شفق نيوز:
2025-02-03@04:05:59 GMT

رحلة سنين

تاريخ النشر: 17th, September 2023 GMT

رحلة سنين

منذ الصبا كان يراودني هاجس الابداع والتميز، مازلت أحتفظ بكل ما دونتهُ من كتابات متواضعة كنتُ أشعر أنها تضاهي ما يكتبهُ كبار الأدباء، على الرغم من كثرة الاخطاء التي تتخللها وعدم تنسيق الجمل وسذاجة التعبير، كنت اقرأ كل ما اكتب لأمي (رحمها الله)، التي كانت تفرح كثيرا وتشجعني وتقول (الله شگد حلوة كتاباتك) كونها امرأة أمية لاتقرأ ولا تكتب، كانت لكلماتها البريئة عامل تشجيع يحفزني ويدفعني إلى الكتابة اكثر لأوهم نفسي إنني كاتب حقيقي من الطراز الممتاز.

كنت أحرص على كتابة يومياتي بقلم الرصاص الذي ابرده بشفرة والدي بعدما كان يحلق ويرميها بسلة المهملات، وكم جرحتُ اصابعي جراء سوء استعمالها.

في يوم من الايام أهدت لي امي (قلم جاف) اشترته لي من مصروف البيت، كانت فرحتي لا توصف بعد امتلاكي لذاك القلم ، وكأني قد ملكت الدنيا بأكملها، لم اكن استعمله كثيراً الا في كتابة العناوين والخواطر المبعثرة غير واضحة المعنى، كنت أضعهُ في مكان خاص بدولابي الخشبي الصغير حفاظاً عليه.

ازداد تعلقي بالكتابة لاسيما بعد هدية امي ، ومن هنا بدأ مشواري الحقيقي مع الكتابة ، إذ كنت أحرص يومياً على تدوين كل مايصادفني في دفترٍ صغير كتبتُ على صفحته الاولى اسمي بشكل جميل كما كان يبدو لي ، كنت اعتقد بأني انموذجاً للصبي المثالي المثقف الذي ينافس الكبار بكتاباتهم رغم جهلي بقواعد اللغة العربية وركاكة ما اكتبه .

إن اجمل ماكتبته ، عن قصة كفاحي هي رحلتي مع الحياة .

وانا في سن صغير كنت اعمل في العطلتين الربيعية والصيفية وايام الجمع لاكسب المال كي اكمل دراستي ، فقد كان والدي موظفاً حكومياً بسيطاً بالكاد يكفي راتبه المتواضع متطلبات أسرتنا الكبيرة والتي عانت ما عانت من شظف العيش مثلها مثل بقية الأسر البغدادية الفقيرة .

وعلى الرغم من صغر سني كان هاجس التفكير بالحياة وصعوبتها يلاحقني ، لكن هذه المعاناة لم تمنع من حبي للموسيقى والاستماع إليها ، اذ كانت سلوتي الهادئة التي أركن لها للترويح عن نفسي مقابل ما اعاني في حياتي القاسية، كان صوت الاسطورة فيروز التي عشقتها منذ الصغر يجعل من حياتي ربيعاً كلما سمعته ، كان يزداد تعلقي بذلك الصوت الشجي العذب كلما تقدمتُ بالعمر .

اذكر حينما دخلت المدرسة الثانوية ، التي كانت بعيدةً عن منزلنا وكنت اضطر لركوب بـاص "شليمون المسيحي" الرجل الطيب الذي كان يقلنا بسيارته النفرات (فورد زرقاء اللون) إلى المدرسة كل صباح ، كنت استمع لصوت فيروز من خلال مذياع باصه ، استمتع وانسى معاناتي مع الحياة وكاني أحلق عاليا فوق الغيوم الرمادية التي تتلبد بها سماء مدينتي في يومٍ شتائي بارد .

اعجبتُ بفتاة بعمري، كنتُ اراها كل يوم وهي ذاهبة إلى مدرستها بالاتجاه المعاكس ، فتاة جميلة ، بيضاء البشرة ، ذات شعر اسود قصير ، وعيون سوداء واسعة ، حينما كنت أنظر إليها من بعيد باعجاب تبتسم بحياء وتحمر وجنتاها من شدة الخجل ، كنت استمتع بتلك اللحظات وانتظرها بشغف .

تخرجت من الدراسة الثانوية بعد معاناة وجهد سنين ، توفي والدي وصعبت حياتي اكثر، وهنا لابد من الاعتماد على نفسي كلياً ، كافحتُ عبر معاناة طويلة لأكمل دراستي الجامعية ، وقتها كان قد تم استدعائي لخدمة "العلم" إذ كان الوطن يمر بحرب ضروس ادخلنا فيها حاكم ظالم مجبرين ، بعد ثماني سنوات اكملت خدمتي العسكرية وخرجت من تلك الحرب دون ان اصب باذى ، لكنني فقدت الكثير من اعز اصدقائي واقاربي باعمار مختلفة ، منهم من خلَّف ايتاما واراملَ، ومنهم من حرق قلب أمه برحيله .

