«روح المحارب» كتاب جديد للقائد العسكرى الفرنسى السابق جان برنارد بيناتيل، ويتضمن أساسًا مذكراته عبر رحلة طويلة من العمل العسكرى.. ينشر موقع «لو ديالوج» مقتطفات مهمة من الكتاب، اختارها ويقدمها رئيس التحرير رولان لومباردى. 

كان ضابط المظليين جان برنارد بيناتيل مدرب الكوماندوز وأصيب أثناء العمليات كما يعتبر أحد مؤسسى المجموعة الدائمة لتقييم الوضع (GPES) تلك المجموعة التى تم إنشاؤها فى SGDN بناءً على طلب من الرئيس جيسكار ديستان المسئول عن تقييم الاستخبارات وعن اقتراح الخيارات الاستراتيجية وتولى رئاسة SIRPA لمدة خمس سنوات (١٩٨٥-١٩٨٩) ثم ترك الجيش برتبة عميد عن عمر يناهز ٤٩ عامًا بعد وفاة زوجته.

وأنشأ برنارد شركة متعددة اللغات لتحليل البيانات النصية وانتخب فى يناير ٢٠٠٧ رئيسًا لاتحاد محترفى الاستخبارات الاقتصادية (Fépie). حصل على الدكتوراة فى الدراسات السياسية والماجستير فى العلوم الفيزيائية (الفيزياء النووية)، قام جان برنارد بيناتيل بتأليف ستة كتب جيوسياسية منها: «تاريخ الإسلام الراديكالى وأولئك الذين يستخدمونه»، (عن دارلافوزيل، ٢٠١٧). يكتب معنا فى «لو ديالوج». وقد نشر مؤخرًا مذكراته «روح المحارب» وسيقوم فريق تحرير «لو ديالوج». بنشر بعض الصفحات من هذا الكتاب الرائع.. هذه المقتطفات اختارها ويقدمها رولاند لومباردى رئيس تحرير «لو ديالوج». 
سباق التسلح والتحدى البيئى 
لا شك أن السنوات الخمسين المقبلة ستكون حاسمة بالنسبة لكوكب الأرض من الناحية البيئية والجيوسياسية والحضارية. وهذه التحديات مترابطة. ولسوء الحظ لن نكون قادرين على مواجهة التحدى البيئى إذا أنفق العالم موارد هائلة على سباق التسلح وتراجع إلى المواجهة العسكرية بين قوى القرن العشرين والتى أسفرت عن مقتل ٧٠ مليون شخص فى قارتنا. ومن ناحية أخرى، فإن هذا العالم يعمل وفقًا للقوانين والممارسات الاجتماعية التى كانت سائدة فى عام ١٠٠٠.
وبالفعل الأمر متروك لأوروبا فهى القارة الاكثر وعيا بالبيئة وحيث اندلعت حربان ضروستان فى القرن الماضى فالأمر لها لكى تصبح منارة العالم فى هذا المجال.
ولذلك لا يمكن للإنسانية أن تسمح باندلاع حرب أهلية هناك لأننا لن نكون قادرين على التعامل حينها مع التحدى الحضارى الذى يفرضه علينا الإسلام الراديكالى فى وقت يفرض علينا اتخاذ العديد من القرارات لتأمين مستقبل الإنسانية.
ولا يمكن للأوروبيين أن يقفوا مكتوفى الأيدى امام سباق التسلح الحالى ما بين الولايات المتحدة والصين فى سعيهما إلى التفوق القاتل دون اتخاذ أى إجراء. ومهما كان علينا أن نتجنب أن يتحول المحيط الهادى جبهة للصراع بين أمريكا والصين والولايات المتحدة وهى ساحة المعركة المحددة للمواجهة الصينية الأمريكية. وهذا هو الخطر غير المقبول الذى نشأ من الوقوف إلى جانب الاستفزازات الأمريكية وقوات حلف شمال الأطلسى ضد روسيا. إنهم يجبرون هذا البلد العظيم على ألا يكون لديه خيار استراتيجى آخر سوى الانضمام إلى المعسكر الصينى. وعلى هذا فإننا نخسر استقلالنا الاستراتيجى ونضع أنفسنا بحكم الأمر الواقع فى المعسكر الأنجلوسكسونى مع خطر الانجراف ضد إرادتنا إلى حرب عالمية ثالثة.
يعمل كثير من العلماء على تنبيهنا إلى المخاطر البيئية وإظهار الطرق التى يجب اتباعها للسيطرة عليها. أنا أثق بهم وأحاول أن أكون مثاليا فى إطار أسرتى فنحن نقتصر على تناول اللحوم ونقوم بزراعة حديقة خضروات عضوية تغطى جميع احتياجاتنا من الخضار والفواكه خلال فصلى الصيف والخريف. فى الشتاء والربيع نأكل البطاطس التى يتم حصادها فى شهر يونيو والكراث الشتوى والسلطات. لقد جهزنا سقف منزلنا بألواح شمسية ونقوم بإعادة شحن سيارتنا الكهربائية الصغيرة ونهتم بالمياه ونعالج نفاياتنا.
إن جائحة كورونا تؤكد هذا الحدس الذى أصبح يقينا: العلم والتكنولوجيا هما الشرطان الضروريان للتغلب على التهديد المعدي؛ ومع ذلك، فإن القرارات السياسية يجب ان تضع فى اعتبارها عوامل أخرى. إن الفيصل هنا يكمن فى الطريقة التى ستتعامل بها السلطة السياسية مع هذه القضايا وتنجح أولا فى التوفيق بينها.
تجربة ثرية
«أعلم جيدا أننى فى السنوات العشر الأخيرة من حياتى إذ لا يزال بإمكانى خدمة فرنسا والفرنسيين. إن الحجر الصغير الذى أرغب أن أضعه لبناء عالم أكثر أمانا وأكثر تنوعا يتعلق فى الأساس بالتحديات الجيوسياسية والحضارية التى تنتظرنا. أود أن أنقل إلى أطفالى وأصدقائى ما تعلمته خلال ستين عامًا من الحياة المهنية وكذلك الدراسات حول خمس قارات وحول البشر الذين يعيشون عليها.»
«عشت شبابى فى ظروف معيشية من القرن التاسع عشر. وقد عايشت حربا تفجرت بأسلحة ومعدات الحرب العالمية الثانية. خلال حياتى العسكرية التقيت بقادة رائعين ساهموا فى بناء شخصيتى. لقد عايشت وأحببت تسارع التطور العلمى والتكنولوجى والإمكانيات الهائلة التى قدمها لنا من حيث المعرفة والتنبؤ. وقد أدركت أننا أصبحنا الآن مواطنين فى عالم ينبغى أن تنتهى فيه الحرب المتصاعدة إلى أقصى الحدود. لقد أدركت أن هذا التسارع فى التغيير فى أنماط حياتنا كان سببا لزعزعة استقرار الغالبية العظمى من سكان الكوكب، وأن جزءًا كبيرًا منهم رفض أو كان غير قادر أولا يملك الوسائل اللازمة للتكيف مع هذا العالم المتغير باستمرار».


