حكاية الاحتفال بالمولد النبوي من العصر الفاطمي حتى الآن
تاريخ النشر: 17th, September 2023 GMT
يُعتبر الفاطميون أول من احتفل بالمولد النبوي الشريف، خاصة في عهد الخليفة الفاطمي المعز لدين الله بعد دخوله مصر في عام 969 للميلاد.
ويعد إحتفال المولد النبوي أحد أهم الاحتفالات الاسلامية الموجودة فى مصر ويحتفل المصريون بعيد المولد النبوى فى 12 ربيع الأول وأحد أكبر المناسبات الدينية حيوية وبهجة فى كافة المستويات الشعبية.
وعرف عن المصريون حبهم للاحتفالات الدينية و بدأ الاحتفال بالمولد النبوى مع دخول الفاطميين مصر، واعتاد الفاطميون الاحتفال بهذه المناسبة والإفراط فى صنع الحلوى بأشكالها المختلفة كالطيور والقطط والخيول والعرائس "عروسة المولد".
وأسس الفاطميون نظاماً يهدف إلى تخزين جميع المواد التموينية من سمن وسكر وزيت ودقيق، لصناعة الحلوى التي كانت توزع بأمر الخليفة على جميع طبقات الشعب فى جميع المناسبات الدينية وبصفة خاصة المولد النبوى.
الدولة العثمانية
في عهد الخلافة العثمانية تم الاحتفال كذلك بالمولد النبوي، فقد أولى السلاطين العثمانيون جميع الأعياد والمناسبات الدينية المعروفة لدى المسلمين، اهتماماً بالغاً.
وكان الاحتفال الرئيسي يتم في أحد الجوامع الكبيرة التي يختارها السلطان، إذ يحضر رجال الدولة وعلماؤها إلى باب الجامع مرتدين ألبستهم الرسمية التشريفية، وعلى صدورهم الأوسمة، ثم يقفون في صفوف انتظاراً للسلطان.
ويصل السلطان إلى الجامع راكباً جواداً من خيرة الجياد بسرج من الذهب الخالص، وحوله موكب فخم، وقد رُفعت فيه الأعلام.
إذ يبدأ الاحتفال بقراءة القرآن، ثم قراءة قصة مولد النبي محمد، تليها قراءة كتاب "دلائل الخيرات" في الصلاة على النبي، ثم ينتظم بعض المشايخ في حلقات الذكر، فينشد المنشدون وترتفع الأصوات بالصلاة على النبي، وذلك كله في الليلة السابقة للثاني عشر من ربيع الأول، وفي صباح يوم المولد يفِد كبار الدولة، على اختلاف رتبهم؛ لتهنئة السلطان.
وكانت الاحتفالات مختلفة عما هي عليه اليوم، وكانت تقتصر على توزيع الحلوى والصدقات، أما الاحتفال الرسمي فيتمثل بانضمام الناس إلى موكب قاضي القضاة، حيث يتوجه الجميع إلى جامع الأزهر.
بعد ذلك تتوجه الوفود إلى قصر الخليفة حيث تلقى الخطب، ثم يُدعى للخليفة، ويرجع الجميع إلى دورهم.
مظاهر الاحتفال بالمولد النبوى
مظاهر الاحتفال بالمولد النبوى لم تتغير، خاصة في الريف والأحياء الشعبية في المدن الكبرى ، فمع بداية شهر ربيع أول من كل عام تُقام سرادقات كبيرة حول المساجد الكبرى كمسجد الإمام الحسين ، والسيدة زينب (رضي الله عنهما) تضم تلك الشوادر أو السرادقات زوار المولد من مختلف قرى مصر والباعة الجائلين بجميع فئاتهم وألعاب التصويب وبائعي الحلوى والأطعمة وسيركًا بدائيا يضم بعض الألعاب البهلوانية وركنا للمنشدين والمداحين، وهم فئة من المنشدين تخصصت في مدح الرسول (صلى الله عليه وسلم).
