براوبط تاريخية ممتدة وعلاقات أزلية هي تاريخ حضارة شعبي وادي النيل ، تقف أسوان محور لهذه العلاقة في التكامل والتواصل بين شعبي مصر والسودان. وتعد مدينة أسوان التي كانت تعرف قديما بمثابة سوق مفتوحة لذا أطلق عليها القدماء المصريين أسم (سونو) ، وهو المعنى الحرفي لكلمة (سوق)، إلى أن حولها العرب إلى أسوان فقد كانت مركزا تجاريا للقوافل القادمة من وإلى النوبة ومن النوبة إلى السودان.

ولا تزال أسوان تعلب نفس هذا الدور التاريخي، والذي يبدأ تحديدًا من داخل محطة سكة حديد السد العالي والملاصقة لميناء السد العالي البري الذي يرتبط بميناء حلفا شمال السودان عبر المجرى الملاحي النهري لبحيرة ناصر. وعلى رصيف محطة سكة حديد السد العالي يفترش كل أربعاء وخميس من كل أسبوع ، عشرات الباعة من السيدات السودانيات الذين قدمنا من عدة مناطق من السودان عبر الباخرة النيلية ساق النعام أو الباخرة سيناء والتي أقلتهم من ميناء الزبير بوادي حلفا في طريقها إلى ميناء السد اعالى جنوب أسوان حاملين معهم البضائع والسلع السودانية ، والتي تجد المئات من المواطنيين الاسوانيين والنوبيين و التجار في انتظارها بل يصل الأمر إلى التهافت عليها والتي من أشهرها ( البخور والخمرة والدلكة السوداني و الكركاد و الخورديمان والمشغولات الصينية والهندية ومفروشات العرائس والعطور والحناء وأخشاب الذينة والجلابيب والأحذية ذات الطرازات القديمة السودانية ).

تقول السيد ة نعمة الله الكبير بائعة أدوات زينة أنها تأتي إلى أسوان ما بين الحين والآخر، وهي قادمة من منطقة الجزيرة بالسودان أملًا في توفير حياة كريمة لها ولأسرتها بالسودان ، حيث تعتبر نفسها أثناء تواجدها بأسوان وكانها في السودان تمام في ظل تشابه العديد من التقاليد والعادات ولون البشرة لأبناء الجنوب. وتابعت قائلة: إنها رغم بساطة ما تقدمه لزبائنها من منتجات وبضائع سودانية، والتي لا تعدو عن مجموعة من البخور والحناء والزيوت الخاصة بالشعر والجسم وعلاج العظام ، إلا أنها تجد متعه خاصة لما تقوم به في ظل أن نوعية زبائنها من أصحاب الذوق الرفيع على حد تعبيرها “مشهد السوق السودانية على رصيف محطة السد العالي يتكرر موعده كل أسبوع بما يمثل هذا النشاط التجارى دليل على الروابط الاجتماعية والإنسانية التي تجمع بين شعبي وادي النيل ، بحسب ما تقول ” ربيعة أبوبكر ” من منطقة القضارف.

وتشير إلى أن الباعة السودانيين دائمًا ما تجمعهم لغة مشتركة وهي السفر من أجل البحث عن المال الحلال ، حيث دائمًا ما نتجمع في منطقة حلفا شمال السودان قبل توجهنا إلى أسوان عبر الباخرة على طول الخط الملاحي لبحيرة ناصر بين مصر والسودان. وأوضحت أن رحلة هذا الأسبوع ضمت عدد من السيدات السودانيات القادمات من مناطق عدة اشهرها أم درمان وحلفا والعطبرة والكرمية والقضارف ووادي مدني وأن أشهر ما يميز السيدات السودانيات ملبسهم الشهير الذي يطلق عليه ( التوب السوداني) وسمرة وبشاشة أهل النيل وقد حملن معهن أطيب البضائع والسلع السودانية الشهيرة والتي تجعلك تنجذب إليها بروائحها ونكهاتها الذكية.

