الدوحةـ فرضت أزمة شح المياه التي يعيشها العراق جراء التغير المناخي وسياسة دول المنبع، نفسها بقوة على نقاشات اليوم الثالث والأخير من مؤتمر "غزو العراق: تأملات إقليمية" الذي نظمته جامعة جورجتاون في قطر في الفترة من 14 إلى 16 سبتمبر/أيلول الجاري.

ويأتي انعقاد المؤتمر بمناسبة مرور 20 عاما على الغزو الأميركي على العراق عام 2003، ومناقشة تداعيات ذلك وتقديم المسارات المحتملة لمستقبل البلاد.

وفي جلسة نقاشية بعنوان "الحكم الرشيد والحلول الدائمة" سلط المشاركون الضوء على الأزمة المائية الخطيرة التي يواجهها العراق وتهدد استدامة الموارد المائية وتؤثر على حياة الملايين من البشر.

وقد استعرض المشاركون في الجلسة النقاشية الآثار المترتبة على أزمة المياه في العراق وما سينتج عنها من تحديات اقتصادية واجتماعية وبيئية خطيرة في ظل تأثير نقص المياه في القدرة على زراعة المحاصيل وتربية الماشية، مما يؤدي إلى تدهور الأمن الغذائي وارتفاع أسعار الغذاء.

جانب من الحضور في الجلسة النقاشية (الجزيرة) سدود دول المنبع

كما تطرق النقاش إلى مسألة بناء السدود في دول المنبع وكيف يمكن أن يؤدي إلى تغيرات في نظام الأنهار والتراكيب البيئية المائية، إضافة إلى تسببه في تغيير الأنماط الطبيعية للفيضانات والجفاف، وتأثيرات سلبية على النظم البيئية المتعلقة بالمياه في العراق.

وفي هذا الإطار يؤكد وزير الموارد المائية العراقي السابق حسن الجنابي أن الآثار السلبية للأزمة المائية قد تمتد لتتجاوز الأمن الغذائي وتطال السيادة الوطنية، مشددا على ضرورة التصدي لهذه التحديات عبر إجراءات عاجلة وتعاون دولي للحفاظ على مستقبل مستدام للموارد المائية في العراق.

ويقول الجنابي، في تصريح للجزيرة نت، إن قضية الأمن المائي في العراق لها طابع خاص نظرا لأن مياه نهري دجلة والفرات والروافد الأخرى تأتي عبر الحدود، معتبرا أنها بالإضافة إلى كونها "إشكالية طبيعية"، فإنها تمثل أيضا إشكالا سياسيا نظرا لأنه لا توجد اتفاقيات خاصة بتنظيم المياه مع دول المنبع تحدد مسؤوليات هذه الدول فيما يتعلق بالحصص المائية للدول الأخرى أو بناء السدود على سبيل المثال.

ويشير إلى أن الأمن المائي في العراق أو في أي دولة أخرى ليس مجرد مشروع يبدأ ثم يتقدم ويكتمل وتنتهي مهمة الحكومة عندها. ولكن الأمن المائي هو قدرة المجتمع على وصول مستدام وآمن للمياه العذبة للاستخدامات المختلفة، مثل الشرب والري والصناعة، بطريقة تحافظ على البيئة وتضمن استدامة الموارد المائية على المدى الطويل.

الجنابي يحذر من استخدام أزمة المياه ورقة ضغط (الجزيرة)

ونوه إلى أن الأمن المائي يتطلب توازنا بين الاحتياجات المائية المتزايدة والموارد المائية المحدودة، مع مراعاة الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.

ويضيف الجنابي أن برامج تحقيق الأمن المائي للمجتمع هي برامج حيوية يجب أن تتم مراجعتها بشكل منتظم لأنها تعتمد على ما يتاح من المياه سواء كان طبيعيا أو صناعيا كمشاريع تحلية المياه وهذه مشاريع حيوية ومهمة خاصة في ظل الظروف الحالية من زيادة سكانية هائلة ثم متغيرات مناخية يجب أن تؤخذ في الحسبان.

ويلفت الوزير السابق إلى أن مشكلات الجفاف والتصحر وتآكل اليابسة في العراق ليست بسبب التغيرات المناخية فحسب، بل أغلبها نتيجة التدخل البشري المتمثل في بناء السدود ومنشآت تحجب المياه من بلاد المنابع، مضيفا أن منطقة "الأهوار" على سبيل المثال شهدت تراجعا كبيرا في مناسيب المياه، مما أدى إلى حدوث جفاف غير مسبوق في تاريخ المنطقة، وتسبب هذا الوضع القاسي في إجبار السكان على هجرة غير اعتيادية من الأهوار إلى المدن.

