وجد الليبيون، الذين جرفت الفيضانات منازلهم في مدينة درنة بشرق البلاد قبل أسبوع، أنفسهم اليوم الأحد محاصرين بين مطرقة البقاء في المدينة مع نقص المياه العذبة، وسندان الفرار منها عبر مناطق جرفت الفيضانات ألغاما أرضية إليها.

وهناك مخاوف من أن يكون آلاف الأشخاص لقوا حتفهم بعد انهيار سدين في مدينة درنة في العاشر من سبتمبر أيلول الجاري، مما أدى إلى انهيار مبان سكنية كانت تصطف على جانبي مجرى نهر عادة ما يكون جافا بينما كان الناس نياما.

وقد جرفت المياه جثثا كثيرة في اتجاه البحر، وتقول الأمم المتحدة إن أكثر من ألف شخص دفنوا في مقابر جماعية.

ومع شروق شمس، الأحد، خفت حدة مشاهد الدمار مع إزالة أكوام الركام ووضعها على جوانب طرق خالية ورفع كميات من المعادن المتشابكة بعضها أجزاء من حطام سيارات.

وافترش حمد عوض شارعا خاليا وبجانبه زجاجة ماء وأغطية سرير.

وقال "أنا باق في منطقتنا في محاولة لتنظيفها والتحقق من المفقودين.. الحمد لله الذي رزقنا الصبر".

وجرفت المياه مناطق بأكملها في درنة، التي يقدر عدد سكانها بنحو 120 ألف نسمة على الأقل، أو غطتها بالوحل. وأفادت وسائل إعلام رسمية أن ما لا يقل عن 891 بناية دُمرت في المدينة، فيما قال رئيس البلدية إن 20 ألف شخص ربما يكونوا قد لقوا حتفهم من جراء هذه الكارثة.

وقال ساكن آخر إن الناس في حيرة بشأن ما يجب عليهم فعله بعد ذلك.

وقال وصفي، وهو أحد السكان الذي فضل ذكر اسمه الأول فقط، "ما زلنا لا نعرف أي شيء.. نسمع شائعات.. البعض يحاول طمأنتنا والبعض الآخر يقول إما تغادروا المدينة أو تبقوا هنا. ليس لدينا مياه ولا موارد".

وقال تقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) إن السلطات الليبية اكتشفت إصابة 55 طفلا على الأقل بالتسمم بسبب شرب مياه ملوثة في درنة، حيث يعيش المشردون في ملاجئ مؤقتة أو مدارس أو يكتظون في منازل أقاربهم أو أصدقائهم.

وأضاف التقرير أن مياه الفيضانات نقلت الألغام الأرضية وغيرها من الذخائر التي خلفها الصراع على مدار السنوات الماضية، مما يشكل خطرا إضافيا على آلاف النازحين المتنقلين.

 تضارب في عدد القتلى

وذكر التقرير أن ما لا يقل عن 11300 شخص لقوا حتفهم فيما لا يزال أكثر من عشرة آلاف في عداد المفقودين في درنة بعد أن اجتاحت العاصفة دانيال، التي جاءت عبر البحر المتوسط، المدينة ومناطق سكنية ساحلية أخرى.

ونسب التقرير حصيلة هذه الأرقام إلى الهلال الأحمر الليبي. لكن متحدثا باسم الهلال الأحمر قال إنهم لم ينشروا مثل هذا العدد من الضحايا، وأحال رويترز إلى متحدثين باسم الحكومة صرحوا بأن "الأرقام تتغير والهلال الأحمر ليس مسؤولا عن ذلك".

وقال الدكتور أسامة الفاخري، مدير مكتب وزير الصحة في حكومة الشرق، "عدد القتلى حتى الآن 3252، وجميعهم دفنوا".

وأضاف أن 86 جثة انتُشلت من تحت الأنقاض وأن عمليات الإغاثة مستمرة.

وقال الفاخري "لا يوجد رقم محدد بخصوص المفقودين لأن هناك عائلات بأكملها لقيت حتفها، ولم يأت أحد للإبلاغ عنها إضافة إلى أن هناك ازدواجية في التسجيل في المستشفيات المختلفة".

وسبق أن تحدث مسؤولون ليبيون آخرون عن مقتل أكثر من خمسة آلاف شخص.

وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية إن أكثر من 40 ألف شخص شُردوا، محذرا من أن هذا الرقم من المرجح أن يكون أعلى من ذلك بكثير بسبب صعوبة الوصول للمناطق الأكثر تضررا مثل درنة، حيث شُرد ما لا يقل عن 30 ألف شخص.

وأرسلت منظمات إغاثة دولية مساعدات طارئة جوا كما قدمت بعض الدول إمدادات ومساعدات أخرى، لكن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية قال إن هناك حاجة إلى المزيد.

وتجمع عمال حماية مدنية أرسلتهم الجزائر لتمشيط أنقاض المباني التي كانت ذات يوم متعددة الطوابق بمساعدة الكلاب في محاولة للعثور على أي ناجين.

ووزع متطوعون ملابس وأطعمة في مدينة البادية الساحلية التي تقع غربي درنة.