» وفى الحقيقة، قناعتى العميقة هى قبل كل شيء أنه لا توجد حضارة متفوقة، ولا يوجد نظام سياسى قادر على فرض نفسه على الآخرين. عندما نكون فى اليابان أو الصين أو روسيا أو إيران أو ساحل العاج أو بولينيزيا، ليس لون بشرتنا أو لغتنا أو ديننا هو مايميزنا، ولكنه ذلك الشيء الذى يعتقده سكان هذه المناطق من العالم فى أعماقهم أنه ضرورى وأنهم مستعدون للمخاطرة بحياتهم».
«أنا أومن بفرنسا وبالأمة الفرنسية التى تشكلت على مدى قرون والتى شكلتها تلك القطعة من الأرض الواقعة فى أقصى نهاية أوروبا فى الجزء الغربى من أوراسيا التى تعتبر واحدة من القارات الست أو السبع. إن الشعوب التى وصلت إلى حاجز المحيط الأطلسى ذلك المسطح المائى الذى ظل صعب العبور لفترة طويلة اختلطت سلميًا أحيانًا ولكن فى أغلب الأحيان عن طريق شن الحرب. فى فرنسا هذه، حيث يريد البعض إعادة كتابة التاريخ، هناك شعوب احتفظت بجزء من حمضها النووى الأصلى، بما فى ذلك الباسك والبريتونيون والكتالونيون والكورسيكان. إن التوجه الجديد يسعى إنكار ومحو هذا التنوع، وهذه الثروة من أجل تحويل النساء والرجال الذين يسكنون هذه القطعة من الأرض (الجزء ٢٧٠ من سطح الأرض) إلى مستهلكين لعالم أحادى البعد «.
» هنا.. يمكن العثور على هذا التنوع بين النساء والرجال الذين التقيت بهم على مدى أكثر من ٦٠ عاما يمكن العثور عليه فى الحضارات التى جاءت من أعماق الزمن. لقد منحت هذه الحضارات لنفسها مؤسسات تتوافق مع معتقداتها الروحية وتشكلت من خلال تجربتها الجماعية. إن الرغبة فى فرض مفهومنا للديمقراطية على العالم أجمع ليست مجرد كفكرة المدينة الفاضلة، بل هى أيضا سببا للحرب، سواء كانت مدنية أو خارجية.»
» فى الحقيقة، أنا رجل عملى أفكر ولست مثقفا يبنى معتقداته على دراسة الفلاسفة أو المنظرين السياسيين. لم أدعى أبدا أننى أملك الحقيقة. أعرّف نفسى كعالم فيزياء جيوسياسية ومجتمعية وذلك من خلال تحليل الحقائق التى تم جمعها فى الميدان وتسليط الضوء على الاتجاهات الرئيسية وممرات اليقين وتحديد الحقائق التى تسمح لى بإلقاء الضوء على المستقبل. فى كل مرحلة من مراحل حياتى كنت أرغب دائمًا فى تجسيد تفكيرى الجيوسياسى فى كتاب عندما شعرت بأننى لا أواكب التفكير السائد. هكذا كتبت خمسة كتب، أول كتابين منها كانا بالمشاركة مع الأصدقاء».
رؤية خاصة «أفعل ذلك لنفسى أولًا لأن الشروع فى العمل هونظام صارم يتطلب منك قراءة ما تم نشره بالفعل حول الموضوع الذى تريد التعامل معه وجمع الحقائق والحجج وحتى المعلومات المضللة التى يقدمها الآخرون وتسليط الضوء على المؤلفين. أفعل ذلك أيضًا من أجل أصدقائى ومن يشرفوننى بمتابعتى لأنه يسمح لى بالحفاظ على ثقتى وفتح أبواب جديدة لى والالتقاء بنساء ورجال آخرين مثلي».
«لا تهدف هذه المذكرات إلى تطوير نظرية فلسفية أو مجتمعية. أردت استخدام القصص القصيرة لإظهار رؤيتى للعالم: لقد تم صياغتها خلال ستين عامًا من حياتى المهنية. وفى الجزء الأخير أركز على التحديات التى يتعين على فرنسا وأوروبا مواجهتها. أن هذه الذكريات ما هى إلا خليط من اللقاءات والأفعال خليط من الألم والفرح من العمل المكثف ومن الترفيه ذلك الخليط الذى شكلنى وبنى ما أنا عليه: «رجل مُثُل بلا أوهام».
 

