فى وقت من الأوقات، لا تستطيع أسوأ عمليات الاحتيال أن تخفى الواقع، وهذا ما سيحدث عاجلًا أم آجلًا فى القارة الأفريقية. فلن تتمكن بعض الأنظمة فى أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى من إخفاء أخطائها وإهمالها وإدارتها الكارثية لبعض الأمور، خلف ستار الاستعمار الفرنسى. يعد هذا الاستعمار بالنسبة لهذه الأنظمة، هو صمام الأمان الذى يخدم مصالحها، فيقومون بفتحه حسب ما يستدعيه الوضع الداخلى.


يجب على فرنسا، أو على الأقل فيما يخص حكوماتها خلال السنوات الأخيرة، أن تخرج هذا الموقف الأبدى الذى يغذى تفكير الأنظمة المختلفة وكذلك «المؤثرين» الذين يتم تحريكهم عن بعد من قبل دول أخرى مثل روسيا وتركيا وحتى الولايات المتحدة وأوروبا والصين.
ولا نستطيع أن نقول إن فرنسا هى المخطئة إذا كان النظام الجزائرى «مثلًا» غير قادر على إحداث النمو الوطنى على الرغم من أنه غنى جدًا، وخاصة فى مجال النفط. ونفس الأمر ينطبق كذلك على غالبية البلدان التى كانت الأنظمة المتعاقبة فيها إما أنها غير قادرة على تطوير بلادها بصفة عامة، أو أنها صادرت كل الثروات، مخلفة الفقر المدقع بين السكان. إن ما تفتقده هذه البلدان هو التنمية الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية، ومن المؤكد أن فرنسا ليست هى السبب الذى يمنع تلك الأنظمة من تحقيق تلك التنمية.


تعد فيتنام هى مثال للمستعمرة الفرنسية السابقة التى تمكنت من التقدم. ولم تذكر فى أى وقت أو عند حدوث أى مأزق أن فرنسا هى السبب، بل كانت تعمل على تخطى أى مأزق والتغلب عليه. ومن المثير للاهتمام مقارنة الوضع الاقتصادى لفيتنام بالوضع الاقتصادى للجزائر لفهم مرارة الوضع فى هذا البلد.
اليوم يجب على فرنسا أن تطلب التوقف عن ذلك كما يتعين عليها أن تتوقف أيضا عن الانغماس فى التكفير عن ذنوب سابقة. يجب على فرنسا أن تتوقف عن الخوف من الاتهامات بالاستعمار الجديد، بل عليها أن تغير من منهجها فى معالجاتها وأساليبها الأمنية والاقتصادية. كما يجب عليها أن تعيد النظر فى تحالفاتها ومنهجها للفرنكوفونية. يجب أن تكون المغرب ومصر وساحل العاج وجيبوتى هى الدول التى يمكن الاعتماد عليها فى الدائرة الأولى، دون إهمال شواطئ المحيط الهندى والبحر الأحمر. سيقول البعض: «إذا أردنا أن نكون فى كل مكان، فنحن لسنا فى أى مكان»، وسأجيبهم: «من يريد، يستطيع».
 

معلومات عن الكاتب: 
ديفيد سافوركادا.. ضابط سابق فى البحرية الفرنسية، ومدرب فى عدة جهات أمنية خاصة، وعضو فى العديد من الجمعيات الوطنية. يشغل حاليًا منصب الأمين العام لمركز الدراسات والأبحاث حول البونابرتية ورئيس حركة «النداء من أجل الشعب».. يتناول، ما يعتبره «حجج دول أفريقية» عن اتهام فرنسا بالسبب فى تخلفها الاقتصادى والتنموى.

 

 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: أفريقيا الاستعمار

إقرأ أيضاً:

معرض القاهرة الدولي للكتاب يختتم فعالياته اليوم.. وضيوف عرب: حدث يليق بعظمة مصر

يختتم معرض القاهرة الدولى للكتاب دورته الـ56، اليوم، بعد 13 يوماً من فتح باب المعرض أمام الجمهور، ومن المقرر الإعلان عن أسماء الفائزين بجوائز الدورة الحالية، والاحتفاء بهم، وشهد اليوم قبل الأخير إقبالاً كبيراً من الزوار بمختلف الفئات والأعمار، لاقتناء العديد من الكتب والمشاركة فى الأنشطة والفعاليات الثقافية والفنية.

ووصل عدد الزوار يوم الاثنين الماضى إلى 375 ألفاً و454 زائراً، ليصل بذلك إجمالى العدد خلال 11 يوماً متتالية، إلى 4 ملايين و770 ألفاً و684، ما يُجسد مدى الإقبال الجماهيرى الكبير الذى تحظى به فعاليات هذه الدورة منذ انطلاقها، وسط تضافر جهود عدة جهات رسمية وغير رسمية لخروج المعرض بالصورة اللائقة بمصر، ومن بينها وزارة الداخلية التى شاركت لأول مرة بالمعرض من خلال سيارة الخدمات الرقمية، والتى يمكن للمواطن من خلالها استخراج بطاقة الرقم القومى، كما شهدت السيارات المتنقلة لوزارة الصحة إقبالاً من زوار المعرض للاستفادة من خدمات عيادة الأسنان وعيادة الجراحة وعيادة الباطنة وجميعها مجهزة وتوفر علاجات للمترددين مجاناً.