وقال محمد شاهين، أحد المشرفين على المبادرة، "ترك الناس منازلهم بدون أي شيء، لم يكن لديهم وقت حتى لأخذ ملابسهم الداخلية".

وقال متطوع آخر، يدعى عبد النبي، إن الفريق جاء من مدينة العجيلات على بعد نحو 1200 كيلومتر في غرب ليبيا، الذي دخل في صراع متقطع مع الشرق منذ أكثر من عقد.

وأضاف "يأتي الناس لمساعدة المتضررين".

وتعاني ليبيا، التي يبلغ عدد سكانها سبعة ملايين نسمة، من عدم وجود حكومة مركزية قوية منذ الانتفاضة التي دعمها حلف شمال الأطلسي وأطاحت بمعمر القذافي في عام 2011.

ووصف رئيس حكومة الوحدة الوطنية المعترف بها دوليا في طرابلس، عبد الحميد الدبيبة، الفيضانات بأنها كارثة غير مسبوقة. ودعا رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي إلى ضرورة الوحدة الوطنية.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: أکثر من ألف شخص

إقرأ أيضاً:

بوتوتة: الشعب الليبي توحده المحن والكوارث ويجمعه الفرح في الصحراء

أكد رئيس المحكمة العليا الأسبق والخبير القانوني عبدالرحمن أبوتوتة، أن الشعب الليبي توحده المحن والكوارث ويجمعه الفرح في الصحراء.

وقال أبو توتة في منشور عبر «فيسبوك»: “أي شعب هذا الذي  توحده المحن والكوارث والأحزان، ويجمعه الفرح، ليس في صالات الأعراس بالمدن، بل في كثبان  الصحراء، شباب  يعشق  كل حبة من تراب وطنه، تركوا  الأسرّة الوثيرة، وآثروا النوم على تراب  الصحراء على قطعة من الإسفنج وغطاء بسيط، لكنه تراب طاهر لم تنجسه أيادي الأعداء وعملائهم الخونة”.

وأضاف “يبدو لي أن علماء النفس والاجتماع  والانتروبولوجيا (علم الإنسان) فشلوا في سبر أغوار النفس البشرية لدى الشعب الليبي،   صحيح أن في طباعهم شدة وحدة، لكن في أعماقهم الرحمة، وفي خصالهم النخوة والكرم، ومن صفاتهم الشجاعة والبأس ذلك ما أثبته  عبد الرحمن بن خلدون في مقدمته الشهيرة”.

وتابع “ذلك ما أثبته أخيرا من الغرب الليبي ذلك الشيخ  الذي أخرج عباءته  البيضاء (الحولي) الذي كان يذخره لبرد الشتاء متبرعا به  لضحايا فيضان درنة في أقصي الشرق عندما شاهدت إصراره علي التبرع به سقطت من عيني دمعة على موقف هز المشاعر والأبدان، وهو يقول (أنا لا أملك مالا ولا سيارة سوى هذا الحولي وأريد التبرع به لضحايا درنة)، لم يكن موقف ذلك الشيخ الطاعن في السن لأجل الرياء أو طلبا للشهرة، بل كان تعبيرا عن النخوة المتأصلة في جينات أجداده”.

واستطرد “ألم يلتحم الأجداد في معارك الشرف والكفاح ضد المستعمر الإيطالي من مختلف المدن والمناطق؟، ألم تكن معركة الهاني   والقرضابية وأدوار شيخ المجاهدين في الشرق ملاحم جمعت كل الليبيين، لماذا أراهم  اليوم منقسمون يتخاصمون على شيء لا يملكونه  بل الشعب هو السيد والمالك والأمر والناهي لو كانوا يعلمون”.

واستكمل “إن فيضان درنة ورالي تي تي بودان يجسدان تلك الجينات بكل عظمتها وفخرها، بعيدا عن السياسة وأجزم أن الليببين في حاجة فقط لقيادة حكيمة تقودهم و ترعى مصالحهم وتحمي الوطن من الأعداء”.

الوسومأبو توتة الشعب الليبي ليبيا

مقالات مشابهة

  • أكثر من 500 مدرسة تحولت إلى ملاجئ
  • عودة المسرح في ليبيا: أمل في مستقبل أكثر دعما وإبداعا
  • بدء أعمال تمهيد الطريق الموازي لشارع عمر بن الخطاب في درنة
  • الجبو: قمة ليبيا للطاقة التي تستعد إيطاليا لاستضافته ستنظر في موضوع استغلال الثروة النفطية في البلاد
  • إذاعة دير مارجرجس بالأقصر.. نصف قرن من الترانيم وإعادة المفقودين
  • أكثر المدن التركية التي يعاني رجالها من قصر القامة
  • ليفربول بين نارين.. تمديد عقد فان دايك أو صفقة مكلفة في الصيف
  • بالتفصيل.. الموضوعات التي ناقشها مجلس إدارة مصرف ليبيا المركزي خلال اجتماعه الأول
  • فرض الحجاب في ليبيا وقرارات أخرى تثير الجدل
  • بوتوتة: الشعب الليبي توحده المحن والكوارث ويجمعه الفرح في الصحراء