 

 

المصدر: البوابة نيوز

إقرأ أيضاً:

«القاهرة الإخبارية» تكشف كواليس ليلة اغتيال الدبلوماسي المصري علاء الدين نظمي في سويسرا

قال الإعلامى كمال ماضى إن 6 رصاصات وُجّهت إلى صدر الدبلوماسى المصرى المستشار علاء الدين نظمى، نائب رئيس المكتب التجارى للبعثة المصرية فى جنيف، أردته قتيلاً وصعدت بروحه إلى بارئها قبل 29 عاماً ولا يزال صداها حاضراً حتى وقتنا هذا، 6 طلقات: «فى قلب جنيف كانت القصة، دوافع الاغتيال تبدو مجهولة، والجهات المحرّضة مجهولة والقتلة مجهولون».

كمال ماضى: اقتحم عش الدبابير لكشف أسرار تمويل جماعات التطرف

وأضاف «ماضى» خلال تقديمه برنامج «ملف اليوم»، المذاع على قناة «القاهرة الإخبارية»: «لم يكن يجول بخاطرهم أن بصمات على كاتم صوت بدائى الصنع ستتحول لأداة تجرهم جراً رغماً عنهم إلى ساحات العدالة، بيد أن السؤال المحير الذى يفرض نفسه ها هنا: ما ثقل هذا الدبلوماسى؟ ما الذى جعله محط الأنظار وهدفاً يُسعى خلفه؟ وهو الرجل الثانى فى البعثة التجارية المصرية وليس بالرجل الأول حتى ولا بسفير أو قنصل».

وواصل: «خيوط البحث حول الرجل قد ينقشع معها الغمام بعض الشىء، قد تكشف جزءاً ولو صغيراً من لغز صورة قديمة من تسعينات قرن منقضٍ، الإشارات كلها تومئ إلى أنه كان باحثاً دؤوباً خلف الحقيقة الغائبة، مفتشاً داخل عش للدبابير عن سبل تمويل جماعات التطرف واستغلال الدين فى السياسة، القضية أُغلقت لكن تقنيات العلم الحديثة أعادتها للحياة مرة أخرى بأصابع اتهام لأشخاص بأعينهم».

عمرو المنيرى، مراسل «القاهرة الإخبارية»، تحدث عن حادث اغتيال دبلوماسى مصرى منذ 29 عاماً فى جنيف، مشدداً على أن جنيف، تلك المدينة الهادئة التى تقع فى أحضان جبال الألب الشهيرة، والتى تزخر ببحيراتها الزرقاء العذبة، مشهورة بأنها أكثر مدن العالم التى جرى فيها عقد اتفاقات سلام، ولذا يوصف شعبها بأنه يتكلم بصوت الصمت.

