الممر الاقتصادي الهندي وتغيير الخريطة الجيواقتصادية للمنطقة
تاريخ النشر: 17th, September 2023 GMT
في لقائه بالصحفيين الأتراك على متن الطائرة الرئاسية أثناء عودته من قمة العشرين التي عقدت في الهند، صرح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بخصوص الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا: "لن يكون هناك ممر بدون تركيا، والخط الأكثر ملاءمة لحركة المرور من الشرق إلى الغرب هو الخط العابر من تركيا".
من خلال مذكرة تفاهم اتفق عليها القادة بمن فيهم الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ودعمها الاتحاد الأوروبي، على هامش قمة مجموعة العشرين التي عقدت في نيودلهي، أُعلن عن مشروع طموح يربط الهند بالشرق الأوسط وصولاً إلى أوروبا، وسيمتد الممر المقترح عبر بحر العرب من الهند إلى الإمارات، ليعبر المملكة العربية السعودية والأردن وصولاً إلى حيفا في الكيان المحتل ثم إلى أوروبا عبر اليونان، وسيشمل المشروع أيضاً كابلاً بحرياً جديداً وبنية تحتية لنقل الطاقة، وهو مشروع لو تم تنفيذه لطرح فرص لا نهائية للدول المشاركة فيه، على كافة المستويات الاقتصادية.
أمريكا داعمة للممر الهندي، رغم علمها بأنه لا يقارن بمشروع الحزام والطريق، لأنه سيضرب المشروع الصيني الطامح، والهند طرحته لأنها غير مشمولة في المشروع الصيني، والكيان المحتل لا تسعه الفرحة لما له من أثر على اقتصاده وأثر في هدفه بتحقيق تطبيع اقتصادي مع الخليج يخطو خطى حثيثة سيسرعها المشروع، والخليج سيكسب ضخ نفطه مباشرة دون المرور بخط سوميد الطويل العابر بعرض مصر أو عبر قناة السويس التي تحصل فيها رسوم وتتراجع فيها الخدمة بحوادث متكررة، والأردن الهش اقتصادياً سيصبح مركزاً ناقلا لخيرات الشرق إلى حيفا وهو ما سينعش اقتصاده، وأوروبا ترى في المشروع استغناءً عن المشروع الحزام والطريق الصيني وبضائعه، ونفط روسيا واستقوائها.
تركيا العدالة والتنمية التي آلت على نفسها أن تكون فاعلاً دولياً لا يمكن تخطيه، هالها أن يمر مشروع كبير مثل هذا ولا تكون طرفاً فيه، رغم أنها لم تتضرر من المشروع لكن يكفي أنها لن تنتفع بمثل هكذا مشروع عملاق سيغير جيواقتصادية المنطقة؛ سيكون بمثابة جسر أخضر ورقمي عابر للقارات، وسيجعل التجارة بين الهند والشرق الأوسط من جانب وأوروبا من جانب آخر أسرع بنسبة 40 في المئة، ما يعني أن دورة رأس المال للمشاريع ستكون أسرع، ما يعني بالنتيجة مزيدا من التنمية وفرص العمل والرضا الشعبي.
رؤية تركيا لخريطة الممر الهندي تختلف، حيث ترى أن هناك بنية تحتية جاهزة يمكن الاستفادة منها وبدأ استكمال النواقص فيها بالفعل، ما يعني أن خط سير البضائع سيتغير قليلاً، فبدلاً من خروج البضائع من السعودية باتجاه الأردن تتجه إلى العراق ومن ثم إلى تركيا، وهناك ربط سككي موجود تنقصه عدة كيلومترات يمكن تنفيذها في أشهر، ومن ثم تنقل البضائع إلى أوروبا عبر موانئ تركيا على المتوسط. ويقدَّم البديل التركي على أنه الطريق الأقصر والآمن كما أنه جسر للسلام وإزالة الاحتقان مع اليونان، حيث ستكون محطة الممر التالية بعد تركيا، ويضرب بذلك وصول خيرات الشرق إلى الكيان المحتل؛ أحد المنافسين الكبار على قيادة المنطقة بعد تراجع الدول العربية الكبيرة لأسباب عدة.
ما يحدث في العالم اليوم هو حالة تدافع رهيبة بدأت أمريكا تفيق على أثرها، وبدأت الكتل تتفكك وتتحرك منفردة من دون حسابات الوقوف كثيراً عند المصلحة الجمعية للكتلة، في نظرة قاصرة أنانية قد تحصّل مصالح آنية لكن خسائرها على المدى المتوسط والطويل كارثية
أردوغان الذي لن يتضرر من المشروع تحرك منذ اللحظة الأولى لطرح المشروع الهندي وفي ديلهي نفسها ولم ينتظر حتى عودته لبلاده، لكن الأزمة فيمن حضر القمة وحضر الحديث عن المشروع وعرف تفصيلاته، وعرف أن المشروع سيدمر أهم ورقة قوة لبلاده في حسابات المجتمع الدولي التي من أجلها اندلعت حرب شاركت فيها بالعدوان ثلاث دول لمجرد تعطيل واحد من أهم الممرات الملاحية في العالم، ولم يحرك ساكناً.
