هل تؤجج أسمرة العنف بين المهاجرين الإريتريين في الخارج؟
تاريخ النشر: 17th, September 2023 GMT
تل أبيب - مظاهرة لطالبي اللجوء الإريتريين تتحول إلى اشتباكات مع الشرطة (2/9/2023) ونتنياهو يدعو لطرد الإريتريين المتورطين في الاشتباكات.
على وقع استضافتها مهاجرين من أريتريا، تواجه العديد من حكومات الدول المضيفة معضلة أخلاقية وقانونية ودبلوماسية بشأن استضافة المهاجرين الفارين من ممارسات النظام الاستبدادي بقيادة الرئيس الإريتري أسياس أفورقي.
فقبل أيام، دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إلى ترحيل المهاجرين الإريتريين عقب اشتباكات عنيفة في جنوب تل أبيب بين مهاجرين إريتريين مؤيدين وآخرين معارضين للحكومة في أسمرة، حيث أدت إلى إصابة أكثر من 150 شخصا، من بينهم نحو 15 في حالة خطيرة. كما أصيب في المواجهات نحو 30 شرطيا.
وقال رئيس الوزراء الأحد (3 سبتمبر / أيلول) خلال اجتماع مع لجنة وزارية معنية بشؤون الهجرة في إسرائيل، إنه "تم تجاوز الخط الأحمر .. أعمال شغب، حمام دم، هذا غير قانوني، ولا يمكننا قبوله"، داعيا إلى اتخاذ "تدابير قوية ضد مثيري الشغب، بما في ذلك الترحيل الفوري لأولئك المنخرطين في أعمال العنف ".
الجدير بالذكر أن الإريتريين يشكلون غالبية طالبي اللجوء الأفارقة في إسرائيل والبالغ عددهم 25 ألفا.
إسرائيل ستنظر في ترحيل المهاجرين الذين شاركوا في أعمال شغب في تل أبيبدق أسفين بين الإرتريين في الخارج
تزامن هذا مع اندلاع اشتباكات في مدينة بيرغن، ثاني أكبر مدن النرويج، بين مؤيدي ومعارضي الحكومة الإريترية خلال مسيرة بمناسبة مرور ثلاثين عاما على استقلال البلاد.
وعلى وقع ذلك، تدرس السلطات في مدينة غيسن بولاية هيسن الألمانية، اتخاذ تدابير لمنع وقوع اشتباكات أنصار المعسكرين في قادم الأيام بعد إصابة ما لا يقل عن 26 من عناصر الشرطة في صدامات مختلفة مع مشاركين في مهرجان موسيقى إريترية مثير للجدل في يوليو/ تموز الماضي.
ويعد "مهرجان إريتريا" مثير للجدل داخل الجالية الإريترية نفسها، إذ يتهم معارضون منظميه بأنهم مقربون من النظام.
وبعد أشهر قليلة، قالت وسائل إعلام سويدية إن حوالي ألف متظاهر اقتحموا "مهرجان إريتريا" في العاصمة ستوكهولم، حيث أضرموا النيران في السيارات وسط تراشق حجارة في أعمال عنف أدت إلى إصابة ما لا يقل عن 52 شخصا واعتقال أكثر من 100 شخص.
الجدير بالذكر أن إريتريا أصبحت دولة رسميا في أيار/ مايو 1993 بعد عامين من التحرر من الحكم الإثيوبي، ومنذ ذلك الحين يقود البلاد أسياس أفورقي، الذي أسس نظام حزب واحد من دون انتخابات، ويتعرض معارضوه لقمع شديد.
يقود الرئيس أسياس أفورقي إريتريا منذ عام 1993 بعد حصولها على الاستقلال عن إثيوبيا
اتهامات ضد أفورقي
وترى نيكول هيرت، الباحثة في المعهد الألماني للدراسات العالمية والمناطقية في هامبورغ والمتخصص في الشؤون الأفريقية، ان مهرجان عيد الاستقلال يعد تقليدا طويل الأمد اتسم بالسلمية منذ عقود، لكنه شهد تحولا بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة.
مختارات تمرد في ارتيريا والجيش يطوق وزارة الإعلام المحتلة لاجئون فروا من جحيم القرن الإفريقي إلى لظى اليمن "السعيد"وفي مقابلة مع DW، أضافت: "الأمر يحمل في طياته صراعا أخلاقيا، حيث كان المهرجان دائما أداة دعائية للنظام الإريتري، لكن في المقابل هناك مستوى عال في حرية التجمع والتعبير في ألمانيا".
وفي الوقت التي تسعى فيه السلطات الألمانية إلى ضبط الأمور وحل هذه المعضلة، يواجه النظام الإريتري اتهامات بالعمل على تأجيج العنف وإذكاء الصراعات بين أنصاره ومعارضيه خارج البلاد.
