ما تزال محطة زابوريجيا النووية، أكبر محطة للطاقة النووية في أوروبا، والتي تخضع للسيطرة العسكرية الروسية منذ أوائل مارس (أذار) 2022، في حالة محفوفة بالمخاطر، حيث حذر مهندس بارز في المنشأة التي تعود إلى الحقبة السوفييتية، من أن احتمال وقوع كارثة خطيرة في محطة الطاقة النووية ارتفع إلى المستوى الأول من كل 5 مستويات، وفقاً لما نقلته مجلة "تايمز" البريطانية، في تقرير لها بهذا الشأن، أمس السبت.

مغادرة كبار الموظفين من الأسباب التي قد تؤدي إلى تكرار سيناريو فوكوشيما

أسوأ السيناريوهات هو ضرب جميع المفاعلات الستة في المحطة

وبحسب تقرير "تايمز"، أوضح أحد كبار المهندسين العشرة في المحطة والتي كان لديها قوة عاملة قبل الحرب تبلغ 11 ألف عامل، أن مغادرة كبار الموظفين واستخدام المحطة كقاعدة عسكرية من قبل القوات الشيشانية التي انضمت للقوات الروسية في الحرب على أوكرانيا، هي من بين الأسباب التي قد تؤدي إلى تكرار سيناريو "فوكوشيما" في أي وقت.

وأضاف التقرير نقلاً عن مصادر وصفها بالمطلعة على الظروف داخل المنشأة، بأن  النقص في الخبرة حاد للغاية لدرجة أن عمال النظافة والسكرتيرات وعمال "الياقات الزرقاء"، يتظاهرون بأنهم مهندسون ويرتدون معاطف المختبر لخداع المراقبين الدوليين، وجعلهم يعتقدون أن الروس لديهم الموظفين اللازمين لتجنب حدوث كارثة نووية.

‘One-in-five risk of catastrophe’ at Zaporizhzhia site where janitors pose as engineers https://t.co/zc0rFAvHwR

— The Times and The Sunday Times (@thetimes) September 17, 2023

وسيطرت روسيا على محطة زابوريجيا النووية بعد فترة وجيزة من اندلاع الحرب، وعلى مدار الأشهر الماضية، تعرضت المحطة لقصف مدفعي متكرر أدى إلى قطع الكهرباء.

ومحطة زابوريجيا هي الأكبر في أوروبا، وقبل وصول الجنود، كان 160 فقط من كبار الموظفين مرخص لهم للإشراف على مفاعلاتها الستة، ومن بين هؤلاء، حوالي 30 موظف وافقوا على التعاون مع الروس، بينما بقي الـ 80 % المتبقية في بلدة إنيرهودار المجاورة، مستعدين للعمل في حالات الطوارئ.

وخلال هذا الصيف، أجبرت حملة القمع الوحشية ضد أي مقيم لم يحصل بعد على جوازات سفر روسية، 100 من هؤلاء المهندسين على الهرب إلى خارج المدينة التي سيطرت عليها روسيا، وكان إيفان وزوجته ناتاليا، اللذان تم تغيير اسميهما لحماية هوية أفراد الأسرة، من بين الذين غادروا، بحسب التقرير.

وعاش إيفان وناتاليا، اللذان عملا أيضاً في المحطة، في مدينة "إنيرهودار"  بمقاطعة زابوريجيا مع أطفالهما لسنوات، قبل أن يدخل المقاتلون الشيشان الموالون للقوات الروسية إلى المدينة، حيث رفض إيفان العمل تحت قيادة الروس، لكنه حينذاك قرر مع 130 مهندساً آخر البقاء في المدينة للمساعدة في حالة وقوع كارثة.

