في لقائه بالصحفيين الأتراك على متن الطائرة الرئاسية أثناء عودته من قمة العشرين التي عقدت في الهند، صرح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بخصوص الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا: "لن يكون هناك ممر بدون تركيا، والخط الأكثر ملاءمة لحركة المرور من الشرق إلى الغرب هو الخط العابر من تركيا".

من خلال مذكرة تفاهم اتفق عليها القادة بمن فيهم الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ودعمها الاتحاد الأوروبي، على هامش قمة مجموعة العشرين التي عقدت في نيودلهي، أُعلن عن مشروع طموح يربط الهند بالشرق الأوسط وصولاً إلى أوروبا، وسيمتد الممر المقترح عبر بحر العرب من الهند إلى الإمارات، ليعبر المملكة العربية السعودية والأردن وصولاً إلى حيفا في الكيان المحتل ثم إلى أوروبا عبر اليونان، وسيشمل المشروع أيضاً كابلاً بحرياً جديداً وبنية تحتية لنقل الطاقة، وهو مشروع لو تم تنفيذه لطرح فرص لا نهائية للدول المشاركة فيه، على كافة المستويات الاقتصادية.



أمريكا داعمة للممر الهندي، رغم علمها بأنه لا يقارن بمشروع الحزام والطريق، لأنه سيضرب المشروع الصيني الطامح، والهند طرحته لأنها غير مشمولة في المشروع الصيني، والكيان المحتل لا تسعه الفرحة لما له من أثر على اقتصاده وأثر في هدفه بتحقيق تطبيع اقتصادي مع الخليج يخطو خطى حثيثة سيسرعها المشروع، والخليج سيكسب ضخ نفطه مباشرة دون المرور بخط سوميد الطويل العابر بعرض مصر أو عبر قناة السويس التي تحصل فيها رسوم وتتراجع فيها الخدمة بحوادث متكررة، والأردن الهش اقتصادياً سيصبح مركزاً ناقلا لخيرات الشرق إلى حيفا وهو ما سينعش اقتصاده، وأوروبا ترى في المشروع استغناءً عن المشروع الحزام والطريق الصيني وبضائعه، ونفط روسيا واستقوائها.

تركيا العدالة والتنمية التي آلت على نفسها أن تكون فاعلاً دولياً لا يمكن تخطيه، هالها أن يمر مشروع كبير مثل هذا ولا تكون طرفاً فيه، رغم أنها لم تتضرر من المشروع لكن يكفي أنها لن تنتفع بمثل هكذا مشروع عملاق سيغير جيواقتصادية المنطقة؛ سيكون بمثابة جسر أخضر ورقمي عابر للقارات، وسيجعل التجارة بين الهند والشرق الأوسط من جانب وأوروبا من جانب آخر أسرع بنسبة 40 في المئة، ما يعني أن دورة رأس المال للمشاريع ستكون أسرع، ما يعني بالنتيجة مزيدا من التنمية وفرص العمل والرضا الشعبي.

رؤية تركيا لخريطة الممر الهندي تختلف، حيث ترى أن هناك بنية تحتية جاهزة يمكن الاستفادة منها وبدأ استكمال النواقص فيها بالفعل، ما يعني أن خط سير البضائع سيتغير قليلاً، فبدلاً من خروج البضائع من السعودية باتجاه الأردن تتجه إلى العراق ومن ثم إلى تركيا، وهناك ربط سككي موجود تنقصه عدة كيلومترات يمكن تنفيذها في أشهر، ومن ثم تنقل البضائع إلى أوروبا عبر موانئ تركيا على المتوسط. ويقدَّم البديل التركي على أنه الطريق الأقصر والآمن كما أنه جسر للسلام وإزالة الاحتقان مع اليونان، حيث ستكون محطة الممر التالية بعد تركيا، ويضرب بذلك وصول خيرات الشرق إلى الكيان المحتل؛ أحد المنافسين الكبار على قيادة المنطقة بعد تراجع الدول العربية الكبيرة لأسباب عدة.

