يتبع المسيحيون فى نهج حياتهم تعاليم ومبادئ وضعها الكتاب المقدس تمهيدًا لطرقهم فى شىء سُبل الحياة، وجعل تكون الأسرة رباطاً عتيداً يزداد تمسكًا فى الأزمات ويقف معالجًا لكل الأزمات.

وترى المسيحية الأسرة هى نواة المجتمع بل ترسخ الكنيسة لدى أبنائها ضرورة وقوة هذا التكوين منذ نعومة أظفارهم وتخصص دورات ودروسا للمقبلين على الزواج والتأهيل فى الحياة حتى تتمكن من تأسيس أسرة قوية تساهم فى خدمة المجتمع وتكوين أجيال مؤثرة تساهم فى تعمير الأرض كما أمر الله بالكتب المقدسة.

عادةً ما تأخذ «الأسرة» مرافًا لها لدى الأقباط وهو «الثبات»، بمعنى أن الأسرة المسيحية تكون كالإنسان الثابت ولابد من تقويمها حتى تثمر أجيال ثابتة وصالحة، ويذكرى مزمور (مز 3:127) «البنون ميراث من عند الرب»، وهناك مواضع كثيرة تشير إلى أهمية الأسرة وتكوينها داخل مزامير الكتاب المقدس.

ويكشف قداسة البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، فى عظته الروحية التى أقيمت خلال الاجتماع العام الأسبوع الماضى بكنيسة الشهيد مار جرجس بالمكس، بالإسكندرية، أسس تكوين الإسر الصالحة استكمالًا لسلسلة «صلوات قصيرة قوية من القداس»، والتى يتناول فيها إصحاحًا خاصًا كل أسبوع يروى خلاله طِلبة جديدة.

وخلال هذا اللقاء الذى استهله بتقديم الصلاة من أجل دولتى المغرب وليبيا لما شهدتها من عواقب الظواهر الطبيعية المؤثرة والتى تسببت فى سقوط ضحايا وأعداد كبيرة من المصابين، قائلًا «نصلى لأسر الضحايا ومن أجل شفاء المصابين، إنها كوارث طبيعية لكنها فى غاية الخطورة. الله يحفظهم من أى ارتدادات لهذه الكوارث، ويحفظ بلادنا من كل شر».

كما أشاد بالحكومة المصرية تحت قيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى والتى جاءت بقرار إرسال حاملة طائرات ميسترال إلى ليبيا للعمل كمستشفى ميداني.

جاءت هذه الكلمات المؤثرة، قبل بدء العظة التى تناول خلالها جزءًا بالإصحاح الخامس الواردة فى رسالة المعلم بولس الرسول وكانت مرسلة إلى أهل أفسس وتأتى فى الأرقام التالية «٢٢ – 33»، وتخللت طِلبة قصيرة من الطِلبات التى ترفعها الكنيسة بعد صلوات التقديس فى القداس المعرفو بـ«الغريغوري»، بعنوان «حياة صالحة للذين فى الزيجة»، وتؤكد هذه الطِلبة على أهمية تكوين الأسرة وضرورة توفير شرط الصلاح فى تأسيسها.

إن مفهوم الصلاح يرد فى كثير من المواضع المسيحية والتى تضعه أمام أعينها فى كثير الأحداث والمواقف الحياتية يعتبر هو ثمار وناتج من الروح القدس، وكشف البابا خمس أساسيات تكوين الأسرة والقيم التى يجب توافرها لدى أطراف الزيجة الصحيحة.

ذكر البابا تواضروس فى مستهل تفسيره قائلًا: «الزواج هو قمة العلاقات الإنسانية والرسمية» كاشفًا السبب فى ذلك أن جميع الزيجات تكون موثقة بعقد ويترتب عليها مسئوليات خاصة بناء على موافقة الأطراف لذا تحمل مسئولية كبيرة.

كما تناول مفهوم السر الكنسى فى الزيجة أى «أن الزواج هو رابطة ثلاثية من خلال سر كنسى مقدس»، ويوضح هذا من خلال مزمور (جا ٤: ١٢) «الْخَيْطُ الْمَثْلُوثُ لاَ يَنْقَطِعُ سَرِيعًا» ويعنى هذا وجود عون الله داخل التكوين الأسرى ليجعله كيانا واحدا قويا، وينبثق من الأساس الثانى والأساس الثالث وهو اعتبار كيان الأسرة داخل الكنيسة «أيقونة تحمل معانى جمالية وروحية كثيرة».

وكثيرًا ما تردد الكنيسة «حياة صالحة للذين فى الزيجة» وهى تحمل عدة جوانب روحية تعكس معانى كثيرة ويفسر قداسة البابا المعنى الأول يكمن فى دور «السيد المسيح» فى الأسرة وحفاظ المحبة بين جميع أطرافها لأن المسيح هو صاحب المحبة فى المنازل وصمام الأمان لدى الأقباط، ذلك بالإضافة إلى نظرة كل طرف للآخر داخل الأسرة الواحدة أنه هدية من الله، لذا يشعر ويقدر قيمتها كما هو وارد فى «لِكَى يُحْضِرَهَا لِنَفْسِهِ كَنِيسَةً مَجِيدَةً، لاَ دَنَسَ فِيهَا وَلاَ غَضْنَ أو شَيْءٌ مِنْ مِثْلِ ذلِكَ، بَلْ تَكُونُ مُقَدَّسَةً وَبِلاَ عَيْبٍ» (أف ٥: ٢٧).