وقال إيفان: "بالنسبة للمفاعل العامل، يجب أن تحدث حالة طوارئ خطيرة مرة واحدة فقط كل 10 آلاف عام، ونحن الآن نقيسها من حيث هل ستحدث أم لا"، مضيفاً  "أنا شخصياً أعتبر أن هناك احتمالاً بنسبة 10 إلى 20 % لحدوث حالة طوارئ خطيرة، واحتمال بنسبة 50 إلى 60 % أن تلحق القوات الروسية الضرر بكل شيء عندما يغادرون".

ويقول إيفان إن "حالة الطوارئ الخطيرة في المحطة النووية، هي انهيار واحد أو أكثر من المفاعلات الستة، لأسباب مماثلة وستكون العواقب أسوأ من تلك التي شهدها العالم في كارثة فوكوشيما النووية في اليابان عام 2011، والتي أدت إلى نزوح 164 ألف شخص من المناطق الملوثة المحيطة".

وكان الخبراء، في وقت سابق من العام الحالي، حذروا من "حدوث انفجار في أي جزء من نظام التبريد في محطة الطاقة النووية في زابوريجيا، يمكن أن يؤدي إلى تكرار سيناريو يشبه كارثة فوكوشيما الذي حدث في عام 2011 إثر الزلزال وما تلاه من فيضانات تسونامي، إذ توقف تبريد 3 مفاعلات في محطة فوكوشيما للطاقة النووية في اليابان، وأدى ذلك إلى انهيار قلب المفاعل وإطلاق الإشعاع النووي". 

وأضاف إيفان أن "الطاقة النووية الصافية لمحطة زابوريجيا أكبر بمقدار الثلث من محطة فوكوشيما"، مردفاً  "إن أسوأ السيناريوهات هو ضرب جميع المفاعلات الستة، والذي بدوره سيؤثر على حوض البحر الأسود بأكمله وأوروبا الشرقية بأكملها.

وحدثت كارثة "فوكوشيما" عندما تسبب تسونامي في فشل جميع مدخلات الكهرباء وتضرر المولدات الاحتياطية، ويخشى إيفان أن يحدث الشيء نفسه في زابوريجيا، خاصة مع حلول فصل الشتاء وهجوم متوقع على البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا.

وقال إيفان من منزله الجديد في كييف: "الخطر الأكبر هو انقطاع التيار الكهربائي بالكامل"، "وذلك حدث  بالفعل عدة مرات، وهذا لم يحدث ولا مرة واحدة قبل 40 عاماً".

وقبل أن تسيطر روسيا على المنطقة في مارس (آذار) من العام الماضي، كان هناك 7 إلى 8 مدخلات للكهرباء في المحطة، ولكن الآن يوجد كابل واحد فقط يعمل بكامل طاقته وكابل احتياطي واحد يعمل جزئياً. وفي حالة انقطاع التيار الكهربائي، سيكون هناك سباق مع الزمن لتحقيق الاستقرار في المفاعلات، وفق التقرير.

ويتم الاحتفاظ بـ5 مفاعلات في حالة "باردة" وواحد في وضع الاستعداد "ساخن".. ومن دون الطاقة، يمكن أن يتعطل المفاعل الساخن خلال 6 إلى 7 ساعات، في حين أن المفاعلات الباردة قد تستغرق من يوم إلى يومين.

ولم تتم صيانة مولدات الديزل الاحتياطية العشرين منذ بداية الهجوم الروسي، ومع كل انقطاع للتيار الكهربائي تتعرض المعدات لمزيد من الضرر.

ووصل مراقبون من الوكالة الدولية للطاقة الذرية في أغسطس (آب) من العام الماضي لمراقبة المحطة، لكن إيفان يقول إن "عملهم لم يكن فعالاً"، مضيفاً " لقد توجهوا نحو لوحة التحكم في المفاعل وعلموا أنه يجب أن يكون هناك 5 أشخاص يعملون هناك"، ونحن المهندسين لدينا زي محدد تماماً، وعندما وصل  مراقبو الوكالة الدولية للطاقة الذرية، حسبوا أن هناك 5 أشخاص وهذا كل شيء، ثم اتضح لاحقاً أن من بين هؤلاء الخمسة، 3 ليسوا من المهندسين يجلسون لمدة 20 دقيقة ثم يغادرون بعد مغادرة المراقبين للوكالة الدولية للطاقة الذرية، واثنان من الوردية الفعلية".

