أندريه بوير يكتب: السكان والمستقبل.. انخفاض معدل الخصوبة يهدد العالم مع استمرار الشيخوخة
تاريخ النشر: 17th, September 2023 GMT
يعد انخفاض معدل الخصوبة البشرى على المستوى العالمى ظاهرة رئيسية لبقاء البشرية على مدى حوالى عشرة أجيال وبالتالى فإن الأمر ليس ببعيد، خاصةً وعواقب هذا الانخفاض فى معدل الخصوبة سوف يتم الشعور بها بسرعة كبيرة مع استمرار شيخوخة السكان، حتى وإن كانت هناك دول تشكو من زيادة معدلات الخصوبة والانفجار السكانى بها، إلا أنها تظل دولًا قليلة التى تعانى من الزيادة السكانية.
إذن ماذا يحدث؟
يعبر تقرير صندوق الأمم المتحدة للسكان عن ذلك بوضوح فى تقريره لخطة العمل الاستراتيجى ٢٠٢٣ الذى يحمل عنوان: «المشكلة فى القليل جدًا»
بحسب التقرير؛ «على الصعيد العالمى، وصلت الخصوبة من متوسط ٥ ولادات لكل امرأة فى عام ١٩٥٠ إلى ٢.٣ مولود لكل امرأة عام ٢٠٢١، مما يعكس السيطرة المتزايدة على النسل والتحكم بشكل أكبر على الحياة الإنجابية للنساء، ومن المتوقع أن تنخفض الخصوبة الإجمالية إلى ٢.١ مولود لكل امرأة بحلول ٢٠٥٠».
وبالفعل هناك عدة عناصر مرتبطة بهذا الملف:
- الموعد (التقريبي) هو عام ٢٠٥٠ للوصول إلى العتبة التى لن يتجدد عندها السكان البشريون بما يكفى للحفاظ على أنفسهم، ومع ذلك، فإنه سيستمر فى الزيادة لبعض الوقت، بفضل التقدم الطبى الذى سيبقى القطاعات الأكبر سنا من السكان على قيد الحياة، ولكن الانخفاض المستمر فى الخصوبة سيؤدى فى نهاية المطاف إلى انخفاض عدد السكان من البشر.
- التفسير لهذه الظاهرة: تزايد سيطرة الأفراد - وخاصة النساء - على حياتهم الإنجابية! وفى الحقيقة لم نتمكن من التعبير عن هذا العنصر بشكل أفضل خاصة أنه ببساطة يحدث أن النساء يقررن إنجاب عدد أقل من الأطفال، ويحدث كل شيء كما لو أن كل واحدة منهن قد قررت، على مستواها الخاص، حل مشكلة الزيادة السكانية والتلوث، عن طريق الحد من خصوبتها!.. متى اتخذت المرأة هذا القرار؟ عمليًا منذ عام ١٩٦٠، وبالنسبة لإرادتهن دائما، إلا أن هذه الإرادة تواجه مقاومة تنهار تدريجيا.
منذ عام ١٩٦٠: لم يكن اختراع حبوب منع الحمل عام ١٩٥٦ نتيجة صدفة علمية بحتة، بل حفزته الحركة النسوية التى شجعت البحث وضمنت نجاحه، وهكذا، هناك عاملان يعزز كل منهما الآخر لتقليل معدل الولادات، والرغبة فى تحرير المرأة وتعزيز الإمكانية الجسدية للحصول على هذه العناصر.
وتم طرح حبوب منع الحمل فى السوق الأمريكية فى عام ١٩٦٠ وفى فرنسا فى عام ١٩٦٧، بعد قانون نيوورث.. لقد حقق ذلك نجاحًا فوريًا، مما يعنى أنه استجاب بقوة للتوقعات: بحلول عام ١٩٦٥، بعد خمس سنوات من طرحه فى السوق، اعتمده أكثر من ربع النساء الأمريكيات تحت سن ٤٥ عامًا، مما أدى إلى انخفاض بنسبة ٢٠٪ فى معدل الخصوبة مقارنة بعام ١٩٥٥!
