جريدة الرؤية العمانية:
2025-04-07@18:59:56 GMT

التعليم عُرفٌ أم تَرفٌ؟!

تاريخ النشر: 17th, September 2023 GMT

التعليم عُرفٌ أم تَرفٌ؟!

 

 

عائشة بنت أحمد بن سويدان البلوشية

 

لا ولن أنسى حلقة تعليم القرآن التي أصرّت جدتي- رحمها الله- أن تربطني بها صيفًا مع مُعلمنا (محمد القبيلي) رحمه الله وجزاه عنَّا خير الجزاء، قبل دخولي المدرسة الابتدائية وبعدها، فقد تعلمتُ منه قبل تسجيلي بالمدرسة الابتدائية الحروف بالتشكيل والمد أو ما يُعرف في اللغة الإنجليزية بالـ(Phonology) أو النُّطقيَّات وهو علم تجويد الأصوات، أو الفونولوجيا، أو علم الأصوات اللغوية، أو التصريف الصوتي، أو الصوت الكلامي؛ وهو فرع من اللُغويات يهتم بتنظيم الأصوات في اللغات، كتابةً وقراءةً، وذلك قبل البدء في قراءة وحفظ القرآن الكريم، ومعلم القرآن الكريم قديمًا كان هو المدرسة، وإليه يلجأ كل أولياء الأمور لتعليم وتأديب أبنائهم/ بناتهم وذلك لعدم وجود المدارس النظامية في سلطنة عُمان قبل عام 1970م عدا المدارس السعيدية الثلاث في مسقط وظفار، التي كانت حكرًا على الذكور فقط.

وتعد مدرسة "شيشي" الثانوية في الصين أول مدرسة في العالم، ذلك أن تاريخ إنشائها يعود إلى الفترة من 143-141 قبل الميلاد، التي تم افتتاحها في مدينة "تشنغدو" بالصين؛ حيث تأسست خلال عهد أسرة هان، وهذا ما يجعلها أقدم مدرسة موجودة في العالم، ولازالت هذه المدرسة إلى يومنا هذا تقدم خدماتها التعليمية -رغم قدمها- وتعد ضمن أفضل مائة مدرسة في الصين.

أما في سلطنة عُمان، فقد انتشر التعليم مع بداية النهضة الحديثة في الثالث والعشرين من يوليو 1970؛ حيث نمَتْ كمًا ونوعًا لتشمل البوادي والحواضر، والريف والمدن، والجبال والأودية، لنشهد في عام 2022 ارتفاع عدد المدارس الحكومية إلى 1242 مدرسة، ينتظم فيها 729331 طالبًا وطالبةً لتلقي العلم، ويعمل بها 57033 معلمًا ومعلمة من مختلف محافظات السلطنة، وقد وفرت حكومة جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- كُل ما من شأنه تذليل العقبات أمام مسيرة التعليم الذي يحظى باهتمام مباشر من لدن المقام السامي.

اقتصر التعليم في العصور القديمة والوسطى على فئات معينة من طبقات المجتمعات، تكاد تقتصر على الطبقات الحاكمة والنبيلة وعلية القوم، لأنَّ التعليم عندهم يعد ترفا لا يحتاجه العامة من الشعوب، وكان الحكام والملوك يختارون لأبنائهم الحكماء والمعلمين بدقة وعناية، ويخلعون عليهم المسميات والألقاب، ويجزلون لهم العطايا والهبات ليصبوا جل اهتمامهم في تعليم أبنائهم.

عندما ننظر إلى بعض الشعوب حولنا في يومنا هذا، نجد أن ولي الأمر يضغط على ابنه في التعليم واختيار المواد التي يدرسها، والبرامج التعليمية التي يتلقاها، حتى أنهم يتخمون أبناءهم كنوع من المنافسة بين أولياء الأمور لا أكثر، ليصبح التعليم لديهم عادة أو عرفًا، دون مراعاة لرغبات أبنائهم أو ميولهم أو قدراتهم الفردية، وهذا أمر له انعكاساته السلبية الخطيرة على هؤلاء الأبناء، التي قد تبدأ بالتسرب وتنتهي بالانتحار.