وقالت الدكتورة نانسى فؤاد، مدير إدارة الثقافة الصحية بمديرية الشئون الصحية بالقاهرة، إن وزارة الصحة تنفذ خطة التأمين الطبى لفعاليات معرض الكتاب عن طريق العيادات المتنقلة وقافلة صحية تضم فرقاً للتثقيف فى قاعات المعرض لتعريف الزوار بالخدمات المقدمة وأماكن وجودها، إلى جانب تقديم رسائل تثقيفية عن التغذية السليمة وإجراءات الوقاية من الإنفلونزا الموسمية والأمراض المعدية، وحول استفادة جمهور المعرض من تلك الخدمات قالت: «هناك عدد كبير من الزوار يتردد على العيادات خصوصاً أيام الإجازات التى تشهد إقبالاً ضخماً على المعرض، مثلاً مرضى السكر أو من يتعرض لجرح بسيط من الأطفال، وغير ذلك يتم نقلهم بسيارات الجولف التى توفرها إدارة المعرض إلى العيادات للتعامل مع الحالة فوراً، وبعض الرواد تلقوا خدمات الأسنان ويتم توجيه الحالات التى تحتاج إلى متابعة إلى أقرب مكان إلى سكنهم».

الدكتورة فاطمة الأخضر، الباحثة والأكاديمية التونسية، أكدت حرصها على زيارة معرض الكتاب مشيدة بالتنظيم: «التنظيم بقدر عظمة مصر، لأن مصر عظيمة جداً، وأنا سعيدة به»، وتابعت: «شاركت فى عدد من الفعاليات من بينها فعالية للاحتفاء بمئوية شكرى سرحان، وأعتبرها أحسن ما يجب أن يقدم فى شأن أيقونة السينما المصرية، ومن خلال أفلامه رأينا وتعلمنا القيم والأخلاقيات الحقيقية، وذلك الإحساس بالدور الذى يلعبه».

وأكدت الكاتبة السعودية أمل الجبرتى، التى تحتفى بصدور روايتها الأولى «إعدام غراب»، عن دار سما فى معرض القاهرة، أنها تحرص على زيارة القاهرة كل بضعة أشهر: «معرض الكتاب هو أول معرض فى المنطقة العربية وله طعم خاص، وملتقى جيد للقاء المبدعين والمفكرين والقراء أصحاب الذائقة الأدبية الرائعة»، وأشارت إلى الحراك الثقافى الذى تشهده المملكة العربية السعودية بجهود وزارة الثقافة ودعمها المعنوى والمادى الكبيرين للكتاب: «لدينا أصوات أدبية نسائية، وأصبحت أكثر فى الوقت الراهن، وهى لا تقتصر على المناداة بالحقوق بل تحكى عن الحياة وعن العلاقات الاجتماعية، وتغير الفكر بفضل تنفيذ رؤية 2030 التى تبناها الأمير محمد بن سلمان وكانت الدافع الأساسى لكل المواهب، كما أعطى للمرأة مكانتها الحقيقية ومكّنها من توصيل صوتها بشكل مناسب مع العصر».

وفى إطار الاهتمام بأبناء المحافظات الحدودية، نظمت قصور الثقافة زيارة للأطفال فى إطار فعاليات الأسبوع السادس والثلاثين لمشروع «أهل مصر»، الذى تنظمه الهيئة تحت شعار «يهمنا الإنسان»، وانطلقت الجولة بزيارة جناح وزارة الشباب والرياضة، حيث قدمت كاتبة الأطفال حسنات الحكيم ورشة حكى بعنوان «مدينة الحواديت»، التى تفاعل معها الأطفال بحماس، وعقب ذلك توجه الأطفال إلى جناح وزارة الداخلية، حيث شاهدوا فيلماً تسجيلياً عن دور الشرطة المصرية، ثم زيارة جناح وزارة الدفاع، حيث قدمت لهم شروحاً تفصيلية حول القوات المسلحة المصرية ودورها فى حماية الوطن، واختتمت الجولة بزيارة جناح الهيئة العامة لقصور الثقافة، حيث تعرف الأطفال على منصة «توت» الرقمية، وشاركوا فى أنشطة البرنامج الثقافى.

مقالات مشابهة

  • ونحن فى انتظار شهر الرحمات.. انتى فين يا حكومه؟!
  • «فتاة وبحيرتان».. رواية تُبحر فى أعماق النفس والقدر
  • عادل عزام يكتب: «يا كولر ارفع إيدك.. شعب مصر هو سيدك»
  • فى الحركة بركة
  • ترامب المظلوم.. وكلوديا الثائرة!
  • حجاب الفنانات موضة رمضان
  • عادل حمودة يكتب: أسوأ ما كتب «بوب وود ورد»
  • د.حماد عبدالله يكتب: قراءة فى صفحات تاريخ الوطن !!
  • محمد عبدالقادر يكتب عن رحلة المخاطر والبشريات
  • معرض القاهرة الدولي للكتاب يختتم فعالياته اليوم.. وضيوف عرب: حدث يليق بعظمة مصر