وتضيف قائلة إن من أشهر زبائنهم هم السيدات وخاصة أهالي النوبة، نظرًا لتقارب الثقافات والعادات التي تجمعهم مع نظرائهم السودانيات، كما يصل أسبوعيًا عشرات من كبار التجار من أسوان والقاهرة ومحافظات الوجة البحري لشراء هذه المنتجات والتي يتم عرضها في الاسواق.

وطني نت

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: السد العالی

إقرأ أيضاً:

السودان ما بين استبدال القوى السياسية أو استبدال الأمة السودانية

▪️لا شك أن التشكل الأول للقوى السياسية السودانية في القرن العشرين كان بدوافع وروافع أجنبية وغير وطنية .. بدءاً من اليهودي الفرنسي عميل KGP الروسية هنري كوريل مؤسس الشيوعية في مصر (حمتو) والسودان (حستو) ، ومروراً بطائفتي الختمية (مصر) والأنصار (بريطانيا) وجمعية اللواء الأبيض (مصر) وليس انتهاءاً بمؤتمر الخريجين صنيعة الاستعمار البريطاني في الهند والسودان وما نتج عنه من أحزاب ، وعلى ذات الدرب سارت القوى السياسية الإسلامية في بلادنا والتي استلهمت فكرها وتنظيمها من مصر (الاخوان المسلمين) أو من السعودية (أنصار السنة والسلفيين) .. وإن أبرز مثالٍ على الفوضى السياسية في السودان هو أن عدد الأحزاب السودانية ظل دائماً مثاراً للجدل ووجهات النظر ، فقانون تنظيم الأحزاب السياسية صدر لأول مرة في السودان بعد ثورة أكتوبر عام ١٩٦٤م ، وما انفكت الحياة السياسية تعاني فوضى العمل السياسي لوجود غالبية التنظيمات السياسية تمارس العمل السياسي خارج إطار القانون ، ومن أبرزها القوى التي ظلت تتخذ من العمل العسكري وسيلةً لتحقيق أهدافها السياسية ، وقد تعددت في بلادنا مُسميات وأدوار وأطوار الكيانات السياسية في السودان ما بين أحزاب ، وتيارات ، وحركات ، وجبهات ، ومؤتمرات ، ولجان ، ومنظمات ، ومبادرات ، وروابط ، وقوى ، وتجمعات ، وجمعيات ، …الخ ، وبنظرةٍ عجلى على سبيل المثال لمكونات تحالف قحت المكون من ٦٤ اسماً بلا مُسمَّى ، والذين حكموا السودان سنتين … سيتضح حجم الفوضى العمل السياسي التي بدأت بالعمالة وكان لابد لها أن تنتهي بدمار البلاد.

▪️كان قانون الأحزاب السوداني الصادر عام ٢٠٠٧م والمعدل عام ٢٠٢٠م هو آخر ما صدر لتنظيم النشاط السياسي في البلاد ، وبمراجعة مسيرة الحياة السياسية في السودان وما آلت إليه ، وبالنظر إلى أن البلاد اليوم حرفياً قد عادت إلى ما قبل غزو محمد علي باشا للسودان .. فإنه لا مناص من التفكير في إعادة تأسيس الحياة السياسية في السودان بعد الحرب على أسس وطنيةٍ بحتة من حيث الفكر والتنظيم والممارسة ، وأن تستند في كل ذلك على دستورٍ سودانيٍّ مُتراضىً عليه شرعياً وشعبياً ، وأن ترتكز على قانونٍ يجنبها فوضى التكاثر الأميبي الذي سمح بفسيفسائيةٍ سياسيةٍ مؤذيةٍ عصفت بالبلاد وأهلها ، ويجب إلى جانب القانون أن تُضبط بالوعي العام الذي يُبعد شبح المزالق العرقية والقبلية والمناطقية والعائلية في العمل السياسي.