نقاش حول الآثار المترتبة على أزمة المياه في العراق خلال مؤتمر بالدوحة (الجزيرة) ورقة ضغط

ويتطرق وزير الموارد السابق إلى أزمة المياه مع دول الجوار، قائلا إن العلاقة بين العراق ودول الجوار لا تزال شائكة خاصة مع إيران وتركيا على الرغم من التغير في طبيعة هذه العلاقة من "عدائية" إلى صداقة وتعاون وتبادل اقتصادي كبير ولكن تبقى المسألة المائية معهما معلقة وخطيرة بسبب انعدام وجود أطر لتنظيم هذه العلاقة المائية حاليا بالرغم من وجود اتفاقيات سابقة بهذا الشأن مثل (اتفاقية 1946) مع تركيا، وأخرى مع إيران عام 1975.

وينوه الجنابي إلى أنه بدأ مفاوضات مع الجانب التركي أثناء توليه وزارة الموارد المائية بشأن الأزمة المائية غير أن انشغال تركيا ببعض الملفات الأخرى والأكثر أهمية بالنسبة لها جعل قضية المياه بالنسبة لأنقرة في مرحلة أدنى وبالتالي لم يحدث أي اختراق في هذا الملف.

كما يشير إلى أن الجانب الإيراني أغلق الباب بشأن التفاوض بخصوص أزمة المياه مع العراق، حيث تسيطر إيران على الروافد المائية ما يجعل الوضع أكثر تعقيدا.

ويحذر الوزير السابق من إمكانية استخدام بعض الدول لقضية المياه ورقة ضغط قد تؤثر على السيادة الوطنية العراقية قائلا "نأمل ألا يحدث هذا الأمر، وحتى الآن بالنسبة للوضع العراقي الأمر غير معلن، ولا توجد دولة تقول سنستخدم المياه كسلاح ضد العراق ولكن ربما قد يتم استخدام "الوضع المائي" لوضع حلول لقضايا ومشكلات أخرى".

ويؤكد الجنابي أنه يجب النظر إلى العلاقة المائية بين العراق وجيرانه ضمن شبكة المصالح العامة التي تربط بين العراق وتركيا وإيران، مشددا على ضرورة أن يكون المسار المائي سلميا وباردا في ظل سخونة المسارات الأخرى كالإرهاب والتسلل والتهريب وغيرها وضرورة أن تكون هناك آليات حقيقية متفق بشأنها بين العراق وهذه البلدان لحل مشكلات المياه.

ويختتم الوزير العراقي السابق تصريحه بالتأكيد على أن المياه "حق إنساني" وعلى دول الجوار احترام الحق العراقي في الحصول عليه.

نشر الوعي وإيجاد الحلول

من جهتها، تؤكد الباحثة مها ياسين أن ندرة المياه والجفاف في العراق تؤثر على معيشة المزارعين وبخاصة في الجنوب حيث يضطر الكثير منهم إلى الانتقال من المجتمعات الزراعية إلى المناطق الحضرية، مشيرة إلى أنه في عام 2021، شهد العراق انخفاضا حادا في توافر المياه، مما أدى إلى انخفاض مستوى الإنتاج الزراعي بنسبة 70%، وخاصة إنتاج القمح.

كما تشير إلى أن أزمة المياه تتسبب أيضا في تفاقم التوترات الاجتماعية والسياسية، حيث تزداد المنافسة على المياه بين المجتمعات المحلية والمحافظات وخصوصا من القبائل، وتنشأ صراعات على موارد المياه بين الفلاحين والمصانع والسكان المحليين وهو الأمر الذي يؤدي إلى تصاعد التوترات والصراعات المحتملة في المنطقة.

وتشدد الباحثة في معهد الدراسات الإقليمية والدولية على ضرورة نشر الوعي بخطورة أزمة المياه والعمل على إيجاد الحلول لها، موضحة أن مواجهة أزمة المياه في العراق تتطلب جهودا جماعية وتعاونا دوليا.

كما تؤكد ياسين أنه يتعين على الحكومة العراقية اتخاذ إجراءات عاجلة وفعالة ومنها تحسين إدارة الموارد المائية، وتعزيز التعاون بين الأقاليم والمحافظات في توزيع واستخدام المياه بطرق مستدامة، وتحسين البنية التحتية المائية واستخدام التكنولوجيا الحديثة لتحسين كفاءة استخدام المياه وتنقية المياه الملوثة بالإضافة إلى تشجيع المزارعين على استخدام طرق الري المستدامة وتعزيز الحفاظ على المياه وتحلية المياه البحرية.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

محافظ مطروح يكشف كيفية حل أزمة المياه بمطروح

شدد اللواء خالد شعيب محافظ مطروح على ضرورة الاستعداد لاستقبال موسم الصيف السياحى في القطاعات الخدمية المختلفة،و الوقوف على كافة الإمكانيات لحل المشكلات،خاصة قطاع  مياه الشرب والصرف الصحى وإزالة العقبات،مع مسئولية جميع القائمين على الشركة وتعاونهم للتيسير علي المواطنين مع ما يمثله موسم الصيف من أهمية لأهالي مطروح وزائريها.

