درنة .. خطيئة السياسة والسياسيين
تاريخ النشر: 17th, September 2023 GMT
تجسِّد الفيضانات المُميتة التي حَوَّلَت مدينة درنة الليبيَّة إلى أنقاض تضمُّ تحتها آلاف الجثث والمفقودين الخطيئة التي يرتكبها السِّياسيون حينما يضعون أولويَّاتهم التصارع ودبج الخطابات لادِّعاء الأحقيَّة في تولِّي المناصب وإدارة الثروات ليتساوى في ذلك سياسيون من الأنظمة المتعاقبة.
ومع بدء وصول المساعدات الدوليَّة إلى ليبيا لدعم الناجين من الفيضانات في مدينة درنة يتراجع الأمل في العثور على أحياء بَيْنَ آلاف المفقودين بعد أيَّام على كارثة العاصفة دانيال التي صحبتها أمطار غزيرة كان يُمكِن تفادي الكثير من أضرارها لولا انهيار سدَّيْن أدَّى إلى فيضان النهر الذي يعبُر المدينة لِتتدفقَ المياه كسونامي جارف للأبنية والجسور والطُّرق ومعهم البَشَر.
وقلَّص قرب السَّد من المدينة فرص تبعثُر المياه قَبل وصولها إليها، فاجتاحت السُّيول العنيفة الجارفة درنة. وإذا كانت آخر الأرقام الرسميَّة تشير إلى حصر 3166 وفاة وفق وزير الصحَّة في حكومة شرق ليبيا عثمان عبد الجليل، فإنَّ منظَّمة الصحَّة العالَميَّة ترفع العدد إلى 3958 جثة أحصتها المنظَّمة وأكثر من تسعة آلاف شخص في عداد المفقودين، إضافة إلى عمليَّات بحث في البحر تشير مئات الجثث، ناهيك عن مخاطر انتشار الأمراض المرتبطة باحتمال تلوُّث المياه. ويتحمَّل الوضع السياسي وزرًا كبيرًا في هذه المأساة.. فإضافة إلى أنَّ هذا الوضع الذي يزداد تفاقمًا منذ 2011 يعرقل وصول المساعدات وجهود الإغاثة، فإنَّ التحقيق في ظروف الكارثة أظهر أنَّ السدَّيْنِ اللذين انهارا كانا يظهران تشقُّقات منذ 1998 ليتوالى المسؤولون والسِّياسيون على هذا الوضع لإهمال في عهد العقيد الراحل معمر القذافي دُونَ إصلاح، حيث إنَّ إدارة السدود في ليبيا أُبلغت في العام 1998 بظهور أوَّل التشقُّقات في المنشأتين لتكلف السلطات شركة استشاريَّة إيطاليَّة بتقييم الأضرار التي لحقت بالسدَّيْن، وأكَّدت وجود تشقُّقات وفي العام 2007، عهد نظام معمر القذافي بأعمال الإصلاح إلى شركة تركيَّة. وبسبب عدم توفير الأموال بدأت الشركة أعمالها في أكتوبر 2010، قبل أن تتوقفَ بعد أقلَّ من خمسة أشهر، في أعقاب ثورة 2011. ومنذ ذلك الحين، خُصِّصت ميزانيَّة كُلَّ عام لإصلاح السدَّيْن، لكن لَمْ تباشر أيٌّ من الحكومات المتعاقبة العمل. ويشير ديوان المحاسبة الليبي في تقرير عام 2021، إلى «مماطلة» الوزارة المعنيَّة في استئناف العمل في السدَّيْن ليبقى سؤال عن الميزانيَّة المخصَّصة كُلَّ عام؟ وسؤال آخر مفاده: كم أنفق سياسيون على خطابات وتحريض على أنظمة أخرى قَبل أن ينفقَ سياسيون آخرون على اقتتال داخلي على مدار السنوات الماضية بمقابل كم تمَّ صرفه على تحديث البنية الأساسيَّة التي بها كان يُمكِن تفادي مِثل هذه الكارثة؟
هيثم العايدي
كاتب صحفي مصري
Aydi007@yahoo.com
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
تنسيقية شباب الأحزاب: التشكيل الوزاري الجديد أوسع تغييرًا في تاريخ الحكومة المصرية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أكدت تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين أن تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، والتي أدت اليمين أمام رئيس الجمهورية اليوم، ويشمل 31 حقيبة وزارية، ويعد أوسع تغيير وزاري في تاريخ الحكومة المصرية بعد أن شهد تغيير 23 حقيبة وزارية، جاء مبشرا، إذ ضم التغيير الوزاري شخصيات مؤهلة وذوي خبرة ومشهود لها بالكفاءة.
وإذ تهنئ التنسيقية الحكومة الجديدة فإنها تؤكد أن تشكيلها يأتي في ظل تحديات جسيمة تواجهها الدولة المصرية؛ وعلى الحكومة أن تكون مدركة لحجم التحديات، وأن تكون على قدر المسئولية ومستوى توقعات الشعب المصري العظيم وتلبي آماله وتطلعاته وطموحاته.
ودعت تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، الحكومة الجديدة إلى أن تضع توجيهات القيادة السياسية والأهداف والقضايا التي حددها الرئيس عبد الفتاح السيسي في تكليفه للحكومة كأولوية خلال الفترة القادمة، وعلى رأسها بذل كل الجهد للحد من ارتفاع الأسعار والتضخم وضبط الأسواق لتخفيف معاناة المواطنين، والحفاظ على محددات الأمن القومي المصري في ضوء التحديات الإقليمية والدولية، ووضع ملف بناء الإنسان المصري على رأس قائمة الأولويات، خاصة في مجالات الصحة والتعليم، وتطوير ملفات الثقافة والوعي الوطني، فضلاً عن مواصلة مسار الإصلاح الاقتصادي، مع التركيز على جذب وزيادة الاستثمارات المحلية والأجنبية، وتشجيع نمو القطاع الخاص، إلى جانب إنهاء أزمة انقطاع الكهرباء.
كما توجهت تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، بالتهنئة إلى المحافظين الجدد الذين تم اختيارهم في حركة المحافظين، وتؤكد على ضرورة أن يضعوا نصب أعينهم مصلحة الوطن والمواطن، وأن تكون لديهم الكفاءة والمرونة والسرعة في الأداء والقدرة على حل المشكلات.
واختتمت التنسيقية بيانها بأنها تتمنى، التوفيق والسداد للوزراء والمحافظين الذين تم اختيارهم في أداء مهامهم وتحقيق الأهداف المنشودة بما يحقق الصالح العام للوطن والمواطن.