ألكسندر عون يكتب: ديجول والعالم العربى
تاريخ النشر: 17th, September 2023 GMT
فى الفترة ما بين ١٩٥٨ إلى عام ١٩٦٨، وضع الجنرال ديجول سياسة عربية تتفق مع الواقع المحلى ويمكن تنفيذها ولكن قام خلفاؤه بتفكيك إرثه بشكل تدريجى.. ومن وجهة نظره فإن «الشرق المعقد» هو منطقة غليان دائم واصفًا العالم العربى بـ"شغوف ومجنون» يبحث عن التجديد.
شغوف بالشرق
ساعده تعليمه العسكرى على قراءة تاريخ الشرق؛ فقد قرأ «خط سير الرحلة من باريس إلى القدس» لشاتوبريان، و«تحقيق فى أرض المشرق» و«حديقة فى أورونتيد» لبارييس وقد أبهرته المناقشات العديدة مع رفيقه كاترو جنرال الجيش والخبير فى شئون العالم العربى.
وخلال السنوات الثلاث التى قضاها فى بيروت من عام ١٩٢٩ إلى عام ١٩٣١ استطاع أن يكتسب خبرة وتمرس بالواقع العربى؛ لقد أصبح على دراية بالمشكلة الكردية وظهور القومية العربية والمسألة الشائكة المتمثلة فى الاستيطان اليهودى فى فلسطين وكانت سوريا ولبنان تحت الانتداب الفرنسى منذ اتفاقيات سايكس بيكو.. أول منطقتين تنضمان إلى قيادة فرنسا الحرة عام ١٩٤١ واعتمد الجنرال ديجول على كاترو للقتال لمواجهة قوات فيشى المتواجدة فى الشرق.
واضطرت فرنسا إلى التخلى عن لبنان فى عام ١٩٤٣ وعن سوريا فى عام ١٩٤٥ بعد أن وقعت فى قبضة المحاولات الأمريكية-البريطانية لتقويض المصالح الفرنسية فى بلاد الشام وصعود القوميين العرب ١٩٤٥ وسعى ديجول- الذى حرر الأمة الفرنسية- إلى أن يسجل التاريخ عظمة فرنسا إلا أن الاضطرابات السياسية الداخلية (ثقل الحزب الشيوعى الفرنسي) والتدخلات الخارجية (الأمريكيون أرادوا عزله) دفعته إلى الاستقالة من منصب رئيس الحكومة عام ١٩٤٦.
الخروج من «المستنقع» الجزائرى
وعندما عاد الجنرال ديجول إلى السلطة عام ١٩٥٨ كانت فرنسا فى حالة حرب ضد القوميين الجزائريين المنتمين إلى جبهة التحرير الوطنى وقد قررت الدول العربية قطع علاقاتها الدبلوماسية مع فرنسا المستعمرة، وأدرك ديجول الشوكة التى تمثلها هذه القضية وأراد حسم هذا الأمر وقد كان يعلم أن فرنسا قادرة على لعب دور حاسم مع دول العالم الثالث فى منطق عدم الانحياز ضد الكتلتين السوفيتية والأمريكية؛ ولكن من وجهة نظره تبقى الجزائر «الفرنسية» هى المشكلة وليست الحل ولذلك سارع إلى حل هذا الصراع مما دفعه إلى وضع سياسة عربية حقيقية. وبتوقيع اتفاقيات إيفيان فى ١٨ مارس ١٩٦٢، أنهى الجنرال ديجول حرب الجزائر وحصل الشعب الجزائرى على استقلاله مما يعكس بوضوح رغبته فى بناء سياسة عربية كما سعت فرنسا تدريجيًا على تحسين صورتها فى الشرق الأوسط وأيضًا بين الدول المستقلة حديثًا. وحظى ديجول بالتقدير والاحترام لحزمه وواقعيته وأصبح يُنظر إليه على أنه محرر فرنسا وأصبح كناصر فى مصر أو بن بيلا فى الجزائر.. وبسبب المخاوف الإسرائيلية، لم تستطع فرنسا أن تكون «موالية للعرب».
حرب الأيام الستة نقطة التحول الدبلوماسية
«الصديق والحليف» الإسرائيلى.. بهذه الكلمات استقبل الجنرال ديجول رئيس الوزراء الإسرائيلى ديفيد بن جوريون فى عام ١٩٦٠ وأصبحت الدولتان على علاقة ودية وفى عهد حكومة بيير منديس فرانس عام ١٩٥٦ ساعدت فرنسا إسرائيل فى الحصول على القنبلة النووية.
وهكذا أصبح الجنرال ديجول رجل صاحب أيادى بيضاء تجاه إسرائيل حيث حصلت على مزايا كبيرة على المستويين الزراعى والعسكرى. وبالفعل فى نهاية عام ١٩٦٦ قامت باريس بتزويد الجيش الإسرائيلى بخمسين طائرة «ميراج في». وقد كان الرئيس الفرنسى على علم أن إسرائيل محاطة بمن تسميهم «الأعداء» فقد كان يدرك الميزة العسكرية التى تتمتع بها إسرائيل على مصر وسوريا.