ما يحدث في العالم اليوم هو حالة تدافع رهيبة بدأت أمريكا تفيق على أثرها، وبدأت الكتل تتفكك وتتحرك منفردة من دون حسابات الوقوف كثيراً عند المصلحة الجمعية للكتلة، في نظرة قاصرة أنانية قد تحصّل مصالح آنية لكن خسائرها على المدى المتوسط والطويل كارثية
أردوغان الذي لن يتضرر من المشروع تحرك منذ اللحظة الأولى لطرح المشروع الهندي وفي ديلهي نفسها ولم ينتظر حتى عودته لبلاده، لكن الأزمة فيمن حضر القمة وحضر الحديث عن المشروع وعرف تفصيلاته، وعرف أن المشروع سيدمر أهم ورقة قوة لبلاده في حسابات المجتمع الدولي التي من أجلها اندلعت حرب شاركت فيها بالعدوان ثلاث دول لمجرد تعطيل واحد من أهم الممرات الملاحية في العالم، ولم يحرك ساكناً.

وإذ وقفنا برهة مع مشروع الممر الهندي في الجزء الرابط بين آخر نقطة في آسيا وصولاً لأوروبا، وأعني هنا الأردن- حيفا وصولاً إلى اليونان، نجد أنه هو نفسه مشروع تل أبيب الرابط بين الإمارات وأوروبا عبر الأردن بما سمي قناة بن غوريون، كما تضمن الممر قناة تضرب قناة السويس مرورا بالأردن إلى حيفا، ما يكشف حالة تغير منظور الأمن القومي العربي لدى الحكام في هذه الفترة، ويكشف أيضاً ردود أفعال آخرين.

إن ما يحدث في العالم اليوم هو حالة تدافع رهيبة بدأت أمريكا تفيق على أثرها، وبدأت الكتل تتفكك وتتحرك منفردة من دون حسابات الوقوف كثيراً عند المصلحة الجمعية للكتلة، في نظرة قاصرة أنانية قد تحصّل مصالح آنية لكن خسائرها على المدى المتوسط والطويل كارثية.. يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "إنما هنت يوم قتل عثمان"، وأقول: "لا تأكلوا أسودكم فتتكاثر عليكم الضباع".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الهند تركيا الخليج الممرات الخليج إسرائيل تركيا الهند ممرات مقالات مقالات مقالات أفكار سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

