في ظل أزمة اقتصادية خانقة تعاني منها مصر، أصدر الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، مجموعة من "التوجيهات والقرارات"، وكشف مختصون لموقع "الحرة" ما وراء ذلك، ومدى إمكانية تخفيف تلك الإجراءات من "الأعباء التي أثقلت كاهل المصريين".

8 توجيهات رئاسية

السبت، وجه الرئيس المصري بزيادة علاوة "غلاء المعيشة الاستثنائية"، لكل العاملين بالجهاز الإداري للدولة، والهيئات الاقتصادية، وشركات قطاع الأعمال والقطاع العام، لتصبح 600 جنيه، بدلا من 300 جنيه، بزيادة قدرها 10 دولارات تقريبا بحسب سعر الصرف الرسمي.

وخلال افتتاحه قرية سدس الأمراء بمحافظة بني سويف، وجه السيسي بزيادة الحد الأدنى الإجمالي للدخل للدرجة السادسة، لكل العاملين بالجهاز الإداري للدولة والهيئات الاقتصادية، ليصبح 4 آلاف جنيه، بدلا من 3500 جنيه، بزيادة قدرها 16 دولارا تقريبا.

وتشمل التوجيهات رفع حد الإعفاء الضريبي بنسبة "25 في المئة"، وزيادة الفئات المالية الممنوحة، للمستفيدين من برنامج "تكافل وكرامة"، بنسبة ١٥ في المئة.

ووجه السيسي بمضاعفة المنحة الاستثنائية، لأصحاب المعاشات والمستفيدين منها، لتصبح "600" جنيه، بدلاً من "300" جنيه، وذلك بزيادة قدرها 10 دولارات تقريبا.

وشملت التوجيهات قيام البنك الزراعي المصري، بإطلاق مبادرة للتخفيف عن كاهل صغار الفلاحين والمزارعين، المتعثرين مع البنك، قبل أول يناير 2022، وكذلك إعفاء المتعثرين من سداد فوائد وغرامات تأخير سداد الأقساط المستحقة، للهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية، بحد أقصى نهاية 2024.

وكذلك وجه الرئيس المصري بسرعة تطبيق زيادة بدل التكنولوجيا، للصحفيين المقيدين بالنقابة، ووفقا للمخصصات بذات الشأن بالموازنة العامة.

وتبلغ التكلفة التقديرية لتلك التوجيهات نحو 60 مليار جنيه سنويا (نحو 2 مليار بحسب سعر الصرف الرسمي)، وفقا لـ"تصريحات وزير المالية المصري، محمد معيط".

ما وراء التوجيهات؟

يربط الخبير الاقتصادي، مدحت نافع، القرارات بـ"الأزمة الاقتصادية الحقيقية التي تشهدها مصر، والتضخم شبه الجامح للكثير من السلع في البلاد".

ومن الطبيعي تحرك الدولة لـ"مساعدة محدودي الدخل"، بقرارات لا تحتاج تعديلات تشريعية وبالتالي يمكن تنفيذها "فورا"، باستثناء زيادة الحد الأدنى من الإعفاء الضريبي، وفق حديثه لموقع "الحرة".

وسيتم تمويل ذلك بـ5 في المئة من احتياطي الموازنة، في محاولة لاحتواء "الأزمة"، حسبما يؤكد نافع.

ومن جانبه، يفسر الخبير الاقتصادي، عبد النبي عبد المطلب، القرارات بمحاولة للتدخل من أجل "دعم المواطن المصري الذي يئن تحت وطأة ارتفاع الأسعار".

وفي مصر، ارتفعت أسعار المأكولات والمشروبات بنسبة "74 في المئة"، ما يعني انخفاض دخل المواطن بنفس القيمة، وفق حديثه لموقع "الحرة".

ودفع ذلك الرئيس المصري لـ"التدخل"، والتأكيد على "الشعور بآلام المواطن"، وإرسال رسالة بأنه "يشعر بالحال السيئ الذي يعاني منه المصريين"، كما يقول الخبير الاقتصادي.

أما الباحث في الاقتصاد السياسي، أبو بكر الديب، فيرى أن القرارات تهدف لـ"تحسين حياة المواطن المصري، الذي يعاني بسبب جائحة كورونا وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية".

ويؤكد لموقع "الحرة" أنه نتيجة لتلك العوامل ارتفعت أسعار "الوقود والغذاء"، ما انعكس على المواطن المصري الذي يعاني من "زيادة نسب التضخم، وارتفاع الأسعار، وانخفاض قيمة الجنيه مقابل الدولار".

وجاءت القرارات لـ"تخفيف الأعباء عن المواطن"، وكرسالة مفادها أن الدولة تشعر بـ"التحديات التي تواجه المصريين"، وفق الديب.