كان أول أمر نزل به الروح الأمين من الله إلى الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم هو: (اقْرَأ)، ليكررها ثلاثًا بعد أن قال صلى الله عليه وسلم متسائلًا: (ما أنا بقارئ؟)، ثم كانت أول آية في القرآن الكريم: "ٱقۡرَأۡ بِٱسۡمِ رَبِّكَ ٱلَّذِی خَلَقَ" (العلق: 1؛ لتصبح أمة محمد صلى الله وآله وسلم، هي أمة مأمورة بالعلم وطلبِهِ، لذا فإنَّ التعليم هنا لا يُمكن أن يركن للعرف ولا للترف؛ بل يصبح واجبًا حتميًا على الجميع، على كُل شرائح المجتمع أن تتكامل ليصل العلم إلى أهدافه المرجوة؛ لأنه من الخطأ بمكان أن نعوِّل على المعلم وحده، أو المدرسة منفردة، أو ولي الأمر وحده، التعليم منظومة متكاملة من العناصر المجتمعية قاطبة.

توقيع:

"إن تحصيل العلم ليس ترفًا، وإنَّما هو التزام وإسهام).

السلطان قابوس بن سعيد.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

حكم عمل ختمة قرآن ووهب ثوابها للميت.. الإفتاء توضح

أجابت دار الإفتاء المصرية عن سؤال يقول صاحبه "بعض الناس عندما يتوفى لهم أحد من الأسرة، يقومون بدعوة الناس لقراءة القرآن الكريم في منزله، ويختمون قراءته كله، ثم يدعون ويهبون ثواب هذه القراءة للمتوفى، ويشفعون له بالمغفرة من الله تعالى، ولكن بعض الناس يعترضون على هذا العمل ويقولون إنه بدعة وحرام؛ علمًا بأن هذا العمل يزداد وينتشر يومًا بعد يوم، فما رأي الدين في هذا؟".

وقالت دار الإفتاء، إن اجتماع المسلمين لعمل ختمة من القرآن الكريم أو قراءة ما تيسر من السور والآيات وهبة أجرها لمن توفي منهم، هو من الأمور المشروعة والعادات المستحسنة وأعمال البر التي توافق الأدلة الصحيحة والنصوص الصريحة. 

صيام الست من شوال وإهداء ثوابه إلى الميت.. دار الإفتاء توضح الحكمحكم من فاتته صلاة الجمعة بسبب النوم.. الإفتاء توضحهل الزواج في شهر شوال مكروه؟.. دار الإفتاء تحسم الجدلحكم تداول رسائل توديع شهر رمضان المبارك .. دار الإفتاء ترد

وأكدت دار الإفتاء، في فتواها المنشورة على موقعها الإلكتروني، إلى أن بعض السلف الصالح أطبق على فعلها، وجرى عليها عمل المسلمين عبر القرون مِن غير نكير، مشيرة إلى أن مَن ادَّعى أن ذلك بدعةٌ فهو إلى البدعة أقرب.

حكم الاستماع إلى القرآن

وأما عن قراءة القرآن الكريم أو الاستماع لتلاوته، فقالت دار الإفتاء، إن كليهما عبادة من أفضل العبادات، والسنة النبوية عامرة بالنصوص المؤكِّدة لفضلهما وثوابهما: ففي خصوص قراءته جاء عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لا أَقُولُ الم حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ» رواه الترمذي.

وأوضحت أنه بخصوص الاستماع إليه جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنِ اسْتَمَعَ إِلَى آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ كُتِبَ لَهُ حَسَنَةٌ مُضَاعَفَةٌ، وَمَنْ تَلَاهَا كانت لَهُ نُورًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رواه الإمام أحمد.

وتابعت "حث الله تعالى عباده المؤمنين على الاستماع إلى القرآن الكريم والإنصات له، فقال سبحانه: ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ [الأعراف: 204]، فالله عز وجل أرشد المؤمنين به المصدقين بكتابه إلى أن يصغوا وينصتوا إلى القرآن إذا قرئ عليهم؛ ليتفهموه ويعقلوه ويعتبروا بمواعظه؛ إذ يكون ذلك سبيلًا لرحمة الله تعالى بهم.

