في الوقت الذي تسعى السعودية إلى جذب مستثمرين من عدة دول، لإنشاء مشروعات عقارية، وسعت شركات التطوير العقاري في مصر، من مشروعاتها في المملكة، للاستفادة من الفورة العمرانية التي تشهدها المملكة، مركزةً بشكلٍ أساسي على مدن "الرياض"، و"جدة"، و"نيوم" لإطلاق مشروعاتها الجديدة.

وخلال العامين الماضيين، وجهت كبريات شركات التطوير العقاري في مصر بوصلتها نحو السوق السعودية، لافتين إلى أن المشروعات السكنية والمباني المكتبية والفنادق تحظى بالأولوية، مما دفعهم للبدء بها، ومن ثم التوسع نحو أنشطة عقارية أخرى لاحقاً، وفق ما ذكرت تقرير لموقع "اقتصاد الشرق".

يقول نائب وزير الشؤون البلدية والقروية والإسكان السعودي إيهاب الحشاني، إن مشروع الشركة المصرية التي أعلنت مجموعة "طلعت مصطفى" إنشاءه في المملكة هو "بداية لجذب مطورين أجانب لدعم السوق وإيجاد بيئة تنافسية في المملكة".

قال الحشاني: "نزور الصين وتركيا ودول أخرى لاجتذاب المطورين" من الخارج.

وكشف أن لدى المملكة خطة لإنشاء 300 ألف وحدة سكنية بحلول 2025، تم طرح 140 ألف وحدة منها بحجم استثمارات تتجاوز 42 مليار ريال (11.2 مليار دولار).

وجرى خفض أسعار الفائدة على التمويلات العقارية مرحلياً، حسب الحشاني.

اقرأ أيضاً

تحركات سعودية لجذب مستثمرين صينيين وأتراك لإنشاء مشروعات عقارية

وتعد مشاريع التطوير العقاري في السعودية الأضخم في العالم، حيث تتسارع مع الاقتراب أكثر من الموعد النهائي لرؤية 2030، وفق تصريحات سابقة للشريك ورئيس قسم الأبحاث لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في "نايت فرانك" فيصل دوراني.

وأضاف دوراني أن عدد الوحدات السكنية المخطط لإنشائها ارتفع بنسبة 30% في الأشهر الـ12 الماضية، ليصل إلى 660 ألف وحدة في 2030.

تجاوزت قيمة مشروعات العقارات والبنية التحتية في المملكة العربية السعودية التي تمّ إطلاقها في السنوات الأخيرة 1.25 تريليون دولار، وفقاً لتقرير شركة الاستشارات العقارية "نايت فرانك" في وقتٍ سابق من هذا الشهر.

كما تمّت إضافة 660 ألف وحدة سكنية قيد التطوير خلال الـ12 شهراً الماضية، ومن المتوقع أن يتم في الرياض وحدها تسليم أكثر من 241 ألف منزل جديد بحلول عام 2030، و3.6 مليون متر مربع من المساحات المكتبية.

ولعل أبرز الأسماء المصرية التي تجاوزت مرحلة الاستكشاف في المملكة إلى عقد تحالفات، حتى أن بعضها وقع اتفاقات على مشروعات بالسعودية، الملياردير المصري سميح ساويرس من خلال استثماراته الخاصة، ومجموعة "طلعت مصطفى"، و"ماونتن فيو"، و"صبور"، و"تطوير مصر".

اقرأ أيضاً

"سيتي سكيب".. السعودية تطلق مشاريع عقارية بـ 18 مليار دولار

يقول الرئيس التنفيذي لشركة "الأهلي صبور للتنمية" المصرية أحمد صبور، إن شركته أسست شركة تابعة لها بالمملكة، وتدرس الآن عدة فرص بالعاصمة الرياض، من ضمنها مشروع سكني يستهدف الشريحة فوق المتوسطة.

ويعزي صبور اتجاه شركته إلى السعودية "للاستفادة من الطفرة التي تشهدها المملكة في كافة القطاعات الاقتصادية حالياً".