تزوجتُ في ظروف صعبة حالي حال جيلي من الشباب الذين ذاقوا الأمرَّين في حقبة نظام مستبد ، كنت وقتها اعمل في اعمال مختلفة كي اعيل اسرتي، بعد ان رفضت التعيين بسبب الرواتب الشهرية الضعيفة مقابل غلاء المعيشة، إذ كان البلد يعيش تحت وطأة الحصار الذي أكل الأخضر واليابس من حياة اغلب العراقيين، ومع كل تلك التعقيدات الحياتية لم أترك الرياضة التي كنت اواضب على ممارستها واشترك في سباقات على مستوى عالٍ على الرغم من صعوبة السنين التي واجهتها ، فضلا عن اهتمامي الكبير وحرصي لاقتناء جريدة رياضية يومية اقرأها كلمة كلمة واحيانا اعيد قراءتها مرتين .

أتذكر وانا في الصف الثالث ثانوي كنت امشي مسافة طويلة للوصل إلى مكتبة الحاج "مالك" لاحصل على جريدة رياضية يومية لمتابعة اخبار منتخباتنا الوطنية المختلفة، ظل هاجسي في متابعة الاخبار وكيفية كتابتها ، طورت كتاباتي وكنت احاول مراراً وتكراراً امرن نفسي على كيفية كتابة الاخبار والتقارير الرياضية من خلال ما اقرأ في الصحف التي اقتنيها ، كما لم انقطع عن كتابة القصص والخواطر والاشعار ونصوص الغزل ، حتى سنحت لي الفرصة لادخل المجال الصحفي بمساعدة اخي الكبير الذي سبقني بسنوات طويلة اذ كان يعمل صحفياً في عدة صحف عراقية ، بدأتُ اكتب الاخبار واسلمها له لينشرها لي بين فتراتٍ متباعدة بحكم علاقاته مع زملائه الصحفيين ، وكم كانت فرحتي كبيرة كلما تنشر لي الاخبار حتى وإن كانت قصيرة وفي أسفل زاوية احدى صفحات الجريدة الداخلية.

يوما بعد آخر زاد طموحي وبدأتُ اكتب، وسنحت لي فرصة العمل كمراسل في قناة TRT ، ووكالة انباء جيهان التركيتين بحكم اجادتي للغة ، في غضون ارتفاع شدة التوتر بين الحكومتين العراقية والامريكية وكان ذلك قبل اندلاع الحرب باشهر حينما كانت القنوات العربية والاجنبية تتوافد لتتخذ مقرات لها في بغداد لنقل الاحداث الساخنة اول بأول من مكان الحدث ، استمر عملي مع الفضائية والوكالة التركية حتى احداث 2003.

بقيت مستمراً بالعمل معها في اخطر مرحلة مرت بها بغداد بشكل خاص والعراق على وجه العموم ، اذ تعرضت حياتي للخطر مراتٍ عديدة وكدت افقدها لولا لطف الله ورعايته.

ومع كل تلك الظروف الصعبة ، لم انسَ حبي للصحافة الورقية التي كانت ومازالت تسحرني ، لتسنح لي فرصة حقيقة بعد افتتاح مقرات لصحف عراقية جديدة في العاصمة بغداد ، لاعمل محرراً رياضي في صحف عديدة ، تواصلت بعملي معها وبقيت مستمرا احقق النجاح مع اي مؤسسة صحفية اعمل بها ، حتى تسلمتُ مسؤوليات مختلفة في صحف رياضية عراقية "مدير قسم ، سكرتير تحرير ، مدير تحرير " ، ومناصب مهمة اخرى بمكاتب اعلام اتحادات واندية رياضية ، ثم انتقلت للعمل في فضائيات عراقية كمقدم ومراسل وتحديداً بعد انسحاب القناة التركية ومغادرتها العراق ، لأترك بصمة واضحة في وسائل الاعلام العراقية .

امضيت سنوات طويلة وانا اعمل في المجالين الصحفي والاعلامي ومازلت اواكب عملي رغم غلق اغلب مقرات الصحف بعد دخول العولمة والتطور التقني والانترنيت والموبايلات وانتشار منصات التواصل الاجتماعي ، لتكون الصحف الورقية من الماضي بعد ان اغلقت 90٪ منها ، فبقيت بعيداً عن معشوقتي بعد الهجمة الالكترونية المتطورة التي غزت المجال الاعلامي ، وعلى الرغم من ذلك التطور قررت البقاء باطار الاعلام رغم تراجع مدخولها المادي ، فلجأت للعمل في الصحف الالكترونية ووكالات الانباء وبعض المؤسسات الرياضية التي حرصتْ على دعوتي للعمل معها اعتزازاً بالمهنية التي امتلكها.

