توجيهات السيسي.. محاولة لتخفيف الأعباء على كاهل المصريين وتحذير من تداعيات عدة
تاريخ النشر: 17th, September 2023 GMT
في ظل أزمة اقتصادية خانقة تعاني منها مصر، أصدر الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، مجموعة من "التوجيهات والقرارات"، وكشف مختصون لموقع "الحرة" ما وراء ذلك، ومدى إمكانية تخفيف تلك الإجراءات من "الأعباء التي أثقلت كاهل المصريين".
8 توجيهات رئاسيةالسبت، وجه الرئيس المصري بزيادة علاوة "غلاء المعيشة الاستثنائية"، لكل العاملين بالجهاز الإداري للدولة، والهيئات الاقتصادية، وشركات قطاع الأعمال والقطاع العام، لتصبح 600 جنيه، بدلا من 300 جنيه، بزيادة قدرها 10 دولارات تقريبا بحسب سعر الصرف الرسمي.
وخلال افتتاحه قرية سدس الأمراء بمحافظة بني سويف، وجه السيسي بزيادة الحد الأدنى الإجمالي للدخل للدرجة السادسة، لكل العاملين بالجهاز الإداري للدولة والهيئات الاقتصادية، ليصبح 4 آلاف جنيه، بدلا من 3500 جنيه، بزيادة قدرها 16 دولارا تقريبا.
وتشمل التوجيهات رفع حد الإعفاء الضريبي بنسبة "25 في المئة"، وزيادة الفئات المالية الممنوحة، للمستفيدين من برنامج "تكافل وكرامة"، بنسبة ١٥ في المئة.
ووجه السيسي بمضاعفة المنحة الاستثنائية، لأصحاب المعاشات والمستفيدين منها، لتصبح "600" جنيه، بدلاً من "300" جنيه، وذلك بزيادة قدرها 10 دولارات تقريبا.
وشملت التوجيهات قيام البنك الزراعي المصري، بإطلاق مبادرة للتخفيف عن كاهل صغار الفلاحين والمزارعين، المتعثرين مع البنك، قبل أول يناير 2022، وكذلك إعفاء المتعثرين من سداد فوائد وغرامات تأخير سداد الأقساط المستحقة، للهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية، بحد أقصى نهاية 2024.
وكذلك وجه الرئيس المصري بسرعة تطبيق زيادة بدل التكنولوجيا، للصحفيين المقيدين بالنقابة، ووفقا للمخصصات بذات الشأن بالموازنة العامة.
وتبلغ التكلفة التقديرية لتلك التوجيهات نحو 60 مليار جنيه سنويا (نحو 2 مليار بحسب سعر الصرف الرسمي)، وفقا لـ"تصريحات وزير المالية المصري، محمد معيط".
ما وراء التوجيهات؟يربط الخبير الاقتصادي، مدحت نافع، القرارات بـ"الأزمة الاقتصادية الحقيقية التي تشهدها مصر، والتضخم شبه الجامح للكثير من السلع في البلاد".
ومن الطبيعي تحرك الدولة لـ"مساعدة محدودي الدخل"، بقرارات لا تحتاج تعديلات تشريعية وبالتالي يمكن تنفيذها "فورا"، باستثناء زيادة الحد الأدنى من الإعفاء الضريبي، وفق حديثه لموقع "الحرة".
وسيتم تمويل ذلك بـ5 في المئة من احتياطي الموازنة، في محاولة لاحتواء "الأزمة"، حسبما يؤكد نافع.
ومن جانبه، يفسر الخبير الاقتصادي، عبد النبي عبد المطلب، القرارات بمحاولة للتدخل من أجل "دعم المواطن المصري الذي يئن تحت وطأة ارتفاع الأسعار".
وفي مصر، ارتفعت أسعار المأكولات والمشروبات بنسبة "74 في المئة"، ما يعني انخفاض دخل المواطن بنفس القيمة، وفق حديثه لموقع "الحرة".
ودفع ذلك الرئيس المصري لـ"التدخل"، والتأكيد على "الشعور بآلام المواطن"، وإرسال رسالة بأنه "يشعر بالحال السيئ الذي يعاني منه المصريين"، كما يقول الخبير الاقتصادي.
أما الباحث في الاقتصاد السياسي، أبو بكر الديب، فيرى أن القرارات تهدف لـ"تحسين حياة المواطن المصري، الذي يعاني بسبب جائحة كورونا وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية".