والأحد الماضي، أطلقت مجموعة "طلعت مصطفى"، مشروع مدينة "بنان" في العاصمة السعودية بتكلفة إجمالية تناهز 40 مليار ريال (10.66 مليار دولار)، وذلك بالشراكة مع "الشركة الوطنية للإسكان"، ويستهدف توفير حوالي 28 ألف وحدة سكنية.

ومن المقرر أن يقام المشروع بضاحية "الفرسان" بالعاصمة السعودية على مساحة إجمالية 10 ملايين متر مربع، ويوفّر 27750 بين فلل ووحدات سكنية عائلية، في حين أن نسبة 40% من المشروع ستكون مساحات خضراء.

أما شركة "تطوير مصر"، فحددت 3 مناطق لبدء الاستثمار في السوق السعودية، تتمثل في الرياض وجدة والمنطقة الغربية، بحسب الرئيس التنفيذي أحمد شلبي.

ويشير شلبي إلى أن الشركة وفق الدراسات التي قامت بها حددت منطقة "الرياض" كخطوة أولى لدخول القطاع العقاري في السعودية.

اقرأ أيضاً

السعودية تطلق رسميا البورصة العقارية.. هذه خدماتها

ويضيف أنه عقب توقيع الشركة اتفاقية تعاون مع وزارتي الإسكان والاستثمار السعوديتين، وقّعت شركته اتفاقية شراكة مع مجموعة نايف الراجحي الاستثمارية لإطلاق كيان عقاري مشترك، سيتم من خلاله إقامة مشروعات في المملكة؛ "وسنعلن قريباً عن أول مشروعات هذا الكيان".

وينوّه رئيس "تطوير مصر" بأن القطاعين السكني والفندقي يأتيان على رأس الأنشطة التي تشهد رواجاً في السعودية، ويزخران بالعديد من الفرص الواعدة، خاصةً مع ارتفاع الطلب على الوحدات السكنية في المملكة، والنمو الكبير في معدلات السياحة.

من جانبه، يقول الرئيس التنفيذي للقطاع التجاري والعضو المنتدب بشركة "ماونتن فيو" للتنمية والاستثمار العقاري وائل عز: "برغم حداثة السوق العقارية السعودية؛ لكن مستقبلها واعد بسبب سرعة النمو، والحركة العمرانية الواسعة لاسيما في المدن الكبرى".

ويضيف: "يتميز الاستثمار العقاري السعودي بهامش ربح واسع"، كاشفاً أن شركته ستطلق أول مشروع سكني لها بالسعودية خلال النصف الأول من 2024.

بينما يخطط الملياردير المصري سميح ساويرس، لمباشرة استثماراته في السعودية هذا العام، بدءاً بقطاع السياحة، حيث يتطلّع لتنفيذ مشروع على غرار مدينة الجونة المصرية في المملكة.

اقرأ أيضاً

السعودية.. نظام جديد يمنح الأجانب حق تملك العقارات

ويقول ساويرس إن استثمارات المرحلة الأولى من المشروع، المطل على البحر الأحمر، لن تقل عن 500 مليون دولار، وسيجري تنفيذه بالشراكة مع مستثمرين من القطاع الخاص السعودي.

ويوضح ساويرس أنه يخطط أيضاً لمشروع سياحي في مدينة جدة السعودية لإحياء منطقة تراثية قديمة، ضمن خطط المملكة لإبراز التراث والثقافة السعودية.

ويضيف: "نستهدف أن يشكّل المشروع، المزمع تنفيذه خلال 5 سنوات، أكبر منطقة جذب في جدة، على غرار منطقة الدرعية في الرياض".

ونوه بأن توسعه بالاستثمار في السعودية "يأتي بدعم التسهيلات التي تقدمها البلاد للمستثمر، وسهولة دخول وخروج الأموال".