حلوى المولد النبوى
تعد "حلوى المولد" من المظاهر التي ينفرد بها المولد النبوي الشريف في مصر؛ حيث تنتشر في جميع محال الحلوى شوادر تعرض فيها ألوان عدة من حلوى المولد على رأسها السمسمية والحمصية والجوزية والبسيمة والفولية والملبن المحشو بالمكسرات.
كما تصنع من الحلوى بعض لعب الأطفال التي تؤكل بعد انتهاء يوم المولد وهي عروس المولد للبنات والحصان للأولاد وقد ارتبطت ذكري المولد في وجدان جميع الأطفال المصريين على مر العصور بهذه العرائس واللعب ، و الفاطميين هم أول من بدأ في صنع العروس من الحلوى في المولد.
عروس المولد
وهي تصنع من السكر على هيئة حلوى منفوخة وتجمل بالأصباغ، ويداها توضعان في خصرها وتزين بالأوراق الملونة والمراوح الملتصقة بظهرها ،وعروس المولد مصرية خالصة.و تزخرف عروس المولد بزخارف رائعة وتنتشر الزهور على زى العروس وتصنع حلوى أخرى بجانب عروسة المولد على شكل حيوانات ومنها" الحصان ، الجمل "
ولكن الان ومع انتشارالوعى الصحى لدى الناس فقد ظهرت عروس المولد في صورة جديدة فقد تم صنعها من البلاستيك وتزين بالأقمشة الشفافة الملونة والمراوح الخلفية بأشكال وأحجام متعددة، وتتميز بأنها عملية؛ فهي أطول عمرًا ولا تتعرض للكسر، ولا تؤكل فتعرض صحة الأطفال للأضرار التي كشفها الأطباء .
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الدولة العثمانية الاحتفال بالمولد المولد النبوى المولد النبوی
إقرأ أيضاً:
حكاية المستثمر الخارجي
د. ابراهيم بن سالم السيابي
في إحدى أسفاري، تعرفتُ على أحد المستثمرين من إحدى الدول، وكان هذا المستثمر يحمل في جعبته أفكارًا طموحة وأهدافًا واضحة، وبعد حوار طويل، كشف لي عن رغبته وشغفه لاستكشاف الفرص الاستثمارية في عُمان؛ حيث أبدى اهتمامًا عميقًا بالأسواق المحلية والمناطق الواعدة التي تحمل إمكانيات كبيرة للنمو.
بناءً على الحوار الذي دار بيننا وكنت قد بدأت أشرح له حال البلد، وما هي المقومات الجاذبة، مثل الوضع الاقتصادي وفرص الاستثمار بالسلطنة، بل أنني ذهبت أبعد من ذلك فقدمت له دعوة إلى السلطنة ليرى عن قرب ما يقدمه السوق المحلي من فرص استثمارية واعدة، وكعادة المستثمرين وأصحاب المال فإنهم يقرأون كل شاردة ورادة عن البلدان التي لديهم النية لوضع أموالهم والاستثمار فيها، ونحن مع الأسف البعض منا وربما بدون قصد يكتب والآخر يتحدث وينشر في وسائل التواصل الاجتماعي عن البيروقراطية وبطء الإجراءات الحكومية وما قد يواجهه المستثمرون من أنظمة وإجراءات في سبيل إنجاز وتخليص الموافقات والمعاملات، ودون أن ندرك بأننا بهذا الفعل قد نضر ببلادنا وقد نضيع عليها فرص استثمارية ممكنة، فحاولت أن أقنعه بأن الأمر ليس كما يظن وأن هناك جهات معنية تقوم بجهد كبير في هذا الموضوع ووعدته بمرافقته وإرشاده لكيفية تخليص معاملاته وجعل الأمور تسير بشكل أسرع وأكثر سلاسة وعليه ألا يحمل هم هذا الجانب.
