تواجه دولة الاحتلال تحديات عديدة يُكشف عنها بين حين وآخر، وسط غياب الحلول اللازمة، والخشية الإسرائيلية من اقترابها من أوقات صعبة ومعقدة، وفي بعض الأحيان حلول الكارثة عليها، لاسيما وأن إحياءها للسنة العبرية الجديدة تعتبر فرصة مناسبة لاستعراض أهم هذه التحديات الخارجية والداخلية، مع أن الخطر الجديد اليوم أن جزءا من هذه التهديدات لم تعد واضحة وملموسة بما يكفي، مما يجعل فرص الاحتلال في التعامل معها بنجاح تحيط به كثير من الشكوك.



واستعرض مدير معهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب، والرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية "أمان"، الجنرال تامير هايمان، ما قال إنها "أربعة تحديات رئيسية تواجه الأمن القومي الإسرائيلي، أولها إيران، لاسيما زيادة نفوذها الإقليمي، وما تشكله من شبكة ميليشيات منتشرة في قوس حول إسرائيل يشكل لها تحدياً تكتيكياً خطيراً على المدى القصير، أما التحدي طويل المدى فهو امتلاكها قوة ردع نووية دون دفع ثمن، مما قد يؤدي لسباق تسلح نووي في الشرق الأوسط".

وأضاف هايمان، في مقال نشرته القناة 12 وترجمته "عربي21"، أن "التحدي الثاني هو الساحة الفلسطينية حيث موجة العمليات المستمرة منذ العام الماضي، وكادت أن تصل إلى انتفاضة ثالثة، يقودها جيل من الشباب الذين لا يتماثلون مع المنظمات القديمة، بل ينتظم محليا على شكل خلايا، فيما تعاني السلطة الفلسطينية من ضعف مزمن، مما يجعل هذه الموجة مشكلة تكتيكية خطيرة ذات أبعاد استراتيجية، إذا أضفنا لها تحدي خلافة أبو مازن في اليوم التالي، لكنها ليست المشكلة الأكثر خطورة".


وأكد أن "الخطر الجدي والاستراتيجي في الساحة الفلسطينية يتلخص في الانزلاق لواقع دولة واحدة، بحيث إذا انهارت السلطة الفلسطينية سيجد الإسرائيليون أنفسهم في واقع رهيب، سيكون من الصعب فيه الحفاظ على الهوية القومية اليهودية لدولتهم، وصولا للاندماج في دولة واحدة بسبب المشكلة الديموغرافية، وما سيصاحبها من واقع عنيف فوضوي سيسفر عنه دولة متعددة الجنسيات، جميع مواطنيها غارقون في صراع داخلي متصاعد لا نهاية له".

وأشار أن "التحدي الثالث مرتبط بالحفاظ على العلاقة الخاصة مع الولايات المتحدة التي تعيش أزمة محلية بين حكومة نتنياهو وإدارة بايدن، حول الإصلاح القانوني وسياسة إسرائيل الجديدة في الضفة الغربية، صحيح أنه ربما تنتهي الأزمة قريبا، لكن هذه ليست مشكلتنا الحقيقية، المشكلة أنه على المدى الطويل، بسبب التغيرات الكبيرة داخل الولايات المتحدة بما يتعارض مع المجتمع الإسرائيلي، وخسارة القيم المشتركة بينهما، وسيكون القادة الأمريكيون بعد بايدن مؤيدين للرواية الفلسطينية أكثر بكثير من التعاطف مع الرواية الإسرائيلية".

وأوضح أن "التحدي الرابع ذو طبيعة داخلية بسبب الاستقطاب والانقسام الاجتماعي في أزمة غير مسبوقة في حدّتها مع غياب الإجماع واسع النطاق، والاحتجاج غير المسبوق ضد الإصلاحات القانونية، صحيح أن الحل على المدى القصير قد يكون التوصل إلى حل وسط، أو إلغاء الانقلاب، أو تغيير كل القوانين التي تم سنها في البرلمانات المقبلة، لكننا سنبقى أمام مشكلة طويلة الأمد، وهي أن هذا الإصلاح القانوني فتح كل صناديق الشرور في المجتمع الإسرائيلي، وأخرج كل الشياطين من سجونهم، والآن لا يمكن إعادتهم مرة أخرى، في ضوء تعمق واحتداد الانقسامات: الطائفية والدينية والطبقية والقومية والاقتصادية والتعليمية والثقافية".