وتدعم "رؤية المملكة 2030" دخول لاعبين جدد إلى السوق العقارية السعودية، إذ تسعى المملكة إلى رفع نسب تملك السعوديين للعقارات إلى 70%، ويقارن هذا مع 47% في عام 2016، وما يزيد بقليل عن 65% بنهاية النصف الأول من العام الجاري.

تُعدّ العاصمة الرياض نقطة محورية للتحول في المملكة، وتمثل حالياً 18% من جميع المشروعات العقارية والتنموية الجارية، بإجمالي نحو 229 مليار دولار.

اقرأ أيضاً

السعودية.. اتفاقيات بـ2.66 مليار دولار في اليوم الأول لمنتدى مستقبل العقار

وتعلق محللة القطاع العقاري في "سي آي كابيتال" سارة بطرس، على الدخول المصري للسوق السعودية بالقول: "السوق العقارية السعودية تشبه إلى حد كبير ديموغرافية السوق المصرية، حيث يمثل الشباب تحت سن الثلاثين 63% من تعداد الشعب السعودي، فيما يصل معدل النمو السكاني إلى نحو 2% سنوياً".

وتضيف: "هذا يدعم استمرار تفوّق الطلب على العرض من العقارات على المدى الطويل".

لكنها تشير إلى "اختلاف ثقافي محدود" في نوعية العقارات التي يتم طرحها بين سوقي مصر والمملكة؛ "إذ يميل السعوديون إلى الإقامة في بيوت عائلية مستقلّة، مع مساحات كبيرة للعقارات".

وترى بطرس أن رغبة المسؤولين في السعودية بإدخال نوعية مشروعات "المدن المتكاملة" ستدعم نجاح الشركات المصرية بالسوق، معتبرةً أن "التوقيت مناسب جداً للشركات المصرية في ظل التغيرات التي أدخلتها المملكة على القوانين والسماح بنموذج البيع على المخطط".

أما محلل القطاع العقاري في "العربي الأفريقي لتداول الأوراق المالية" محمود جاد، فيرى أن بعض المميزات بالسوق السعودية، مثل الاستقرار النسبي لأسعار مواد البناء ووفرة التمويل، سيجعل تنفيذ الأعمال يتم خلال فترات أقل، وبهوامش ربحية واضحة للشركات المصرية؛ "ما سينعكس إيجاباً على ميزانياتها".

ويتفق معه محلل القطاع العقاري في "نعيم المالية" يوسف البنا، الذي يرى أن الشركات العقارية المصرية وقوائمها المالية ستستفيد من الوجود في السوق السعودية.

ويرجع ذلك إلى "الاستثمار في بيئة أعمال أكثر استقراراً من السوق المصرية التي تشهد عدم استقرار في الآونة الأخيرة بسبب أزمة العملة الأجنبية وتدهور سعر صرف الجنيه وتفاقم التضخم، التي تعيق جميعها نظرة المستثمر المستقبلية في ضخ المزيد من الأموال".

تسعى الحكومة السعودية، عبر "رؤية المملكة 2030" التي أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في 2016، لتنويع مصادر الدخل بعيداً عن النفط، ومن بين مخططاتها تنمية إيرادات السياحة الخارجية والداخلية، مع مستهدف جذب 100 مليون سائح بحلول 2030.

اقرأ أيضاً

دعوات متبادلة بين السعودية ومصر للاستثمار العقاري

المصدر | الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: السعودية مصر رؤية السعودية عقارات بن سلمان صبور طلعت مصطفى ساويرس القطاع العقاری فی التطویر العقاری السوق السعودیة فی السعودیة ملیار دولار فی المملکة اقرأ أیضا ألف وحدة

إقرأ أيضاً:

مختصون: حماية الأحداث مسؤولية مشتركة .. والعقوبات البديلة ضرورة للإصلاح

تُعد ظاهرة جنوح الأحداث من أبرز القضايا الاجتماعية والأمنية التي تتطلب تضافر الجهود بين مختلف الجهات ذات الصلة لضمان حماية المجتمع من الجرائم، وفي الوقت نفسه تقديم الدعم اللازم لضمان إعادة تأهيلهم ودمجهم في المجتمع.