استهداف الضحية بـ6 طلقات نارية بعد ترجله من سيارته أسفل المبنى المخصص لسكنه

وتابع «المنيرى»، خلال تقرير له عبر شاشة «القاهرة الإخبارية»: سويسرا دولة يحكمها نظام فيدرالى ولديها نظام قضائى مستقل فى كل محافظة وولاية، وهى تحت إشراف محكمة فيدرالية عليا تابع لها نائب عام فيدرالى، معدلات الجريمة لديها منخفضة ومحاكمها تعمل 6 أشهر فى العام.

«بحيرى»: الأمن السويسرى حاول توصيف الاغتيال جنائياً

لذا كانت مفاجأة كبيرة حين أصدر المدعى العام الفيدرالى السويسرى بياناً أعلن فيه إعادة فتح الإجراءات الجنائية لقضية كبيرة، وهى اغتيال الدبلوماسى المصرى علاء الدين نظمى، نائب رئيس الملحقية التجارية التابعة لبعثة مصر فى الأمم المتحدة بجنيف عام 1995، وشدد على أن هذه الجريمة وقعت منذ أكثر من 29 عاماً فى جنيف، وفى الـ13 من نوفمبر 1995، كان علاء نظمى قد أنهى عمله اليومى، ولم يكن يعلم أن هذا آخر يوم عمل له فى مقر الأمم المتحدة.

استعرض عمرو المنيرى، مراسل «القاهرة الإخبارية»، ما جاء فى الصحف والمواقع الأجنبية عن اغتيال الدبلوماسى المصرى علاء الدين نظمى، نائب رئيس الملحقية التجارية التابعة لبعثة مصر فى الأمم المتحدة بجنيف عام 1995، متابعاً: «صحيفة Global Watch Analysis لها مقال فى الـ24 من مايو عام 2020، أكدت فيه أن علاء الدين نظمى أوقف سيارته من طراز BMW فى موقف السيارات بالمبنى الذى يسكن فيه، ليتم قتله بدم بارد بـ6 رصاصات أُطلقت من مسدس».

متزوج من مصرية ورُزق بطفلة قبيل مقتله بـ4 أشهر وكان مشهوداً له بحسن الخلق

وأوضح أن الصحيفة تؤكد أنه بعد أيام من الجريمة وفى الـ21 من نوفمبر 1995 فتشت الشرطة السويسرية المركز الإسلامى فى جنيف الذى أسسه سعيد رمضان، صهر حسن البنا، مؤكداً أن المستشار علاء الدين نظمى كان فى الـ42 من عمره ومتزوج من سيدة مصرية ورُزق بطفلة قبيل مقتله بـ4 أشهر، وأكد «المنيرى» أن الدبلوماسى المصرى كان مشهوداً له بالتفانى والإخلاص وحسن الخلق وكان يحظى بحب واحترام كل من عمل معه وخصوصاً زملاءه من العاملين فى بعثات الدول بالأمم المتحدة، وفى الـ13 من نوفمبر 1995 كان «نظمى» مكلفاً بتقديم ملف مهم فى مؤتمر كبير تابع للأمم المتحدة فى المغرب، لذا اضطر للبقاء لوقت متأخر فى مكتبه لإنهاء الملف الذى كان سيقدمه فى اليوم التالى لسفره إلى المغرب.

وشدد على أنه يوم اغتيال الدبلوماسى المصرى علاء الدين نظمى فى عام 1995 ما بين السادسة والسابعة مساءً سمعت زوجته أصوات طلقات رصاص أو ما يشبه صوت طلقات، لكن لم تعرها انتباهاً لانشغالها بطفلتها الرضيعة، وبعدما تأخر المستشار نظمى عن موعده المتوقع لأنه كان سيسافر فى اليوم التالى إلى المغرب بالقرب من منتصف الليل فوجئت الزوجة بالسفير المصرى ورئيس المكتب التجارى وعدد من زملائه فى البعثة الدبلوماسية المصرية حضروا إلى المنزل لإعلامها بالخبر الأليم بأن المستشار علاء الدين نظمى قد قُتل أو تم اغتياله.

فحص الحمض النووى فى المعامل المتخصصة وإرساله إلى الإنتربول للكشف عنه فى 68 دولة

وأضاف: «وجدت جثته فى الجراج الخاص بالعمارة وأن الجهات الأمنية السويسرية قد بدأت بالفعل تحقيقاً .

القَتَلة سرقوا حقيبة الأوراق الرسمية الخاصة به واستولوا على متعلقاته الشخصية

وخصوصاً أن حقيبة الأوراق الرسمية الخاصة بعلاء الدين نظمى قد سرقت بجانب متعلقاته الشخصية»، وتابع: «القتلة كانوا فى انتظار المستشار علاء نظمى وأردوه قتيلاً بـ6 رصاصات قاتلة وسط دماء كثيرة قد تم سماعها رغم وجود كاتم الصوت.. الشىء الوحيد الذى وجد فى هذا الجراج هو كاتم للصوت الذى كان السبب فى توجيه الاتهام فى النهاية بعد 29 سنة للقتلة الحقيقيين».