الإعلان عن مشروع القطار فائق السرعة بين أبوظبي ودبي



بمباركة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة.. شهد الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، والشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، رئيس المجلس التنفيذي لإمارة دبي، الإعلان عن مشروع القطار فائق السرعة الذي يربط بين العاصمة أبوظبي وإمارة دبي، وذلك في حفل رسمي نظّمته شركة قطارات الاتحاد، في محطة الفاية.
ويُعد مشروع القطار فائق السرعة بين أبوظبي ودبي خطوة نوعية تسهم في تعزيز مكانة دولة الإمارات كوجهة رائدة في مجال النقل الذكي من خلال تطوير منظومة النقل المستدام والارتقاء ببنيتها التحتية، بالاعتماد على أحدث الحلول التقنية المبتكرة بما يواكب التوجهات الوطنية لتحقيق التوازن بين مسيرة التنمية الاقتصادية المستدامة والحفاظ على البيئة، وتحقيقاً لأهداف "المبادرة الاستراتيجية للحياد المناخي 2050".
ويوفر القطار فائق السرعة إمكانية التنقّل السريع بين أبوظبي ودبي، من خلال تقليل مدة التنقّل اليومي، الأمر الذي سيسهم في الارتقاء بجودة الحياة اليومية للمواطنين والمقيمين والزوار، بالإضافة إلى تعزيز الروابط الاقتصادية والاجتماعية بين الإمارتَيْن، واستثمار البنية التحتية في دعم جهود تنمية الأعمال وفتح آفاق جديدة أمام الفرص الاستثمارية في قطاع الخدمات اللوجستية والسياحة، وغيرها من المجالات الحيوية التي تسهم في دعم التقدم الاقتصادي لبناء مستقبل أكثر استدامة لأجيال الغد.
وأكّد الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، أن هذا المشروع الطموح يُجسد رؤية القيادة الرشيدة، وحرصها الدائم على الارتقاء بالبنية التحتية الوطنية وتعزيز منظومة خدمات التنقل وفقاً لأرقى المعايير، بما يسهم في تحفيز تنافسية الاقتصاد الوطني، ودفع عجلة التنمية المستدامة، ترسيخاً لمكانة دولة الإمارات كنموذج رائد في الابتكار والتطور في شتى المجالات على المستوى العالمي.
وأشار إلى أن مشروع القطار فائق السرعة بين أبوظبي ودبي يفتح آفاقاً جديدة في مسيرة التنمية الشاملة من خلال تعزيز منظومة النقل والبنية التحتية الوطنية من أجل بناء مستقبل مستدام لأجيال الحاضر والمستقبل، والارتقاء بجودة الحياة اليومية بما يلبي طموحات المرحلة القادمة التي تتطلب الانتقال إلى السرعة القصوى في دعم جهود تحقيق أهداف وأولويات الرؤية الاقتصادية الوطنية التي تستشرف المستقبل وتعتمد على المعرفة والابتكار.
من جانبه، أكّد الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم أن هذا المشروع الطموح يترجم حرص القيادة الرشيدة على تعزيز الربط بين مختلف مناطق الدولة باستخدام أحدث وسائل النقل وأكثرها تطوراً ووفق أرقى المعايير العالمية، مشيراً سموّه إلى أن المشروع سيحدث نقلة نوعية في قطاع النقل، حيث سيسهم في مواصلة تعزيز وترسيخ مكانة دولة الإمارات إقليمياً ودولياً كوجهة رائدة في تبني الحلول المبتكرة في كافة القطاعات الحيوية.
وشدد على أن مشروع القطار فائق السرعة يكتسب أهمية وطنية كبرى تتمثل في دعم البنية التحتية والمساهمة في تطوير باقي القطاعات الحيوية الأخرى، لا سيما أن هذا النوع من المشاريع الاستراتيجية يضعنا في طليعة الدول الرائدة في مجال الابتكار في منظومة تنقّل الأفراد باستخدام شبكة السكك الحديدية، لوضع تصور جديد لمفهوم التنقّل اليومي بين دبي وأبوظبي بهدف تحسين نمط حياة المواطنين والمقيمين والسياح، وتعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني عالمياً من خلال منظومة نقل حديثة تواكب أرقى التطورات في البنية التحتية العصرية.
30 دقيقة زمن الرحلة
وستتولى شركة قطارات الاتحاد مهمة تطوير وتشغيل هذا المشروع الرائد، استكمالاً للإنجازات التي حققتها الشركة في تطوير قطاع السكك الحديدية في الدولة، وتشغيل شبكة السكك الحديدية الوطنية، وفق أعلى مستويات الكفاءة والجودة والموثوقية، حيث سيتيح القطار للأفراد، سواء من سكان الدولة أو الزوار، سهولة التنقّل بين أبوظبي ودبي في مدة زمنية لا تتجاوز 30 دقيقة وبسرعة قصوى تصل إلى 350 كيلومتراً في الساعة، مروراً بأبرز الوجهات الاستراتيجية والمعالم السياحية.