"عمان" استطلعت آراء عدد من المختصين في المجالين القانوني والأسري، حيث أكد المحامي المستشار إبراهيم بن سليمان البلوشي على أهمية التشريعات القانونية في حماية الأحداث من الوقوع في الجريمة باعتبارها تمثل إطارًا قانونيًا يهدف إلى حماية الأطفال والأحداث في سلطنة عمان، إلا إنها لا تقتصر عليها فحسب، بل تشمل جهودًا مشتركة ومستمرة من المؤسسات الحكومية والمجتمعية التي تعمل من خلال برامج توعية وتأهيلية تهدف إلى منع الأحداث من الوقوع في براثن الجريمة وتعزيز سلوكياتهم الإيجابية في المجتمع وتسهم في ضمان بيئة آمنة تسهم في بناء جيل قادر على الاندماج بشكل فعال في المجتمع، بعيدًا عن سلوكيات الانحراف والجنوح.

ويشير البلوشي إلى أهمية التعاون في مجال الوقاية والتوعية من خلال برامج توعية أسرية وتربوية تُنظم بالشراكة بين الجهات الأمنية والمؤسسات الاجتماعية والمدارس. تهدف إلى توعية الأسر بأهمية التربية السليمة ومتابعة الأبناء بشكل مستمر، مع التركيز على تعزيز دور المجتمع في الوقاية من الجنوح قبل حدوثه.

وأوضح أن التوعية المجتمعية والإعلامية تلعب دورًا محوريًا في نشر الوعي حول مخاطر الجنوح وأسبابه، من خلال حملات إعلامية تهدف إلى تسليط الضوء على سبل الوقاية منه.

التأهيل والإصلاح

وأضاف أن التعاون في مجال العلاج وإعادة التأهيل يشكل ركيزة أساسية للحد من الجنوح، حيث يتم تنفيذ برامج تأهيلية شاملة تقدم خدمات تعليمية ومهنية تهدف إلى مساعدة هؤلاء الأحداث على اكتساب المهارات اللازمة التي تسهل اندماجهم في المجتمع بعد الإفراج عنهم. كما لفت إلى أهمية التعاون مع الجهات المعنية لتوفير فرص تدريب مهني للأحداث داخل دور الرعاية أو الإصلاحيات، ودعمهم للحصول على فرص عمل بعد خروجهم، إضافة إلى برامج إعادة الإدماج المجتمعي التي توفر الدعم المستمر والمراقبة بعد الإفراج عنهم لضمان عدم عودتهم إلى الجريمة.

وأكد على ضرورة تعزيز البدائل غيرالعقابية مثل التدابير التأهيلية والعلاجية بدلًا من الاحتجاز في الحالات التي لا تتطلب ذلك

ضمان حقوق الحدث الجانح خلال مراحل التحقيق والمحاكمة بما يتماشى مع القوانين المحلية والاتفاقيات الدولية، والتعاون لإجراء دراسات ميدانية وتحليل أسباب الجنوح واتجاهاته، مما يسهم في وضع استراتيجيات فعّالة لمواجهة هذه الظاهرة.

ويرى البلوشي أن العقوبات يجب أن تكون قائمة على مبدأ الإصلاح وإعادة التأهيل بدلاً من العقاب وأن الأحداث الجانحين يُعتبرون في مرحلة تكوين نفسي واجتماعي، مما يتطلب معاملة خاصة تختلف عن معاملة البالغين، وأن تشمل العقوبات الإصلاحية مراقبة الحدث تحت إشراف قضائي لضمان تقويم سلوكه، بالإضافة إلى الإيداع في مؤسسات إصلاحية متخصصة لتعليمهم مهارات حياتية وإعادة تأهيلهم، مبينا أن الخدمة الاجتماعية تعد من أهم التدابير، حيث يُطلب من الحدث أداء أعمال تطوعية للمجتمع، مما يساعد على تنمية إحساسه بالمسؤولية ويعزز اندماجه في المجتمع بعد تأهيله.

