سر رفض تكريم عبلة كامل بالمهرجانات.. محمد رياض وأمير رمسيس يجيبان
تاريخ النشر: 17th, September 2023 GMT
تظل الفنانة عبلة كامل أيقونة فنية لن تتكرر فى عالم الفن ، حيث أنها حرصت طوال مسيرتها الفنية على امتاع الجمهور بادائها السلس والبساطة والقريب أيضا من المواطن البسيط، لذلك كان يرونها شبيهة لهم وقريبة منهم، كما أنها على مدار سنوات طويلة من العطاء لم يثير الجدل أو تحدث مشكلة داخل أى عمل فنى والتى تحتفل اليوم بعيد ميلادها اليوم.
ومشوار عبلة كامل يجعلها بشكل دورى على منصات التتويج والتكريمات إلا أنها ترفض هذه التكريمات وهو ما أكد عليه عدد من نجوم الوسط الفنى ، حيث قال محمد رياض رئيس المهرجان القومى للمسرح والذى أقيم مؤخرا : عبلة كامل ممثلة قديرة وتستحق التكريم وهى مكرمة بالفعل فى قلوب محبيها وجمهورها ، لكنها ترفض الظهور والتكريم فهى من النجمات اللاتى يرفضن الظهور فى الإعلام والمناسبات وهذا الأمر من بدايتها تقريبا.
وأضاف محمد رياض : بشكل عام عبلة كامل تستحق التكريم فى أكثر من مناسبة وأنا أحبها على المستوى الإنساني لأنها من النجمات اللاتى اثرن في حياتي الفنية.
كما أكد المخرج أمير رمسيس مدير مهرجان القاهرة السينمائى على نفس الأمر قائلا : جالنا طلبات تكريم كثيرة للفنانة علبة كامل، وهو شيء جميل وكلنا بنحب الفنانة عبلة كامل".
وأضاف أمير رمسيس : عندما نحب شخص أبسط شيء نقدمه له هو احترام رغباته الشخصية"، مشيرا: "الفنانة عبلة كامل رافضة أنها تظهر للعلن ورافضة التكريم".
وأشار: "الفنانين أشرف زكي، والفنان يحيي الفخراني تواصلوا معها من قبل لتكريمها وهى رفضت الظهور الإعلامي ورفضت التكريم"، موضحا: "عبلة كامل تستحق التكريم، لكن إحنا لما نحب عبلة كامل ونحترم رغبتها، ولا يوجد جدال على أنها تستحق التكريم، لكن مينفعش نكرم حد رغما عنه".
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الفنانة عبلة كامل الفنان يحيى الفخراني المهرجان القومي للمسرح عبلة كامل عبلة کامل
إقرأ أيضاً:
سامح قاسم يكتب | ما لا تقوله القصيدة.. تقوله عبلة الرويني
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
ليست كل الكتابات فعلَ بوح. بعضها جراحٌ تُفتح بالسكين الباردة للوعي. وبعضها الآخر، كما في حالة عبلة الرويني، تواطؤ صامت مع الوجع، محاولة لفهمه، ترويضه، أو على الأقل الكتابة من أعماقه، لا عنه.
تسللت عبلة الرويني إلى المشهد الثقافي بصوتٍ خافت، لكنه نافذ، كخرزةٍ زرقاء تُخبّأ تحت وسادةِ شاعر. لا يمكن الحديث عن عبلة الرويني دون استحضار اسم أمل دنقل، فهي ليست مجرد شاهدة على تجربة شاعر كبير، بل كانت وما زالت جزءًا حيويًا من تلك التجربة، امتدادًا لها في الحياة واللغة. في كل نص تكتبه، لا تطارد طيف الشاعر، بل تُعيد بناء الزمن الذي ضمّهما: غرفة المستشفى، رائحة الموت المتكررة، الكلمات التي علقت في حلق أمل، وصمتها هي، الطويل، المؤجل، المؤلم.
عبلة، التي بدأت مسيرتها في الصحافة وهي تحمل جرأة القلب واللغة، كانت تعرف أن الكلمات ليست فقط أدوات للتوصيل، بل أحيانًا أدوات للجراح. كتبت عن الثقافة والسياسة بمشرط الجراح، لا بسيف الخطيب، ورفضت أن تُنصّب في زفةِ التصنيفات، حين صرّحت بأنها لا تؤمن بأدب نسائي، ولا بحدودٍ تفصل القصيدة عن الجسد أو الرأي عن الحلم.
عبلة ليست فقط صاحبة رأي، إنها صاحبة حكاية، وحكايتها تُروى في كتابٍ يتيم: الجنوبي. الكتاب الذي يُقرأ كأنه اعتراف متأخر، أو نحيب مكتوم، أو محاولة لإعادة ترتيب الذاكرة على ضوء الحنين. لم تكتب عبلة هذا النص كناقدة، بل كشاهدة. لم تكن بحاجة إلى أن تبرّر حُبها، بل إلى أن تنقذه من النسيان. ولعلّ هذا ما يجعل الجنوبي لا يُقرأ فقط ككتاب سيرة، بل كقصيدة حب طويلة، كُتبت بعد أن مات الشاعر وبقيت المُلهمة تسكن بين سطور القصيدة.