وتابع: "الناس الذين قضوا كل حياتهم عمال نظافة، أصبحوا رؤساء أقسام، لأن كل المختصين غادروا، هناك حالات سمعت عنها".

ويتواجد المراقبون أيضاً تحت حراسة مستمرة من الشرطة السرية الروسية عند زيارتهم للمصنع، يقول إيفان: "إنهم يذهبون إلى كل مكان برفقة الشرطة الروسية، إذ أن ما لا يريد جهاز الأمن الفيدرالي الروسي  أن يرونه أو يسمعوه المراقبون، لا يرونه أو يسمعونه".

في أوائل يوليو (تموز)، وبعد تقارير أوكرانية تفيد بأن القوات الروسية زرعت متفجرات على أسطح المفاعلات، قامت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بتفتيش الموقع، وادعت أنها لم تتمكن من العثور على أدلة تثبت ذلك.. ولكن حتى 8 سبتمبر (أيلول)، لم يُسمح لهم بالوصول إلى 4 من أسطح المفاعلات الستة.

وشددت الوكالة الدولية للطاقة الذرية على أهمية وجودها، من دون معالجة المخاوف المتعلقة بإمكانية الوصول والتوظيف، وقالت: "لولا وجود الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لن يكون لدى العالم مصدر مستقل للمعلومات حول أكبر محطة للطاقة النووية في أوروبا، والتي تقع على خط المواجهة في الحرب في أوكرانيا".

الوكالة الدولية تكذب ادعاءات #أوكرانيا بشأن محطة زابوريجيا https://t.co/MM8iLgxIzV

— 24.ae (@20fourMedia) August 4, 2023

وقال وزير الطاقة الأوكراني جيرمان غالوشينكو: "لسوء الحظ، ليس لدى مراقبي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الحرية للتنقل في جميع أنحاء المنشأة، وهو ما قد يكون أمراً أساسياً لأي نوع من التفتيش، وكرر الوزير الأوكراني تحذير إيفان من أن انقطاع التيار الكهربائي قد يؤدي إلى كارثة نووية، خاصة أنه من المتوقع أن تجدد روسيا هجومها على البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا مع بداية فصل الخريف.

وقال: "لقد انقطعت جميع خطوط الكهرباء التي تضمن نظام السلامة في المحطة بسبب الضربات الصاروخية، 7 مرات"، مضيفاً أن "المحطة التي تدعم بالفعل الكهرباء بمولدات الديزل تشكل بالفعل خطراً، حيث لن يتبقى بعد ذلك إلا خطوة واحدة قبل تكرار سيناريو فوكوشيما"، محذراً  من أن "أي صاروخ أو طائرة من دون طيار تسقط عن طريق الخطأ على مولد ديزل عامل، سيكون لدينا حالة طوارئ نووية، وستبدأ العملية ولن يستطيع أحد إيقافها.. لا أحد".

المخاوف تتجدد من كارثة نووية تدمر أوروبا.. #موسكو و #كييف تتبادلان الاتهامات بالإعداد لهجوم وشيك على محطة #زابوريجيا#فيديو24

لمشاهدة المزيد من الفيديوهات:https://t.co/XKZstSvtfW pic.twitter.com/J4HH1UMqGD

— فيديو 24 (@24Media_Video) July 7, 2023

وفي شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، استحوذت شركة روساتوم الروسية على المحطة رسمياً وجلبت مهندسيها، لكن إيفان يقول إنهم "ليس لديهم التدريب اللازم لتشغيلها".

وفي هذا الصيف، مع تقدم الهجوم المضاد الذي شنته كييف، وتعرض مدينة إنيرهودار للقصف الأوكراني، بدأ الروس في قمع المدنيين في المدينة الذين رفضوا الحصول على جواز سفر روسي.