لماذا تفتح قضية اغتيال علاء الدين نظمى مرة أخرى قبيل شهور من إعلان تقادمها؟

قال عمرو المنيرى، مراسل «القاهرة الإخبارية»، إنه وبحسب «ليبراسيون» أعلنت جماعة إسلامية؛ جماعة «العدالة الدولية»، مسئوليتها عن اغتيال الدبلوماسى المصرى علاء الدين نظمى الذى تم قتله عام 1995، ولأكثر من ربع قرن تعثر التحقيق فى اغتيال الدبلوماسى المصرى وتم تعليق الإجراء فى عام 2009، حتى تم القبض على رجل إيطالى من أصل إيفوارى عام 2018 وهو رجل من مواليد عام 1969، والأهم من ذلك أنه تم العثور على الحمض النووى الخاص به على كاتم صوت السلاح الذى استُخدم فى اغتيال علاء الدين نظمى.

تطور جديد حدث فى الـ18 من مايو 2020

وشدد «المنيرى»، خلال تقرير له ببرنامج «ملف اليوم»، عبر شاشة «القاهرة الإخبارية»، على أن هذا الحمض النووى غير صالح للاستخدام منذ فترة طويلة بالنسبة للمحققين، إلا أن التطور التكنولوجى هو الذى مكّن جهات التحقيق من العثور على مشتبه به بعد 23 عاماً من الحادث، مؤكداً أن تطوراً جديداً حدث فى الـ18 من مايو 2020، وكانت قد طالبت المحكمة الفيدرالية السويسرية أعلى هيئة قضائية فى سويسرا بالإفراج الفورى عن المشتبه فيه، وهذا الحكم مثير للدهشة على أقل تقدير.

ملف الحمض النووى هو الوحيد الذى يستوفى المتطلبات

وأضاف: «بما أن ملف الحمض النووى هو الوحيد الذى يستوفى المتطلبات لذات الصلة فقد تم إدخاله فى الأنظمة المخصصة وإرساله إلى الإنتربول أو البوليس الدولى بل تم الكشف عن الحمض النووى فى 68 دولة وظلت المقارنة مرة أخرى غير حاسمة»، موضحاً أنه نظراً لعدم التمكن من التعرف على الجانى، على الرغم من أعمال التحقيق المكثفة أوقفت الإجراءات الجنائية فى ديسمبر عام 2009 بسبب عدم التعرف على الجانى فى يونيو».

وواصل: «فى يونيو عام 2016 تم تشغيل نظام الوطنى لسويسرا الجديد والذى يستخدم خوارزميات «AFIS» نتيجة لذلك تمت مقارنة الخيوط التى لم يتم حلها سابقاً والتى تتعلق فى المقام الأول بالجرائم الخطيرة مع نظام معلومات الاستخبارات المالية الجديد، وتم العثور أخيراً على تطابق بين بصمة الأصبع الموجودة على كاتم الصوت وبصمات المتهم البالغ من العمر الآن 54 عاماً، وتم القبض على المتهم الرئيسى فى أكتوبر 2018، ووجه النائب العام تهمة القتل العمد إلى المتهم».

وتابع: «وفى مايو 2020 بعدما قبلت المحكمة الفيدرالية الاستئناف الذى تقدم به المتهم تم الإفراج عنه، وفى ديسمبر 2021 تم اعتقاله مرة أخرى ووضعه رهن الاحتجاز فى إطار تحقيق خاص بالولايات أو المحافظات السويسرية، كما اتهم النائب العام السويسرى المتهمة الأخرى بالتواطؤ فى القتل بسبب تصنيعها لكاتم الصوت المستخدم فى الجريمة، تم إجراء عشرات المقابلات كجزء من الإجراءات الجنائية وكعادتها ستعلن النيابة التهمة الجنائية فى الجلسة الرئيسية أمام المحكمة الجنائية الاتحادية ويسرى افتراض البراءة حتى يصدر الحكم النهائى»، مضيفاً: «يبقى السؤال: لماذا قرر المدعى العام السويسرى أن يفتح القضية مرة أخرى قبيل شهور فقط من إعلان تقادم القضية؟، التى كانت تصل إلى 30 عاماً بحسب القانون السويسرى».

وقال أحمد كامل بحيرى، الباحث بمركز الأهرام للدراسات، إن الفترة التى تم اغتيال الشهيد المستشار علاء الدين نظمى بجنيف هى فى فترة 1995، التى تعد الأسوأ فى تاريخ مصر خارجياً، لافتاً إلى أنه فى 13 نوفمبر عام 1995، كانت هناك محاولة اغتيال للملحق التجارى، وفى 19 نوفمبر تم تفجير السفارة المصرية فى باكستان، وفى 21 نوفمبر محاولة اغتيال السفيرة المصرية فى بلغاريا.

