هل القصيدة عند الشاعر نزار قباني أهم من الحبيبة أم لا؟ "4"
تاريخ النشر: 17th, September 2023 GMT
عندما سألت الشاعر المبدع "نزار قباني" وقلت له من فضلك هل يمكن أن تخبرنى عن ما هو الحب عندك؟ أجاب بخبرته الحياتيه وتعوده على حوارات كثيره وقراءته المتعددة ومعرفته بآراء المؤيدين له كأنه كان ينتظر منى هذا السؤال: ياسيدي الحب عبارة عن هرمونية تجمع بين كائنين.. هرمونية جسدية وفكرية...نوع من التآلف بين شخصين بحيث تكون كل أحاسيسهما وكل افكارهما تقريبا متلاقية.
أليس كذلك؟.
والحقيقة شجعنى جرأته فى الحديث عن الحب فسألته وهل تسمح أن تمارس أبنتك الحب؟ أجاب مبتسما "يا سيدي أنا لست شرطيا لأقول لها تفضلي حبى او لا تحبى.. أنا لا أمارس الإرهاب لا على أولادي ولا على أهل بيتي.. مثلما أمارس الحرية وأقدسها فعليهم أن يمارسوا حرياتهم في حدود القناعات المعترف بها.. أنا لست ضد الحب لكنى ضد العهر والتبذل.. انا ضد أن يركض رجل من امرأة إلى امرأة.. هذا هبوط حيواني وانا ضد الحيوانيه.
وعندما وجدته متحمسا في ردوده ومتوهجا في تعبيراته وافكاره قلت له: أنا أعرف من كل قصائدك ما الذي لا يعجبك في المرأة الشرقيه وأنا الآن أريد أن اسالك ما الذي يعجبك فيها؟
بحماس قال: "برافو" هذا سؤال ذكى وأنا اؤكد لك بأن الشعور بالخجل فى المرأة الشرقية يعجبني جدا وهو لا يوجد عند المرأة الغربية.. خجل المرأة الشرقية حلو جميل... العفه عند المرأة العربية والشرقية أهم ما يميزها.. لكن الخجل فى الغرب بضاعه نادره.
سألته عن سؤال كان يهمنى أن أعرف رأيه فيه قلت له: كيف يكتب الشاعر الكبير "نزار قباني" قصيدته؟ رد بسرعة: لا يوجد كيف!... لا توجد كلمة كيف في الكتابة الحقيقية.. كل واحد يكتب بالشكل أو بالساعة او باللحظة أو بالأسلوب الذي يختاره.. لا أفرض رأيا على الكتابة... لكنها هى التي تفرض رأيها عَلَىَّ.. هي التي تمارس إرهابها عَلَىَّ... أكرر: لا أستطيع ان اقول أنني غدًا سانجز كتابة قصيدة.. القصيدة دائما تفاجئني من حيث لا أدري.. فى الطريق.. فى السينما.. فى الطائرة.. ليس لي إراده.. نوع من الانفجار.. زلزال.. وهذا يقع اذا أراد ان يحدث... لا يتنبأ به أحد.
لفت أنتباهى قوله أن القصيدة تمارس عليه إرهابا فاستفسرت منه عما يقصده من أن القصيدة تمارس إرهابا عليه!.. تراجع فى قوله مضيفا: ليس إرهابًا.. إنه نوع من القضاء والقدر.. الكتابه لا تأتى عبثا.. هاجس داخلي يمتلك سلطة داخلية عليك.. اسمع... أحب ان استعمل كلمة سلطة بدل كلمة إرهاب.. فسلطة الشعر هى التي تأمرنا وتوجهنا وتقودنا.
ومن هذا التوضيح قلت له وكيف تولد القصيدة داخلك؟ عاد إليه الهدوء بعد انفعاله وقال: تولد القصيدة من تراكم الأشياء.. هناك زمن بين التأثر والكتابة.. اسميه زمن الاختمار.. مثل المياه الجوفية.. تتجمع داخل الأرض ثم تنفجر.. كذلك القصيدة.. ومن التجارب والثقافة والقراءات.. كل هذا لا يذهب سدى.. مثلا كتبت قصيده بعد عشر سنوات من الانفعال.
شوقنى الشاعر "نزار قبانى" لأعرف أسم هذه القصيدة التى عاشت داخله عشر سنوات فقلت له ما هي؟ قال قصيدة "حبلى" وبدايتها:
لا تَمْتَقِعْ!
هيَ كِلْمَةٌ عَجْلَى...
إنّي لأشعرُ أنّني حُبْلَى...
وصرختَ كالملسوعِ بي...
"كلاَّ"...
سنُمزِّقُ الطفلا...
وأخذتَ تشتُمُني...
وأردتَ تطرُدُني...
لا شيءَ يُدْهِشُني...
فلقد عَرَفْتُكَ دائمًا نَذْلا...
بعد ذلك تذكرت قوله أن الإنسان يعيش مصادفة ويموت مصادفة...قلت له وماذا تقصد من هذا التعبير؟
"بإذن الله الأسبوع القادم أكمل لك حوارى مع "نزار قبانى" أكبر شاعر عربى كتب شعرا فريداعن المرأة والحب"
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: نزار قباني نوع من
إقرأ أيضاً:
نجوم الثريا
لطالما كان للنجوم حضور قوي في الثقافة العربية، ولا تزال الكثير منها تحمل أسماء عربية حتى اليوم، وقد ورد ذكرها في القرآن الكريم، حيث قال الله تعالى في سورة الأنعام: «وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ»، وارتبط العرب بالنجوم بشكل وثيق، فأطلقوا عليها أسماء ووصفوها بدقة، ولم يقتصر تأثيرها على علم الفلك وحسب، بل امتد أيضًا إلى الشعر والأدب، حيث تغنّى بها الشعراء وحيكت حولها الأساطير، مستخدمين إياها لرسم صور خيالية تربط بين النجوم وتوضح مواقعها في السماء ضمن حكايات وقصص مشوقة.