وحسب الباحث فإن هناك قرابة 25 مليون مصري يعملون بالقطاع الخاص، ونحو 5 ملايين موظفين حكوميين بالدولة.

ويبلغ عدد العاملين بالجهاز الإداري للدولة، بمختلف المستويات الوظيفية 4.5 مليون موظف، بينما يبلغ عدد العاملين بالهيئات العامة الاقتصادية نحو 336.4 ألف موظف.

وسوف يستفاد الموظفون بالدولة من تلك القرارات بشكل "مباشر وسريع"، لكن القطاع الخاص يحتاج لـ"مفاوضات وضغط من العاملين والجهات المختصة"، لتطبيق الزيادات، وفق المصدر ذاته.

ويشير الديب إلى أن غالبية شركات القطاع الخاص "لا تلتزم" بالحد الأدنى للأجور الذي تقره الدولة.

ويوضح أن 5 ملايين أسرة من معدومي الدخل في مصر، تستفاد من برنامج تكافل وكرامة، ولذلك فإن الزيادة سوف "تساعدهم على مواجهة ضغوط وأعباء الحياة".

وسوف يستفاد نحو 11 مليون مصري من أصحاب المعاشات من "المنحة الاستثنائية" التي وجه بها السيسي، وفق الديب.

هل القرارات "كافية"؟

في الأشهر الأخيرة، شهدت مصر التي يبلغ عدد سكانها 105 ملايين نسمة، "ارتفاعا في التضخم وانخفاضا في قيمة الجنيه بنسبة 50 في المئة تقريبا".

وفي أغسطس، وصل معدل التضخم السنوي في مصر إلى 39.7 في المئة، وفق "بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء"، وهو مستوى قياسي جديد فيما تعاني البلاد من أزمة اقتصادية خانقة.

وكشف الجهاز عن ارتفاع سنوي بنسبة 71.9 في المئة بأسعار المواد الغذائية، و15.2 في المئة بأسعار النقل، و23.6 في المئة بأسعار الملابس.

وعلى مدى العامين الماضيين، دفع النمو الكبير في المعروض النقدي إلى قفزات سريعة للأسعار وخفض قيمة العملة ثلاث مرات منذ مارس 2022، وتراجعت مستويات معيشة كثير من المصريين.

وحسب "البنك المركزي المصري"، فيبلغ سعر الصرف الرسمي للدولار 30.84 للشراء، و30.93 للبيع.

بينما يتراوح سعر الدولار في السوق الموازية "السوداء" ما بين 39 إلى 40 جنيها.

ولذلك يؤكد عبد المطلب أن نسب الزيادات المرتقبة، أقل من نصف معدلات التضخم، وبالتالي "لن تكون مؤثرة أو ذات تأثير حقيقي إلا بشكل ضئيل على أحوال غالبية المصريين".

ويرى الخبير الاقتصادي أن المعضلة الحقيقة التي يعاني منها الاقتصاد المصري، تتمثل في "ارتباط أي تحرك لسعر الفائدة أو الصرف أو زيادة المرتبات"، بارتفاع الأسعار "بمعدلات كبيرة".

وهناك تخوفات من إقدام الحكومة على "رفع أسعار الوقود" بعد ارتفاع أسعار النفط حيث تجاوز سعر البرميل ٩٤ دولارا، وفق عبد المطلب.

وزادت أسعار النفط 0.4 في المئة وسط مخاوف بشأن الإمدادات بعد أن مددت السعودية وتحالف "أوبك+" تخفيضات الإنتاج حتى نهاية العام، وفق وكالة "رويترز".

والجمعة، ارتفع خام برنت إلى 94.11 دولار للبرميل بحلول الساعة 11:30 بتوقيت غرينتش.

ويشير عبد المطلب إلى أن الإجراءات الأخيرة "لن تؤت ثمارها، وقد لا تجعل المواطن يشعر بالارتياح بينما تواجه البلاد أزمة اقتصادية خانقة".

ومن جانبه يؤكد نافع أن محاولة الدولة لتخفيف حدة الأزمة الاقتصادية "مشوبة بمخاطر"، لأنها "تزيد الضغوط التضخمية" على طبقات وفئات معينة "قدرتها على تمرير التضخم ضعيفة".

ويرى الخبير الاقتصادي أن التخوف من "تخفيض جديد لقيمة العملة المصرية" غير منطقي، لأن أسعار صرف الدولار بالسوق الموازية "تلقي بظلالها بالفعل على التضخم وارتفاع الأسعار".

