عن ''طاهش الحوبان'' و''عُدار الدار'' وقصص الرعب في حكايات الأباء والأجداد
تاريخ النشر: 17th, September 2023 GMT
تخيلناه ونحن صغار كوحش مرعب مفترس، أخبرونا بأنه يذبح الأطفال فتتحول دمائهم إلى نقود، كانت أمهاتنا يتعمدن إخافتنا به، حتى لا نغادر المنزل''.
هكذا يصف الناس "الجبرتي"، الأسطورة التي انتشرت في عدن في القرن الماضي وأثارت الرعب في أحياء المدينة لعقود، وتتحدث عن مجموعة من الناس الذين هاجروا إلى المدينة وسكنوا فيها، واتُهموا بكثير من حوادث القتل المجهولة وعمليات الاختطاف والعنف والطقوس المرعبة.
''الجبرتي" آكل الأطفال
ظل الغموض يراود تلك القصص لسنين طويلة وجرى تناقلها بين الأجداد والآباء والأبناء، فكانت الأمهات يستخدمن أسطورة ''الجبرتي'' لإخافة الصغار بهدف منعهم أو تحفيزهم على القيام بأشياء معينة كالنوم مبكراً، أو عدم الخروج من المنزل، كأن يقلن: ''نام و إلا الجبرتي''، ''لا تخرج بعد المغرب وإلا الجبرتي''.
الجبرتي يختطف الأطفال إذا غادروا منازلهم في الليل، ثم يذبحهم ويضعهم في كيس فتتحول دماؤهم إلى نقود
تقول ليزا وهي من أهل وسكان مدينة عدن لرصيف22: "كانوا يخيفوننا بالجبرتي الذي يأخذ الأطفال إذا خرجوا إلى الشارع في أوقات الظهيرة، وكنا نعتقد بأنه وحش مخيف، أخبرونا أنه يذبح الأطفال ويضعهم داخل كيس كبير، وتتحول دماؤهم إلى نقود، كان الهدف غالباً حمايتنا من التعرض لأشعة الشمس القوية حين تكون درجة الحرارة في ذروتها ظهراً''.
''جارية شهدة" التي تظهر في المطبخ ليلاً
تختلف معتقدات الناس في اليمن حول صحة الأساطير والقصص الشعبية القديمة، بين من يرى أنها مجرد شخصيات خيالية شعبية، وبين من يؤمن بوجود بعضها على اعتبارها مخلوقات شيطانية من عالم الجن، شخصيات مثل "جارية الشُهدة''، ''تبيع الليل''، ''عُدار الدار''، ''الصَيَاد''، ''الطاهش"، وغيرها.
رصيف22 التقى بعض المهتمين بسرد القصص والأساطير الشعبية اليمنية التي لا تخلو من الرعب والمبالغة أحياناً، وقصوا علينا شيئاً من ذلك.
يعبر مفلح (55عاماً) عن إيمانه بوجود تلك الأساطير في حياتهم، ويعارضه يوسف (35 عاماً) الذي يقول إنها مجرد خرافات كان الآباء والأمهات والأجداد يروونها لأبنائهم لإخافتهم حتى لا يقدموا على أشياء غير مرغوبة كالخروج من المنزل في أوقات متأخرة من الليل. وبالطبع تنتشر القصص والأساطير الشعبية فى القرى والأرياف والبوادي أكثر بكثير مما يتم تداولها في المدن والمناطق الحضرية.
شاهد: "عدار الدار هو وحش يعيش في المنازل القديمة، أو شبح يتواجد بين أكوام الحطب وفي الاسطبلات، كنا إذا مررنا بين غرفتين مظلمتين نجري بسرعة رعباً منه وخوفاً من أن يمسك بأطراف ثيابنا أو يسحبنا من أرجلنا''
يقول مفلح إن السبب هو وجود تلك المخلوقات بالفعل في قرى وريف اليمن، حيث تكون المناطق هادئة في الليل، شديدة الظلمة، وهي بحسبه أجواء مناسبة لخروج ما وصفها بـ"المخلوقات الشيطانية". أما يوسف فيتحدث إلى رصيف22 بالقول: "أخافونا قديماً بشخصية خيالية اسمها "جارية الشهدة" والشُهدة تعني المطبخ في لهجة بعض أهل اليمن، إذ تقول القصة إن جنية على هيئة امرأة تتواجد في المطبخ أثناء الليل، لم نشاهدها أبداً، لكن ربما كان الهدف من تخويفنا بها حتى لا نذهب إلى المطبخ أثناء الليل ونأكل الطعام المدخر لليوم التالي أو نفسده".