واستدرك بالقول إن "هذه الحلول المؤقتة لن تحل المشكلة طويلة الأمد المطلوب بها عقد اجتماعي جديد أو دستور للدولة، لأنه يستحيل حل هذه القضايا الأساسية خلال الاضطرابات الحالية، وستبقى الندوب إلى الأبد، فقد ضاعت الثقة، ولن تعود في وقت قريب.

لم يكن الجنرال هايمان أول من رصد التهديدات التي تواجه دولة الاحتلال، فقد سبقه العديد من الجنرالات، ولعل أبرزهم عاموس يادلين وأودي أبينثال، اللذان وضعا أيديهما على عدة تحديات في ذكرى تأسيسها الخامسة والسبعين، أولها تفوّق الصين على الولايات المتحدة، وثانيها تفكك العلاقة الخاصة بين واشنطن وتل أبيب، وثالثها تراجع علاقة دولة الاحتلال مع يهود العالم، ورابعها التخوف من فقدان دولة الاحتلال للميزة العسكرية والنوعية التي احتفظت بها، وخامسها الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، عقب الفشل بالتوصل لتسوية سياسية، والضم الفعلي للمستوطنات، وعزل الضفة الغربية بما لا يسمح بالاستمرار الإقليمي لدولة فلسطينية".


وأضافا في مقال مشترك، نشرته القناة 12 وترجمته "عربي21" أن "التحدي السادس يرتبط بحصول إيران على سلاح نووي، والسابع خطر تدهور إسرائيل إلى اقتصاد العالم الثالث، ومعاناتها من "هجرة الأدمغة"، والثامن زيادة التهرب من الخدمة العسكرية، وتآكل الدافع للتجنيد، وانهيار نموذج الجيش الشعبي، والتاسع ما يشهده المجتمع الإسرائيلي من حالة استقطاب متعمقة، تتعلق باليمين واليسار، المحافظة والليبرالية، العلماني والمتدين، الأغنياء والفقراء، توسيع الانقسامات، وتفكيك البنية الاجتماعية، وتتعرض المرونة الوطنية للخطر".

ليست المرة الأولى، ولن تكون الأخيرة، التي يستعرض فيها الإسرائيليون التهديدات المحيطة بالدولة، لكنها من المرات القليلة التي يعترفون فيها أن قدرتهم على التعامل معها تكتيكيا، لن يحلّها على المدى البعيد، وفي هذه الحالة فإن السلوك الآني قد يؤدي لتفويت كل الفرص الإستراتيجية عليهم، مما يتطلب منهم مناقشة التفكير الإستراتيجي طويل المدى، وإلا فسيبقون يراوحون مكانهم، دون إجابات مطلوبة على أسئلتهم المعلنة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة الاحتلال تحديات الاحتلال تحديات عجز الأراضي المحتلة صحافة صحافة صحافة تغطيات سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة دولة الاحتلال على المدى

إقرأ أيضاً:

السفير الإسرائيلي لدى واشنطن يؤكد الاقتراب من تحقيق التطبيع السعودي

قال السفير الإسرائيلي الجديد لدى الولايات المتحدة يحيئيل لايتر، إن "إسرائيل أقرب من أي وقت مضى من تطبيع العلاقات مع السعودية"، قائلا إن هذا سيعمل على تغيير قواعد اللعبة في المنطقة وخارجها.

وأضاف لايتر "نحن أقرب إلى السعودية لأننا أضعفنا حماس وسقوط الأسد وضعف النفوذ الإيراني أوصلنا إلى لحظة فيها فرصة"، بحسب تصريحات نقلتها صحيفة "جيروزاليم بوست".

