هي إفريقيا التي تنام على انقلاب لتصحو على ثورة.
وحسب مجلة "لوبوان" الفرنسية، فقد حدث ما لا يقلّ عن 146 انقلاباً وثورة في إفريقيا منذ عام 1952،
وبين كل 10 انقلابات تحدث في العالم فإنّ 7 منها تكون في إفريقيا.
خلال ثلاثة أعوام فقط هناك 8 انقلابات في هذه القارة الأوسع ثراءً والأشدّ فقراً والأكثر قلقاً.
وانقلاب الغابون هذا هو الثامن في غرب ووسط إفريقيا منذ 2020، بعد مالي وغينيا وبوركينا فاسو وأحداث تشاد وانقلاب النيجر، التي ما زال انقلابها لم يمرّ بعد منذ تموز (يوليو) الماضي.
وإذا كان انقلاب النيجر لم يمرّ ويُواجه برفض أوروبي وأميركي واسع، فإنّ ما يجري في الغابون يبدو بأنّه سيمرّ ولو على مضض.
ورغم غمز المعارضة التي تقول إنّ قائد الإنقلاب هو من نفس عائلة الرئيس، وإنّه إنقلاب داخل الأسرة لا أكثر، لكنها إفريقيا، قارة الدهشة والقلق والحماس وأغاني الفرح المنقطع النظير.
وانا ما أذكر إفريقيا إلاّ وذكرت محمد الفيتوري، ذاك الشاعر العربي الإفريقي الذي توزع مسقط عائلته بين السودان وليبيا وربما غيرها، وللمصادفة المؤلمة أن تُقتل الفنانة آسيا عبدالماجد، وكانت زوجة الفيتوري نفسه، برصاص طائش أو رصاصة طيش، إذا شئت، في أيار (مايو) الماضي، أثناء الأحداث الدامية في الخرطوم، وكانت بمثابة سيّدة المسرح عند السودانيين الذي يوحّدهم الفن وتفرّقهم الأحزاب.
وما حدث ليس سوى فصل آخر من رحلة لتراجيديا عجيبة لاحقت الفيتوري وأهله بل والقارة التي كان صوتها، وهو الذي تفرّق شِعره وعُمره بين إفريقيا والعروبة، كما وزّع روحه في صحاري هذه البلدان التي تحرقها كل الشموس إلاّ شمس الحرّية.
قال الفيتوري صوفي الشجن الإفريقي ذات فجر مضى :
(أمس قد مرّ طاغية من هنا،
نافخاً بوقه تحت أقواسها
وانتهى حيث مرّ).
والاثنين الماضي، غصّت القاعة في (ليبرفيل) عاصمة الغابون، بحشد من مسؤولين يصفقّون لقائد الإنقلاب الجنرال بريس نغيما وهو يؤدي القَسَم أمام قضاة المحكمة العليا كرئيس انتقالي لهذا البلد الإفريقي المتخم بالثروات.
المشهد الذي تمّ نقله على الهواء في شاشات الأخبار تكرّر ذات يومٍ وربما بمعظم الوجوه الحاضرة، مصفقةً بنفس الحماس للرئيس علي بونغو الذي صار الآن يحظى بلقب (المخلوع)، والقاعة نفسها شهدت قبل 42 عاماً هتافات حماسية للرئيس عمر بونغو الأب، وهو والد علي بونغو ما غيره.
وسنكتشف أنّ الأولاد من ينهي مجد آبائهم ويقودون البلدان إلى دوائر الصراع أكثر من غيرهم.
وبرواية أخرى، تلك هي لعنة التوريث المتشابهة في بلدان الثورات والخيبات، حيث تختلط أمور الثورة بالثروة، فيتوه الشعب في دوائر الفقر والجهل، فتكون الهاوية التي لا تنتهي، ويتحوّل نداء الحرّية إلى خطاب لتكريس الجهل، وذاك لا يخلق
غير الأمّة الجاهلة التي تغدو جيشاً عدواً لا أكثر.
إنّها لعنة البلاد المتخمة بالطامعين والطامحين.
وعن الغابون وقصصها، فإنّ ما علق في ذهن مناضلي الثمانينات عن بلد الثروات، حادثة غريبة ليس عن النفط والغاز واليورانيوم، بل عن الجامايكي الشهير بوب مارلي، أبرز المغنين الذي حلّ في كانون الثاني (يناير) من عام 1980 ضيفاً على البلاد، وأدّى فيها أول عرض له في إفريقيا، بدعوة من باسكالين إحدى بنات عمر بونغو، دعته ليؤدي عرضاً في الغابون لمناسبة عيد ميلاد والدها.