ويشير نافع إلى أن آثار "عدم تحرير أو تحريك سعر صرف الجنيه"، تلقي بظلالها بالفعل على الدولة، ويبدو ذلك واضحا في "تأخر الاستثمارات، وخروج الأموال الساخنة، وارتفاع أسعار السلع المقومة بالدولار".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الخبیر الاقتصادی الرئیس المصری عبد المطلب فی المئة

إقرأ أيضاً:

التضخم في ألمانيا يهبط إلى 2.2% في مارس

الاقتصاد نيوز - متابعة

لم تعد تكاليف المعيشة في ألمانيا باهظة الثمن في شهر مارس الماضي كما كان عليه الحال في الأشهر السابقة. ومع ذلك، ارتفعت أسعار المواد الغذائية فوق المتوسط.

وأكد مكتب الإحصاء الاتحادي الألماني الجمعة بياناته الأولية نهاية الشهر الماضي، والتي أظهرت انخفاض معدل التضخم في ألمانيا بواقع 0.1 نقطة مئوية، لتصل نسبته إلى 2.2 بالمئة خلال شهر مارس الماضي.

وبلغ معدل التضخم في كل من يناير  وفبراير الماضيين 2.3 بالمئة، و2.6 بالمئة في ديسمبر السابق.

 

وأصبح مستقبل التضخم أكثر غموضا مع سياسة الرسوم الجمركية التي ينتهجها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، حيث إن تصاعد الصراعات التجارية قد يجعل المنتجات المصنعة في الولايات المتحدة أكثر تكلفة في أوروبا.

 

من ناحية أخرى، قد يتمكن المصنعون من الصين على سبيل المثال من التوسع بشكل متزايد في السوق الأوروبية من أجل تجنب الرسوم الجمركية الأميركية.

وقال مارسيل فراتسشر، رئيس المعهد الألماني للأبحاث الاقتصادية (دي آي دابليو)، في تصريحات إعلامية الأسبوع الماضي: "قد تنخفض بعض الأسعار بسبب تزايد المنافسة... لذلك لا داعي للقلق في الوقت الحالي بشأن ارتفاع التضخم أو زيادة الأسعار في ألمانيا".

وقد كان لتراجع أسعار الطاقة دوره في انخفاض معدل التضخم في شهر مارس حيث تراجعت الأسعار بنسبة 2.8 بالمئة، في حين ارتفعت تكلفة الغذاء بنسبة 3 بالمئة على أساس سنوي لتكون المحرك الرئيسي للتضخم خلال مارس.

وعدل المكتب تقديراته الأولية هنا صعودا من 2.9 بالمئة التي أعلنها نهاية الشهر الماضي.

وفي فبراير ارتفعت أسعار المنتجات الغذائية بنسبة 2.4 بالمئة.

ولم ترتفع أسعار الخدمات - مثل زيارة المطاعم - بشكل حاد، حيث كانت في مارس الماضي أعلى بنسبة 3.5 بالمئة مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي.

ومن المتوقع أن يكون معدل التضخم على مدار العام فوق المستوى المستهدف بالنسبة للبنك المركزي الأوروبي وهو 2 بالمئة سنويا.

ويحذر بعض المحللين الاقتصاديين من أن الأسعار يمكن أن ترتفع أكثر بعد إقرار البرلمان الألماني الشهر الماضي حزمة إنفاق ضخمة على الأغراض العسكرية واستثمارات البنية التحتية وحماية المناخ.


ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام

مقالات مشابهة

  • نشرة التوك شو| انتقادات قرار رفع أسعار الوقود.. وتحذير من الإفراط في استخدام المضادات الحيوية
  • «فيتش» تتوقع خفض المركزي المصري لسعر الفائدة إلى مستوى يتوافق مع معدل حقيقي 4%
  • زيارة الرئيس الإندونيسي لمصر.. ما هي أبرز الملفات التي يبحثها مع الرئيس السيسي اليوم؟
  • عاجل | «فيتش» تتوقع أن يخفض المركزي المصري أسعار الفائدة بنسبة 12.75% حتى يونيو 2026
  • نائبة: زيادة المحروقات مخالفة للقانون ومستهترة بالأبعاد الاجتماعية والاقتصادية التي يعاني منها المواطن
  • مستوي تاريخي جديد.. الذهب في مصر يرتفع بأكثر من 105جنيهات ليسجل 4650 جنيهًا
  • التضخم في ألمانيا يهبط إلى 2.2% في مارس
  • وزارة البترول: لن يتم تعديل أسعار الوقود قبل 6 أشهر مقبلة
  • مع تضخم بنسبة 13.6%.. هل يخفض البنك المركزي المصري الفائدة الخميس المقبل؟
  • أبل تنقل 600 طن من هواتف آيفون من الهند لتخفيف وطأة رسوم ترامب