وأكد أن "هناك عدد قليل من الدول في العالم إلى جانب إسرائيل مثل السعودية ترغب في رؤية حماس ضعيفة، وأينما يتم تحجيم جماعة الإخوان المسلمين يمكن أن يزدهر الاعتدال وقد رأينا ذلك في مصر والسودان وتركيا".


واعتبر أن "السعودية تدرك أن هزيمة هذه العناصر أمر أساسي لعملية التحديث التي تقوم بها، وقبل ثلاثين عاما حتى مجرد مناقشة مثل هذا الاتفاق كان أمرا لا يمكن تصوره".

وذكرأنه "الآن بفضل اتفاقيات أبراهام والتغيرات الديناميكية نحن على أعتاب اختراق كبير، نظرا لأن التطبيع ليس مجرد اتفاقيات تجارية أو مجاملات دبلوماسية، بل يتعلق بإنشاء إطار جديد للاستقرار الإقليمي وهو  إطار يرفض التطرف ويعزز التعاون".

وقال إن "السعوديين يريدون ضمان أن يرى شعبهم فوائد ملموسة للفلسطينيين في أي اتفاق، وهو توازن حساس ولكن يمكن تحقيقه من خلال مفاوضات براغماتية ودعم دولي".

وأعرب لايتر عن ثقته في نهج الرئيس الأمريكي دونالد ترمب تجاه السياسة الخارجية، واصفا إياه بأنه "قائد حاسم تتماشى قراراته مع أهداف إسرائيل الأمنية".

والأسبوع الماضي، نفى وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر، وجود وعد من تل أبيب بإقامة دولة فلسطينية مقابل التطبيع مع السعودية.

جاء ذلك في كلمته أمام الكنيست (البرلمان)، وهو الذي يعتبر الذراع الأيمن لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والمسؤول فعليا عن الاتصالات مع الولايات المتحدة، وكان ظهوره أمام الكنيست نادرا، باعتباره ليس عضوا فيه.

وقال ديرمر: "لا يوجد وعد بإقامة دولة فلسطينية مقابل التطبيع مع السعودية".


واشترطت السعودية في أكثر من مناسبة، موافقة الحكومة الإسرائيلية على قيام دولة فلسطينية، مقابل تطبيع العلاقات معها.

في السياق ذاته، أشار ديرمر، إلى أن الحكومة الإسرائيلية تعمل على وضع خطة بشأن "اليوم التالي" لحرب الإبادة في قطاع غزة.

وأضاف إلى حاجة "إسرائيل" للولايات المتحدة وقوى في المنطقة لم يسمها في هذا الصدد.
وسبق أن أعلن نتنياهو، مرارا، أنه لن يوافق على عودة حركة حماس أو السلطة الفلسطينية إلى حكم قطاع غزة، قائلا: "لا حماسستان ولا فتحستان".

مقالات مشابهة

  • الخارجية الفلسطينية تدين اقتحام وزير الدفاع الإسرائيلي جنين بالضفة
  • السفير الإسرائيلي لدى واشنطن يؤكد الاقتراب من تحقيق التطبيع السعودي
  • الخارجية الفلسطينية تدين جرائم الاحتلال الإسرائيلي بهدم المنازل ودور العبادة في الضفة الغربية
  • الاحتلال الإسرائيلي يهدم مسجدا في جنين.. والأوقاف الفلسطينية تستنكر
  • المخاطر المحيطة بالثورة السورية
  • قوات الاحتلال تشدد إجراءاتها العسكرية عند الحواجز المحيطة بنابلس في الضفة الغربية
  • وكالة الأنباء الفلسطينية: الاحتلال يشدد إجراءاته العسكرية عند الحواجز المحيطة بنابلس
  • دعا المجتمع الدولي لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي .. أبو العينين: مصر لن تقبل أي محاولات لتصفية القضية الفلسطينية
  • سكان جنوب لبنان يتحدون التهديدات الإسرائيلية ويقررون العودة لقراهم.. تفاصيل
  • الاحتلال الإسرائيلي يعلن عودة النازحين الفلسطينيين إلى شمال غزة صباح اليوم