▪️إن التجربة الإنسانية في عمومها لم تخرج في نشاطها السياسي عن ميولٍ ثلاثة تترجمها في حزبٍ يتخذ أقصى اليسار وآخر في أقصى اليمين وبينهما بضعة أحزابٍ قليلةٍ تمثل الوسط ، وذلك وفق الإطار الدستوري الذي يمثل أعلى معايير القيم الوطنية للشعب ، ويلعب قانون الأحزاب دوراً رئيسياً في ضبط النشاط السياسي على هذه الأسس لتكون هذه القوى السياسية خادمةً لإرادة الشعب ، لا أن تتحول إلى أدوات ابتزازٍ للشعب تحقيقاً لطموحاتٍ انتهازية ، أو مدخلاً لنفوذ قوىً أجنبية ، فالهدف من تشريع قانون للأحزاب السياسية يجب أن يضمن:
١. تنظيم الحياة السياسية.
٢. ضمان التعددية السياسية.
٣. منع التجاوزات.
٤. تعزيز الشفافية والمساءلة.
٥. حماية الحقوق والحريات.
٦. تحقيق الاستقرار السياسي.
٧. تأمين الأحزاب من الاختراق الأجنبي.
٨. منع توظيف الأحزاب لخدمة الأهداف الخاصة باستخدام النفوذ المالي أو العرقي أو غيرها.
٩. ضمان جدية الأحزاب السياسية
١٠. ضمان توافق الأحزاب مع الدستور
١١. منع ظهور أحزاب عنصرية أو جهوية أو مناطقية.
١٢. منع ظهور أحزاب متطرفة دينياً أو علمانياً.
١٣. منع الفسيفساء الحزبية
١٤. ضمان وطنية الأحزاب

▪️يبلغ إجمالي عدد السكان حوالي ٥٠.٧ مليون نسمة وفقا لتقديرات السكان في السودان للعام ٢٠٢٤م ، ونسبة الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن ١٨ عاماً تُمثِّل حوالي ٥٣% من إجمالي السكان ، وبناءً على هذه النسبة فيمكن تقدير أن عدد الناخبين في السودان يقارب ٢٧ مليون نسمة ، وعليه فإن شروط تسجيل الأحزاب السياسية الاتحادية في السودان يجب أن تراعي هذه الأرقام من حيث:-
١. اشتراط أن تتضمن عضوية الحزب ٢% على الأقل من الناخبين بما يعادل ٥٣٨.٠٠٠ عضواً.
٢. أن تكون عضوية الحزب موزعة على عشرة ولايات على الأقل عند التسجيل ، بما تشمل كل أقاليم السودان شرقاً وغرباً ووسطاً وشمالاً وجنوباً .. من جملة ١٨ ولاية.
٣. أن لا يقل عدد الأعضاء في كل ولاية عن ٤٠.٠٠٠ عضواً.

وبذلك لا يتم تسجيل إلا الأحزاب ذات الثِّقل والانتشار الحقيقي ، والتي هي فعلاً تمثل شرائح الشعب على المستوى القومي ، ولا يمنع ذلك من إمكانية أن يسمح الدستور بإنشاء أحزابٍ سياسيةٍ على المستوى الولائي بما يتوافق ولائياً مع ما ورد بعاليه ، فيكون لها حق ممارسة نشاطها السياسي ولائياً دون المستوى الاتحادي.
▪️إن قانون الأحزاب السياسية ضرورةٌ قصوى لضمان أن يجري النشاط السياسي بشكلٍ مُنظَّمٍ وطنيٍّ وقانوني ، ويجب الانتباه لعدم الخلط ما بين حرية ممارسة العمل السياسي بشكلٍ قانوني ، وما بين حرية الرأي والتعبير التي تمكّن الأفراد من المشاركة في هذا النشاط عبر التعبير عن آرائهم والمساهمة في صنع القرار بشكلٍ قانونيٍّ كذلك ، والقانون هو الذي يفصل ما بين سوء الفهم في التفريق ما بين حرية الفرد التي تنتهي عندما تبدء حرية الآخر ، وما بين الفوضى التي هي عربدةٌ لا تُفضي إلى خيرٍ مُطلقاً.
▪️لضمان نزاهة ووطنية الأحزاب ، ولتجنب عمليات استحواذ النفوذ من قبل الأشخاص والعائلات وغيرها .. يجب أن يتضمن قانون الأحزاب :-
١. ضمان تمويل الأحزاب وطنياً.
٢. تقديم تقارير مالية دورية عن التبرعات والنفقات.
٣. تقديم دستور وهيكل اداري وتنظيمي مُنتَخب للحزب بعد اجازتهما ديمقراطياً بحضور مسجل الأحزاب.
٤. تحديد مسئول مالي مؤهل للحزب.
٥. يجب ان يكون للحزب برنامج سياسي واضح يتوافق مع الدستور.
٦. أن تكون رئاسة الحزب لدورتين انتخابيتين متتاليتين فقط كحد أقصى.
٧. أن يُسمح للاحزاب بتأسيس الشركات في مجالات يُحدِّدها القانون كالاعلام والطباعة والخدمات والاستثمارات البنكية ، ويجب أن تكون خاضعة لقواعد الشفافية والرقابة القانونية ، وأن يكون نشاطها داخل السودان فقط ، ويُمنع انخراطها في أي ارتباطات خارج السودان.
٨. أن يتم تحديد سقف أعلى للتبرعات.

