طهران- في ضوء التباين بين التيار المحافظ الذي يتولى الحكم والتيار الإصلاحي، تشهد إيران اتهامات بفصل عشرات أساتذة الجامعات، لأسباب مختلفة.

وبينما قالت وزارة التعليم العالي إن عددا كبيرا من الأساتذة توقف التعاون معهم بسبب انتهاء مدة التعاقد، اتهم إصلاحيون السلطات بفصل الأساتذة لأسباب سياسية وأمنية تتعلق بمواقفهم من الاحتجاجات الأخيرة التي اندلعت في سبتمبر/أيلول من العام الماضي، بعد وفاة الشابة مهسا أميني أثناء اعتقالها لدى "شرطة الأخلاق" في طهران.

ولا توجد إحصائية رسمية عن عدد الأساتذة الذين فُصلوا أو استبعدوا خلال السنتين الماضيتين، أي منذ بدء حكومة الرئيس إبراهيم رئيسي المتهمة من قبل الإصلاحيين بغربلة الجامعات.

لكن صحيفة "اعتماد" التابعة للتيار الإصلاحي نشرت قائمة تضم 110 أساتذة جامعيين، قالت إنهم فُصلوا منذ تولي رئيسي الحكم، ويتركّزون في الجامعات الأهلية وجامعة طهران وجامعة طهران للعلوم الطبية وجامعتَي العلامة الطباطبائي والشهيد بهشتي.

السلطات تقول إن فصل أساتذة الجامعات لانتهاء العقود بينما يقول إصلاحيون إن أسبابه سياسية (الجزيرة) إنذار قبل العام الدراسي

في هذا السياق، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة طهران سابقا صادق زيباكلام، إن السلطات لا تعترف بأنها تفصل أساتذة الجامعات لأسباب أمنية وسياسية، لكن الحقيقة أن أساتذة الجامعات يُضطهدون بسبب مواقفهم السياسية ويُفصلون من الجامعات ويُمنعون من التدريس بشكل عام.

وفي حديثه للجزيرة نت، أضاف زيباكلام أن المؤسف هو صمت السلطة القضائية، متسائلا "هل يسمح القانون لوزارة التعليم العالي والمسؤولين الأمنيين بهذه المعاملة مع الأساتذة وفصلهم من الجامعات".

وزيباكلام -الذي مُنع من التدريس في أكتوبر/تشرين الأول 2022- انتقد أيضا أداء المؤسسات والجهات المعنية بالتعليم والثقافة، واصفا صمتهم بالمحزن. وأشار إلى أن الشخصيات والإعلام بالتيار الإصلاحي لم يتمكنوا من فعل شيء سوى الاعتراض لأنهم لا يملكون قدرة وليس لديهم أي دور في النظام.

وفيما يخص تزامن ذلك مع اقتراب ذكرى الاحتجاجات العام الماضي وعشية بدء العام الدراسي، يعتقد زيباكلام أن اختيار هذا التوقيت بمثابة إنذار لأساتذة الجامعات لمنعهم من مواكبة أي نوع من الاحتجاج، خشية أن يكون هذا العام الدراسي مثل سابقه، حيث تعطلت بعض المحاضرات في ظل الاحتجاجات.

أسباب إدارية

من جانب آخر، يقدم المحافظون تفسيرا آخرا للقضية، حيث يقول رضا تقوي نائب طهران وعضو اللجنة الثقافية بالبرلمان إن هناك فئات داخل البلد وخارجه تسعى لاختلاق أزمات اجتماعية تزعزع الاستقرار وتشعر الشعب بالإحباط، وتجعل النظام في موقف المتهم.

وفي حديثه للجزيرة نت، أوضح تقوي أن الجامعات مثلها مثل كل المؤسسات الأخرى لها قانون وأطر واضحة، وعلى الجميع الالتزام بالقانون، وهناك من لا يلتزم بالقانون ويحث الطلاب على الاحتجاج والتجمع والإخلال بالأمن والاستقرار "لذا من الطبيعي جدا أن يقابلوا بالخطوات القانونية وأن يتم إبعادهم من الجامعات" مؤكدا أنهم يؤمنون بموضوعية الجامعة وأنها مركز للعلم لا غير، وأنه لا يوجد نظام سياسي يتحمل قضايا كهذه.

وأضاف تقوي أن أغلبية الأساتذة الذين أبعدوا انتهت المدة الزمنية المندرجة في عقودهم وحل أماكنهم أساتذة جدد، مؤكدا أن القضية إدارية وليست سياسية، لكنه أشار أيضا إلى فصل أساتذة بالفعل، وأن البرلمان اطلع على ملفاتهم وأنهم حرضوا الطلاب على زعزعة الأمن والاستقرار، وتلقوا إنذارات من الجامعة لكنهم استمروا في نهجهم المخل بالأمن لذلك فصلوا، موضحا أن قضايا كهذه تعتبر جرائم في قانون البلاد.

واختتم بالقول إن القانون فوق الجميع، ولدينا أكثر من 150 ألف أستاذ بالجامعات الحكومية و113 ألفا بالجامعات الأهلية، وهناك عدد قليل جدا فصلوا بسبب مخالفات قانونية منها أمنية ومنها أخلاقية وإدارية، مطالبا الجامعات بالشفافية وعرض ملفات هؤلاء الأساتذة.