ولم يتم إنكار نجاح حبوب منع الحمل منذ ذلك الحين، حتى لو كان تطور الأمراض المنقولة جنسيًا، وخاصة الإيدز فى منتصف الثمانينيات، قد ساهم فى تطوير وسائل أخرى لمنع الحمل، إلا أن مبدأ الفصل بين الحياة الجنسية والإنجاب قد تم تطبيقه بالفعل؛ لأن التحول العميق فى علاقة المرأة بالحياة الجنسية يفسر الاعتماد الفورى لحبوب منع الحمل، وفقا للفكرة الثورية القائلة بأن الحياة الجنسية المتحررة من الخوف من الحمل من شأنها أن تحرر المرأة.
والسؤال الذى يطرح نفسه هو: حررها من ماذا؟ من ضرورة إنجاب الأطفال والعناية بهم وإطعامهم وتعليمهم، وإذا لم يكن هناك ما يمنعها من الرغبة فى الأطفال، فلا شيء الآن يجبرها على إجراء ولادة واحدة أو أكثر وعندما نحاول معرفة عدد الأطفال الذين ترغب النساء فى إنجابهن، بعيدًا عن أى قيد خارجى، رجل، أسرة، مجتمع، ثقافة، دين، يقولون بشكل عام اثنان أو أقل، ونادرًا ثلاثة أو أكثر، وهذا على المستوى العالمى.
كل هذا التطور هو جزء من حركة فردية فى المجتمع، والتى وفقًا لها لا يهم حقًا إلا الرضا الفردى أو المتعة، أما الباقى، أى أن متطلبات الأسرة وجميع المجموعات المحيطة بالفرد ليست سوى قيود، سواء تم قبولها أو رفضها.
وبطبيعة الحال، تنتصر هذه الفردية بشكل أو بآخر، اعتمادًا على المجتمع؛ ولكن حتى لو كانت هناك فى بعض الأحيان مجتمعات تصل فيها سيطرة المرأة إلى حد أنها لا تزال لديها أكثر من ستة أطفال، فمن النادر أن يكون ذلك بمحض إرادتها. ولذلك فمن الثابت أنه كلما زادت الفردية تأكيدًا لنفسها فيما يتعلق بالمجتمع الذى يستمر فى فرض إرادته على الفرد، تغلبت إرادتها على رغبات المجتمع. ومع ذلك، فالحقيقة هى أنه عندما تمارس المرأة هذه الإرادة بشكل فردى، فإنها، فى المتوسط، لا يكون لديها ما يكفى من الأطفال لضمان الحفاظ على السكان.
هل من الممكن إقناع المرأة بإنجاب العدد اللازم من الأطفال للحفاظ على عدد سكان مرضى للمجتمع؟
وهذا ما تحاول سنغافورة محاولته دون جدوى، حيث يعد معدل الخصوبة من أدنى المعدلات فى العالم رغم الجهود التى تبذلها السلطات لمحاربة هذا الاتجاه.
مرة أخرى فى ٥ أكتوبر ٢٠٢٠، أعلن هينج سوى كيت، نائب رئيس وزراء سنغافورة، عن مكافأة ولادة جديدة، فى حين أن النظام المعمول به حاليًا فى سنغافورة يسمح بالفعل للآباء المؤهلين بالاستفادة من مكافأة قدرها ١٠٠٠٠ دولار سنغافورى (٦٢٦٨ يورو). ورغم أنه من السابق لأوانه بطبيعة الحال الحكم على نتائج هذه المكافأة الجديدة، فمن الواضح أن كل المؤشرات الديموغرافية تظل فى تراجع واضح فى سنغافورة، كما هى الحال فى كوريا والصين واليابان؛ لذلك يبدو أن شيئًا عميقًا قد تغير فى آلية تكاثر السكان البشريين، ويجب علينا اتخاذ إجراءات فى الوقت الحالى، بينما ننتظر أن يبدأ نمو فى معدل الخصوبة فى الارتفاع مرة أخرى أو وضع حلول بديلة موضع التنفيذ.. لكن على مدى العقود المقبلة، لا نستطيع أن نتجنب تقييم العواقب المترتبة على انخفاض معدلات الخصوبة لأنها أصبحت على أعتابنا، وخاصة على أعتاب أوروبا.