ويضيف إيفان أنه "قرر  مع وزوجته وأطفالهما في 22 يونيو (حزيران) الماضي، حزم أمتعتهم واتجهوا شرقاً لإنقاذ حياتهم من القمع الروسي، على حد قوله.

واليوم، يتواجد إيفان في كييف، حيث يتدرب مع زملائه السابقين الآخرين على العودة إلى محطة "زابوريجيا"  إذا سمحت لهم القوات الروسية بالمرور إلى المنشأة، في حالة حدث أمر طارئ، وفق الصحيفة البريطانية.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: زلزال المغرب التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني الحرب الأوكرانية محطة زابوريجيا النووية زابوريجيا أوروبا محطة فوكوشيما فوكوشيما الوکالة الدولیة للطاقة الذریة محطة زابوریجیا تکرار سیناریو النوویة فی فی المحطة فی حالة من بین

إقرأ أيضاً:

مع تكرار قصفها.. كيف يعيد نازحو غزة بناء خيامهم؟

غزة- يعزو عزات سلطان نجاته وأبناءه وأحفاده، بأعجوبة من موت محقق إلى العناية الإلهية، بخروجهم سالمين من لهيب النيران التي التهمت خيامهم داخل مخيم يؤوي نازحين غربي مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة.

في إحدى ليالي شهر رمضان الماضي، استيقظ سلطان (75 عاما) والنازحون على دوي انفجار ضخم جراء غارة جوية إسرائيلية، استهدفت إحدى الخيام فأدت إلى اشتعال النيران في عدد كبير من الخيام المتهالكة المصنوعة من الأخشاب والبلاستيك.

مرّت به وأسرته كثيرٌ من الأحداث المؤلمة منذ اندلاع الحرب على غزة عقب عملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 "لكن هذه المرة كان الموت أقرب لنا من أي وقت مضى، كان المشهد مرعبا، انتفضنا فزعين من النوم وقد انهارت الخيام فوق رؤوسنا واشتعلت بها النيران"، كما يقول للجزيرة نت.

أطفال نازحون يلهون داخل خيمة من القماش المهترئ في غرب مدينة خان يونس (الجزيرة) صمود في خيمة

قضى سلطان وعائلته (19 فردا) تلك الليلة في العراء، على أنقاض خيامهم، وشغله تفكيره وقلقه، ماذا سيفعل وقد خسر كل شيء، ولسعات البرد تتسلل بقسوة إلى جسده النحيل الذي لا يوحي أنه كان يوما مدرسا للتربية الرياضية، وبات اليوم يخطو متثاقلا متكئا على عكاز، يقول إنه اضطر إليه خلال الحرب، وكان قبلها يتمتع بصحة جيدة.

عمل سلطان لـ27 عاما مدرسا في السعودية، وعاد في العام 1999 ليستقر في مسقط رأسه بمدينة رفح والتحق بالعمل في مدرسة حكومية وتقاضى راتبا تقاعديا، يقول، إنه كان بالكاد يكفيه في تدبير شؤون أسرته قبل اندلاع الحرب.

"كنت طوال الليل أفكر من أين نوفر خياما بديلة من المدمرة والمحترقة، وأسعارها خيالية في الأسواق وارتفعت أضعافا بعد إغلاق المعابر". ويشير سلطان بذلك إلى أثر إغلاق الاحتلال المعابر منذ 2 مارس/آذار الماضي، ومنعه إدخال المساعدات الإنسانية بما فيها الخيام.

إعلان

وشهدت أسعار الخيام القليلة في الأسواق ارتفاعا هائلا في ظل زيادة الطلب عليها، إثر أوامر وإنذارات النزوح الإسرائيلية التي شهدت كثافة كبيرة، منذ استئناف الاحتلال الحرب على القطاع في 18 مارس/آذار الماضي.

