في ذكرى غزوه الـ 20.. أزمة مياه العراق وتهديدها الوجودي في مؤتمر بالدوحة
تاريخ النشر: 17th, September 2023 GMT
بغداد اليوم- متابعة
فرضت أزمة شح المياه التي يعيشها العراق جراء التغير المناخي وسياسة دول المنبع، نفسها بقوة على نقاشات اليوم الثالث والأخير من مؤتمر "غزو العراق: تأملات إقليمية" الذي نظمته جامعة جورجتاون في قطر في الفترة من 14 إلى 16 سبتمبر/أيلول الجاري.
ويأتي انعقاد المؤتمر بمناسبة مرور 20 عاما على الغزو الامريكي على العراق عام 2003، ومناقشة تداعيات ذلك وتقديم المسارات المحتملة لمستقبل البلاد.
وفي جلسة نقاشية بعنوان "الحكم الرشيد والحلول الدائمة" سلط المشاركون الضوء على الأزمة المائية الخطيرة التي يواجهها العراق وتهدد استدامة الموارد المائية وتؤثر على حياة الملايين من البشر.
وقد استعرض المشاركون في الجلسة النقاشية الآثار المترتبة على أزمة المياه في العراق وما سينتج عنها من تحديات اقتصادية واجتماعية وبيئية خطيرة في ظل تأثير نقص المياه في القدرة على زراعة المحاصيل وتربية الماشية، مما يؤدي إلى تدهور الأمن الغذائي وارتفاع أسعار الغذاء.
"سدود دول المنبع"
كما تطرق النقاش إلى مسألة بناء السدود في دول المنبع وكيف يمكن أن يؤدي إلى تغيرات في نظام الأنهار والتراكيب البيئية المائية، إضافة إلى تسببه في تغيير الأنماط الطبيعية للفيضانات والجفاف، وتأثيرات سلبية على النظم البيئية المتعلقة بالمياه في العراق.
وفي هذا الإطار يؤكد وزير الموارد المائية العراقي السابق حسن الجنابي أن الآثار السلبية للأزمة المائية قد تمتد لتتجاوز الأمن الغذائي وتطال السيادة الوطنية، مشددا على ضرورة التصدي لهذه التحديات عبر إجراءات عاجلة وتعاون دولي للحفاظ على مستقبل مستدام للموارد المائية في العراق.
ويقول الجنابي، في تصريح صحفي، إن قضية الأمن المائي في العراق لها طابع خاص نظرا لأن مياه نهري دجلة والفرات والروافد الأخرى تأتي عبر الحدود، معتبرا أنها بالإضافة إلى كونها "إشكالية طبيعية"، فإنها تمثل أيضا إشكالا سياسيا نظرا لأنه لا توجد اتفاقيات خاصة بتنظيم المياه مع دول المنبع تحدد مسؤوليات هذه الدول فيما يتعلق بالحصص المائية للدول الأخرى أو بناء السدود على سبيل المثال.
ويشير إلى أن الأمن المائي في العراق أو في أي دولة أخرى ليس مجرد مشروع يبدأ ثم يتقدم ويكتمل وتنتهي مهمة الحكومة عندها. ولكن الأمن المائي هو قدرة المجتمع على وصول مستدام وآمن للمياه العذبة للاستخدامات المختلفة، مثل الشرب والري والصناعة، بطريقة تحافظ على البيئة وتضمن استدامة الموارد المائية على المدى الطويل.
ونوه إلى أن الأمن المائي يتطلب توازنا بين الاحتياجات المائية المتزايدة والموارد المائية المحدودة، مع مراعاة الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.
ويضيف الجنابي أن برامج تحقيق الأمن المائي للمجتمع هي برامج حيوية يجب أن تتم مراجعتها بشكل منتظم لأنها تعتمد على ما يتاح من المياه سواء كان طبيعيا أو صناعيا كمشاريع تحلية المياه وهذه مشاريع حيوية ومهمة خاصة في ظل الظروف الحالية من زيادة سكانية هائلة ثم متغيرات مناخية يجب أن تؤخذ في الحسبان.
ويلفت الوزير السابق إلى أن مشكلات الجفاف والتصحر وتآكل اليابسة في العراق ليست بسبب التغيرات المناخية فحسب، بل أغلبها نتيجة التدخل البشري المتمثل في بناء السدود ومنشآت تحجب المياه من بلاد المنابع، مضيفا أن منطقة "الأهوار" على سبيل المثال شهدت تراجعا كبيرا في مناسيب المياه، مما أدى إلى حدوث جفاف غير مسبوق في تاريخ المنطقة، وتسبب هذا الوضع القاسي في إجبار السكان على هجرة غير اعتيادية من الأهوار إلى المدن.