التحديات والحماية القانونية

فيما يتعلق بمدى كفاية العقوبات الحالية لردع الأحداث الجانحين، يوضح أن الإجابة تتطلب النظر إلى مجموعة من العوامل المؤثرة. أولها هو ارتفاع معدلات الجرائم بين الأحداث، حيث تشير بعض التقارير إلى تصاعد نسب ارتكاب الجرائم بين القُصّر، مما يثير تساؤلات حول ما إذا كانت العقوبات الحالية رادعة بما فيه الكفاية. كما أن العديد من مراكز الإصلاح تفتقر إلى برامج إعادة تأهيل فعّالة تركز على تعديل سلوك الحدث وتوجيهه نحو حياة مستقرة بعد خروجه من المؤسسات العقابية.

وأشار البلوشي إلى أن العقوبات وحدها لا تكفي إذا لم يتم التعامل مع الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي تدفع الأحداث إلى الجنوح، مثل الفقر، والتفكك الأسري، كما أن غياب المتابعات بعد الإفراج عن الأحداث يمثل ثغرة كبيرة، حيث يفتقر الكثير منهم إلى الدعم المطلوب، مما يعرضهم للعودة إلى السلوك الإجرامي بسبب البيئة التي يعودون إليها.

أوضح البلوشي أن الحماية تبدأ بمراعاة سن المسؤولية الجنائية، حيث تحدد معظم القوانين سنًا معينًا يُعتبر بعدها الحدث مسؤولًا جنائيًا. وبالنسبة لأولئك الذين لم يتجاوزوا هذا السن، يتم تبني بدائل إصلاحية بعيدًا عن العقوبات السالبة للحرية. كما يشدد القانون على ضرورة الحد من التوقيف، حيث يُسمح به فقط في أضيق الحدود ولفترة محدودة تحت إشراف جهة قضائية مختصة.

ومن بين الضمانات الأساسية التي تضمن حقوق الحدث، أوضح البلوشي أن القانون يفرض إخطار ولي الأمر فور توقيف الحدث لضمان دعمه الأسري والقانوني في هذه المرحلة، فضلاً عن ضرورة توفير محام للدفاع عن الحدث أثناء التحقيق والمحاكمة. وأشار إلى أن سرية المحاكمات تعد من الضمانات الهامة، حيث تتم محاكمة الأحداث في جلسات مغلقة لحفظ خصوصيتهم وعدم تعريضهم للوصم الاجتماعي، وأن محاكم الأحداث عادة تتبنى عادة نهجًا إصلاحيًا يركز على إعادة تأهيل الحدث بدلاً من اللجوء إلى العقوبات الجنائية القاسية.

وفيما يتعلق بالإجراءات التي تضمن عدم تعرض الحدث الجانح للاستغلال أو سوء المعاملة، أكد البلوشي أن القوانين الوطنية والاتفاقيات الدولية تفرض مجموعة من الضمانات لحماية الأحداث أثناء فترات التوقيف أو التحقيق أو العقوبة. من أبرز هذه الضمانات، الفصل بين الأحداث والبالغين في أماكن التوقيف، مما يحد من تعرضهم لمخاطر العنف أو التأثير السلبي من المجرمين البالغين.

وأضاف البلوشي أن من الجهود المهمة التي يجب أن تُبذل هو العمل على تحسين أوضاع مراكز الرعاية والتأهيل للأحداث الجانحين، حيث يجب أن توفر بيئة آمنة وداعمة تسهم في إعادة دمجهم في المجتمع. ولفت إلى أن حملات تدريبية تستهدف العاملين في مجال عدالة الأحداث، بما في ذلك القضاة، والشرطة، والأخصائيين الاجتماعيين، تعد ضرورية لضمان تعاملهم مع الأحداث وفقًا للمعايير الحقوقية، مما يساعد على تحقيق التوازن بين الردع والإصلاح بشكل يتماشى مع حقوق الإنسان.