معلومات عن الكاتب:
أندريه بوير.. أستاذ جامعى مهتم بقضايا التنمية البشرية والصحة العامة يطرح فى مقاله المشكلة التى تؤرق معظم المجتمعات الأوروبية وبعض بلدان آسيا.. والتى تتعلق بالخوف من «شيخوخة السكان» فى ظل انخفاض معدلات المواليد.. وهى مشكلة تختلف بالطبع عما نعانيه هنا فى مصر.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: شيخوخة السكان الإنفجار السكاني معدل الخصوبة انخفاض معدل منع الحمل
إقرأ أيضاً:
المطران منيب يونان يكتب: لنتبع نجم الميلاد.. لنتبع نجم العدالة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
لنتبع نجم الميلاد.. لنتبع نجم العدالة “فَإِنَّنَا رَأَيْنَا نَجْمَهُ فِي الْمَشْرِقِ وَأَتَيْنَا لِنَسْجُدَ له” ( متى 2: 2 )، من إحدى روايات الميلاد الحقيقية، زيارة مجوس المشرق إلى مغارة الميلاد، وقد أوضح لنا البشير متى في إنجيله أن هؤلاء المجوس قد رأوا النَّجم واتبعوه،حتى وصلوا إلى مذود الطفل يسوع في مغارة بيت لحم (إنجيل متى ٢: ٩ )
وقد فسر بعض المفسرين أن نجم بيت لحم هو حادثة فلكية عجيبة وفريدة من نوعها، ولها دلالات تربوية وتاريخية ورمزية. فهو علامة الله لمجوس المشرق،حتى يجدوا طريقهم إلى مذود المسيح ليسجدوا له.
وإننا لا نعرف الشَّيء الكثير عن أولئك المجوس، سوى أنهم جاءوا من المشرق،وحملوا معهم ثلاث هدايا: ذهبًا... ولبانًا... ومرًا... (إنجيل متى ٢: ١١).
وكانوا متأكدين أن هذا النجم العجيب الغريب في السماء، هو حدث إلهي عجيب على هذه الأرض.
فوقفوا في القدس ليبحثوا عن مكان ولادة المسيح، ويا للأسف لم تستطع لا السلطات السياسية ولا السلطات الدينية رؤية هذا النجم العجيب في سماء فلسطين، ولم يفكّر أحد أن يذهب معهم، ويسجد لملك الملوك ورب الأرباب، سوى الملك هيرودس لغرض في نفس يعقوب، خوفًا على سلطته.
ولم يستطع أحد في صالات السلطة والنفوذ أن يشارك هؤلاء المجوس،الحاملين رسالة الرجاء، النَّاظرين لرب الخلاص والفادي، الواثقين بأن هذا المسيح قد يحرر العالم أجمع من الظُّلم والخطيَّة. ويأتي الميلاد ثانية في هذا العالم، وكأنَّ الفرحة قد انتزعت من قلوبنا، ولكن هؤلاء المجوس يؤكدون لنا ألَّا نفقد الرَّجاء في الرب يسوع المسيح، طفل المذود.
فالعالم أجمع -وليس في أرض الميلاد فحسب- يعيش حالة من الاضطراب، ونرى اليوم بأم عيوننا على شاشات التّلفاز ووسائل التواصل الاجتماعي قساوة الإنسان المعاصر، ونرى التَّحديات القاسية، والحروب المستمرّة، والظُّلم المنظّم، وغياب سلطة القانون وانهيارها، وضعف تطبيق القانون الدولي بمعيار واحد؛ ولذلك حذر الحكماء السياسيون الحاصلون على جوائز نوبل للسلام من فشل احترام سلطة القانون، وهذا ما يقود إلى انهيار الأمن العالمي والسلم الأهلي.