"تبيع الليل"... يظهر في الطرقات المعتمة
أسطورة أخرى تسمى "تبيع الليل" والتبيع هو اسم الذكر من الأبقار والمعروف باسم العجل، ومع أن الكثير من منازل الريف اليمني تربي هذه المواشي في الاسطبلات أو ما تسمى "الأسفال" إلا أنه جرى تصوير هذا "التبيع" في القصص القديمة على أنه مخلوق مخيف يظهر في الليل، حتى لا يفكر الصغار في الخروج من المنزل بعد غروب الشمس، يعلق يوسف قائلا: "من شدة الخوف كانت فكرة الذهاب إلى الحمام مرعبة، وكنا نتحامل على أنفسنا حتى الصباح".
''عدار الدار"... يمسك بطرف ثوبك على الدرج
قصة قديمة أخرى هي "عدار الدار" من محافظة إب ينقلها رصيف22 عن بعض من قابلهم، فيقولون إنه وحش يعيش في المنازل القديمة، أو شبح يعيش بين أكوام الحطب وفي إسطبلات الحيوانات، وبحسب وصف أحدهم: ''كنا إذا مررنا بين غرفتين مظلمتين أو من دهليز المنزل نجري بسرعة رعباً من عدار الدار، وخوفاً من أن يمسك بأطراف ثيابنا أو يسحبنا من أرجلنا فنصعد درج المنزل أو ننزله بسرعة خارقة، وحين نصل للأمان ونتجاوز الخوف نبتسم وكأن شيئا لم يكن''.
"اللي بعيونها الطحين" وتظهر على السطح
خديجة من محافظة الضالع في الجنوب أخبرت رصيف22 وهي تضحك بطريقة والدتها لتخويفها هي وإخوتها لمنعهم من الصعود إلى سطح المنزل خاصة في الليل، تقول: ''أتذكر أن أمي كانت تقول لنا لا تطلعوا الجبى أي السطوح، لأن التي بعيونها الطحين -اسطورة قديمة- تنتظركم في الدرج''.
"الصياد"... إنسان بقدم حيوان
أسطورة "الصَيَاد" بحسب ما يعتقد اليمنيون تتمثل في صورة إنسان، ويتم تمييزها بأن إحدى قدميها لإنسان والأخرى لحيوان.
إذا خرجتَ من منزلك ليلاَ وصادفت ''الصياد'' ستراها تقف أمامك في صورة إنسان تعرفه، ستتحدث معك وربما تمشي بضع خطوات قبل أن تتنبه لصوت قرع حافرها
في القرى إذا خرجتَ من منزلك ليلاَ وصادفت ''الصياد'' ستراها تقف أمامك في صورة إنسان تعرفه، ستتحدث معك وسترد عليها، ربما تمشي معها بضع خطوات قبل أن تتنبه لصوت قرع إحدى قدميها المرتفع عن الأخرى ،وحين تنظر للأسفل، ستكتشف أنها "صياد الليل'' بقدم حمار، وحتى لا تقع في مثل هذا الموقف إذا كنت مضطراً للخروج ليلا، عليك اصطحاب مصباح إنارة، فالصياد بحسب ما يعتقده الناس تهرب وتختفي بمجرد رؤيتها للضوء".
"الضياح"... بيوت الجن
من المعتقدات القديمة في اليمن أن الجن يسكنون بطون الأحجار السوداء الكبيرة، وتسمى بالعامية ''الضياح''، وقد توارث الناس حول ذلك الكثير من قصص الرعب وكيف أن الجن في تلك الأماكن يأخذون البشر إلى عالمهم يتجولون بهم، ويطلبون منهم وعداً بعدم إزعاجهم من جديد، كالقيام بأعمال بناء أو تكسير للأحجار، ثم يعيدونهم إلى منازلهم.