وقال الإمام الطبري في تفسيره "جامع البيان" (10/ 658، ط. دار هجر): [يقول تعالى ذكره للمؤمنين به المصدقين بكتابه الذين القرآن لهم هدى ورحمة: ﴿وَإِذَا قُرِئَ﴾ عليكم أيها المؤمنون، ﴿الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا﴾، يقول: أصغوا له سمعكم لتتفهموا آياته، وتعتبروا بمواعظه، وأنصتوا إليه لتعقلوه وتتدبروه، ولا تلغوا فيه فلا تعقلوه، ﴿لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ يقول: ليرحمكم ربكم باتعاظكم بمواعظه، واعتباركم بعبره، واستعمالكم ما بينه لكم ربكم من فرائضه في آيه] اهـ.

وقال الإمام الليث: [يُقال: ما الرحمة إلى أحدٍ بأسرع منها إلى مستمع القرآن؛ لقول الله جل ذكره: ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾، و"لعل" من الله واجبةٌ] اهـ. يُنظر: "الجامع لأحكام القرآن" للإمام القرطبي (9/1، ط. دار الكتب المصرية).

استماع النبي صَلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّمَ لتلاوة القرآن من غيره

كان النبي صَلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّمَ يحب أن يستمع لتلاوة القرآن من غيره، وهذا مما يؤكِّد سنية الاستماع والإصغاء لتلاوة القرآن الكريم واستحبابه؛ فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قالَ: قال لي النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّمَ: «اقْرَأْ عَلَيَّ، قُلتُ: آقْرَأُ عَلَيْكَ وعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟ قالَ: فإنِّي أُحِبُّ أنْ أسْمَعَهُ مِن غَيرِي، فَقَرَأْتُ عليه سُورَةَ النِّسَاءِ، حتَّى بَلَغْتُ: ﴿فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا﴾، قالَ: أمْسِكْ، فَإِذَا عَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ» أخرجه الشيخان، واللفظ للبخاري.

قال الإمام ابن بطال في "شرح صحيح البخاري" (10/ 277، ط. مكتبة الرشد): [«إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي» معنى استماعه القرآن من غيره -والله أعلم- ليكون عرض القرآن سنة، ويحتمل أن يكون كي يتدبره ويفهمه، وذلك أن المستمع أقوى على التدبر، ونفسُه أخلى وأنشط من نفس القارئ؛ لأنه في شغل بالقراءة وأحكامها] اهـ.

وقال الإمام النووي في "شرح صحيح مسلم" (6/ 88، ط. دار إحياء التراث العربي): [وفي حديث ابن مسعود هذا فوائد، منها: استحباب استماع القراءة والإصغاء لها، والبكاء عندها، وتدبرها، واستحباب طلب القراءة من غيره ليستمع له، وهو أبلغ في التفهم والتدبر من قراءته بنفسه، وفيه تواضع أهل العلم والفضل ولو مع أتباعهم] اهـ.

مقالات مشابهة

  • أتوبيس مدرسة ينهي حياة تلميذة عقب توصيلها لمنزلها في البدرشين
  • وزير التعليم في جولة مفاجئة بمدارس المنوفية.. إشادة بالانضباط وتفاعل أولياء الأمور
  • وزير التعليم يشيد بانضباط العملية التعليمية في مدارس المنوفية
  • وزير التعليم للأهالي: تابعوا مستوى ولادكم في المدارس وشجعوهم على المذاكرة
  • ماذا حدث في جولة وزير التعليم بمدارس المنوفية اليوم؟| تفاصيل كاملة
  • الأنبا توماس يترأس احتفال عيد شفيع مدرسة القديس يوحنا دي لاسال بباب اللوق
  • وزير التعليم يزور 7 مدارس في 3 محافظات لمتابعة سير العملية التعليمية
  • حكم قراءة سورة الفاتحة وأول سورة البقرة بعد ختم القرآن
  • حكم عمل ختمة قرآن ووهب ثوابها للميت.. الإفتاء توضح
  • أستاذ علم اجتماع: دور المدرسة ليس مقتصرًا على التعليم فقط