جاء ذلك خلال اجتماع اليوم الثلاثاء برئاسة اللواء خالد شعيب محافظ مطروح وبحضور الدكتور إسلام رجب نائب المحافظ واللواء مجدى الوصيف السكرتير العام  والمهندس حسين السنينى السكرتير العام المساعد والدكتور إبراهيم خالد رئيس مجلس إدارة شركة مياه الشرب والصرف الصحى  بمطروح  ورؤساء قطاعات شركة مياه الشرب والصرف الصحى  وناصر النجار نائب رئيس مدينة مرسي مطروح،ومديرى الإدارات المعنية 
حيث ناقش محافظ مطروح إمكانيات الشركة من سيارات نقل المياه بعدد 166 سيارة تعمل منها 119 سيارة بطاقات مختلفة منها 73 سيارة بمدينة مرسي مطروح،
مشددًا على الإسراع في صيانة الأعطال ورفع كفاءة باقي السيارات،بالاضافة وصول دعم السيارات الجديده بالشركة لدخولها الخدمة لتلبية مطالب واحتياجات المواطنين،مع تواجد ما لا يقل عن 5 سيارات توزيع مياه في كل مدينة  من مدن السلوم والنجيلة وبرانى

 

تم التأكيد على تذليل العقبات للإنتهاء من أعمال مد المأخذ البحرى لمحطات تحلية مياه البحر بالرميلة 1و2و3 لزيادة طاقة  إنتاج وضخ المياه بالمحطات.

 

ووجه محافظ مطروح بالعمل على زيادة ضخ المياه بالشبكات لتقليل حاجة الأهالي لسيارات نقل المياه،مع الإلتزام بجداول ضخ المياه بالمناطق المحددة والاطمئنان على الضخ أو اى عقبات بكل منطقة خاصة بالاطراف والمرتفعة وسرعة حلها فنيا من خلال الشركة.

 

كما  وجه محافظ مطروح  بمتابعة إزالة التعديات  على خطوط المياه على طول الساحل.

وكذلك متابعة حركة سيارات نقل المياه وعدادات ضخ كميات المياه من  الأغربة بالريفية والكيلو 8 وصولا إلى المواطن،مشددا على منع دخول أى سيارات خاصة  غير ملتزمة بالاشتراطات خاصة رخصة السيارة والسائق وتركيب الأغطية  لمنع تسريب واهدار المياه، ومراجعتها قبل التصريح لها بنقل المياه،مع عمل دوريات من إدارة المرور بمطروح للمتابعة ولاتخاذ الإجراءات ضد السيارات المخالفة.

،كما شدد محافظ مطروح على  تقنين حجز الايصالات  من خلال المنظومة الالكترونية بين شباك الحجز والأغربة، للتخفيف عن المواطنين وعدم ذهابهم إلى الأغربة مع عدم حجز أكثر  من وصلين للمنزل خلال شهر  ومنع حجز أكثر من إيصال لذات العنوان  ، والاسراع في الانتهاء من كشوفات  الايصالات السابقة،  


وتكليف مسؤول من شركة مياه الشرب والصرف الصحى عن التنسيق مع المواطنين أصحاب وصولات حجز المياه وليس السائق ومتابعة حركة سيارات نقل المياه  من خلال جهاز ال gis  ،مع التزام السائقين ومنع أى تجاوزات أو خروج عن خط السير المحدد للوصول إلى المواطن ومحاسبة اى تجاوزات تثبت بكل حسم.
كما شدد محافظ مطروح على رفع درجة الاستعداد بمحطات الصرف الصحى والانتهاء من الوصلات المنزلية بالمناطق الجار العمل بها وتشغيل المحطات الفرعية وربطها بالرئيسيه.

مقالات مشابهة

  • الشباب والرياضة تحيي الذكرى السبعين لمؤتمر باندونج التاريخي
  • تعاون عراقي صربي في ملف الموارد المائية
  • قطرة بألف معاناة : أزمة نقل المياه وندرتها في قطاع غزة
  • التخطيط تكشف عن مفاجأة: انخفاض كبير في الأمية بالعراق رغم التحديات!
  • محافظ مطروح يكشف كيفية حل أزمة المياه بمطروح
  • نزار بركة: المغرب ينهج سياسة استباقية لضمان الأمن المائي ومواجهة التحديات المناخية
  • الاطلاع على سير العمل بفرع هيئة الموارد والمنشآت المائية في تعز
  • نتيجة العجز المائي في سدودها.. دراسة تعديل خطة الزراعات الصيفية في حمص
  • الموارد المائية تضع خطة لمواجهة تحديات الشحِّ المائي التي ستواجه البلاد خلال الصيف
  • السوداني يأمر بمراجعة تراخيص الشركات الأجنبية بالعراق في مجالي النفط والغاز