والنجم الذي نتحدث عنه هو ليس نجمًا مفردًا، وإنما هو عنقود نجمي يتكون من مئات النجوم وأشهرها 7 نجوم وهي الشقيقات السبع، المكونة لما يعرف فـي الثقافة العربية بـ«الثريا» وهي أشهر مجموعة نجمية على الإطلاق عند العرب، ولا يكاد شاعر من الشعراء العرب القدامى إلا وذكر هذه النجوم فـي قصائده، حتى أن امرأ القيس ذكرها فـي معلقته، ووصفها بوصف جمالي بديع، فهو يصف هذا العنقود النجمي الذي تشع منه تلك النجوم السبعة بأضواء زرقاء مبهرة بأنها تشبه الوشاح المطرز بالجواهر، ويكفـي هذا الأمر دلالة على الحضور القوي لهذا النجم فـي الثقافة العربية منذ القدم، ومما ذكره القلقشندي فـي كتابه الموسوعي «صبح الأعشى فـي صناعة الإنشا» من الأساطير العربية التي ذكرت نجم الثريا والدبران فقال: «..ويقولون فـي خرافاتهم: إن الدّبران خطب الثريّا إلى القمر فقالت: ما أصنع بسبروت، فساق إليها الكواكب المسماة بالقلاص مهرًا فهربت منه فهو يطلبها أبدا، ولا يزال تابعا لها، ثمّ قالوا فـي أمثالهم: «أوفى من الحادي، وأغدر من الثريّا» ويقصدون بالحادي هو نجم الدبران.
وقد استدل العرب بهذا العنقود النجمي يقع فـي كوكبة الثور، فـي مواسم الأمطار والتقويم الزراعي، فظهور نجوم الثريا فـي السماء قبل الفجر كان يُعتبر إشارة لبدء موسم الأمطار، مما يدفع الفلاحين إلى استعداداتهم للزراعة، كما كان اختفاء الثريا عن الأنظار لفترة من السنة بداية لموسم الجفاف.
أما عن المعلومات الفلكية لهذه النجوم والتي أثبتتها الدراسات الحديثة فقد بينت أن قطر عنقود الثريا بأكمله يمتد على مسافة 43 سنة ضوئية تقريبًا، والنجوم الرئيسية فـي العنقود هي نجوم عملاقة أكبر من الشمس بحوالي 5 إلى 10 أضعاف فـي القطر، كما أن هذه النجوم الزرقاء الساخنة، تتراوح درجة حرارة سطحها بين 10.000 - 30.000 كلفن، وهي أكثر حرارة بكثير من شمسنا التي تبلغ حرارتها حوالي 5.778 كلفن، وتبعد نجوم الثريا عن الأرض حوالي 444 سنة ضوئية.
ولأن هذه النجوم نالت هذه المكانة عند العرب القدماء فلذلك نجد أنها هي أكثر النجوم ذكرًا فـي الشعر، ولو بحثنا كذلك فـي الشعر العماني لرأينا القصائد المطرزة التي تذكر هذا النجم وتشبه به الممدوحين فـي البريق واللمعان والشرف والرفعة، فهذا الشاعر العماني الغشري يمدح أحدهم فـيقول أنه رقى على هامة الثريا فقال:
خاطرتَ بالنفسِ حتى أنْ رقيتَ على
هامِ الثُّرَيَّا وأنَّ المجدَ فـي خَطَرِ
ولجْتَ بابَ العُلاَ لما جعلتَ له
مفاتحَ البِيضِ والْخَطّيَّةِ السمُرِ
أما الشاعر ابن شيخان السالمي فذهب فـي تصوير نجوم الثريا وكأنها نساء مجتمعات يشكون لبعضهن ما فـي أنفسهن من الحب والهوى فقال:
كأنَّ السماك استأسر الليل سمكه
فخاض حشاه رمحه المتواردُ
كأنَّ الثريا نسوة قد تجمعت
فكلُّ على بثّ الهوى متواجدُ
فـي حين نجد الشاعر المشهور أبو الصوفـي يمدح السلطان فـيصل بن تركي فـيقول:
عَمْرَك اللهَ لَوْ رَقيتَ الثريا
لَمْ تجدْ غيرَ فـيصلٍ عنك حامى
يبذُل النفسَ والنَّفـيس إذَا مَا
نَسرُ بَغْيٍ عَلَى الرعية حاما
أما الشاعر المعولي فقد ذكر نجم الثريا فـي معرض مدحه للسلطان بلعرب بن سلطان بن سيف اليعربي ثالث أئمة دولة اليعاربة، فقال:
فاعل قدرًا وأين تَعْلُو وقد خلتُ
الثريّا لإِخْمَصيكَ نِعَالاَ
من نواليك أو يُدانيك يرجُو
منكَ يُسرا لا يختشى إقْلالاً
كما ذكر الشاعر العماني موسى بن حسين بن شوال نوء الثريا فقال:
لَم يُبدِ مِن آياتهِ وسماتهِ
لِلعينِ إلّا نوّه ورجامهُ
أَبلى حداثتهُ وعفّا رسمهُ
نوّ الثريّا وبلُه ورهامهُ