفكر فيه الآن: كيف يمكن أن تكون المنصات الإلكترونية بالدرجة الأولى عونا للطلاب وللكادر التعليمي ولأولياء الأمور، لا فخا جديدا لأعباء غير متوقعة؟

لم يعد الاقتصاد العالمي ينفصل عن المعرفة والتعليم، بل ينهضُ عليهما أكثر من أي وقت مضى، هذا ما أشار إليه الكاتب كيفن واتكنز في مقال له بعنوان «الاستثمار في المعرفة.. الحل الأمثل لأزمنة التعليم العالمية»، وقد أكد واتكنز أنّ مشكلة حكومات الدول النامية تكمن في كونها تُعطي الأولوية لسداد قروضها، أكثر مما تفكر في الاستثمار في رأس المال البشري المتمثل في التعليم. بعضُ هذه الدول، «لديها أفضل الطرق والجسور على مستوى العالم، ولكن لديها أنظمة تعليمية محدودة الجودة لا تؤدي دورها بشكل جيد وسريع فيما يتعلق بالنمو الاقتصادي طويل المدى والتنمية البشرية».

وبما أنّ العالم ليس بمنأى عن الأوبئة والحروب والتحولات، فالاستثمار الأبقى هو الاستثمار في جوهر التعليم والمعرفة.

هدى حمد كاتبة عمانية ومديرة تحرير مجلة نزوى

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

يأنسنون المشكلة في صنعاء و يتجاهلونها في عدن

شمسان بوست /كتب: محمد الجبلي:

ما تثير الدهشة وتوقظ الاستغراب هي قضية الإنسانية التي تملأ قلوب بعض من يعيشون بيننا. بشكل أو بآخر، تجد قلوبهم تنبض بالإنسانية وتفيض كلما شعروا أنه قد يتم اتخاذ بعض الإجراءات من أجل تضييق الخناق على التمدد الحوثي، وإجبارهم على تسليم السلطة والعودة نحو السلام.


قلوبهم رقيقة ومشتعلة بالرحمة على الأبرياء. ستجدهم على المنابر الإعلامية، في الشوارع، وفي كل الأوساط، يصرخون وينوحون. ستجدهم أئمة القيم والإنسانية. في المقابل، يغيب كل هذا التنظير والاجتهاد أمام معاناة الآلاف بل الملايين من أبناء المحافظات الجنوبية المحررة.

في عدن وأبين ولحج وشبوة وحضرموت وصلت درجات الحرارة إلى ما دون 45 درجة مئوية، حتى تداولت بعض الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي صورا لأطفال ونساء وأرامل وشيوخ ومرضى تظهر وجع القلب. صور لما يعانونه في ظل الحر الشديد ولهيب الصيف القاتل. يموت الناس كل يوم بسلسلة من جلطات الدم والأزمات القلبية طالت الأطفال قبل الكبار، ورغم ذلك وصلت ساعات انقطاع التيار الكهربائي إلى 20 ساعة ليلاً ونهاراً، ناهيك عن تدهور سعر العملة وارتفاع أسعار السلع والمواد الاستهلاكية اليومية، كل ذلك بسبب أنسنة المشكلة في مناطق سيطرة الحوثيين وتجاهلها في المحافظات المحررة.

ورغم أن البنك المركزي في عدن اتخذ خطوات جيدة في إخضاع كافة التحويلات الخارجية للرقابة من خلال نقل مراكز مراقبة السويفت لدى البنوك المحلية إلى العاصمة عدن، ورغم أنها جاءت متأخرة إلا أننا وجدنا من خرج من دوائر ما- تسمى الحكومة الشرعية، والهذيان، والحث، وتقديم المبررات، والمبالغة في المشكلات بنتائج اتخاذ القرار حتى أبطاله. وجدنا في عدن حارساً ودافعا منيعا للأهالي في مناطق سيطرة الحوثيين، متجاهلاً معاناة أبناء المحافظات المحررة الذين يعيشون بينهم منذ أكثر من عشر سنوات.

صحيح أن ضرب محطة الكهرباء وخزانات النفط في الحديدة، التي جاءت من دول معادية والتي يبدو عداؤها الأبدي لديننا الإسلامي واضحا، هو تدمير للبنية التحتية وعواقبه وخيمة، إلا أن هذا التدمير يأتي بشكل غير مباشر في عدن، حيث وعلى مدى الثلاثين عامًا الماضية، تم تدمير ميناء ومحطات كهرباء ومصافي بها عشرات الخزانات للمشتقات النفطية المرتبطة بشبكة خطوط أنابيب حديثة تحت الأرض تسهل نقل المشتقات بين جميع هذه الخزانات، فقد كانت مصدر دخل للدولة في الفترات السابقة.
واليوم أصبحت أطلالا مع ذلك لم نجد من يصرخ عليها أو يستنكر او يقول كلمة حق .

وكأنهم يقول: ليعيش الناس في صنعاء ويموتون في عدن.

مقالات مشابهة

  • كيف خدعت حماس إسرائيل قبل "طوفان الأقصى"؟ معلومات تعرض للمرة الأولى
  • ظهرت الآن.. نتيجة مسابقة «التعليم» لوظائف معلم مساعد مادة للصفوف الابتدائية
  • حماس: قضية فلسطين باتت الأولى في العالم
  • تحديث iOS الجديد يصلح مشاكل الميكروفون وكلمة المرور
  • في الذكرى الأولى لأحداث 7 أكتوبر.. كنائس الأردن تدعو للصلاة من أجل السلام غدا
  • الحوار الوطني في اليوم العالمي للمعلم: التعليم وبناء الإنسان قضية بلدنا الأولى
  • يأنسنون المشكلة في صنعاء و يتجاهلونها في عدن
  • اليونسكو واليونيسف: بنك المعرفة المصري نموذج عالمي للتحول الرقمي في التعليم
  • وزير التعليم العالي: بنك المعرفة استطاع أن يصبح حجر الزاوية في المشهد التعليمي بمصر
  • عراقيون عالقون في بيروت .. مشاكل حقيقية تعرقل جهود الإجلاء