وعلى وقع هذه المخاوف، أعربت سلام كيدان، المحاضرة في علم النفس بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة غرب لندن، عن قلقها إزاء العنف الذي بات تتسم به المهرجانات الإريترية خارج البلاد، موجهة أصابع الاتهام إلى نظام أفورقي باعتباره مصدر المشكلة.
وفي مقابلة مع DW أضافت: "تنظم الحكومة الإريترية مثل هذه المهرجانات. هذه الحكومة تقدم على فعل أشياء كثيرة خارجة عن القانون".
ويتفق في هذا الرأي عبد الرحمن سعيد، المحلل السياسي في شؤون الشرق الأوسط وأفريقيا، قائلا: "هذه المهرجانات لا علاقة لها بالاحتفال بيوم استقلال البلاد".
وأضاف أن هذه المهرجانات يقف وراءها نظام أسياس أفورقي لسببن "يتمثل السبب الأول في الترويج لإظهار مجتمعات الاريتريين في الخارج باعتبارها مجتمعات طائفية تتسم بالعنف، فيما يهدف السبب الثاني إلى جمع العملات الأجنبية".
تزايد الأعباء على الدول المضيفة
وتتسبب مثل هذه الأحداث في تزايد الأعباء على الدول التي تستضيف مهاجرين من إريتريا فضلا عن أنها تسفر عن أزمات اجتماعية وسياسية ودبلوماسية.
وفي رد فعل، قال وزير العدل السويدي، غونار سترومر، في تصريح لوكالة الأنباء السويدية "تي تي"، إنه من غير المبرر أن تتورط بلاده في صراعات داخلية لدول أخرى. وأضاف أنه إذا فر شخص ما إلى السويد هربا من العنف أو قام بزيارة البلاد مؤقتا، فيجب عليه ألا يتسبب في أعمال عنف في السويد. "هناك حاجة إلى نقل موارد شرطية لتحقيق أهداف أخرى غير فصل مجموعات مختلفة عن بعضها البعض لمنع إثارة أعمال عنف".
وفي هذا الصدد، أعرب وزير داخلية ولاية هيسن الألمانية، بيتر بويت، عن غضبه إزاء تنامي أعمال الشغب بين أنصاره النظام في إريتريا ومعارضيه في الولاية وقال: "لا ينبغي استخدام ضباط الشرطة لحل نزاعات قائمة تعصف ببلدان أخرى. ضباط الشرطة لدينا ليسوا حاجز عزل للصراعات في بلدان أخرى".
في يوليو/ تموز الماضي وقعت في مدينة غيسن بولاية هيسن الألمانية اشتباكات في مهرجان موسيقى إريترية مثير للجدل أصيب فيها ما لا يقل عن 26 من عناصر الشرطة.
اللاجئون .. مزيد من المعاناة
ويرى نشطاء وحقوقيون أن مثل هذه الأمور تصعب حياة اللاجئين الإريتريين الفارين من بطش حكومتهم القمعية خاصة وأن إريتريا تعد واحدة من أسوأ البلدانفي مجال حقوق الإنسان على مستوى العالم.
ويقول مهاجرون ولاجئون إنهم يخشون من أن يكون مصيرهم الموت في حالة عودتهم إلى إريتريا، فيما أكد أحد طالبي اللجوء الاريتريين في إسرائيل أن ما يُقدم عليه نظام الرئيس أفورقي يرمي إلى دفعهم إلى صراع مع الدول التي تأويهم.
وأضاف "النظام الديكتاتوري في إريتريا يلاحقنا منذ أول يوم لنا في إسرائيل. لا يكفيه أنه دفعنا إلى الهروب من وطننا، بل يسعى إلى مطاردتنا في الدول التي نطلب فيها اللجوء والعيش".
وفقا لبيانات وزارة الداخلية الألمانية، جرى منح غالبية المهاجرين الإريتريين الذين وصلوا البلاد حق اللجوء، منهم 86 بالمائة خلال النصف الأول من العام الجاري، لكن نيكول هيرت تخشى أن تلقى الأحداث بظلالها على وضع اللاجئين في ألمانيا. وقالت "قد ينذر ذلك باحتمالية تعرض من يعيشون هنا في سلام ويحتفلون بحكومة إريتريا، للخطر".
ويرى مراقبون أن الحكومة الإريترية تستخدم لغة حادة عند الحديث عن اللاجئين الفارين من ممارستها، فيما تتهم الغرب بمحاولة إخلاء البلاد من سكانها بهدف إضعافها في نهاية المطاف.
ميمي ميفو تاكامبو / م. ع
المصدر: DW عربية
كلمات دلالية: الرئيس الإريتري أسياس أفورقي إسرائيل الرئيس الإريتري أسياس أفورقي إسرائيل فی إسرائیل فی أعمال
إقرأ أيضاً:
الأمم المتحدة تحذر من استمرار العنف في الكونغو: يفاقم ويعقد الأزمات الإنسانية
حذر منسق الأمم المتحدة المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية في جمهورية الكونغو الديمقراطية برونو لوماركي، من أن استمرار العنف في مدينة جومافي الكونغو الديمقراطية يفاقم واحدة من أكثر الأزمات الإنسانية طولا وتعقيدا وخطورة على وجه الأرض.