وأضاف أن جماعة العدالة الدولية التى تبنت اغتيال الملحق التجارى المصرى، هى التى أصدرت بياناً بتبنى تفجير السفارة المصرية بباكستان بعد عدة ساعات من العملية، وفى أكتوبر من العام ذاته، تم رصد مقابلة بين عبدالوهاب شرف الدين، مسئول جماعة الإخوان فى السويس فى لندن بلقائه مع ياسر السرى، وهو أحد العناصر المتهمة فى اغتيال عاطف صدقى، وواصل: «كان محكوماً على السرى بالإعدام، وتم إعطاؤه حق اللجوء السياسى فى بريطانيا، وهناك روابط كثيرة يمكن جمعها فى صورة واحدة، يمكن أن تؤكد الحوادث الثلاث التى تمت فى نوفمبر 1995 ضد المصالح المصرية، لم تكن مصادفة ومَن يقف وراءها ليس ما يسمى بالعدالة الدولية».

قيادات الجماعة الإسلامية أو القاعدة يمرون على باب الإخوان

وشدد على أنه حتى بداية عام 2000، كان هناك بابان لدخول الجماعات التكفيرية، وهما السلفية وخصوصاً السلفية العلمية أو الجهادية، وباب الإخوان المسلمين، لافتاً إلى أن شخصاً يريد الانضمام لأى جماعة جهادية، كان يجب عليه أن يمر بأحد البابين، وأنه حتى عام 2002 لا توجد قيادة من قيادات تنظيم الجهاد أو الجماعة الإسلامية لم يمر على جماعات الإخوان بمن فيهم عبدالله عزام، لكن داعش تختلف تماماً عن تنظيم القاعدة والجماعة الإسلامية، وأضاف: «هناك أسماء عديدة ظهرت فى فيديوهات تنفذ عمليات تابعة لتنظيم داعش عندما كان موجوداً فى سيناء فى مصر وأعلنت هذه الأسماء انضمامها للتنظيم»، مؤكداً أن قيادات الجماعة الإسلامية أو الجهاد أو القاعدة كانت حتى عام 2002 تمر على باب السلفية أو الإخوان المسلمين.

«نظمى» تمكن من الوصول إلى تفاصيل ارتباط بعض المؤسسات الاقتصادية بتشكيلات إسلامية دون الاقتصار على التنظيم الدولى للإخوان

وعلق على كشف تفاصيل اغتيال المستشار علاء الدين نظمى فى جنيف، بعد 29 عاماً من وقوعها، قائلاً إن مَن يقف وراء هذه الحادثة ليس كما يسمى بالعدالة الدولية، والبيان الصادر من هذه الجماعة، وهى ليس لديها أى أثر بأى شكل من الأشكال ولم تتبن قبل هذه العملية، أو ما بعدها باستثناء العملية التى تم الإعلان عنها فى جنيف، وعملية السفارة المصرية فى باكستان، لم يذكر أى أثر لديها حتى فى التنظيمات والجماعات المتطرفة.

وأضاف أنه فى مصر عندما حدثت العملية الإرهابية فى المنطقة الغربية بالواحات صدر بيان من تنظيم يسمى «أنصار الإسلام»، لكن فكرة تبادل المسميات فى كل عملية باسم يعطى إيحاء أولاً ببعد الصفة عن مرمى الاتهام، وثانياً يشتت الأجهزة الأمنية فى عملية التعقب، وثالثاً يعطى عملية التضخيم بأن هناك تعدداً فى التنظيمات الإرهابية التى تستهدف مصالح الدولة أو الشخص، وتابع: «بالتالى من المؤكد لا توجد جماعة تسمى بالعدالة الدولية، إذ ليس لها أثر، وما يحسم هذا الأمر أنه بعد سنوات يخرج أيمن الظواهرى ليعترف بأن التنظيم هو الذى تبنى العملية ضد السفارة المصرية فى باكستان، رغم أن جماعة ما يسمى بالعدالة الدولية أصدرت بياناً بالتبنى ولم تعلن فى لحظتها جماعة الجهاد والقاعدة فيما بعد تبنيها لهذه العملية، وكشف تفاصيل اغتيال المستشار علاء الدين نظمى فى جنيف، بعد 29 عاماً من وقوع الحادث، يؤكد أن التنظيمات الإرهابية لا تفعل شيئاً هباءً، ولا توجد مصادفة فى مجال أنشطتها، فعندما تغتال شخصاً فهى تريد إرسال رسالة ما، أو ربما هذا الشخص يمتلك معلومات ما تشكل تهديداً أو خطورة على هذه التنظيمات».