ومع شديد الأسف وبدلّا من أن نسمع أخبار السلام في عيد الميلاد، فإنَّنا نسمع لغة التَّهديد والوعيد، وكأنَّ القوى العالمية المتنفّذة تحضّر إلى حرب عالمية ثالثة. وفي هذه الأيَّام فإنّنا نسمع ونرى حروبا دامية، وقتل للأبرياء، وشلالات دمٍ متدفّقة، وتطهير عرقي، وحروب إبادة، وتهديدات بنشوب حرب نووية. وكأن الاستعمار يرجع من باب العالم الخلفي. وكلّ ما يحدث اليوم يبرهن على أن أصحاب النفوذ والقرار السياسي لم يتمكنوا من رؤية نجم الميلاد، كما رآه مجوس المشرق، ويبدو أن العالم قد فقد بوصلته للسّلام المنشود، المبني على العدالة، واهتم بتغليب المصالح الضّيّقة، وعمل على إقصاء بالعدالة، والإمعان في الظّلم والحرمان.
في هذا العيد نتجرَّأ للتَّعبير عن مخاوفنا للمستقبل، وإنَّنا نتألم مع كل متألم من الحروب المستمرّة في غزة ولبنان، ونعبر عن خوفنا العميق ممّا يحدث في هذا العالم من مجريات؛ ولذلك يتساءل الكثير منا عن أيّ عالم سيرثه أبناؤنا وأحفادنا إذا غابت القيم الأخلاقية، وانعدم تطبيق القوانين الدولية العادلة. ولذلك كتب الحكماء السياسيون في رسالتهم في تشرين الثاني 2024 بأن الحرب على غزة، هي وصمة عار على ضمير العالم الحرّ، وأن انتهاء الحرب لا يتطلب إلى أسلحة تدمر البشرية، إنّما يتطلَّب أن يهتم أصحاب القرار والنفوذ بإنسانية الإنسان وحياته وكرامته، وأن يطبقوا خطة سلام عادل وواضح وشامل في حل الدولتين؛ حتى يتحقّق الاستقرار في الشرق الأوسط والعالم أجمع في هذا القرن.
ومع كلّ هذه الظّروف الصعبة، فإنّنا ما زلنا نحتفل بالميلاد كلّ عام، بميلادالمخلص المسيح ابن مريم العذراء في بيت لحم؛ لأن الميلاد هو الذي غيَّر وجه العالم، وأعطاه رجاء وسط البأس والخوف، وما زلنا نحتفل بالميلاد رغم الجراح والتّقلّبات السياسية العالمية، وما نعيشه ونقاسيه من أهوال الحروب،وألاعيب القوى السياسية والاحتلال.
ولد طفل المذود في ظل ظروف قاسية مشابهة تماما للظّروف التي نعيشهانحن. نعم فقد ولد ليحرّر الإنسان من الخوف، وليعيد إنسانية الإنسان في مذوده. ولد وأثبت لنا أن محبة الله هي التي تحفزنا، وتهتم بكل البشرية مهما كان دينها أو جنسها أو عرقها، ولد المسيح وظهرت محبة الله التي غلبت العداوة والقساوة، وظهرت محبة الله التي منحت كل إنسان حقه ومساواته فيالبشرية.
ولذا واجب علينا ألا نضيع أبصارناحتى في هذا العيد، ونحرم من رؤية نجم الميلاد، الذي ما زال يظهر على ممرّ الأزمان حتّى في أحلك الليالي،ويقودنا جميعا إلى المسيح، فنجم الميلاد هو نجم السَّلام، نجم المحبَّة، نجم الرَّجاء، نجم العدالة، نجم المساواة. وهذا النجم يشرق حتى في ظلمة الحرب والدمار؛ ولذلك رنَّمت الملائكة ترنيمة السَّلام فوق ربوع بلاد الميلاد: الْمَجْدُ للهِ فِي الأَعَالِي، وَعَلَى الأَرْضِ السَّلاَمُ، وَبِالنَّاسِ الْمَسَرَّةُ»." (لو 2: 14).