اخيراً لم اندم لفقدان عملي في الصحف التي عملت بها رغم انها كانت جزءاً لايتجزأ من حياتي ، وذلك لانني تركت خلفي ارثاً ادبياً وصحفياً واعلامياً وانسانياً ستذكره الاجيال من بعدي كالذين سبقوني وغادروا الحياة .

المصدر: شفق نيوز

كلمات دلالية: العراق هاكان فيدان تركيا محمد شياع السوداني انتخابات مجالس المحافظات بغداد ديالى نينوى ذي قار ميسان اقليم كوردستان السليمانية اربيل نيجيرفان بارزاني إقليم كوردستان العراق بغداد اربيل تركيا اسعار الدولار روسيا ايران يفغيني بريغوجين اوكرانيا امريكا كرة اليد كرة القدم المنتخب الاولمبي العراقي المنتخب العراقي بطولة الجمهورية خانقين البطاقة الوطنية مطالبات العراق بغداد ذي قار ديالى حادث سير عاشوراء شهر تموز مندلي على الرغم من

إقرأ أيضاً:

ليس خوفًا من الحسد.. نهال عنبر : «حياتي الخاصة متشمعة بالشمع الأحمر»

فاجأت الفنانة نهال عنبر جمهورها بالكشف عن زواجها منذ أربع سنوات، لكنها أكدت أنها لا تحب الحديث عن حياتها الخاصة أو مشاركة صور مع زوجها.

وخلال لقائها مع الإعلامي نزار الفارس، قالت نهال عنبر: “أنا متجوزة بقالي 4 سنين، لكن مش بحب أتكلم عن حياتي الخاصة، هو من خارج الوسط الفني، ومبحبش حد يعرف عني حاجة”.

وعن فارق العمر بينها وبين زوجها، أكدت أن العمر ليس عاملًا مهمًا بالنسبة لها، قائلة: “العمر مش بيفرق معايا سواء أصغر أو أكبر، وزوجي الحالي أصغر مني بشوية، مش كتير، وطالما حلال مفيش نقاش فيه.”

أوضحت نهال عنبر أن عدم نشر تفاصيل عن حياتها الخاصة ليس خوفًا من الحسد، بل لأنها تؤمن بأن الخصوصية مهمة، قائلة: “ربنا بيحب إننا منبعترش حياتنا، حتى على مواقع التواصل الاجتماعي مش بنشر حاجة عني ولا عن ابني ولا أحفادي، حياتي الخاصة متشمعة بالشمع الأحمر.”

الحجاب

تطرقت نهال عنبر خلال اللقاء إلى موضوع التدين، مشيرة إلى أن التدين لا يعني بالضرورة ارتداء الحجاب، مؤكدة:
“التدين من غير حجاب ينفع، دي حاجة بيني وبين ربنا، مش أنت اللي تحاسبني. أنا بصلي وبقرأ قرآن وأذكاري وتسبيحاتي والسنن بعملها، وربنا اللي يحاسب.”

بدون سابق إنذار 

جدير بالذكر أن آخر أعمال نهال عنبر كان مسلسل “بدون سابق إنذار”، الذي عُرض في رمضان الماضي، وشاركها البطولة آسر ياسين، عائشة بن أحمد، أحمد خالد صالح، إسلام حافظ، حنان سليمان وغيرهم، والعمل من تأليف ألمى كفارنة وسيناريو وحوار عمار صبري وسمر طاهر.

مقالات مشابهة

  • جريمة فاريا... توقيف والدة المرتكب والفتاة التي كانت برفقته
  • أمن الدولة ألقت القبض على من كانت برفقة صديقها الذي دهس الشاب في فاريا (صورة)
  • محمود حميدة من المعرض: هدفي إسعاد الناس.. والكتاب غير حياتي
  • كواليس زيارة غامضة.. هل كانت رحلة علم‌ الهدى إلى بغداد بغطاء دبلوماسي أم شخصي؟
  • ليس خوفًا من الحسد.. نهال عنبر : «حياتي الخاصة متشمعة بالشمع الأحمر»
  • هنا الزاهد: بتشد للراجل الأكبر مني بـ10 سنين على الأقل.. فيديو
  • بالفيديو.. مسؤولون: الهليكوبتر التي تحطمت كانت ضمن وحدة استعداد في حالة هجوم على أمريكا
  • ترامب: المروحية العسكرية التي اصطدمت بطائرة الركاب كانت تحلق على ارتفاع عالٍ جدا
  • جميل مطر يروي سر تشفير مقال هيكل!
  • مشاهد عودة النازحين الي شمال غزة تثير استغراب الصحف الاسرائيلية..ما لقصة