وبحسب مركز إعلام الأمم المتحدة، أعرب لوماركي، عن قلقه الشديد بشأن الوضع الإنساني في مدينة جوما في الجزء الشرقي من البلاد والتي اجتاحتها حركة 23 مارس المتمردة مضيفا أن جميع أحيائها أصبحت مناطق نشطة للقتال وتم توجيه نيران المدفعية الثقيلة إلى وسط المدينة، مما أجبر مئات الآلاف من الناس على الفرار من العنف بالمدينة التي يبلغ عدد سكانها حوالي مليون شخص - والمناطق المحيطة بها التي كانت تستضيف 700 ألف نازح داخلي يعيشون في ظروف مزرية بالفعل.
وقال منسق الشؤون الإنسانية، إن مواقع النزوح حول المدينة أُفرغت تماما حيث اتجه الناس إلى داخل المدينة بعد أن نفدت منهم خيارات الفرار من العنف مضيفا أن المستشفيات في المدينة تكافح لإدارة تدفق الجرحى، على الرغم من الدعم الذي تتلقاه من منظمة أطباء بلا حدود واللجنة الدولية للصليب الأحمر. وأشار إلى أن الخدمات الأساسية أصبحت في وضع حرج، مع تقيد إمدادات المياه والكهرباء وانقطاع خدمة الإنترنت.
وأشار لوماركي، إلى أنه بينما تم نقل الموظفين الأمميين غير الأساسيين إلى خارج جوما، لا يزال الموظفون الإنسانيون الأساسيون في المدينة ويعملون في ظل ظروف صعبة للغاية لتقديم المساعدة المنقذة للحياة، حيث إلى أن المرافق الإنسانية تعرضت للنهب ونيران المدفعية الثقيلة.
ودعا لوماركي، جميع الأطراف إلى الاتفاق على فترات توقف إنسانية مؤقتة في المناطق الأكثر تضررا وإنشاء ممرات إنسانية لضمان استئناف الأنشطة الإنسانية على نطاق واسع. والأهم من ذلك، تسهيل الإجلاء الآمن للأفراد الجرحى والمدنيين المحاصرين في مناطق القتال.
كما دعا منسق الشؤون الإنسانية، الأطراف إلى استعادة الظروف اللازمة لإعادة فتح مطار غوما بشكل آمن وإبقاء الحدود مفتوحة بين رواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية في غوما لتمكين الفارين من العنف من البحث عن ملجأ بعيد عن مناطق القتال.
وحث المجتمع الدولي، على تكثيف مشاركته لمنع إراقة الدماء ودعم الاستجابة الإنسانية، متابعا: «يجب أن نتحرك الآن لمنع مزيد من الخسائر في الأرواح وتخفيف معاناة سكان جوما».
من جانبه، أشار وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات السلام، جان بيير لاكروا، إلى أن تقدم متمردي حركة 23 مارس يشير إلى تحول في ميزان القوى، إلا أنه شدد على أن الوضع لا يزال متقلبا وخطيرا مع استمرار القتال وما له من "آثار مدمرة على السكان المدنيين". وقال إن قوات حفظ السلام الأممية من بعثة مونوسكو لا تزال في مواقعها في الميدان، مضيفا أن ثلاثة من جنودها قتلوا في المعارك وأصيب 12 آخرون.
وأكد أن بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في جمهورية الكونغو الديمقراطية مونوسكوتواصل الوفاء بالتزاماتها بحماية المدنيين بأفضل ما في وسعها، وهذا يشمل المقاتلين غير المسلحين بما يتفق مع القانون الدولي الإنساني، مؤكدا أن هناك عددا كبيرا من المدنيين والمقاتلين غير المسلحين حاليا في مختلف مباني البعثة.
وقال لاكروا، إن الأمم المتحدة ملتزمة تماما بدعم مبادرات السلام الإقليمية الجارية، وتواصل العمل مع جميع أصحاب المصلحة المعنيين لإعادة الأطراف إلى طاولة المفاوضات، وفي هذا الصدد، رحب بإعلان الجماعة الاقتصادية لدول شرق أفريقيا عن نيتها لعقد قمة لمناقشة الوضع في جوما، وجلسة مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي المقررة مساء اليوم الثلاثاء
اقرأ أيضاًالأمم المتحدة تُبدي قلقها البالغ بشأن العنف المستمر في الضفة الغربية المحتلة
الأمم المتحدة تأسف بشأن نية واشنطن الانسحاب من منظمة الصحة العالمية واتفاق باريس للمناخ
الأمم المتحدة تدعو إلى إنهاء العنف ضد المدنيين فى كولومبيا