أصداف : اقتصاد بنصف «رئة»
تاريخ النشر: 17th, September 2023 GMT
هذا النَّوع من الاقتصاد منتشر في العديد من الدوَل والمُجتمعات، وتكمن خطورته في العوامل التي يقوم عليها والتي تكُونُ في غاية الضعف والهشاشة، لهذا أدركت بعض الحكومات والشركات والمؤسَّسات التي تعتمد هذا النَّوع من الاقتصاد خطورة ذلك، ما دفعها لوضع المعالجات التي تتكفَّل بتجنُّب تلف النِّصف المتبقِّي من «الرئة».
لنقترب من الموضوع أكثر، في حال اعتمدت عائلة في جميع مشترياتها ومصروفاتها على تحويلات لأفراد من العائلة يعملون في الخارج، وتصل هذه التحويلات بصورة دائمة ومنتظمة ما أسهم في تشكيل نمط حياتي معيَّن، نوع الملابس وحجم الفواتير ووسائط النقل وكميَّات وأنواع المأكولات والمصروفات الأخرى، التي تأخذ ـ بطبيعة الحال ـ نمطا معيَّنًا، ثمَّ فجأة توقَّفت تلك التحويلات لأيِّ سببٍ كان، عِنْدها كيف يصبح حال هذه العائلة، وينطبق ذلك أيضًا على مؤسَّسات وشركات، والأهم من ذلك على دوَل كبيرة وصغيرة.
من هنا، ندخل في مناقشة الاقتصاد الذي يعيش بنصف «رئة» وأيًّا كان هذا الاقتصاد، فإذا كان معتمِدًا على السِّياحة فقط فقَدْ تتوقَّف السِّياحة دُونَ سابق إنذار، وأقرب مثال على ذلك ما حصل خلال جائحة كورونا، وشاهدنا كيف توقَّف هذا القِطاع، الذي لَمْ يتوقع الخبراء والمختصُّون في يوم ما توقُّف عجلته بصورة شاملة، وفي حال اعتمد اقتصاد على الزراعة دُونَ غيرها، وفجأة حصل متغيِّر كبير في المناخ ـ مؤشِّرات ذلك يعيشها العالَم حاليًّا ـ وتسبَّب الجفاف بتوقُّف هذا القِطاع، وربَّما يزحف ميكروب ويضرب الأشجار والنباتات كما حصل في فيروس كورونا الذي ضرب البَشَر، وهناك اقتصادات تعتمد على الثروة الحيوانيَّة التي قَدْ تتعرض لكوارث كبيرة، وعالَم الأسماك في الأنهر والبحار قَدْ يصاب بكارثة فيتوقَّف النِّصف المتبقِّي من «الرئة».
قَدْ تكُونُ الأمثلة والقِطاعات المشمولة بالعيش في نصف «رئة» عديدة ومتنوِّعة، وقَدْ لا يراها البعض ولا يتوقع الكثيرون شمولها بهذا الوصف، لكنَّ المُهمَّ في هذه القضيَّة أن يتنبَّهَ القائمون على ذلك بتأمُّل الموقف والشروع في تصوُّر وقوع الكارثة؛ لأنَّ ذلك وحده المُحفِّز للدافع المعالج لهذه الإشكاليَّة.
إنَّ العائلة التي اعتادت على مستويات من الاستهلاك اليومي في حياتها على ما يصلها من تحويلات ماليَّة من الخارج، وطوَّرت أبواب الصرف والاستهلاك ستصاب بصدمة كبيرة، وقَدْ تتسبَّب تلك الصدمة بكوارث اجتماعيَّة واقتصاديَّة؛ لأنَّها وبدلًا من التوسُّع في زوايا الصرف والاستهلاك لتوجَّهت مبكرًا لتوسيع مساحة «نصف الرئة» وحرصت بعلميَّة على إضافة رئة أخرى أو رئات عديدة غير مرتبطة بـ»النِّصف» الهشِّ والضعيف.
ينطبق ذلك على جميع الاقتصادات التي تعيش «بنصف رئة» وبعضها ينجو والبعض ـ للأسف ـ قَدْ يضعف كثيرًا ويتراجع وربَّما يهلك.
وليد الزبيدي
كاتب عراقي
wzbidy@yahoo.com
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
البحيرة تعمل على تطوير مسار العائلة المقدسة بوادي النطرون
أعلنت الدكتورة جاكلين عازر، أن مسار العائلة المقدسة بمركز وادي النطرون يأتي على رأس الأولويات د، مؤكدة على أهمية الحفاظ على هذا المَعلم التاريخي وتطويره بما يتماشى مع المعايير السياحية العالمية.
وأضافت محافظ البحيرة، أن الدولة المصرية قد بذلت، جهود كبيرة ومكثفة من أجل تهيئة المسار لوضعه على الخريطة السياحية، حيث بلغت تكلفة إعادة إحياء مسار العائلة المقدسةبمركز وادي النطرون ، ما يقرب من ٨٠ مليون جنيه، وذلك لرفع كفاءة الطرق المؤدية للمسار بطول ٢٤ کيلو متر والإنفاق على مختلف الأعمال من رصف وإنارة وتشجير ولوحات إرشادية.
وأكدت الدكتورة جاكلين عازر، أن مسار العائلة المقدسة بمركز وادي النطرون ، يمثل أهمية تاريخية ودينية لدى شعوب العالم أجمع كما أنه يُعد من التراث الدينى العالمى الذى تتفرد به مصر عن سائر بلدان العالم.
ويأتى هذا المشروع فى إطار تعزيز السياحة الدينية وتأكيداً لرسالة السلام والتسامح التى هى عنوان مصر الأبرز فى تاريخها لتظل دائما ملتقى الحضارات والأديان.