عربي21:
2025-02-21@20:54:00 GMT

سياسة الكوارث وكوارث السياسة

تاريخ النشر: 17th, September 2023 GMT

تأتي رياح الكوارث الطبيعية غالبا بما لا تشتهيه سفن السياسيين والاقتصاديين.. عامل خارجي يدخل على معادلات الخبراء والمحللين ليقلب توقعاتهم رأسا على عقب، ويحيل الآمنين إلى نازحين ويحول مشاهد البلاد والعباد كما لو كانت قد خرجت لتوها من حرب ضروس، تنقلب بعدها نشرات الأخبار وتتحول دفة جداول زيارات السياسيين والدبلوماسيين إلى وجهة أخرى.

. بضعة ثوانٍ تغير كل شيء في كل اتجاه.

وصفة الكارثة الطبيعية في الأغلب الأعم أنها مباغتة غير متوقعة ومدمرة، فلو كانت متكررة لكان الاحتياط لها أدعى. هذا بالتحديد ما حدث في كل من المغرب وليبيا خلال الأيام الماضية؛ ظواهر طبيعية غير متوقعة أتت على الأخضر واليابس في بلدين عربيين كبيرين.

من السهل توجيه أصابع الاتهام إلى المسئولين وتحميلهم تبعة الكارثة التي حلت، ومن الصعب تحديد المسئولية بدقة لأنه ليس هناك تحذير مسبق أو تنبؤ واضح يستدعي استنفارا عاما أو توجيه ميزانيات كبيرة في دول معظمها تكابد لتدبير احتياجاتها الأساسية اليومية، ناهيك عن أن عن فكر في سيناريوهات مستقبلة بعيدة المدى.

أما وأن الكوارث الطبيعة بدأت تدق أبواب بلادنا بدءا من تركيا وصولا للمغرب وليبيا، فلا مناص من مراجعة الموقف السابق من الاستعداد للكوارث والتهيؤ لها
ولكن لا ينبغي تجاهل عامل مهم وقاسم مشترك بين معظم الدول العربية، وهو أنها جميعا بلا استثناء لا تمر عليها عدة أعوام قليلة إلا وتتعرض لكارثة سواء في شكل حرب أو زلزال أو وباء أو فيضان أو إعصار أو جفاف، الأمر الذي يستدعي درجة من درجات وضع خطط طوارئ لمواجهة الأزمات في شكل سياسة استشرافية للكوارث التي يمكن أن تحدث وآلية الاستجابة السريعة لها للتخفيف من آثارها الكارثية.

من كوارث السياسات العربية أنها لا تعير مثل هذه السياسيات الاستشرافية أية أهمية، ولا يمكن أن نشدد في اللوم عليها إذا كانت دولة بحجم وإمكانيات الولايات المتحدة هي الأخرى قلصت من ميزانية الصحة العامة التي كانت معدة لمواجهة كوارث مثل الأوبئة قبل أن يأتي كوفيد 19 ليكشف هذا القصور الكبير، أما وأن الكوارث الطبيعة بدأت تدق أبواب بلادنا بدءا من تركيا وصولا للمغرب وليبيا، فلا مناص من مراجعة الموقف السابق من الاستعداد للكوارث والتهيؤ لها.

كثير من السياسات الاستشرافية للكوارث الطبيعية لا تتطلب قدرا كبيرا من الاستعداد سوى وضع خطط الطوارئ التي يمكن تفعيلها سريعا وقت حدوث الأزمة، بمعنى أن الأمر في حقيقته لا يتطلب ميزانيات ضخمة كبيرة بقدر ما يتطلب قدرا من الوعي وترتيب الأولويات، خاصة إذا عرفنا أن الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية لديها سياسات تساعد الدول في هذا الشأن فيما يعرف بسياسات الحد من مخاطر الكوارث.

عصر الكوارث الناجمة عن التغير المناخي قد بدأ بالفعل، وأن على الدول أن تحدد موقفها إما التأقلم وتأهيل البنية التحتية في الدول لمواجهة ما هو قادم أو الاستعداد لسقوط عدد كبير من الضحايا
الأمر الآخر أن القاسم المشترك بين الدول الثلاث  في منطقتنا جراء الكوارث الطبيعية هو أن كل كارثة تفوق قدرة الدولة، ولذلك احتاجت إلى الاستعانة بمساعدات من الدول الأخرى والمنظمات الإغاثية الدولية، ولهذا من المهم والمفيد أن تستعين الدول بشكل مسبق بالمنظمات الإغاثية الدولية في التخطيط لطرق الاستجابة السريعة للكوارث التي تفوق طاقتها. وقد أتيحت لي فرصة الاقتراب من أكثر من منظمة إغاثية دولية خاصة وقت الأزمات والكوارث ووجدتها تجيد التعامل مع هذا الأمر؛ لسبب بسيط كونها تتعامل معه بشكل شبه يومي، بعكس السلطات المحلية في أي دولة والتي لا تملك الخبرة والدراية الكافية للتعامل مع الكارثة خاصة إذا كانت مباغتة.