وأضاف أنه عاد ليطلع على أرشيف جريدة «السفير» اللبنانية فى 1995، واستعرض كل التقارير فى الجريدة والجرائد الأخرى فى نفس التوقيت حول هذا الأمر، وتوصل إلى أنه كانت هناك محاولة من الجانب الأمنى فى سويسرا لتوصيف الحادث باعتباره جنائياً فى بداية الأمر، مع تأكيد مصر أن هذا العمل ليس جنائياً استناداً إلى عدد من الأسباب، وواصل: «هناك سؤال.. لماذا الملحق التجارى؟.. أنا أعتقد أن الشهيد تمكن من الوصول إلى تفاصيل ما لها علاقة بارتباطات بعض المؤسسات الاقتصادية بتشكيلات متنوعة، الموضوع لا يقتصر على التنظيم الدولى للإخوان، لكنه متداخل ما بين التنظيم الدولى للإخوان وتنظيم الجهاد فى هروب بعض العناصر».

علق أحمد كامل بحيرى، الباحث بمركز الأهرام للدراسات، على واقعة اغتيال الدبلوماسى المصرى علاء الدين نظمى فى جنيف، بعد 25 عاماً من وقوعها، مشدداً على أنه فى الفترة ما بين 1992 حتى 1995 كان أيمن الظواهرى لديه حق اللجوء إلى سويسرا، أى فى نفس توقيت حادث الاغتيال، ويمكن أن يكون عدم تبنى «الظواهرى» وجماعة الجهاد هذا الأمر، لعدم تشكيل ضرر على وجوده فى سويسرا وكذا وجود بعض العناصر المطلوبة لمصر فى الدنمارك وسويسرا ولندن.

ونوه بأن هناك 30 اسماً من العناصر التى كانت مطلوبة من العدالة بمصر، لاتهامها فى عمليات اغتيال وتفجيرات حصلت على حق اللجوء، متابعاً: «مصر خلال 1992 حتى 1995 كانت بها حالة من الموجة الشديدة للغاية من الإرهاب فى الداخل، وبدأت فى مخاطبة الدول الأوروبية لمنع استضافة بعض المتهمين المطلوبين للدولة، وهذا ما أعقبه فى نهاية 1995 مؤتمر شرم الشيخ الشهير الخاص بمكافحة الإرهاب، والذى فتح هذا الأمر أن القاهرة بدأت تتحرك فى جمع بعض المعلومات التى تؤكد وجهة نظرها بأن هذه العناصر والمؤسسات التى تعمل داخل بعض الدول الأوروبية تمول تنظيمات إرهابية تساند فى العمليات الإرهابية بالداخل المصرى».

الملحق التجارى كان جزءاً من الملف الذى يعمل عليه

وواصل: «من وجهة نظرى وتحليلى، أن الملحق التجارى كان جزءاً من الملف الذى يعمل عليه، وهو محاولة تتبع المؤسسات الاقتصادية التى تمول بعض التنظيمات والعناصر الإرهابية التى تنفذ بعض العمليات فى الداخل المصرى، وجزء من التحقيقات فى 2003 بارتباط شخص سورى منضم عبر صورة التقطت بواسطة المخابرات الأمريكية، ولديه جمعية فى البوسنة والهرسك تحت مسمى مؤسسة البر والإحسان، ولديه حساب فى بنك التقوى الذى يرأسه يوسف ندا».

واستكمل: «جزء من جمع هذه الأمور هو جمع مواد اقتصادية لشبكة اتصال ما بين عناصر تدعم بعض العناصر الإرهابية لتنفيذ عمليات إرهابية، يمكن أن يكون الملحق التجارى قد وجد بعض التفاصيل التى تربط أو ترسم الصورة بشكل أوضح ما بين عناصر مطلوبة وبعض المؤسسات الاقتصادية سواء للإخوان أو عناصر متهمة بعملية إرهابية من جنسيات أخرى بمصر، فكان هناك قرار بتصفية الملحق التجارى».

«حميد»: تطور العلوم الجينية أسهم فى حل لغز اغتيال «نظمى»

من جانبه، قال الدكتور توفيق حميد، الباحث السياسى، إن الشهيد علاء الدين نظمى كان ذاهباً إلى الأمم المتحدة وفى ذلك خطر بالنسبة لتنظيم الإخوان، لا سيما أنه إذا ما كان اكتشف شيئاً معيناً وأعلنه يومها، كانت ستدمَّر سمعتهم على مستوى العالم أجمع وكانت ستكون الضربة مدمرة لتنظيمهم، وهو ما جعلهم يقومون بحسابات مختلفة، لأن علاء الدين النظمى لم يكن رجلاً عادياً، وليس محدوداً فى حدود دولة بعينها، بل كان سيتكلم فى مؤتمر كبير بالأمم المتحدة مسلط عليه الأضواء والكاميرات، فكان بالنسبة لهم ضربة مؤذية جداً، وأضاف «حميد» خلال مداخلة لبرنامج «ملف اليوم» تقديم الإعلامى «كمال ماضى»، المذاع على شاشة قناة «القاهرة الإخبارية»: إن الإخوان بلا شك تخلصوا من علاء الدين نظمى بسبب جريمة معينة ارتكبوها وأرادوا طمسها.