الطاهش والعراج... ما يشبه الضبع والأسد
في محافظات تعز وإب وذمار وما جاورها من مناطق يعتقد الناس أن الطاهش هو حيوان مفترس يخرج في الليل، وبحسب المتوارث فهو حقيقي وليس مجرد أسطورة، مثله مثل حيوان الضبع المعروف في مناطق محافظة ذمار باسم ''العُراج'' وهو موجود إلى اليوم وتدور حوله بعض القصص القديمة بحسب ما قاله الشاب عبدالله الفقية.
يقول عبدالله لرصيف22: ''في وصاب السافل إحدى مديريات محافظة ذمار جنوب العاصمة صنعاء، يتحدث كبار السن عن الطاهش على أنه حيوان مفترس كالأسد، يخرج في الليل وينطلق بسرعة فائقة، يرمي الحصى والتراب من الأرض في وجه من يراه أمامه، ويصطدم به، ثم يذهب مسرعاً لمسافة ويعود، وإن وجد ذلك الإنسان في مكانه، يلتهمه. أما العُراج فكان كما يقال يتواجد بكثرة في فترة الثمانينيات والتسعينيات والآن بشكل أقل عن السابق. يقول عبد الله: "رأيت عراجاً صغيراً قبل ثلاث سنوات تقريباً، أمسكوا به ووضعوه في قفص".
ويضيف: "هناك في منطقتنا حكايات أخرى عن بعض الأساطير، منها عفريت كبير اسمه مطربق الآذان، أذناه كبيرتان يصفق بهما بقوة، وهو من الأشياء التي كنا نخاف منها في طفولتنا".
الطاهش حيوان مفترس كالأسد، يخرج في الليل وينطلق بسرعة فائقة، يرمي الحصى والتراب من الأرض في وجه من يراه أمامه ويصطدم به، ثم يذهب مسرعاً لمسافة ويعود، وإن وجد ذلك الإنسان في مكانه، يلتهمه
وإلى الحوبان وهي منطقة تتبع إدارياً لمحافظة تعز وسط البلاد، حيث ذاع صيت الطاهش، وارتبط بمقولة شعبية مشهورة ''ما هيش كسبه وسوطان، هذا طاهش الحوبان''، وسوطان بحسب القصة القديمة رجل كبير معروف بشجاعته وقوته، دخل في أحد الليالي إلى الحوبان رغم معرفته بخروج الطاهش الذي يأكل كل من يصادفه أمامه، وتصارع سوطان مع الطاهش وغلبه، وحين رآه الناس في السوق صباح اليوم التالي محملا بالطاهش وكأنه ''كسبه''، و"الكسبة" هو اسم نوع من الأغنام، اندهشوا بشدة وذهبوا يرددون المقولة السابقة فشاع الإسم وانتشر.
من الشفاه إلى الكتب
وقد ورد تعريف لأسطورة "طاهش الحوبان" في مجموعة قصصية قصيرة للروائي والقاص اليمني زيد مطيع دماج حملت نفس الاسم ''طاهش الحوبان'' صدرت عام 1973، يقول مؤلفها : ''الطاهش هو حيوان مفترس يوجد في وديان اليمن الكبرى. وهو كما قيل مسخ ذئب وضبع، أي نتاج أنثى ضبع اتصل بها ذئب أو بالعكس. وكان أشهرها صيتاً هو ذلك الذي عُرف بطاهش وادي الحوبان. يقع الوادي بالقرب من مدينة تعز وتمر به القوافل الصاعدة إلى صنعاء والهابطة منها. والوادي في حد ذاته مؤهلٌ لتسكنه الوحوش الكاسرة، ففيه الكثير من الأحراش والمستنقعات والأدغال.. وما أن يخيم المغيب حتى تخمد فيه الحياة... وإذا ما سافر الإنسان فيه ليلاً ووحيداً يعد من الأبطال المغامرين".
وهناك عديد الكتب والمؤلفات لباحثين ومتخصصين حول الأساطير اليمنية القديمة، وثقت لعشرات القصص والحكايات الشعبية الشفهية، حفاظاً عليها من النسيان أو الضياع، في كتابه ''حكايات وأساطير يمنية'' يقص علي محمد عبده، حكايات وأساطير تداولها اليمنيون شفهياً ترمز للخير والشر والصراع المستمر بينهما ،ستجد في هذا الكتاب تشابهاً بين تفاصيل بعض الحكايات مع أخرى تتناقلها شعوبٌ أخرى، مثل: ''وريقة الحناء''، التي تتداخل تفاصيلها مع الحكاية الشهيرة ''سندريلا''.