وبعد لأن اطمأن مبدئيا على الأقل، عرض علي بالمقابل الشراكة إذا رغبت في الأمر في حالة أنه قرر المضي قدما في موضوع الاستثمار، وبعد انتهاء رحلتنا توادعنا على أن يكون بيننا باب التواصل، وبعد مرور زمن لا بأس به وكان من جانبي مليء بالأمل والترقب، وبعد أن كنت قد فقدت الأمل في شراكة كانت في الأفق، تلقيت منه اتصالا لرغبته لزيارة السلطنة والقيام بزيارات ميدانية والوقوف على فرص الاستثمار، وبعد زيارة لعدة أيام، عاد المستثمر إلى بلاده وقد بدا بالفعل التحضير لمشروع الاستثمار، وكان يفكر كما أخبرني في مشروع توريد بعض المنتجات من مصانع بلاده تتعلق بأغراض مختلفة وهذه المنتجات عليها طلب متزايد مثل المواد الغذائية والأثاث ومواد البناء بل أنه يفكر في إقامة أكثر من مشروع بالسلطنة بما يتوافر فيها من مصادر ومن مواد خام، وبدا واضحا بأن هذا التعاون سيعود بالنفع على جميع الأطراف، وشخصيا من خلال ما عرض علي من سيرة ذاتية وعلاقات كنت أرى أمامي فرصة جيدة، ليست فقط لشراكة تجارية واقتصادية فحسب، ولكن أيضًا لبناء علاقات طويلة الأمد وقد تسهم في زيادة الناتج المحلي والقيمة المضافة المحلية وتدعم بشكل غير مباشر الاقتصاد الوطني.
لكن، كما هي الحياة دائمًا مليئة بالمفاجآت، جاء الموت ليُغيِّب صاحبنا فجأة، ويضع حدًا لهذه الفرصة، فقد فاجأني بشكل غير متوقع نبأ وفاته عن طريق الصديق الذي عرفني عليه، ليترك خلفه العديد من الأحلام التي لم تتحقق، والأفكار التي لم تترجم إلى واقع، كما أنني فقدت شخصًا كان قد أصبح صديقًا لي في فترة زمنية قصيرة، وأيضًا فقدت فرصة لشراكة استثمارية محتملة، وكذلك فقدت محاولة متواضعة مني في جذب أحد المستثمرين إلى السلطنة.
ولا شك أن الاستثمار الخارجي يمثل إحدى الأدوات المُهمة في الاقتصاد؛ فدخول الأموال والمواد الخام والتكنولوجيا والخبرات الخارجية إلى السوق المحلية، يحقق نقلة نوعية في بعض القطاعات وأموال هذا الاستثمار تعزز النمو والحركة التجارية والاقتصادية وتسهم في رفاهية المجتمع.
في الختام، لا شك أن الموت سيُغيِّبُنا جميعًا في يوم ما، فهذه سنة الحياة وهذه نهاية كل حي، لكن هذه التجربة التي لم تكتمل برحيل هذا المستثمر، تُعلِّمُنا أن الحياة مليئة بالفرص التي قد نفقدها في لحظة غير متوقعة ولأسباب مختلفة، ولكن علينا أن نسعى إلى إيجاد فرص أخرى، ولا شك بأن السلطنة بيئة استثمارية مواتية لما تملكه من موقع جغرافي، وثروات طبيعية، وبنية أساسية، وأنظمة وقوانين محفزة للاستثمار، واستقرار سياسي، بالإضافة إلى اهمية زيادة الاتفاق الحكومي الذي لا نختلف بأنه أحد أهم مصادر تنشيط السوق المحلي ورفع القوة الشرائية على الأقل في الوقت الحالي، علينا كذلك العمل على تمكين ريادة الأعمال والسعي إلى جلب الاستثمارات الخارجية لأنها قد تكون الحل الأمثل للتنمية الاقتصادية المستدامة وتنويع مصادر الدخل والمساهمة في خلق فرص التوظيف ورفاهية المجتمع، ولكن علينا في المقابل عندما يتعلق الأمر بهذه البلد العزيز، الحذر، واختيار المفردات المناسبة لما نقول أو نكتب حتى تبقى السلطنة بيئة جاذبة للاستثمار وعلينا كذلك العمل بخطوات متسارعة على إيجاد منظومة عمل تتسم بصفة تسهيل وتبسيط الإجراءات.