انتشار خيام متهالكة وعشوائية في الشوارع لنازحين لم يجدوا مكانا يؤويهم (الجزيرة)

انتصف نهار ذلك اليوم وسلطان وعائلته يجلسون صياما بلا مأوى ولا خيارات، حتى تبرعت لهم هيئة خيرية بخيام أصر على إقامتها في المخيم ذاته، بدافع عدم بث الخوف في قلوب النازحين إن غادره وعائلته، ولأنه "لا مكان آمن في قطاع غزة، والعثور على مساحة لإقامة 3 خيام متجاورة ليس أمرا سهلا".

ترسم قسمات سلطان رحلة طويلة قادته إلى كثير من دول العالم، قبل أن يقرر العودة ليقضي بقية حياته في مدينة رفح، التي تتعرض لإبادة شاملة تطال الشجر والحجر، وقد أجبر الاحتلال نحو 300 ألف من سكانها على النزوح وإخلائها كليا، وخسر فيها منزله المكون من 4 طوابق، ويدلل على عظيم خسارته بالقول "وضعت في هذا المنزل تحويشة العمر وشقاء السنين".

نال تدمير المنزل من صحته النفسية والجسدية، وهو يتحدر من عائلة لاجئة من قرية بربرة إبان نكبة 1948، غير أن قناعاته ظلت ثابتة ولم تهتز، وبإصرار يؤكد هذا الأب الذي فقد ابنه ياسر شهيدا في العام 2004 "لن يفلحوا في تهجيرنا وتكرار نكبتنا مهما قتلوا ودمروا".

في مايو/أيار الماضي، كانت تجربة النزوح الأولى لسلطان على وقع اجتياح رفح، ومنذ ذلك الحين تنقل وعائلته بخيامهم 5 مرات، بعد إنذارات إسرائيلية وخشية مخاطر التوغل. ويقول "تمزقت خيامنا من كثرة النزوح ولم تتمزق إرادتنا وقدرتنا على الحياة، وعودتنا قريبة إلى رفح وليست بعيدة إلى بربرة".

أبو دان ضرب خيمة من الأغطية والقماش البالي ليقيم فيها وأسرته غرب خان يونس (الجزيرة) نزوح متكرر

أمام خيمة مهترئة تعبث بها الريح، جلس النازح رائد أبو دان وإلى جانبه طفله المصاب بإعاقة ذهنية، واضعا يده على وجهه، وقد أثقلته الهموم من النزوح المتكرر وضيق الحالة الاقتصادية.

إعلان

للمرة السادسة منذ اندلاع الحرب اضطر أبو دان (46 عاما) إلى النزوح بأسرته (7 أفراد) من منطقة "قيزان النجار"، على وقع تهديدات إسرائيلية وتوغل عسكري كبير في هذه المنطقة ومناطق أخرى على خط التماس بين مدينتي رفح وخان يونس المتجاورتين، ويفصلهما منذ نحو 3 أسابيع "محور موراغ" (ممر صوفا).

لا يمتلك هذا الرجل العاطل عن عمله في مطعم اضطر صاحبه إلى إغلاقه بعد اندلاع الحرب، مبلغ ألف شيكل (الدولار يعادل 3.7 شواكل) أجرة سيارة نقل تقله وأسرته وأمتعته، وقد اضطروا إلى الخروج خفافا بالملابس التي يرتدونها والقليل من الأغطية حملوها على الأكتاف.

أوامر النزوح الإسرائيلية المتكررة تفرض على الغزيين ظروف حياة قاسية (الجزيرة)

ويقول للجزيرة نت، "لم نعلم أين سنذهب وليس معنا خيمة، ووجدت هذا المكان لصناعة خيمة من لا شيء، باستخدام القليل من الأخشاب وشادر قديم حصلت عليه من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)".