ويؤكد لموقع "الحرة" أنه نتيجة لتلك العوامل ارتفعت أسعار "الوقود والغذاء"، ما انعكس على المواطن المصري الذي يعاني من "زيادة نسب التضخم، وارتفاع الأسعار، وانخفاض قيمة الجنيه مقابل الدولار".
وجاءت القرارات لـ"تخفيف الأعباء عن المواطن"، وكرسالة مفادها أن الدولة تشعر بـ"التحديات التي تواجه المصريين"، وفق الديب.
وحسب الباحث فإن هناك قرابة 25 مليون مصري يعملون بالقطاع الخاص، ونحو 5 ملايين موظفين حكوميين بالدولة.
ويبلغ عدد العاملين بالجهاز الإداري للدولة، بمختلف المستويات الوظيفية 4.5 مليون موظف، بينما يبلغ عدد العاملين بالهيئات العامة الاقتصادية نحو 336.4 ألف موظف.
وسوف يستفاد الموظفون بالدولة من تلك القرارات بشكل "مباشر وسريع"، لكن القطاع الخاص يحتاج لـ"مفاوضات وضغط من العاملين والجهات المختصة"، لتطبيق الزيادات، وفق المصدر ذاته.
ويشير الديب إلى أن غالبية شركات القطاع الخاص "لا تلتزم" بالحد الأدنى للأجور الذي تقره الدولة.
ويوضح أن 5 ملايين أسرة من معدومي الدخل في مصر، تستفاد من برنامج تكافل وكرامة، ولذلك فإن الزيادة سوف "تساعدهم على مواجهة ضغوط وأعباء الحياة".
وسوف يستفاد نحو 11 مليون مصري من أصحاب المعاشات من "المنحة الاستثنائية" التي وجه بها السيسي، وفق الديب.
هل القرارات "كافية"؟في الأشهر الأخيرة، شهدت مصر التي يبلغ عدد سكانها 105 ملايين نسمة، "ارتفاعا في التضخم وانخفاضا في قيمة الجنيه بنسبة 50 في المئة تقريبا".
وفي أغسطس، وصل معدل التضخم السنوي في مصر إلى 39.7 في المئة، وفق "بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء"، وهو مستوى قياسي جديد فيما تعاني البلاد من أزمة اقتصادية خانقة.
وكشف الجهاز عن ارتفاع سنوي بنسبة 71.9 في المئة بأسعار المواد الغذائية، و15.2 في المئة بأسعار النقل، و23.6 في المئة بأسعار الملابس.
وعلى مدى العامين الماضيين، دفع النمو الكبير في المعروض النقدي إلى قفزات سريعة للأسعار وخفض قيمة العملة ثلاث مرات منذ مارس 2022، وتراجعت مستويات معيشة كثير من المصريين.
وحسب "البنك المركزي المصري"، فيبلغ سعر الصرف الرسمي للدولار 30.84 للشراء، و30.93 للبيع.
بينما يتراوح سعر الدولار في السوق الموازية "السوداء" ما بين 39 إلى 40 جنيها.
ولذلك يؤكد عبد المطلب أن نسب الزيادات المرتقبة، أقل من نصف معدلات التضخم، وبالتالي "لن تكون مؤثرة أو ذات تأثير حقيقي إلا بشكل ضئيل على أحوال غالبية المصريين".
ويرى الخبير الاقتصادي أن المعضلة الحقيقة التي يعاني منها الاقتصاد المصري، تتمثل في "ارتباط أي تحرك لسعر الفائدة أو الصرف أو زيادة المرتبات"، بارتفاع الأسعار "بمعدلات كبيرة".
وهناك تخوفات من إقدام الحكومة على "رفع أسعار الوقود" بعد ارتفاع أسعار النفط حيث تجاوز سعر البرميل ٩٤ دولارا، وفق عبد المطلب.
وزادت أسعار النفط 0.4 في المئة وسط مخاوف بشأن الإمدادات بعد أن مددت السعودية وتحالف "أوبك+" تخفيضات الإنتاج حتى نهاية العام، وفق وكالة "رويترز".
والجمعة، ارتفع خام برنت إلى 94.11 دولار للبرميل بحلول الساعة 11:30 بتوقيت غرينتش.
ويشير عبد المطلب إلى أن الإجراءات الأخيرة "لن تؤت ثمارها، وقد لا تجعل المواطن يشعر بالارتياح بينما تواجه البلاد أزمة اقتصادية خانقة".