"ورقة ضغط"
ويتطرق وزير الموارد السابق إلى أزمة المياه مع دول الجوار، قائلا إن العلاقة بين العراق ودول الجوار لا تزال شائكة خاصة مع إيران وتركيا على الرغم من التغير في طبيعة هذه العلاقة من "عدائية" إلى صداقة وتعاون وتبادل اقتصادي كبير ولكن تبقى المسألة المائية معهما معلقة وخطيرة بسبب انعدام وجود أطر لتنظيم هذه العلاقة المائية حاليا بالرغم من وجود اتفاقيات سابقة بهذا الشأن مثل (اتفاقية 1946) مع تركيا، وأخرى مع إيران عام 1975.
وينوه الجنابي إلى أنه بدأ مفاوضات مع الجانب التركي أثناء توليه وزارة الموارد المائية بشأن الأزمة المائية غير أن انشغال تركيا ببعض الملفات الأخرى والأكثر أهمية بالنسبة لها جعل قضية المياه بالنسبة لأنقرة في مرحلة أدنى وبالتالي لم يحدث أي اختراق في هذا الملف.
كما يشير إلى أن الجانب الإيراني أغلق الباب بشأن التفاوض بخصوص أزمة المياه مع العراق، حيث تسيطر إيران على الروافد المائية ما يجعل الوضع أكثر تعقيدا.
ويحذر الوزير السابق من إمكانية استخدام بعض الدول لقضية المياه ورقة ضغط قد تؤثر على السيادة الوطنية العراقية قائلا "نأمل ألا يحدث هذا الأمر، وحتى الآن بالنسبة للوضع العراقي الأمر غير معلن، ولا توجد دولة تقول سنستخدم المياه كسلاح ضد العراق ولكن ربما قد يتم استخدام "الوضع المائي" لوضع حلول لقضايا ومشكلات أخرى".
ويؤكد الجنابي أنه يجب النظر إلى العلاقة المائية بين العراق وجيرانه ضمن شبكة المصالح العامة التي تربط بين العراق وتركيا وإيران، مشددا على ضرورة أن يكون المسار المائي سلميا وباردا في ظل سخونة المسارات الأخرى كالإرهاب والتسلل والتهريب وغيرها وضرورة أن تكون هناك آليات حقيقية متفق بشأنها بين العراق وهذه البلدان لحل مشكلات المياه.
ويختتم الوزير العراقي السابق تصريحه بالتأكيد على أن المياه "حق إنساني" وعلى دول الجوار احترام الحق العراقي في الحصول عليه.
"نشر الوعي وإيجاد الحلول"
من جهتها، تؤكد الباحثة مها ياسين أن ندرة المياه والجفاف في العراق تؤثر على معيشة المزارعين وبخاصة في الجنوب حيث يضطر الكثير منهم إلى الانتقال من المجتمعات الزراعية إلى المناطق الحضرية، مشيرة إلى أنه في عام 2021، شهد العراق انخفاضا حادا في توافر المياه، مما أدى إلى انخفاض مستوى الإنتاج الزراعي بنسبة 70%، وخاصة إنتاج القمح.
كما تشير إلى أن أزمة المياه تتسبب أيضا في تفاقم التوترات الاجتماعية والسياسية، حيث تزداد المنافسة على المياه بين المجتمعات المحلية والمحافظات وخصوصا من القبائل، وتنشأ صراعات على موارد المياه بين الفلاحين والمصانع والسكان المحليين وهو الأمر الذي يؤدي إلى تصاعد التوترات والصراعات المحتملة في المنطقة.
وتشدد الباحثة في معهد الدراسات الإقليمية والدولية على ضرورة نشر الوعي بخطورة أزمة المياه والعمل على إيجاد الحلول لها، موضحة أن مواجهة أزمة المياه في العراق تتطلب جهودا جماعية وتعاونا دوليا.
كما تؤكد ياسين أنه يتعين على الحكومة العراقية اتخاذ إجراءات عاجلة وفعالة ومنها تحسين إدارة الموارد المائية، وتعزيز التعاون بين الأقاليم والمحافظات في توزيع واستخدام المياه بطرق مستدامة، وتحسين البنية التحتية المائية واستخدام التكنولوجيا الحديثة لتحسين كفاءة استخدام المياه وتنقية المياه الملوثة بالإضافة إلى تشجيع المزارعين على استخدام طرق الري المستدامة وتعزيز الحفاظ على المياه وتحلية المياه البحرية.
المصدر: وكالة بغداد اليوم
كلمات دلالية: الموارد المائیة الأمن المائی أزمة المیاه دول المنبع بین العراق المیاه فی فی العراق إلى أن
إقرأ أيضاً:
معهد سانز التدريبي للأمن السيبراني يقدم جلسات تدريبية ومحاضرات بقيادة الخبراء خلال فعاليات مؤتمر ومعرض الخليج العالمي لأمن المعلومات 2025
يشارك معهد سانز التدريبي للأمن السيبراني، الرائد عالميًا في مجال التدريب والشهادات المتخصصة بالأمن السيبراني، في فعاليات مؤتمر ومعرض الخليج العالمي لأمن المعلومات (جيسيك 2025) الذي يقام في الفترة من 6 إلى 8 مايو 2025 في مركز دبي التجاري العالمي. وينضم المعهد إلى فعاليات جيسيك هذا العام كشريك استراتيجي، في خطوة تؤكد التزام المعهد طويل الأمد بتطوير الكفاءات في مجال الأمن السيبراني في المنطقة.