وفي خطابه في مؤتمر السَّلام الدولي 1999 قال رئيس كوستاريكا السَّابق السيد أوسكار أرياس: "سأنشر أنَّه من الواجب على كلّ الحكومات والمجتمعات الدولية والمواطنين العاديّين أن يعلنوا التزامهم الجماعي للتَّأكيد على القيم الأساسيَّة التي تأتي بالسَّلام بمعناه الحقيقي، ألا وهو العطف والتَّسامح والعدالة". وكما قال الشهيد السلفادوري المطران أوسكار روميرو إنّ السَّلام الوحيد الذي يريده الله، هو السَّلام المبني على العدالة،مستذكرين هذا التّصريح، غير أنّ هذا لا يكفي ولا بدّ من العمل من أجل إغلاق أفواه الأسلحة، وكذلك أن نلتزم التزاما حقيقيا من أجل تسكيت صراخالمهمشين والمقموعين والجياع والمظلومين.
عندها تطبّق كلمات السَّلام الجميلة، وتتحقّق المساواة بين جميع الشعوب والأعراق والإثنيات، وليس فقط لفئة معينة من المجتمع الإنساني،وبالتزامنا الأكيد علينا أن نؤسس ثقافة جديدة في هذا العالم، تلك الثقافة التي تحقق السلام كالطريق الوحيد للحياة. وهذا ينطبق ما علمنا إياه طفل المذود: أَنَا فَقَدْ أَتَيْتُ لِتَكُونَ لَهُمْ حَيَاةٌ وَلِيَكُونَ لَهُمْ أَفْضَلُ." (يو 10: 10).
كثيرًا ما نسأل هل ثمة مستقبل للمسيحية العربية بما فيها الفلسطينية في المشرق العربي بما فيها فلسطين؟ فقد سببت الحرب في غزة ولبنان هجرة كثير من أهلنا وأقاربنا، وبخاصَّة من مدينة الميلاد، وكثير من شبيبتنا الناهضة يقرون أنهم لا يستطيعون العيش في هذه الأجواء التي فقدت معنى السلام والعدالة، ويفتشون عن الحرية والمساواة والعدالة في بلاد المهجر.
إن هذه الموجة من الهجرة تقلقنا جميعا، وتؤكد لنا وللعالم أجمع أن مستقبل العربية الفلسطينية المسيحية، ليس في الحرب، ولا العنف، ولا الاحتلال، ولا في ظل التَّطرّف الدّيني، أو الغلو السياسي، إنما مستقبل المسيحية هو في السَّلام المبني على العدالة والمساواة لكل مواطن، مهما كان جنسه، أو دينه،أو عرقه، أو انتماؤه السّياسي أو الديني.
ونحن الفلسطينيين المسيحيين الذين نعيش على أرض الميلاد منذ عيد العنصرة، لا زلنا نتبع نجم بيت لحم مهما كانت أعدادنا، ولا نزال نحن الفلسطينيين المسيحيين مكونا أساسيًا من نسيج مجتمعنا، ولا يزال طفل الميلاد يدعونا من مذوده في هذا العيد لأن نكون أدوات سلام، ووسطاء عدالة،ورسل مصالحة، ومدافعين عن حقوق الإنسان، ومحققين حرية الأديان والعبادة، ومبادرين في الحوار بين الأديان، ذلك الحوار الذي يهدف إلى تجسيد القيم الدينية المشتركة التي تعزز العيش المشترك والمساواة، وكلما اتبعنا نجم الميلاد كما اتبعه مجوس المشرق، فإنَّ رجاءنا يتجدّد، وتنبعث فينا قوة الميلاد من جديد.
ونبقى على هذه الأرض التي نحبها شاهدين للميلاد والقيامة، مجسّدين ذلك في حياتنا ومجتمعنا وعالمنا. ولذلك، فطالما ثمة إله عدالة، فهناك رجاء حقيقي بأنَّه سيحقّق العدالة والسَّلام في أرض الميلاد، فلنصغ إلى كلمات سيدنا المسيح في هذا الميلاد الّتي يحثّنا فيها جميعا: سَلاَمًا أَتْرُكُ لَكُمْ. سَلاَمِي أُعْطِيكُمْ. لَيْسَ كَمَا يُعْطِي الْعَالَمُ أُعْطِيكُمْ أَنَا. لاَ تَضْطَرِبْ قُلُوبُكُمْ وَلاَ تَرْهَبْ." (يو 14: 27). ولنتبع نجم الميلاد في هذا العيد.
وكلّ عام وأنتم وعائلاتكم بألف خير.