ومن جانبه يؤكد نافع أن محاولة الدولة لتخفيف حدة الأزمة الاقتصادية "مشوبة بمخاطر"، لأنها "تزيد الضغوط التضخمية" على طبقات وفئات معينة "قدرتها على تمرير التضخم ضعيفة".
ويرى الخبير الاقتصادي أن التخوف من "تخفيض جديد لقيمة العملة المصرية" غير منطقي، لأن أسعار صرف الدولار بالسوق الموازية "تلقي بظلالها بالفعل على التضخم وارتفاع الأسعار".
ويشير نافع إلى أن آثار "عدم تحرير أو تحريك سعر صرف الجنيه"، تلقي بظلالها بالفعل على الدولة، ويبدو ذلك واضحا في "تأخر الاستثمارات، وخروج الأموال الساخنة، وارتفاع أسعار السلع المقومة بالدولار".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الخبیر الاقتصادی الرئیس المصری عبد المطلب فی المئة
إقرأ أيضاً:
«بي إن بي باريبا»: 4.7% نمو متوقع في الاقتصاد المصري السنة المالية المقبلة
رشح تقرير لوحدة بحوث بنك «بي إن بي باريبا» الفرنسي، الاقتصاد المصري بتحقيق نسبة نمو 4.7% خلال السنة المالية المقبلة 2025 - 2026، مقابل نمو بنسبة 4% في السنة المالية الجارية.
ويتوقع البنك الفرنسي أن يسجل متوسط معدل التضخم في مصر خلال السنة المالية الحالية 2024 - 2025 نسبة 19.8%، على أن يواصل التضخم التراجع حتى متوسط 10% بالعام المالي 2026.
وأشار «بي إن بي باريبا» إلى أنه بالرغم من تباطؤ التضخم على أساس سنوي لـ 24.1% في ديسمبر الماضي - سجل 24% في يناير 2024 - إلا أن التضخم الإجمالي أعلى بكثير من أهداف البنك المركزي، والمحددة عند 7% (± 2 نقطة مئوية) بالربع الرابع من عام 2026، ومستهدف تضخم 5% (± 2 نقطة مئوية) خلال الربع الأخير من العام 2028.
وحذر البنك من مخاوفه بشأن تأثير عدة عوامل على التضخم في مصر، حددها في ضريبة القيمة المضافة والدعم إلى جانب أي تغيير في قيمة العملة، ما قد يؤدي إلى تأجيج الضغوط التضخمية.
وقال «بي إن بي باريبا»، "من المتوقع أن يؤدي التسارع المتوقع في انخفاض التضخم خلال الربع الأول من عام 2025 إلى تمكين البنك المركزي المصري من بدء دورة التيسير النقدي، بعد زيادات بلغت 1900 نقطة أساس منذ فبراير 2022".
بي إن بي باريبا يرجح اتباع البنك المركزي المصري سياسة الخفض التدريجي لـ سعر الفائدة خلال اجتماعاته في عام 2025.
وقال "تضع وتيرة خفض أسعار الفائدة، البنك المركزي أمام خيار صعب، فمن ناحية، سيعمل الارتفاع الحاد في أسعار الفائدة الحقيقية اعتبارًا من فبراير الجاري فصاعدًا على كبح جماح التعافي في الاستثمار.. ومع ثبات سعر الفائدة الاسمي، من المتوقع أن يرتفع سعر الإقراض لدى البنك المركزي من 4% في ديسمبر 2024 إلى أكثر من 16% في شهر فبراير 2025 بالقيمة الحقيقية.. ومن ناحية أخرى، من المرجح أن تجعل حالة عدم اليقين بشأن توقعات التضخم البنك المركزي حذرًا."
تجدر الإشارة إلى أن البنك المركزي المصري، سيعقد اجتماعا الخميس المقبل لبحث سعر الفائدة، وسط تكهنات ببدء دورة تيسير نقدي أو تلميح بموعدها، حيث من المقرر أن يعقد البنك ثاني اجتماعاته في 17 أبريل المقبل.
اقرأ أيضاً«QNB» مصر يحتفي بتخريج دفعة جديدة من الأخصائيين المعتمدين في تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة
«إعمار العقارية» تضخ 100 مليار جنيه في مشروع جديد بـ التجمع الخامس
بنك مصر يخفض الفائدة على بعض الأوعية.. ويواصل طرح شهادات الادخار بعائد 27% و30%