بفعل العاصفة..."قبور الصحابة" تغادر درنة مع سكانها بعد مئات السنين
تاريخ النشر: 17th, September 2023 GMT
أبت العاصفة المدمرة الذي ضربت درنة وبعض مدن وقرى الجبل الأخضر شرق ليبيا، أن تغادر المدينة دون أن تأخذ كل شيء، حتى الأموات لم يكونوا بمأمن من غدرها المفاجئ، فبجانب الدمار الذي جعل من درنة مدينة منكوبة، جرفت المياة مع السكان والمنازل "مقبرة الصحابة" الذين جاءوا إلى المنطقة لنشر الدعوة الإسلامية في الثلث الأخير من القرن الهجري الأول.
وتضم مقبرة الصحابة التاريخية رفات سبعين صحابيّا وصلوا إلى ليبيا مع طلائع الجيش الإسلامي الذي قاده عمرو بن العاص، وقد دمرت السيول المقبرة الخاصة بهم والملاصقة لمسجد الصحابة الكبير في شرق درنة والذي سمي بهذا الإسم نسبة إلى الصحابة الذين جاءوا فاتحين، وقد تركت العاصفة المسجد وحيداً دون أصحابة، ومن أبرز هؤلاء الصحابة قادة الجيش الإسلامي في المغرب، زهير بن قيس البلوي، الملقّب بأمير برقة الشجاع، ومساعداه أبو منصور الفارسي وعبد الله بن بر القيسي.
وتشير المصادر التاريخية إلى أن سفن الروم قد أغارت على شاطئ درنة وعاثت في المدينة قتلاً ونهباً وسبياً، وتلقى الصحابي الجليل زهير بن قيس البلوي وأصحابه نبأ هذه الغارة وهم يسلكون طريق الصحراء الشرقية من برقة فلووا أعنة خيولهم نحو الساحل، ولما دنوا من المراكب المغيرة رآهم الأسرى الذين وقعوا في قبضة المغيرين، وهم يقادون إلى المراكب مكرهين فاستغاثوا بهم، فثارت حمية زهير ونادى أصحابه، فنزلوا عليهم وهم العدد القليل، واشتبكوا مع الروم المغيرين واستبسل زهير ورفاقه، ولكن جموع الروم أحاطوا بهم من كل جانب فاستشهد زهير ورفاقه في ساحة المعركة الغير متكافئة، وتمكن الروم من النجاة واقلعوا بمراكبهم يحملون الأسرى والغنائم، ودفن زهير وصحبه في البقعة التي عرفت باسم "مقبرة الصحابة" بمدينة درنة.
وهذا وقد شرفت البقعة التي ضمت رفات زهير بن قيس ورفاقه بمدينة درنة فكانت مقصداً للزوار من سكان المدينة والقادمين إليها يتبركون بهؤلاء الشهداء الأبرار ولاسيما إنهم من صحابة رسول الله ﷺ ومن التابعين له، وقد برز من بين رفاق زهير الذين استشهدوا معه مجاهدان كبيران هما : "عبد الله بن بر القيسي وأبو منصور الفارسي"
وفي القرن السابع عشر بنى العثمانيون "مقبرة الصحابة" وفي 1970 قام الأهالي مدينة درنة بتشييد أعظم وأكبر المساجد في ليبيا وسمي بمسجد الصحابة تكريما لهؤلاء الفاتحين من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفي العام 2011 في أعقاب سقوط نظام الزعيم الراحل معمر القذافي، قاومت المدينة مجموعات مسلحة تسببت في حالة من الفوضى والانفلات الأمني، واستطاع مقاتلون ينتمون لتنظيم الدولة "داعش" السيطرة على أجزاء كبيرة من المدينة في شهر أكتوبر من عام 2014، ثم سيطرة ميليشيات مجلس شورى مجاهدي على درنة بعد هزيمة داعش في يونيو 2015، حتى نجح الجيش الوطني الليبي في 2016 في تحرير المدينة بالكامل من قبضة الإرهاب وعودة أهلها إلى منازلهم وممتلكاتهم.