ويأتى معنى آخر لهذه الطِلبة ومفهوم الأسرة وهو «كنيسة» ويفسر المعنى بهذا الأمر فى وجود هيكل ومذبح داخل البيت يعنى أهمية الصلوات المرفوعة الدائمة، لأن روح الصلاة تلد صالحين، وذلك وفق ما ورد فى (لو ١: ٦)، ولأن الصلاة تحقق الستر والرضا لأفراد البيت، وأيضاً تمنح روح السلام الداخلى فى كل إنسان.

وهناك معنى آخر يكمن فى هذه الطِلبة وهو «كتاب مقدس» أن الأسرة هى بمثابة كتاب مقدس يحوى مفاهيم الصلاح، يتجسد من خلالها الإنجيل ويصبح مقروءا أمام الناس، كما ورد فى مزمور (يو ٦: ٦٣) وتساهم فى إنشاء أبناء على معرفة بالوصايا الصحيحة لتحقيق الصلاح وفى مسامعهم كلمة الله دائًما.

والمعنى الآخر الذى يكمن فى هذه الطِلبة هو «المنارة» تعنى فى الأسرة المسيحية الاستقامة فى حياة الصلاح، على الرغم من تنوع الطرق التى يذهب فيها أطراف الأسرة إلى أنهم جميعًا يسلكون تحت ضوء ومنارة الإصلاح والخير، فالاستقامة تشمل فى داخلها حياة الطهارة والنقاوة.

وفى هذه الطِلبة يقول البابا هناك معنى خامس لها وهو «الأسرار» وتعنى أن كل أسرة هى موضع للأسرار والخصوصية، لأن السر هو نعمة غير منظورة نحصل عليها من خلال طقس منظور بفعل الروح القدس، وأن أكثر الأشياء التى تحفظ الخصوصية هى حياة تحت نسيج واحد فى الرضا وإيمان وأن يكون الله أمام كل فعل يقوم الإنسان بفعله وهو شعور يخلق لدى الطفل وينمو برعاية الأسرة، لهذا تكمن أهمية الكيان الصحيح فى تكوين إنسان صالح ومجتمع يسوده الصلاح والخير والمحبة الصحيحة.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الكتاب المقدس الأقباط البابا تواضروس الثانى بابا الاسكندرية كنيسة الشهيد مار جرجس المغرب ليبيا الحكومة المصرية الرئيس عبدالفتاح السيسي من خلال

إقرأ أيضاً:

الحرس السويسري يكشف حقيقة الاستعداد لجنازة بابا الفاتيكان

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أصدر الحرس السويسري، اليوم الجمعة، بيانًا، نفى خلاله صحة الأنباء التي تم تداولها بشأن الاستعدادات لجنازة بابا الفاتيكان، البابا فرنسيس، عقب دخوله المستشفى في روما، مؤكدًا أن هذه الأخبار لا أساس لها من الصحة.

وأشار إلى أن المزاعم تسببت في حالة من القلق داخل صفوفه، مضيفًا: "نحن نواصل أداء مهامنا كالمعتاد، ونرفع صلواتنا من أجل شفاء البابا العاجل".

وأكدت صحيفة "زينيت" الإيطالية، أن البابا فرنسيس لا يزال يتلقى العناية الطبية في مستشفى "جيميلي" في روما، حيث تم نقله مؤخرًا إثر إصابته بالتهاب رئوي ثنائي، مشيرةً إلى أن حالته الصحية تحت المراقبة الدقيقة من جانب الأطباء، وأنه يتلقى العلاج اللازم.

مقالات مشابهة

  • آحاد الصوم الكبير في المسيحية.. معاني روحية ورسائل إيمانية
  • عبادتان من أفضل الأعمال إلى الله تجتمعنا في شهر رمضان.. تعرف عليهما
  • البابا تواضروس الثاني يستقبل رئيس الأكاديمية العربية في الإسكندرية
  • البابا تواضروس الثاني يستقبل رئيس الأكاديمية العربية في الإسكندرية (صور)
  • بالأسماء.. البابا تواضروس يرسم 12 كاهنا جديدا لخدمة كنائس الإسكندرية
  • الأمن يكشف مفاجأة في قضية وفاة مصرية سقطت من الطابق السابع
  • البابا تواضروس يبدأ قداس رسامة الكهنة الجدد في الإسكندرية (صور) 
  • البابا تواضروس الثاني يشهد الجلسة الافتتاحية لمجلس الشباب السكندري
  • المفتي: القرآن الكريم شدد على أهمية الأسرة وترابطها
  • الحرس السويسري يكشف حقيقة الاستعداد لجنازة بابا الفاتيكان