لو أتيحت لك فرصة السفر والهجرة، هل تقبل؟ لم يطل تفكيره وكانت إجابته حاضرة وكأنه يتوقع السؤال، ولم يكتف بقول لا، واستخدم تعبيرا شعبيا "والله لو يقطعوا راسي ما بهاجر"، وهو تعبير يستخدمه الغزي ليؤكد تمسكه بموقف يعتبره أثمن من حياته نفسها.

ويرجح أبو دان أن يكون منزله مدمرا، ولا يمتلك دخلا ثابتا يعتاش منه وأسرته، ويضيف "أعيش في خيمة أو كوخ، وبكرى نعمر البلد من جديد، وما بتركها لأغراب يستوطنونها".

حصار ونزوح

يُعتبر عدم توفر الخيام للنازحين واحدة من أكثر الأزمات تعقيدا، وقد بات الاحتلال يستخدم التشريد وإجبار الغزيين على النزوح وهجر منازلهم ومناطق سكنهم، وهي سياسة ممنهجة لزيادة الضغط عليهم.

وكان يُفترض أن تدخل 200 ألف خيمة و60 ألف بيت متنقل خلال المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، الذي امتد من 19 مارس/آذار الماضي وحتى انهياره بخرق إسرائيل له وتشديد الحصار واستئناف الحرب.

إعلان

وتشير بيانات رسمية صادرة عن المكتب الإعلامي الحكومي بغزة إلى أن الاحتلال لم يُدخل أي بيت متنقل في تلك المرحلة، وأدخل فقط زهاء 10% فقط من مجموع الخيام المطلوبة.

الاحتلال تنصل من التزاماته للسماح بإدخال الخيام بموجب اتفاق وقف إطلاق النار المنهار (الجزيرة)

وفي بيان نشرته على منصاتها، تقول أونروا، إن الحصار الحالي "يُعد أطول بثلاث مرات من الحصار الذي فُرض في أكتوبر/تشرين الأول 2023 عند اندلاع الحرب".

وتقدر الوكالة الأممية أن نحو 69% من مساحة القطاع الإجمالية (360 كيلومترا مربعا) باتت خاضعة لأوامر نزوح نشطة أو ضمن "المنطقة المحظورة" أو كليهما، مع إصدار ما لا يقل عن 20 أمرَ نزوح من الجيش الإسرائيلي في الفترة بين 18 مارس/آذار الماضي و14 أبريل/نيسان الجاري.

ووفقا لتقديرات الأمم المتحدة، فإن نحو 420 ألف شخص نزحوا مرة أخرى منذ انهيار وقف إطلاق النار. وتقول أونروا إن "استئناف القصف واستمرار منع دخول المساعدات الإنسانية يؤثران كثيرا على قدرة الجهات الإنسانية على تلبية احتياجات السكان من الغذاء والمياه والصرف الصحي والمأوى وغيرها من الضروريات".

مقالات مشابهة

  • لإنقاذ 350 ألف مواطن.. استجابة عاجلة من محافظ أسوان لحل أزمة محطة مياه كوم أمبو
  • النقل: تسيير 50 أتوبيس ترددى بين محطتي أكاديمية الشرطة وإسكندرية الزراعي
  • النقل تواصل تجارب تدريب سائقي مشروع الأتوبيس الترددي BRT.. صور
  • رسالة من قلبٍ مُنهك إلى العالم
  • ترامب: لست راضيا عن الضربات الروسية على كييف
  • الصول: لا يحق للمبعوثة الأممية فرض أي سيناريو دولي لإدارة الأزمة في ليبيا  
  • اليمنُ.. مُخطَّطات الحرب المُركَّبة سيناريو هوليوديٌّ يُداسُ تحتَ نعلِ الصمود
  • الأمم المتحدة تحذر: كارثة صحية تهدد نازحي جنوب غزة وسط نقص الإمدادات وتلوث البيئة
  • مع تكرار قصفها.. كيف يعيد نازحو غزة بناء خيامهم؟
  • محطة الحجاز في دمشق… من رمزية التاريخ إلى آفاق المستقبل بعد انتصار الثورة