تلك إفريقيا، حيث لا تزال من عقود طويلة خلت تنام على نشيد وتصحو على هتاف، وترقّب فجر لا يأتي.
يتهافت العالم الغربي على كنوزها ومناجمها وغاباتها، وفي الوقت نفسه يرفض قدوم شبابها المتطلعين لهذا الغرب، شباناً يفرّون من جحيم صنعه الغزاة ذات يوم وحافظ عليه الطغاة والغلاة.
نعم هي إفريقيا التي بقت خلال قرن كامل في تيه، وفي (عمر لم تعشه ولم تمته).
فهل تدخل القارة السمراء مرحلةً جديدةً من القلق الذي لم يتوقف؟ أم هي مرحلة جديدة للمواجهة مع الاستعمار القديم ومدّ جسور مع آخر يأتي بثوب آخر؟ أكثر نعومة؟.
أسئلة مشروعة تضع نفسها وأنت تستمع لخطابات الحماس لقادة وضعوا كل نجوم الظهر على أكتافهم، حماس يُذكّر الناس بمرحلة الثورات الأولى للاستقلال في الستينات والسبعينات، ويعزّزه اللون الكاكي لزي الضباط الشباب المصطف في كراسي الحكم؟ هل ما يجري استقلال ثانٍ أم متاهة جديدة؟.
__
*الأهرام
المصدر: المشهد اليمني
إقرأ أيضاً:
مصر تضيف 10 ميداليات جديدة في بطولة إفريقيا للسلاح
تمكن أبطال وبطلات مصر في السلاح، من إضافة 10 ميداليات متنوعة جديدة باليوم الثاني لبطولة أفريقيا للناشئين والشباب المقامة في أنجولا خلال الفترة ما بين 1 وحتى 7 من شهر مارس الجاري.
وشهد اليوم إقامة منافسات سلاح الشيش للناشئين وسيف المبارزة للناشئات وسلاح السيف للناشئات تحت 20 سنة ليتمكن أبطال وبطلات مصر من الفوز بـ 10 ميداليات متنوعة بواقع 3 ذهبيات، 3 فضيات و4 برونزيات.
استطاع عبد الرحمن طلبة اليوم، الفوز بالميدالية الذهبية في سلاح الشيش وذلك عقب الفوز في النهائي على عمر يوسف لاعب منتخب مصر في نهائي مصري خالص ليفوز طلبة بالذهبية ويحصد عمر الفضية.
وفي منافسات سيف المبارزة، نجحت سلمى الشيخ في حصد المركز الأول بعد الانتصار على فرح محفوظ، صاحبة الفضية، في نهائي مصري خالص بينما فازت كل من هنا العراقي وفريدة مراد بالبرونزيتين بعد الوصول لنصف النهائي.
أما في سلاح السيف، فتمكنت خديجة أبوعلم من الفوز بالذهبية بعد أن تفوقت على مواطنتها ريناد الدكش صاحبة الفضية، فيما حصدت كل من نجوى نوفل وعنان حجازي الميداليتين البرونزيتين.
وكان قد فاز أبطال مصر بالأمس بـ 9 ميداليات متنوعة بواقع 3 ذهبيات و3 فضيات و3 برونزيات لتواصل مصر صدارة ترتيب جدول الميداليات برصيد 19 ميدالية بواقع 6 ذهبيات و6 فضيات و7 برونزيات بعد انتهاء منافسات اليوم الثاني للبطولة.
ويتكون الجهاز الفني والإداري من أحمد علي مدرب سلاح الشيش، إسلام جمال مدرب سيف المبارزة، خالد شريف مدرب سلاح السيف، فيما يتكون الجهاز الطبي من الدكتور أحمد عبد الغني والدكتورة غادة عاطف.
ويرأس بعثة مصر الدكتور أيمن غنيم مدير إداري المنتخبات الوطنية.
وتسعى البعثة المصرية لمواصلة هيمنتها على البطولات الأفريقية، حيث تحصد مصر دائمًا المركز الأول وتحصل على أكبر عدد من الميداليات سواء على صعيد الكبار أو الناشئين، وهو ما يعكس قوة لعبة السلاح في مصر ومكانتها المتميزة على المستوى القاري.