أساليب التربية

وتؤكد المحامية فاطمة بنت خميس المقبالية أن الجنوح هو سلوك عدواني يظهر في مرحلة المراهقة، ويعكس تصرفات تدل على سوء الخلق والفوضى والاستهتار، وهو ما قد يؤدي إلى ارتكاب الجرائم. وأوضحت أن هذا السلوك يمكن أن يكون نتيجة لعدة عوامل تؤدي إلى انحراف الأحداث، أبرزها العوامل النفسية مثل الحرمان المبكر أو الصراعات الأسرية والاجتماعية، التي تخلق مشاعر القلق والتوتر، ما يدفع المراهقين إلى سلوكيات غير سوية. كما أن العوامل الاقتصادية تلعب دورًا كبيرًا، حيث قد يدفع الفقر أو الحرمان المراهقين إلى البحث عن طرق غير قانونية لتلبية احتياجاتهم، خاصة في ظل غياب التواصل الإيجابي بين الوالدين والطفل.

وأضافت المقبالية أن العوامل الاجتماعية، مثل الخلافات الأسرية المستمرة والتوتر بين أفراد العائلة وغياب الاحترام بين الأبوين، تسهم بشكل مباشر في انحراف الأحداث، مشيرة إلى أن الطلاق أو الحرمان من أحد الأبوين يترك أثرًا نفسيًا عميقًا، كما أن العنف الأسري أو التدليل المفرط وصرف الأموال بلا ضوابط كلها سلوكيات تخلق بيئة غير صحية، مما يدفع المراهق نحو الجنوح.

وفيما يخص الحلول المقترحة، ترى المقبالية أن الأطفال في هذه المرحلة العمرية بحاجة إلى رعاية وتوجيه مستمرين، لا سيما فيما يتعلق باختيار الأصدقاء والتعامل مع المجتمع،كما ينبغي تنويع أساليب التربية، وتذكير الأسرة بدورها الأساسي في غرس القيم الأخلاقية من خلال الحوار والتفاهم المتبادل بين الآباء والأبناء، مشيرة إلى أن التربية السليمة هي مسؤولية مشتركة بين الأب والأم، داعية إلى أهمية تجنب مناقشة المشكلات الأسرية أمام الأطفال، خصوصًا تلك التي تتجاوز قدراتهم الإدراكية، كما دعت إلى ضرورة أن يلعب المجتمع دوره في مكافحة هذه الظاهرة، بدءًا من المؤسسات التعليمية التي ينبغي أن تخلق بيئة دمج حقيقية للأطفال، والعمل على رصد أي اضطرابات سلوكية في مراحل مبكرة، كما على الإعلام أن يراعي عند تقديم محتواه الابتعاد عن القصص التي تروج للعنف أو تقلل من هيبة القانون، مع التركيز على تقديم برامج ترفيهية وتثقيفية هادفة تراعي احتياجات المراهقين النفسية والفكرية. وأكدت المحامية على أهمية تعزيز دور الأسرة في حماية الأطفال من العنف وسوء المعاملة، مع نشر الوعي بين الآباء حول المشكلات النفسية والاجتماعية التي قد يواجهها المراهقون. وأشارت إلى أن الأنشطة التثقيفية والترفيهية التي تلبي احتياجات الشباب تخلق بيئة صحية تساعدهم على ملء أوقات فراغهم بشكل إيجابي، فمن الضروري منح الأطفال والمراهقين الفرصة للتعبير عن آرائهم ومشاعرهم، وتنمية الوعي الديني والقيمي لديهم، مع الحرص على تجنيبهم آثار الخلافات العائلية.