⚫إن الولاء الأعمى لكيانٍ سياسي أو انتماءٍ حِزبيٍّ أو فِكريٍّ يمنع الحاجة لدى الإنسان للتفكير ، وهذا لا يعني انعدام الوعي فقط ، بل إنه يقضي تماماً على إنسانية الإنسان نفسه ، والإنسان السَّويُّ لا ينبغي له المساومة في الانحياز لانتماءٍ ما يتناقض مع ضميره الإنساني والوطني ، ولقد كثر القول بأن الشعوب التي تسمح للفاسدين والانتهازيين والمُستبدِّين بأن يكونوا نُخباً تتسيَّد المشهد السياسي لا يمكن اعتبارهم ضحايا بحال ، بل هي شعوبٌ شريكةٌ في الجريمة دون شكٍّ حين سمحت باستخفافها فأطاعت فاستحقت أن تكون شعوباً فاسقة ، *وخير ما نقوله للقوى السياسية اليوم سواءً شاؤوا أم أبوا .. هو أن يجتهدوا في إحسان خاتمتهم ، فإن بعض الخير الذي سيعقب مكاره القتال إن شاءالله .. هو دفن صفحة القوى السياسية السودانية قاطبةً ، واستشراف فجرٍ جديدٍ بأجيالٍ جديدةٍ وأحزابٍ جديدة ووعيٍ جديد.*

اللواء (م) مازن محمد اسماعيل

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • “هونداي” الكورية تباشر بتنفيذ مشروع محطة غرب طرابلس البخارية
  • السفير الضحاك: يجب إنهاء مفاعيل “ورقة المبادئ والمعايير الناظمة لعمل الأمم المتحدة في سورية” بالغة العدائية والتي تتناقض مع المبادئ الإنسانية الأساسية وتحرم الفئات الأكثر احتياجاً من الحق في ظروف معيشية مناسبة
  • شاهد بالفيديو.. راقصة سودانية حسناء تبهر المتابعين بوصلة رقص مثيرة بثوب “الجرتق” وساخرون: (جاها شعور هي العروس البايرة)
  • بالصور.. الاتحاد البرازيلي يصدم جماهيره: فينيسيوس “كاميروني”
  • “سد حسان” .. مكسباً إقتصادياً كبيراً لأبين ..!!
  • “دبي للاقتصاد الرقمي” تدعم تأسيس وتوسع 485 شركة ناشئة رقمية خلال 9 أشهر
  • شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية تخطف الأنظار بتشجيعها للمنتخب الوطني من داخل ملعب “بنينا” بليبيا
  • السودان ما بين استبدال القوى السياسية أو استبدال الأمة السودانية
  • شاهد بالصورة والفيديو.. (أقلهن مهراً أكثرهن بركة).. “شيلة” عروس سودانية محملة على “كارو” متواضعة تثير اعجاب الجمهور
  • “بيرييلو” ومآلات الحرب السودانية