وقفتنا هذا الأسبوع قد يظن قرائي الأعزاء أن المقال سيتضمن المعنى الحرفي للقمار والمقامرين، ولكن أقصد هنا بهما كل إنسان يعند في اتخاذ قرار يوقف خسائره ولا يتوقف في الوقت المناسب، ظنا منه أنه لابد أنه سيأتي اليوم الذي يحقق فيه النجاح المنشود.
ولكن بالحسابات السابقة والمستقبلية يجد كل من حوله عدم استطاعة تحقيق النجاح المنشود، ولكن سيستمر معه المنتفعون وسيشجعونه على الاستمرار لأن لهم مصلحة في تواجده على رأس المنظومة.
لو افترضنا مثلا أنها شركة تتعامل في نوع معين من المعاملات، ولا يهمهم سوى أنفسهم ومصالحهم فقط، لكن لا يهمهم نجاح صاحب الشركة أو فشله لأن الأهم عندهم هو نجاحهم هم في تحقيق مصالحهم فقط لا غير، حتى ولو كان نجاحهم على أنقاض صاحب الشركة والعاملين المساكين بها.
لذلك فالإنسان الواعي الشجاع هو من يتخذ القرار المناسب في الوقت المناسب قبل أن تنهار المؤسسة أو الشركة التي يقودها انهيارا تاما، لا يمكن بعدها أن تقوم المؤسسة أو الشركة بالشكل المناسب، فالمقامر في قوته وقوت من يعملون معه لابد أن يخسر لأنه يراهن على ما يملكه وهو ليس لديه قواعد اللعبة التي تجعله يكسب ويقف على رجليه بأقدام ثابتة، وحوله ضباع اللعبة الذين يملكون قواعدها القانونية وغير القانونية، ولديهم من الإمكانيات التي تكشف ورقه أو الزهر المنحرف الذي لا يكسب أحدا الأهم فقط لا غير.
فلعبة الحياة من الممكن أن يقع فيها أي واحد منا، ولكن الشاطر الذي يختار الوقت المناسب لإيقاف خسائره قبل أن يضيع كل شيء، ويتحكم فيه شيطانه ونفسه، خاصة إذا كانت أمارة بالسوء والترابيزة ومن عليها أكبر منه ومن إمكانياته، وليس عيبا أن يتوقف الإنسان في الوقت المناسب، فكلنا معرضون لاتخاذ القرارات الخطأ، ولكن العيب أن نتمادى في الخطأ، ولا يسمع الإنسان إلا صوته وصوت المنتفعين الذين يشجعونه على الاستمرار في الخطأ، لأنهم بالطبع هم المستفيدون فقط.
هذه المقالة هي جرس إنذار لكل مقامر في حياته، ليوقف في الوقت المناسب لنزيف خسائره قبل ان تمتد الخسائر إلى أسرته وبيته وكل من حوله من عاملين بمؤسسته أو شركته فالعقل زينة يصون صاحبه الذى يحافظ عليه ويعرف كيف يستثمره ويفكر به التفكير الذى يحميه بعيدا عن ملذات النفس ومقاوحتها المقاوحة المدمرة.
إلى هنا انتهت وقفتنا لهذا الأسبوع، أدعو الله أن أكون بها من المقبولين، وإلى وقفة أخرى الأسبوع القادم إذا أحيانا الله وأحياكم إن شاء الله.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: مقالات وقفة فی الوقت المناسب
إقرأ أيضاً:
أبو خليل: نتحدث عن السلام ولكن أين هو حقاً؟
توجهت النائبة اليس أبو خليل إلى العالم بكلمة ألقتها في جلسة للبرلمان الكيبيكي، تحدّثت فيها عمّا يعانيه وطنها الأم لبنان، وقالت: "كل يوم، في مكان ما من هذا العالم، تشرق الشمس فوق أنقاض مدينة كانت نابضة بالحياة ذات يوم، وفي شوارع لا تزال تتردد فيها صرخات أولئك الذين فقدوا أحباءهم.
في كل لحظة، في مكان ما، يفقد طفل أحد والديه، ويدفن والد طفله، وتنهار الأحلام تحت وطأة القنابل التي لا هوادة فيها.
تخيلوا للحظة عيون أم تبحث يائسة عن طفلها وسط أنقاض منزل كان ذات يوم مليئاً بالضحك والدفء.
وراء كل إحصائية، هناك وجه، واسم، وقصة حب انقطعت، وصداقات تحطمت، وأحلام تحولت إلى رماد.
ولكن ما الغرض من كل هذه المعاناة؟ نتحدث عن السلام، ولكن أين هو حقاً؟
أحلم بأن الحرب لن تكون ذات يوم أكثر من همسة خافتة منسية في صفحات التاريخ. وأنا التي غادرت وطنها في سن السادسة عشرة هرباً من الحرب، لا أنسى الألم الذي عاشه الناس، فتصبح الذكريات راسخة في أعماقهم.