دور الأسرة

من جانبها، أكدت نادية بنت راشد المكتومية الرئيسة التنفيذية لمركز نادية المكتومية للإرشاد النفسي والاستشارات الأسرية، أن الأسرة هي اللبنة الأساسية في بناء شخصية الأبناء وتوجيههم نحو السلوك السليم، خاصة في مرحلة المراهقة التي تشهد تغيرات نفسية وسلوكية عديدة. وأوضحت أن البيئة الأسرية المتوازنة، التي تجمع بين الرقابة الوالدية والاستقلالية، تعد العامل الرئيسي في حماية الأبناء من الانحراف، حيث تعزز فيهم قيم الرقابة الذاتية والتواصل الفعّال.

وبيّنت المكتومية أن العلاقة الأسرية المبنية على الحب والاحترام والتفاهم تقلل من احتمالية انحراف الأبناء، بينما التفكك الأسري أو الإهمال العاطفي قد يدفع الأبناء للبحث عن انتماءات أخرى غير آمنة. وأضافت أن توفير بيئة أسرية مستقرة وداعمة يساعد الأبناء في بناء شخصية قوية ومتزنة، قادرة على اتخاذ قرارات صائبة وتحمل المسؤولية.

أساليب التربية

أكدت المكتومية أن أساليب التربية المتطرفة، سواء من خلال المراقبة الصارمة أو منح الحرية المطلقة، قد تؤدي إلى نتائج غير مرغوبة. فالرقابة المشددة قد تدفع الأبناء إلى البحث عن الحرية بطرق غير صحيحة، في حين أن الإهمال قد يخلق لديهم شعورًا بعدم الاهتمام، مما يجعلهم أكثر عرضة للتأثر بأقران السوء أو الانخراط في سلوكيات غير سليمة. وأشارت إلى أن الحل الأمثل يكمن في تحقيق التوازن بين الرقابة والاستقلالية، بحيث يُتاح للأبناء مساحة لاتخاذ قراراتهم الخاصة، مع وجود إرشاد غير مباشر من الوالدين يساعدهم على التمييز بين الصواب والخطأ.

ولفتت المكتومية إلى أن غرس الرقابة الذاتية في الأبناء منذ الصغر يُعد من أهم القيم لحمايتهم من الانحراف، بحيث يكون لديهم وعي داخلي يوجه سلوكهم، بدلاً من أن يكونوا مدفوعين بالخوف من العقاب. وأضافت أن هذا التوجه يتطلب تعزيز القيم الدينية والأخلاقية في الحياة اليومية للأبناء، وتعليمهم تحمل المسؤولية عن أفعالهم وقراراتهم، إلى جانب تقديم القدوة الحسنة من قبل الوالدين في السلوك والتصرفات.

وأكدت المكتومية أن الحوار الأسري المفتوح والودي يعد من العوامل الرئيسية لحماية الأبناء من الانحراف، حيث يتيح لهم فرصة التعبير عن أفكارهم ومشاعرهم بحرية، مما يعزز ثقتهم بأنفسهم ويجعلهم أقل عرضة للبحث عن مصادر أخرى قد تكون مضللة. وأوضحت أن هذا النوع من الحوار يساعد في تقوية العلاقة بين الآباء والأبناء وتعزيز الشعور بالانتماء، كما يسهم في فهم احتياجات الأبناء وتوجيههم بطريقة إيجابية، ويحصنهم ضد التأثيرات السلبية من الأقران أو وسائل الإعلام.

الوعي الرقمي

وتطرقت نادية بنت راشد المكتومية إلى تأثير التكنولوجيا الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي على سلوكيات المراهقين، حيث أصبح الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي جزءًا لا يتجزأ من حياتهم اليومية. وأوضحت أن الدراسات الحديثة تشير إلى أن التعرض المستمر للمحتوى العنيف وغير الملائم قد يترك آثارًا سلبية على تفكير وسلوكيات المراهقين. على سبيل المثال، تسهم الألعاب الإلكترونية العنيفة، ومقاطع الفيديو التي تروج للتنمر، والمحتوى غير الأخلاقي في تعزيز السلوكيات العدوانية وتقليل التعاطف مع الآخرين. كما قد يدفع المراهقين إلى تقليد التصرفات السلبية التي يشاهدونها عبر الإنترنت.