ومن المؤلفات التي تناولت الحكايات اليمنية القديمة ما جاء في كتاب ''أساطير من تاريخ اليمن'' لحمزة علي لقمان، وكتاب أروى عثمان "حزاوي وريقة الحناء".كذلك رصد محمد سبأ في كتابه "قصص من التراث اليمني" حكايات ارتبطت بالمعتقدات والمعارف الشعبية كحكايات الجن والمخلوقات الغريبة والكواكب.
المصدر: مأرب برس
كلمات دلالية: حیوان مفترس فی اللیل حتى لا
إقرأ أيضاً:
حكايات يرويها الحرفيون
سلام الشكيلي: مبالغ زهيدة نحصل عليها من السعفيات لكنها كانت كافية للعيش
خميس أمبوسعيدي:نصف ريال قيمة خياطة الدشداشة أوائل السبعينيات والقناعة سر الثبات والبقاء
مسعود الكندي: صناعة الدّعون شاقّة ومرهقة لكن تمسّكنا بها لظروف الحياة
مرّت على بلادنا عمان عبر الأزمنة المتتالية الكثير من التغيرات والعقبات والصعوبات أسوة بباقي الدول، حيث لم تخلُ دولة من هذه التغيرات ولعل ما يتذكّره العمانيون من كبار السن هو ضنك العيش وصعوبة الحياة وندرة الأعمال خلال فترة نهاية الستينيات من القرن الماضي وتحديدًا قبل 23 يوليو 1970 الذي يعد يومًا فاصلًا بين زمنين، حيث تغيّرت الحياة كثيرا، وبدأ العمانيون في شق طريقهم مع تغيرات جذرية في مختلف مناحي الحياة.
وبرغم توفر عدة فرص للأعمال الحكومية والحرّة بعد نهضة 1970، إلا أن الكثير من العمانيين حافظوا وما زالوا على المهن التقليدية أو البسيطة التي مارسوها خلال حقبة فائتة من السنين، حيث نستعرض خلال هذه السطور تجارب عديدة لكبار السن لا يزالون حريصين على امتهان حرف تقليدية قد تندثر في قادم الأيام؛ نستمع منهم لتجاربهم وحكاياتهم وكيف استطاعوا شقّ طريقهم والتغلّب على ظروف الحياة ومرارة الأيام.
البداية مع الوالد خميس بن سعيد أمبوسعيدي الذي يمتهن خياطة الملابس الرجالية منذ ما يزيد على 55 عامًا، حيث روى قصة افتتاحه للمحل بسوق نزوى بعد أن عمل خيّاطًا في الجيش زمن السلطان سعيد بن تيمور، ونظرًا لظروف الحياة والتنقلات بين الكتائب يقول خميس أمبوسعيدي: توظّفت كخيّاط في الجيش بداية عام 1970 براتب 25 ريالًا في ذلك الوقت وكان من المفترض أن يكون مقر العمل في نزوى ولكن تم نقلي بعد مرور 20 يومًا إلى عبري ثم مرة أخرى إلى الجبل الأخضر ومنها إلى صلالة وكل ذلك خلال عام واحد من بداية 1970 إلى بداية عام 1971 لذلك آثرت الاستقالة، حيث أتقنت مهنة الخياطة وقررت بدء العمل الخاص بي مع رفيق دربي في المهنة محمد بن خميس النعماني -رحمه الله- من خلال افتتاح محل صغير كون الناس بدأت تُقبل على ارتداء الدشاديش العمانية؛ وتابع القول: قمت بشراء ماكينة خياطة يابانية بقيمة 45 ريالًا وكانت من النوع الأصلي الراقي في ذلك الوقت -وما زلت أعمل عليها حتى الآن- إذ أقوم بصيانتها وتنظيفها بنفسي، وقال: كانت قيمة خياطة الدشداشة الواحدة نصف ريال، حيث يقوم الزبون بإحضار القماش بنفسه، فالقناعة في ذلك الوقت كانت موجودة ولله الحمد ونستطيع خياطة ما لا يقل عن أربع دشاديش في اليوم تكفي لمستلزمات الحياة، حيث إن الحياة كانت بسيطة والمستلزمات قليلة ولله الحمد وبمرور الوقت ارتفعت الأجرة قليلاً ولكن لا نزال محافظين على المهنة رغم منافسة الوافدين الذين حاولوا مرارا إبعادنا عن المهنة.