وإذ وقفنا برهة مع مشروع الممر الهندي في الجزء الرابط بين آخر نقطة في آسيا وصولاً لأوروبا، وأعني هنا الأردن- حيفا وصولاً إلى اليونان، نجد أنه هو نفسه مشروع تل أبيب الرابط بين الإمارات وأوروبا عبر الأردن بما سمي قناة بن غوريون، كما تضمن الممر قناة تضرب قناة السويس مرورا بالأردن إلى حيفا، ما يكشف حالة تغير منظور الأمن القومي العربي لدى الحكام في هذه الفترة، ويكشف أيضاً ردود أفعال آخرين.
إن ما يحدث في العالم اليوم هو حالة تدافع رهيبة بدأت أمريكا تفيق على أثرها، وبدأت الكتل تتفكك وتتحرك منفردة من دون حسابات الوقوف كثيراً عند المصلحة الجمعية للكتلة، في نظرة قاصرة أنانية قد تحصّل مصالح آنية لكن خسائرها على المدى المتوسط والطويل كارثية.. يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "إنما هنت يوم قتل عثمان"، وأقول: "لا تأكلوا أسودكم فتتكاثر عليكم الضباع".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الهند تركيا الخليج الممرات الخليج إسرائيل تركيا الهند ممرات مقالات مقالات مقالات أفكار سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
تصعيد خطير.. باكستان تعلن اقتراب التوغل العسكري الهندي على أراضيها
قال وزير الدفاع الباكستاني، خواجة محمد آصف، إن التوغل العسكري من جانب الهند المجاورة بات وشيكا في أعقاب هجوم مسلح على سياح في الأسبوع الماضي، وسط تصاعد التوتر بين البلدين اللذين يمتلكان سلاحا نوويا.
وقال آصف لـ«رويترز» في مقابلة بمكتبه في إسلام آباد «عززنا قواتنا لأن ذلك بات وشيكا الآن. لذلك ففي هذا الوضع يجب اتخاذ بعض القرارات الاستراتيجية، وقد اتُخذت هذه القرارات بالفعل، وعلى كلا البلدين الامتناع عن استخدام الخيار النووي في حالة الصراع المسلح التقليدي».
و تصاعدت التوترات بين الهند و في أعقاب الهجوم الذي نفذه مسلّحون الثلاثاء، في باهالجام الواقعة في الشطر الهندي من كشمير، وأسفر عن مقتل 26 شخصا.
ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم، غير أنّه ا تهمت إسلام آباد بالوقوف وراءه.
القدرات النوويةوتواصل الهند وباكستان سباق تطوير الأسلحة الاستراتيجية، كالصواريخ الباليستية التي بإمكانها حمل الرؤوس النووية، مثل صاروخ "آجني" الهندي العابر للقارات الذي يصل مداه إلى 5 آلاف كيلومتر.
وفي المقابل، هناك صاروخ «شاهين» الباكستاني الذي يصل مداه إلى ما بين 2500 و3 آلاف كيلومتر. مع تقديرات بارتفاع أعداد الرؤوس النووية في البلدين إلى 200 أو 250 رأسا، بحلول عام 2025.
وتشير مواقع متخصصة إلى أن باكستان عززت ترسانتها النووية بسرعة، وهناك تقديرات بامتلاك إسلام آباد ترسانة نووية تصل إلى 165 رأسا نوويا، إضافة إلى قدرتها على إنتاج نحو 30 رأسا نوويا في كل عام.
وتمتلك إسلام آباد صواريخ حاملة لرؤوس نووية من نوع «هافت» يبلغ مداها 300 كيلومتر، و«هافت 4" التي يبلغ مداها 750 كيلومترا.
وتمتلك كل من الهند وباكستان أيضا صورا مختلفة من مكونات الثالوث النووي، وهو اصطلاح يشير إلى طرق إطلاق الأسلحة النووية من الخزينة النووية الإستراتيجية، وتتألف من 3 أسلحة رئيسية:
1- قاذفات القنابل الإستراتيجية (الطائرة).
2-الصواريخ الباليستية البرية.
3- الصواريخ الباليستية التي تُطلق من الغواصات.
وترى باكستان في التلويح بالاستخدام المبكر للسلاح النووي وسيلة ضرورية لردع أي مغامرة عسكرية هندية قبل وقوعها، لا بعد أن تُصبح أمرا واقعا.
وبالتدقيق في الأرقام الواردة حول حجم التسليح والإمكانيات الجوية والبرية لدى الطرفين، فإنها لا تعكس بالضرورة حجم الإنفاق الدفاعي في البلدين، حيث تظهر الأرقام تفوقا نسبيا لدى الباكستان، لكن ذلك قد يكون على حساب الكفاءة التقنية والتفوق التكنولوجي، الذي يميل لصالح الهند غالبا.
اقرأ أيضاًالقوة البحرية
الهند تعلن طرد دبلوماسيين باكستانيين
عاجل | الهند تطالب مواطنيها بمغادرة باكستان فورًا