وأشارت المكتومية إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت ساحة مفتوحة لنشر محتوى غير ملائم قد يؤثر بشكل كبير على القيم والمعتقدات لدى المراهقين. في هذا السياق، يصبح هؤلاء المراهقون أكثر عرضة لتبني أفكار وسلوكيات غير سليمة، بما في ذلك المشاركة في التحديات الرقمية الخطيرة التي قد تقودهم إلى خوض تجارب محفوفة بالمخاطر بهدف تحقيق شعبية زائفة أو الحصول على إعجابات وتعليقات.

وأكدت المكتومية أن الوعي الرقمي أصبح من أهم الوسائل لحماية المراهقين من التأثيرات السلبية للتكنولوجيا فلم يعد كافيا الاعتماد فقط على الرقابة الأبوية، بل يجب تعليم الأبناء كيفية التفاعل مع المحتوى الرقمي بشكل واعٍ ومسؤول. وتُعتبر التربية الرقمية جزءًا أساسيًا من عملية التنشئة الاجتماعية، حيث يتم تعليم المراهقين كيفية التمييز بين المحتوى المفيد والضار، وتعزيز التفكير النقدي لديهم ليتمكنوا من التعامل بحذر مع الأخبار الكاذبة والمعلومات المضللة المنتشرة على الإنترنت.

كما تناولت أهمية إشراك المراهقين الذين تورطوا في العنف الإلكتروني أو التنمر الرقمي في حملات توعوية حول مخاطر الإنترنت، أو تمكينهم من العمل في مؤسسات تقدم الدعم النفسي لضحايا العنف الرقمي. بهذه الطريقة، يُمكن للمراهقين أن يدركوا عواقب أفعالهم ويقوموا بتصحيح سلوكهم بطريقة أكثر استدامة مقارنة بالعقوبات التقليدية.

وأشارت إلى أهمية فتح قنوات التواصل بين الأهل والأبناء لمساعدتهم في التوجيه الصحيح لاستخدام التكنولوجيا. كما يجب وضع ضوابط واضحة ومتوازنة للحد من الاستخدام المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي وتعزيز فكرة استخدام الإنترنت بطريقة إيجابية.

أكدت المكتومية على إعادة النظر في طرق معالجة الانحرافات السلوكية، حيث إن العقوبات التقليدية مثل السجن أو الغرامات قد لا تكون الحل الأمثل، بل قد تزيد من عزلة المراهق عن المجتمع وتؤثر سلبًا على مستقبله فالحلول البديلة مثل الخدمة المجتمعية أو برامج التأهيل أصبحت أكثر فاعلية في تحقيق إصلاح حقيقي للمراهقين المخالفين.

مقالات مشابهة

  • الجمعية المغربية للمصدرين تكتشف فرص السوق المصرية
  • المصرية للأوراق المالية: تأثر البورصة بقرارات ترامب الأقل مقارنة بأسواق المنطقة
  • وزير النقل: تأهيل مطار الخرطوم الدولي بالتفاهم مع المملكة العربية السعودية
  • الأسواق السعودية تتعرض لأكبر خسارة يومية منذ 5 أعوام بسبب قرارات ترامب: تفاصيل
  • مختصون: حماية الأحداث مسؤولية مشتركة .. والعقوبات البديلة ضرورة للإصلاح
  • 250 ألف طن صادرات غذائية.. السعودية أكبر الأسواق المستقبلة للمنتجات المصرية
  • عدد من قادة مليشيا الدعم السريع قام بتهريب عائلاتهم وبيع أصولهم العقارية
  • نجل حفتر في تركيا لتوقيع اتفاقات عسكرية.. ما المصالح التي تربط الطرفين؟
  • من عامل بناء بالمملكة إلى برلماني.. كوري: السعودية أرض الأمل التي دعمتنا بسخاء
  • حجيرة يدعو إلى تسهيل ولوج الصادرات المغربية إلى السوق المصرية