صناعة الدعون
وننتقل مع مسعود بن ساعد الكندي الذي يمتهن صناعة الدعون منذ ما يقرب من 35 عاما، حيث يقول: تكمن فكرتها في جمع زور النخيل بعد تنظيفها من الخوص وربطها بالحبال لتشكيل قطعة متماسكة مختلفة الطول تصل إلى متر ونصف المتر أو أكثر تبعا للغرض الذي يتم استخدام الدعن والذي عادة يكون لتجفيف تمور النخيل، كما لها استخدامات أخرى كسقوف للمساجد والبيوت سابقا وحاليا تستخدم كمساكن كالعريش والخيمة ومظلات واقية من الحرارة؛ وبرغم أن معظم ممن عملوا في هذه الحرفة من الأجداد والآباء رحلوا عنها، إلا أنها بقيت قائمة تواجه تحديات الاندثار والنسيان؛ وقال: في السابق كان يمتهنها الكثير وكانت تقوم بالتعاون بين الجميع لذلك فهي مصدر رزق ولله الحمد، حيث يكثر الطلب عليها خاصة خلال فصل الصيف والحمد لله استطعنا من خلال هذه المهنة تسيير معيشتنا وأرزاقنا رغم التحديات الكثيرة؛ وعن سر اهتمامه وعشقه لهذه الحرفة قال: هي في المقام الأول إرث قديم يجب المحافظة عليه، فهي مهنة تقاوم الاندثار كما أن عائدها الاقتصادي مُجز وأن الإقبال على الدعون مستمر وقد يكون الطلب عليه حاليا أكثر سواء لأغراض البناء مثل الخيام والعرشان والاستراحات السياحية والفندقية والتخييم وغيرها، مُضيفًا أن أي عمل لا بد أن يكون فيه بعض الصعوبات، ولكن ما دام هناك رغبة وهمّة واجتهاد لإنجاز العمل، فإن الصعوبات تتلاشى وتبقى متعة العمل عالقة».
صناعة السعفيات
ننتقل مع سلام بن عديم الشكيلي الذي يمتهن صناعة السعفيات منذ قرابة 30 عامًا، حيث يقول بدأتها كهواية للتسلية وقضاء الوقت بسبب فقدان بصري، حيث استهوتني فكرة صناعة الحبال من خوص النخيل وكذلك صناعة السعفيات كالخصاصيف التي تستخدم للشواء وكذلك جراب التمر وبدأت في بيع بعض المنتجات وما لبثت أن تعلقت بها، حيث كانت ترد عليّ مبلغا من المال يساعدني في قضاء بعض احتياجاتي؛ وقال لم تكن قيمة الخصفة في ذلك الوقت كثيرة، إذ لم تتجاوز ريالا واحدا فقط وكنت أقوم بصنعة أعداد كبيرة قبيل الأعياد لبيعها لمن يطلبها. مضيفًا: إنه لا يعرض منتجاته وإنما له زبائنه المعروفون الذين يتعاملون معه بصورة دائمة وقال: إن هذه الحرفة ساعدته كثيرًا على تحسين وضعه رغم ظروفه وبرغم صعوبتها كانت عاملًا مساعدًا في الجانب المادي، وقد ارتفع سعرها خلال هذه الفترات، حيث تصل الكبيرة منها إلى خمسة ريالات للواحدة.
ختامًا، يقول سلام الشكيلي: «أنصح الشباب بتعلم هذه الحرفة للحفاظ عليها من الاندثار، كونها حرفة قديمة وتناقص عدد ممارسيها في الوقت الحاضر، كما يمكن خياطة بعض الأعمال السعفية للزينة وحفظ الأطعمة، ويمكن استخدامها في عدة أشياء كما كانت تُستعمل سابقًا. على سبيل المثال، تقوم بعض مصانع الحلوى بوضع الحلوى في أوان سعفية صغيرة تُسمى «قزقوزة»، وهي طريقة كانت منتشرة قديمًا لبيع الحلوى. كما أن صناعة هذه الأواني قد تتيح للشباب مورد رزق، ولو بسيطًا، يساعدهم ماديًا».