وأكد الباحث السياسى أنه سيتم إثبات شىء جديد فى القضية هذه المرة لا سيما أن هناك تطوراً رهيباً فى عالم الـDNA، مشدداً على أنه لو كان هناك شك فى قوة التحليلات الجديدة لم يكونوا ليوجهوا الاتهامات لأحد، فهم واثقون هذه المرة من الدقة، خاصة أنه يوجد 3 أفراد وليس شخصاً واحداً، ولن يكون التطابق مصادفة.

وأوضح أن الأفراد الثلاثة تناقضت شهاداتهم السابقة وزعموا أنهم ليسوا على صلة بالقصة ثم وجدت الأحماض النووية لهؤلاء الأشخاص، مشيراً إلى أن تطور علم الأحماض النووية كاف لإدانة هذه الأفراد، مشدداً على أن المدعى العام السويسرى قرر فتح قضية اغتيال الدبلوماسى المصرى علاء الدين نظمى فى جنيف قبل سقوطها بالتقادم لوجود احتمالين، أولهما اكتشاف التكنولوجيا التى تتيح كشف الجرائم، أو أن هناك تحركات قوية داخل أنظمة المخابرات فى الدول الغربية لإدراكهم خطورة منظمة الإخوان.

حيث بدأت هذه الأنظمة ترى أنهم مثل السرطان المستشري والمنتشر فى جميع أنحاء العالم، وأن الجماعة منظمة خطيرة، ولها قدرات مالية قوية خاصة مع وجود سويسرا فى هذا الأمر، وأضاف أنه أثناء فتح التحقيقات والبحث عن الإخوان وتنظيماتهم وأموالهم وعلاقتهم بالتنظيمات المتطرفة الأخرى، وتشعبها السرطانى فى العالم، وقدرتها المالية والتمويلية لجهات مريبة، جاءت قضية علاء الدين نظمى فى الصورة.

وأوضح أنه فى مرحلة تاريخية كانت سويسرا تستضيف المتطرفين على أراضيها، من منظور الليبرالية المفرطة، وحماية أى شخص صاحب فكر حتى لو كان مدمراً ومؤذياً ويدعو إلى تدمير بلده وقتل الآخرين، تحت مظلة حرية الرأي، ولكن بعدما رأوا ما يمكن أن يقدم عليه هؤلاء المتطرفون بتجربة عملية من خلال الاغتيالات وحوادث قتل وكوارث، بدأ كثير من العقلاء يدرسون هذا الأمر ليضعوا له حدوداً وليس فى سويسرا فقط، بل إنه اتجاه عام فى أوروبا ككل.

وتابع الباحث السياسي: «باتوا يشعرون بأن هناك جيشاً من أصحاب الفكر المتطرف يخترقهم ويؤثر عليهم، وفى لحظة ما قد تنتهى دولهم تماماً أمام هذا العدد الرهيب الذى يؤثر فى ديمقراطيتهم وحريتهم، متابعاً أن هناك اختلافاً كبيراً بين سويسرا فى حقبة التسعينات التى كانوا فيها سُذجاً ولا يدركون خطورة هذه الجماعات وكانوا يعاتبوننا حتى للوقوف ضدهم، وبين اليوم بعد أن عرفوا مدى خطورة تلك الجماعات وبدأوا يدركون، حتى لو كان الأمر متأخراً، فأن تأتى متأخراً خيرٌ من ألّا تأتى مطلقاً».

مقالات مشابهة

  • «القاهرة الإخبارية» تكشف كواليس ليلة اغتيال الدبلوماسي المصري علاء الدين نظمي في سويسرا
  • مجتمع النفايات الفكرية «٣»
  • السفاح الذى تفنن فى قبحه
  • ﺳﻴﻨﻤﺎ اﻏﺘﻴﺎﻻت الموﺳﺎد ﻣﻦ ﺣﺼﺎن ﻃﺮوادة إﻟﻰ اﻟﺒﻴﺠﺮ
  • فض اشتباك
  • هل يتراجع الوزير؟
  • ترامب.. والقادم الأسوأ للفلسطينيين!
  • عادل حمودة يكتب: 101 سنة هيكل.. الاختلاف لا ينفي الإعجاب
  • (الإجراءات الجنائية).. وإجراءات الحوار!!
  • 25 سنة في حب «الصقور».. هواية الملوك تجذب «حسن وسراج» من الصيد للرعاية والتدريب