في مقال لها بمجلة فورين أفيرز الأمريكية قبل أيام، تقول الخبيرة في مجال المناخ أليس هيل، إن عصر الكوارث الناجمة عن التغير المناخي قد بدأ بالفعل، وأن على الدول أن تحدد موقفها إما التأقلم وتأهيل البنية التحتية في الدول لمواجهة ما هو قادم أو الاستعداد لسقوط عدد كبير من الضحايا.

twitter.com/HanyBeshr

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه كوارث التغير المناخي ليبيا المغرب كوارث التغير المناخي مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

المالية النيابية: حكومة السوداني لم تنجح في رسم سياسة نقدية واضحة

آخر تحديث: 20 فبراير 2025 - 10:34 ص بغداد/ شبكة أخبار العراق- حذر عضو اللجنة المالية النيابية مصطفى الكرعاوي، الحميس، من أن أي عقوبات تفرضها الخزانة الأمريكية على المصارف العراقية ستؤدي إلى زيادة الطلب على الدولار في السوق المحلية، منتقداً غياب خطة حكومية واضحة للسياسة النقدية في البلاد.وقال الكرعاوي،في حديث صحفي، إن “أي عقوبات أمريكية على المصارف العراقية ستؤدي إلى تقليل عدد المصارف المشاركة في نافذة بيع وشراء العملة الأجنبية، مما يفاقم الطلب على الدولار ويؤثر على استقرار السوق”.وأضاف أن “البنك المركزي العراقي بحاجة إلى وضع نظام فعّال وحقيقي لضبط السوق، وإلا فإن أزمة الدولار وتقلبات سعر الصرف ستستمر إلى أجل غير معلوم”.ورأى الكرعاوي أن “الحكومة لم تنجح حتى الآن في رسم سياسة نقدية واضحة، كما لم تتمكن من السيطرة على سعر صرف الدولار في السوق المحلية”.وقبل أيام، سربت معلومات عن فرض الخزانة الأمريكية عقوبات على 5 مصارف عراقية، ومنعت استخدام البطاقات الإلكترونية خارج العراق، قبل أن يصدر البنك المركزي العراقي، بيانا عن مفاوضاته مع واشنطن، ونفى صدور عقوبات على المصارف.وخلال العام الماضي، فرضت الخزانة الأمريكية عقوبات على مصارف عدة، وأمتثل لها البنك المركزي، وعاقبها عبر منعها من المشاركة بمزاد العملة، وذلك للحد من تهريب الدولار للخارج.وما يزال هناك فارق سعري كبير، بين السعر الرسمي للدينار العراقي أمام الدولار، وسعره في السوق، حيث يباع رسميا بـ 132 ألف دينار لكل مائة دولار، فيما سعره بالسوق المحلية 151 ألف دينار لكل مائة دولار.

مقالات مشابهة

  • طرق علاج الثعلبة بالزيوت الطبيعية والدواء.. تعرف عليها
  • أفضل طريقة لتحضير سيروم من الزيوت الطبيعية في المنزل.. بديل حقن البوتوكس
  • هل يؤثر الصيام على الرضاعة الطبيعية وصحة الأم والطفل؟
  • والد الرئيس السوري «حسين الشرع» يتصدّر العناوين.. ما القصة وهل انتقد سياسة «ابنه»؟
  • العراق جسر للحوار.. الاتحاد الأوروبي يثني على سياسة بغداد الإصلاحية
  • المالية النيابية: حكومة السوداني لم تنجح في رسم سياسة نقدية واضحة
  • خبير: سياسة مصر ثابتة تعمل على حفظ الاستقرار والأمن ووحدة الصف العربي
  • بوتين: المحادثات الروسية الأمريكية التي انعقدت في العاصمة السعودية الرياض كانت “إيجابية”.. ويسعدني لقاء ترامب
  • ضبط مخالف لإشعال النار في أراضي الغطاء النباتي بمحمية طويق الطبيعية
  • محلل استخباراتي امريكي : التصنيف الأمريكي لن يغير من سياسة اليمنيين أو قدراتهم