وتفاوتت الآراء حول سبب تسمية المدينة بهذا الأسم، لكن الواقع يشير بأن السبب الحقيقي وراء هذه التسمية هو موقع المدينة الجبلي، فكلمة "درنة" مأخوذة عن مصطلح درن، والذي يعني الجبل في اللغة القديمة، وهذا يعني أن أصل الاسم الذي أطلق على هذه المدينة هو ليبي وليس يوناني.
وتعد مدينة درنة الواقعة على ساحل البحر المتوسط في شمال شرق ليبيا ثاني أكبر مدن الجبل الأخضر بعد مدينة البيضاء يحدها من الشمال البحر الأبيض المتوسط، ويشطر المدينة مجرى الوادي إلى شطرين وهذا الوادي يسمى وادي درنة وهو أحد الأودية الكبيرة المعروفة في ليبيا.
تقدر المسافة بين درنة وبنغازي بنحو 300 كلم إلى جهة الغرب، وبينها وبين مدينة البيضاء مسافة 100 كلم، وتبعد نحو 1300 كلم شرق العاصمة طرابلس، وقد بلغ عدد سكان مدينة درنة نحو 200 ألف نسمة قبل كارثة 11 سبتمبر
وتشتهر المدينة بموقعها وبأحراشها الجبلية حيث تسقى بمياه عذبة تتدفق إليها عبر قنوات الساقية من نبعين غزيرين أحدهما يعرف باسم عين البلاد، والثاني باسم عين أبومنصور وهذا تنحدر مياهه من ربوة عالية إلى مسيل الوادي يسمى الشلال أو شلال بومنصور الذي دمرهما الفيضان وتسببوا في اجتياح المياه للمدينة.
ويربط مدينة درنة مع بلدة شحات طريقين، الأول هو الطريق الرئيسي الداخلي المار بالقبة وهو جزء من الطريق الساحلي الليبي، والثاني هو الطريق الساحلي المار ببلدة بسوسة، ورأس الهلال.
تعاقبت على مدينة درنة -التي تلقب بعروس ليبيا ودرة البحر المتوسط- حضارات مختلفة من الإغريق والروم ودول إسلامية، فبعد فترة ازدهار في مرحلة التأسيس تعرضت المدينة خلال الحكم الروماني والبيزنطي لحالة من الركود والانحطاط، ثم لعبت دورا حيويا في الحقبة العثمانية ولا سيما في أوائل القرن 17 في فترة حكم الأسرة القرمنلية.
ثم تعاقب عليها أيضا غزاة أميركيون وإيطاليون، فقد احتلت المدينة قوات مشاة البحرية الأميركية عام 1805، لتكون بذلك أول يابسة خارج الولايات المتحدة يرفع فوق قلعتها العلم الأميركي، ثم عانت الويلات خلال الاحتلال الإيطالي (1911-1945).
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: قبور الصحابة درنة مدینة درنة
إقرأ أيضاً:
تراجع حاد في ثقة المستهلكين الأميركيين بفعل رسوم ترامب
شهدت ثقة المستهلكين في الولايات المتحدة تراجعا حادا إلى أحد أدنى مستوياتها المسجلة تاريخياً، وسط مخاوف متزايدة من التداعيات الاقتصادية للحرب التجارية التي أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في وقت سجلت توقعات التضخم طويلة الأجل أعلى مستوياتها منذ عام 1991.
وأظهر استطلاع أجرته شبكة "إيه بي سي" بالتعاون مع مؤسسة "إبسوس" أن 7 من كل 10 أميركيين يعتقدون أن حملة الرسوم الجمركية التي يقودها ترامب ستؤدي إلى ارتفاع التضخم، وهو ما يمثل ضربة قوية للرئيس الجمهوري الذي جعل محاربة التضخم محور حملته الانتخابية الأخيرة.
وفي السياق ذاته، أظهر متوسط استطلاعات صحيفة "نيويورك تايمز" انخفاضًا متواصلًا في شعبية ترامب منذ توليه منصبه، حيث بلغت نسبة التأييد له 45%. كما أعربت غالبية المشاركين في استطلاع آخر أجرته "نيويورك تايمز/سيينا" عن رفضهم لمحاولات ترامب تعزيز سلطات الجهاز التنفيذي.