وفي الفترة بين 6 إلى 8 مايو، ينظم المعهد أيضًا أكاديمية سانز جيسيك في القاعة رقم 4، حيث تعد هذه الأكاديمية مبادرة مجتمعية مجانية تستمر على مدى ثلاثة أيام، وتتضمن جلسات تدريب تقنية يقدمها مدربون معتمدون من سانز. وتأتي هذه المبادرة في إطار مهمة المعهد الرامية إلى رفع كفاءة فرق الدفاع السيبراني والإسهام الفعّال في تعزيز الأمن السيبراني لدولة الإمارات والمنطقة.
وتركّز الأكاديمية كل يوم على مجال رئيسي من مجالات الأمن السيبراني. ففي اليوم الأول، يقود المدرب جان-فرانسوا ماس مسارًا تدريبيًا كاملاً حول العمليات الهجومية، يتناول فيه موضوعات مثل الوقاية من البرمجيات الخبيثة، والانكشاف في بيئات السحابة، والثغرات الشائعة التي تم اكتشافها على مدى عشر سنوات من اختبارات الاختراق. أما اليوم الثاني فيتمحور حول الدفاع السيبراني بقيادة المدرب إيان رينولدز، حيث يستعرض دفاعات تعتمد على الخداع ودور الذكاء الاصطناعي والتزييف العميق في مشهد التهديدات الحديث، وتقنيات الاستقصاء المتقدّم للتهديدات. ويقود المدرب مايكل هوفمان اليوم الثالث، المخصص لأمن نظم التحكم الصناعية والتقنيات التشغيلية ويستعرض دروسًا مستخلصة من حوادث واقعية مثل هجوم خط أنابيب كولونيال والهجمات على شبكة الكهرباء الأوكرانية. وقد صُمّمت هذه الجلسات لتناسب المحترفين في مجال الأمن السيبراني والمحللين ومديري مراكز العمليات الأمنية وصنّاع القرار الراغبين في تعزيز مهاراتهم الدفاعية التكتيكية والاستراتيجية.
في هذا الصدد قال ند بلطه جي، المدير التنفيذي لمعهد سانز في الشرق الأوسط وتركيا وأفريقيا: “تتعرض البنية التحتية الرقمية في الشرق الأوسط وخارجه لضغوط متزايدة من تهديدات مدعومة بالذكاء الاصطناعي، تتّسم بالخداع والقدرة على التكيّف والاستمرارية – من الاحتيال بالتزييف العميق إلى برمجيات الفدية الذكية التي تتجنب الرصد. ولهذا لم يعد بوسع الفرق الأمنية الاكتفاء بالدفاع كردّ فعل، بل يجب أن تنتقل إلى الوقاية المستندة إلى المعلومات الاستقصائية، ونحن في سانز نركّز على تزويد المتخصصين بالمهارات العملية وفهم التهديدات المطلوبة للتصدي للموجة المقبلة من الهجمات المدفوعة بالذكاء الاصطناعي – فالأمن السيبراني لم يعد مجرد مسؤولية مهنية، بل أولوية مشتركة لأمن الدول واستقرارها.”
وبالإضافة إلى الأكاديمية، يتحدث روب تي. لي، رئيس قسم الأبحاث في معهد سانز، خلال جلستين رئيسيتين من المؤتمر، حيث يتواجد في منصة “المرحلة المظلمة” يوم 6 مايو ويتحدث في جلسة بعنوان: “تسارع الذكاء الاصطناعي: حماية البنية التحتية الحيوية من التهديدات الذكية الناشئة”، ليسلط الضوء على تصاعد استخدام الذكاء الاصطناعي في الهجمات السيبرانية، ومنهجية “Volt/Salt Typhoon” المتطورة، واستراتيجيات الدفاع المضادة المستندة إلى البيانات. أما في 7 مايو، فيشارك روب في حلقة نقاش على منصة البنية التحتية الحيوية حول كيف يمكن للذكاء الاصطناعي الدقيق وتعلّم الآلة أن يسهما في حماية البيئات التقنية التشغيلية.
وقال لي: لم يعد المهاجمون مقيّدين بالوقت أو التعقيد. فما كان يتطلب أسابيع يمكن الآن تنفيذه في دقائق باستخدام أدوات تُنتج برمجيات خبيثة وتصاميم تزييف عميق ورسائل تصيّد تستهدف الآلاف بمصداقية عالية. نحن لا نواجه تهديدات الأمس بسرعة أكبر، بل ميدان معركة جديد كليًا. على المدافعين أن يتكيفوا ويتفوقوا ويُبدعوا. فالصعوبة الأكبر ليست في رصد التهديد، بل في مواكبة سرعته في التطور.”
يدعو المعهد زيارة فريق سانز في المنصة D75 بالقاعة 7، حيث يتواجد كبار التنفيذيين لتبادل الأفكار وبناء جسور التواصل مع مجتمع الأمن السيبراني.