عام ١٩٦٧ كان هو عام الخلاف الفرنسى الإسرائيلى فقد كان الرأى العام الغربى كله مع إسرائيل خلال حرب الأيام الستة.. وكان ديجول محايدًا وحذر إسرائيل من عواقب الصراع الإقليمى ويقال إنه قال للصحفى والفيلسوف الفرنسى ريموند آرون فى أوائل الستينيات: «إذا كان وجود إسرائيل يبدو لى مبررًا إلا أننى أعتقد أن الكثير من الحذر ضرورى عند التعامل مع العرب فهم جيرانها وسيبقون فى هذا المكان إلى الأبد».
وفى الحقيقة، براجماتية الجنرال وبلاغته جعلت منه رجل دولة عقلانى لا ينغمس فى المشاعر حيث كان يعارض بشكل مباشر الأهداف التوسعية الإسرائيلية التى حسب قوله تخاطر بإغراق المنطقة فى دائرة لا نهاية لها من الصدامات. وحذر إسرائيل من أنه فى حالة نشوب صراع فإن فرنسا ستدين الجانب الذى بدأ الأعمال العدائية.
ولذلك، فى ٥ يونيو ١٩٦٧، شنت إسرائيل هجومًا ضد القوات السورية والأردنية والمصرية وأدان ديجول إسرائيل واتهمها بالمسئولية عن هذه الحرب وفرض حظرًا على مبيعات الأسلحة مما أثر على الجيش الإسرائيلى.
معلومات عن الكاتب:
ألكسندر عون صحفى فرنسى لبنانى متخصص فى قضايا الشرق الأوسط.. يكتب عن سياسة الجنرال ديجول تجاه الوطن العربى وإسرائيل.
المصدر: البوابة نيوز
إقرأ أيضاً:
توتر وهدوء حذر بعد إطلاق نار في جوبا
ساد توتر وهدوء حذر في جوبا عاصمة دولة جنوب السودان بعد وقوع إطلاق نار كثيف متقطع مساء الخميس.
التغيير: وكالات
دعا جيش جنوب السودان، إلى الهدوء عقب تبادل كثيف لإطلاق النار اندلع مساء اليوم في مقر إقامة المدير العام السابق للمكتب الداخلي لجهاز الأمن الوطني الجنرال أكول كور كوك، مما أثار قلقاً واسعاً في العاصمة جوبا.
ووصف المتحدث باسم الجيش اللواء لول رواي كوانج، إطلاق النار الذي وقع حوالي الساعة السابعة مساءً بأنه “سوء فهم” بين مستويات مختلفة من قوات الأمن في مقر إقامة رئيس المخابرات السابق.
وقال لول لراديو مرايا الذي تديره الأمم المتحدة: “وقع إطلاق نار على مقر إقامة رئيس المخابرات السابق الجنرال أكول خور، وشاركت فيه قواتنا الأمنية التي تم نشرها لتوفير المزيد من الأمن”.
وأوضح أنه تم تخصيص طبقتين أمنيتين لحماية أكول منذ إقالته من منصب المدير العام في سبتمبر 2024.
لول رواي كوانجوأوضح لول أن “هناك قوة حماية خارجية، وهي فصيلة منتشرة حول مقر إقامته لمزيد من الأمن وحماية وثيقة داخل مجمعه”.
“حدث سوء تفاهم بين القوتين. نحن لسنا متأكدين من سبب ذلك، لكن النتيجة كانت إطلاق النار الذي سمعتموه سابقًا. ونتيجة لذلك، أصيب جنديان بالرصاص”.
وقال مسؤول المخزون العسكري إن قائد قوات الدفاع الجنرال سانتينو دينغ وول تمكن من تهدئة الوضع.
“رداً على ذلك، هرع قائد قواتنا الدفاعية، الجنرال سانتينو، إلى مكان الحادث، واحتوى الوضع، وأمر بوقف الأعمال العدائية. وأضاف لول أنه سيتم إجراء تحقيق غداً لتحديد ما حدث بالضبط.
وحث لول الجمهور على التزام الهدوء والبقاء في منازلهم.
“دع الجميع يبقوا حيث هم”. وأضاف أن الوضع تحت السيطرة، وسنوافيكم بالمزيد من التحديثات قريباً.
وفي اتصال لراديو تمازج، حث المتحدث باسم الشرطة العقيد جون كاسارا كوانج، سكان جوبا على التزام الهدوء بعد تقارير عن إطلاق نار كثيف في منطقة ثونجبيني السكنية.
“لقد عاد الوضع الآن إلى طبيعته، ورسالتي إلى الجمهور هي التزام الهدوء، كل شيء تحت السيطرة”.
وأكد العديد من سكان جوبا أيضاً أن إطلاق النار توقف وأن الهدوء عاد إلى حي ثونغبيني، حيث سُمعت أصوات إطلاق نار كثيف.
الوسومالمخابرات ثونغبيني جنوب السودان جهاز الأمن الوطني جوبا لول رواي كوانج