وانخفض مؤشر جامعة ميشيغان لثقة المستهلك بنسبة 8% ليصل إلى 52.2 نقطة، وهو أدنى مستوى له منذ يوليو/تموز 2022. كما انخفض مؤشر التوقعات بنسبة 32% منذ يناير/كانون الثاني، مسجلاً أكبر تراجع خلال ثلاثة أشهر منذ ركود عام 1990.
العوامل الرئيسية وراء التراجع سياسات الرسوم الجمركية: أدت الرسوم الجمركية الواسعة التي فرضتها إدارة الرئيس دونالد ترامب إلى اضطراب الأسواق العالمية وزيادة المخاوف من التضخم، مما أثر سلبًا على ثقة المستهلكين. توقعات التضخم: ارتفعت توقعات التضخم السنوي إلى 6.5%، وهو أعلى مستوى منذ عام 1981، مما زاد من القلق بشأن القدرة الشرائية للمستهلكين. القلق من سوق العمل: أعرب ما يقرب من ثلثي المستهلكين عن توقعاتهم بارتفاع معدلات البطالة خلال العام المقبل، وهو ضعف النسبة التي كانت تتوقع ذلك قبل ستة أشهر. تراجع التوقعات بشأن الدخل: أبدى المستهلكون تشاؤمًا متزايدًا بشأن نمو دخولهم المستقبلية، مما قد يؤدي إلى تقليص الإنفاق الاستهلاكي. إعلانيحذر الخبراء من أن استمرار تراجع ثقة المستهلكين قد يؤدي إلى تباطؤ اقتصادي أوسع، خاصة إذا أدى إلى تقليص الإنفاق الاستهلاكي. تتزايد المخاوف من حدوث ركود اقتصادي إذا لم يتم اتخاذ إجراءات لتخفيف التوترات التجارية واستقرار السياسات الاقتصادية.
الأسواق تتفاعلوعلى صعيد الأسواق، كان مؤشر الدولار يتجه نحو تسجيل أسوأ أداء خلال أول 100 يوم لرئاسة أميركية منذ عهد الرئيس ريتشارد نيكسون، عندما تخلت أميركا عن قاعدة الذهب. ومع ذلك، سجلت سندات الخزانة الأميركية ارتفاعًا بدعم من آمال المستثمرين بإمكانية خفوت التوتر التجاري مع الصين، بينما شهدت الأسهم بعض التحسن.
وكان ترامب قد بدأ حربه التجارية ضد الصين محذرًا بكين من الرد، إلا أن الرئيس الصيني شي جين بينغ تجاهل تلك التحذيرات ورد بفرض رسوم مضادة. وبعد أسابيع من محاولات ترامب دعوة شي للتفاوض، بادرت الصين بإلغاء بعض الرسوم الجمركية بشكل محدود.
وقال وو شينبو، مدير مركز الدراسات الأميركية بجامعة فودان ومستشار وزارة الخارجية الصينية، إن إدارة ترامب أساءت تقدير قدرة الضغط الاقتصادي الأميركي. وأضاف: "الرواية السائدة داخل فريق ترامب كانت أن الاقتصاد الصيني في وضع ضعيف، وبالتالي فإن استخدام ورقة الرسوم الجمركية سيدفع الصين للاستسلام. لكن المفاجأة أن الصين لم تنهَر كما توقعوا".
أزمات قانونية جديدة
وفي سياق متصل، يواجه ترامب تصعيدًا قضائيًا مع تزايد الأحكام القضائية التي تعتبر بعض سياساته غير قانونية، لا سيما في ملف ترحيل المهاجرين دون إجراءات قانونية واجبة.
وفي تطور لافت، اعتقلت وكالة التحقيقات الفيدرالية (إف بي آي) قاضية محلية في ولاية ويسكونسن بتهمة عرقلة عملية توقيف مهاجر داخل قاعة المحكمة، مما أدى إلى اندلاع احتجاجات أمام المحكمة الفيدرالية في ميلووكي.
إعلانوعلق حاكم ولاية ويسكونسن، توني إيفرز، على الواقعة قائلاً: "إدارة ترامب تواصل نمطًا خطيرًا من الخطاب الذي يهاجم السلطة القضائية ويحاول تقويضها على كل المستويات".