لقد عرفت عبلة أمل دنقل في زمن كانت فيه القصيدة سيفًا، وكان هو شاعرًا يعرف كيف يضرب به ولا يتراجع. رجل يشرب المرض كما يشرب السيجارة، ويكتب من دمه لا من مِحبرته. في حضرته، لم تكن عبلة زوجة شاعر، بل شاهدته ينهار سطرًا سطرًا، وظلّت تكتب ما تبقّى منه داخلها، بعد أن انتهى الحبر من جسده. هي التي جلست إلى جوار سريره في المعهد القومي للأورام، وكانت تحفظ تنفّسه كما يحفظ شاعر قوافيه.
في المشهد الثقافي المصري، تظل عبلة الرويني واحدة من الأصوات التي لم تستبدل النزاهة بالصوت العالي، ولا الحضور بالظهور. كتبت في الصحافة الثقافية كما يُكتب الشعر: بهدوء، بدقّة، وبدون مزايدة. وعندما طُلب منها أن تحذف عبارة "أخونة الصحافة"، رفضت. لأن الكلمة عندها ليست وسيلةً للترضية بل للحقيقة، والحقيقة لا تُربّت على كتف أحد.
عبلة ليست من ذلك النوع من الكاتبات اللواتي يُغريهنّ الضوء، بل كانت دائمًا تبحث عن "الظلّ"، تمامًا كما أحبّت أمل دنقل، الجنوبي الذي كان يعبر القاهرة كمن يمشي في المنفى.
ولعلّها، في كتابها الوحيد، لم تكتب عن أمل دنقل بقدر ما كتبت عن هشاشتها، عن ذلك النوع من النساء اللواتي يُخفين قوّتهنّ في العيون، ويصبرن على الموت، ثم يتفرّغن للكتابة عنه.
كانت تعرف أن الحياة بعد "الجنوبي" ستسير بلا ظل، بلا لغة تحرسها، وبلا عينين تحدقان فيها كما كان يفعل دنقل، لا ليملكها، بل ليحرس اشتعالها. لم تكن عبلة في حاجة إلى أن تكتب، كانت فقط تحاول أن تبقى، أن لا تذوب في الغياب، وأن لا يتحوّل الحب العظيم إلى تذكار على رفّ.
في كل مقالة كتبتها بعد وفاته، كنا نلمح شيئًا من ألمه يطلّ من بين السطور. لم تكن تكتب لتشرح أو لتُحاكِم، بل لتضع إصبعها على نبض ثقافةٍ كانت تموت، كما مات هو، بصمتٍ، في غرفة ضيقة، تحت ضوءٍ أبيض، ووسط صمتٍ طبّي لا يشبه القصيدة.
الكتابة بالنسبة لها لم تكن مهنة، كانت مواصلة العيش داخل القصيدة، بعد أن غادرها الشاعر. بقيت تحرس الذكرى كما يُحرس قبر غير معلن، وتعيد تركيب حضور دنقل في كل مشهد ثقافي، لا بدافع الحنين، بل لأن الشعر كان لا يزال يتنفس من خلال سطوره.
لكن عبلة لم تسجن نفسها في متحف الذكرى. لم تستسلم لصورة الحبيبة التي تعيش على حافة الماضي. كتبت عن الأدب الحديث، عن تيارات التجديد، عن انكسارات الثقافة، وواجهت أسئلة الحاضر بصلابة امرأة رأت الموت عن قرب، ولم يعد يخيفها شيء بعده.
في مقالاتها، كانت تتحدث عن حرية الكلمة كما تتحدث أم عن ابنها المسجون. رفضت التصنيفات، وواجهت محاولات إقصائها دون أن تصرخ، فقط كتبت، وواصلت الكتابة، كمن يزرع شجرة على قبرٍ، لا لتُثمر، بل لئلا يُنسى.
إن عبلة الرويني ليست مجرّد صحفية، ولا زوجة شاعر. إنها نموذج نادر لامرأة ظلّت تكتب رغم أنها لم تُسندها المؤسسات، ولم تُصفق لها الجماهير. امرأة ظلت وفية للصوت الوحيد الذي أحبّها، وللصمت الذي تركه خلفه.
ولأنها تعرف أن القصيدة لا تنتهي بموت الشاعر، فهي تكتب حتى اليوم، لا لتُحيي أمل دنقل، بل لتُذكّرنا أن الشعر لا يموت إذا ما ظلّ في قلب من أحبّ بعمق، وكتب بصدق، واحتمل الغياب كأنه لغة أخرى.