وسيكون للمشروع تأثير إيجابي على مسيرة التنمية الاجتماعية والاقتصادية والسياحية على مستوى الدولة، وسيسهم في ترسيخ مكانتها على خارطة الدول المتقدمة على صعيد النقل المستدام والمعاصر بخطوط السكك الحديدية، بفضل ما يتميز به من مواصفات السرعة والكفاءة والأمان في التنقل، وهو يدعم حركة قطاع السياحة الوطنية ويرفع من مستوى النمو الاقتصادي، حيث يتوقع أن يساهم القطار فائق السرعة في الناتج المحلي الإجمالي بما يصل إلى 145 مليار درهم في غضون العقود الخمسة المقبلة.
ميثاق تعاون لتعزيز البنية التحتية لمشروع القطار فائق السرعة
وشهدت مراسم الإعلان عن المشروع توقيع معالي سيف سعيد غباش، الأمين العام للمجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، ومعالي عبدالله محمد البسطي، الأمين العام للمجلس التنفيذي لإمارة دبي، على ميثاق تعاون لتعزيز البنية التحتية لمشروع القطار فائق السرعة بين أبوظبي ودبي، وذلك في إطار التعاون الوثيق بين المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي والمجلس التنفيذي لإمارة دبي.
مناقصات عقود القطار فائق السرعة
وعلى صعيد أعمال تطوير مشروع القطار فائق السرعة، تم طرح المناقصات الخاصة بعقود المشروع، وتم اعتماد التصاميم الخاصة بالشبكة، ما يعكس التقدم الملحوظ في تطوير المشروع ويضمن سيره بسلاسة؛ إذ تأتي هذه الإنجازات الأساسية، تمهيداً لتطوير المراحل التالية من المشروع، وصولاً لاكتماله بصورة نهائية في السنوات القادمة.
قطار الركاب
وعلى هامش الإعلان عن مشروع القطار فائق السرعة بين أبوظبي ودبي، اطّلع سمو الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، وسمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، على عرض تفصيلي حول الأسطول الأول لقطار الركاب في دولة الإمارات.
كما قام سموهما بتفقّد القطار، واطلعا عن قرب على التصميم المبتكر للقطار والذي ستبلغ سرعته 200 كم/ الساعة، والمزايا التي سيوفرها عند إطلاقه المرتقب.
ويعد الكشف عن أسطول قطار الركاب، بالتزامن مع الإعلان عن مشروع القطار فائق السرعة، إنجازاً هاماً ضمن جهود تطوير خدمات النقل بالسكك الحديدية، وسيوفر قطار الركاب وسيلة نقل آمنة وموثوقة وفعالة للركاب تنسجم مع ملامح الوحدة الوطنية لتتكامل في المستقبل مع مشروع القطار فائق السرعة. وسيخدم أسطول قطار الركاب الطرق الحضرية والإقليمية ليربط بين المدن والمجتمعات الرئيسية في مختلف أنحاء الدولة. الكشف عن أول أربع محطات لقطار الركاب تخلل الحفل الكشف عن أول 4 محطات لقطار الركاب في الدولة، وذلك في إطار جهود تطوير شبكة سكك حديدية متكاملة للركاب. وتقع محطات الركاب، والتي تمتاز بمواقعها الاستراتيجية، في كل من أبوظبي، ودبي، والشارقة، والفجيرة، وهو ما سيسهل وصول الركاب لخدمات النقل بالسكك الحديدية. وسيتم ربط هذه المحطات متعددة الوسائط مع خطوط المترو والحافلات لتوفير شبكة نقل مترابطة ومتكاملة. وتمتاز هذه المحطات بكونها مزودة بمرافق حديثة تضم صالات بدرجة الأعمال، وبوجود محال تجارية، ومرافق مناسبة للعائلات، فضلاً عن تصاميمها الهندسية المستوحاة من التراث الإماراتي، ما يعكس التزام دولة الإمارات بالابتكار والتميز مع مراعاة معايير الاستدامة، والحرص على تطوير المجتمعات.

مقالات مشابهة

  • متاهات الوهم ومشروعنا الوطني
  • شراكة بين «مدن» و«برودجيت» لتطوير مشروع «2 فينزبري أفينيو» في لندن
  • قلب الكون..كيف غيّرت قناة بنما التي يرغب دونالد ترامب بالإستيلاء عليها العالم؟
  • من برج حمود.. حجار يُطلق مشروع النقد مقابل العمل
  • الإعلان عن مشروع القطار فائق السرعة بين أبوظبي ودبي
  • دور اليمن الحاسم في نصر غزة وتغيير موازين الصراع
  • انطلاق أعمال مشروع مجسم ونافورة عين الدمام في الكورنيش .. صور
  • الداخلة تُزهر..مشروع لإنتاج 350 ألف شجرة سنويًا وتعزيز الحزام الأخضر
  • تعرف على أحياء تركيا التي شهدت أقل وأعلى مبيعات عقارية في 2024 
  • العرموطي: مشروع قانون المرأة يشكل خطرًا على الأسرة الأردنية