طلاب جامعة شريف للتكنولوجيا خلال الاحتجاجات على وفاة أميني (أسوشيتد برس) الموجة الثالثة بعد الثورة

من ناحية أخرى، قال الخبير القانوني كامبيز نوروزي إن الأساتذة الذين فُصلوا أو أُبعدوا مختلفون من حيث علاقتهم الوظيفية بالجامعة، بعضهم رسمي وبعضهم متعاقد، لكن المعتاد عليه بالجامعة أن الأساتذة الذين يقومون بعملهم بشكل جيد يواصلون عملهم، أما الذين تم استبعادهم فلم تقدم الجامعة أية أسباب علمية وجيهة بخصوصهم.

وفي حديثه للجزيرة نت، أضاف نوروزي "لذلك، عندما لا يتم الإعلان عن سبب علمي واضح وصريح لفصلهم، يمكن أن نستنتج أن فصل وإقالة هؤلاء الأساتذة لم يكن له سبب علمي وأكاديمي" مشيرا إلى أن عملية فصل الأساتذة العامين الأخيرين كان لها بُعد سياسي، ووصفها كنوع من المواجهة السياسية مع الجامعة.

وأوضح أن بعض الأساتذة كانوا من أعضاء هيئة التدريس والأعضاء الرئيسيين بالجامعات، وتم فصلهم العامين الماضيين، ويمكن للأساتذة المفصولين بشكل غير قانوني تقديم شكوى إلى محكمة العدل الإدارية ومتابعة الأمر بموجب القانون.

وختم بأنه عام 1980 حدثت الثورة الثقافية، وفصل عدد كبير من أساتذة الجامعات بمختلف المجالات. وفي عهد الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، تم تطبيق سياسة صارمة ضد الأساتذة، وأحيل عدد كبير منهم للتقاعد الإجباري معتبرا أن موجة الإقصاء هذه المرة هي الثالثة بعد ثورة 1979.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: أساتذة الجامعات

إقرأ أيضاً:

وعيد وإدانة ورفض.. هكذا ردت إيران على "ضرب الحوثيين"

توعد قائد الحرس الثوري الإيراني، الأحد، بالرد على أي هجوم، بعد تهديدات الرئيس الأميركي دونالد ترامب لطهران على خلفية ضربات واشنطن للحوثيين في اليمن.

وحذر الرئيس الأميركي الحوثيين من أنه "إن لم تتوقفوا عن شن الهجمات فستشهدون جحيما لم تروا مثله من قبل".

كما حذر إيران، الداعم الرئيسي للحوثيين، من استمرار دعمها للحوثيين، قائلا إنه إذا هددت إيران الولايات المتحدة، "فإن أميركا ستحملكم المسؤولية الكاملة، ولن نكون لطفاء في هذا الشأن!".

وعلى الصعيد السياسي، دانت إيران الضربات "الهمجية" التي شنتها الولايات المتحدة على أهداف للحوثيين في اليمن، السبت، وأسفرت عن مقتل 31 شخصا على الأقل وفق الجماعة.

ودان المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي "بشدة" الضربات، معتبرا في بيان أنها "انتهاك سافر لميثاق الأمم المتحدة والقواعد الأساسية للقانون الدولي".

والأحد قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إن الولايات المتحدة "ليس لها الحق في إملاء" سياسة بلاده الخارجية، بعدما دعا ترامب طهران إلى وقف دعم الحوثيين في اليمن "فورا".

وكتب عراقجي على منصة "إكس" "الحكومة الأميركية ليس لديها سلطة ولا حق في إملاء سياسة إيران الخارجية"، داعيا إلى "وقف قتل الشعب اليمني".

وأتى ذلك بعد ساعات من شن الجيش الأميركي بأمر من ترامب، ضربات في اليمن تستهدف الحوثيين المدعومين من طهران، الذين يسيطرون على مناطق واسعة في البلاد من بينها صنعاء.

وكانت ضربات السبت الغارات الأميركية الأولى على الحوثيين، منذ تولي ترامب منصبه في يناير الماضي.

وعقب اندلاع حرب إسرائيل على قطاع غزة في أكتوبر 2023، شن الحوثيون عشرات الهجمات بطائرات مسيّرة وصواريخ على سفن تعبر البحر الأحمر وخليج عدن، قائلين إنها تأتي تضامنا مع الفلسطينيين.

وفي المقابل، شنت الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل عمليات عسكرية على أهداف في اليمن أكثر من مرة، خلال ولاية الرئيس الأميركي السابق جو بايدن.

وبعد وقف هجماتهم إثر دخول وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ في يناير، أعلن الحوثيون في 11 مارس "استئناف حظر عبور" السفن الإسرائيلية قبالة سواحل اليمن، ردا على منع إسرائيل إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.

وقال عراقجي في منشوره على "إكس": "قتل أكثر من 60 ألف فلسطيني والعالم يحمّل أميركا المسؤولية".

وكان ترامب أعلن السبت أن واشنطن أطلقت "عملا عسكريا حاسما وقويا" ضد الحوثيين، متوعدا باستخدام "القوة المميتة الساحقة حتى نحقق هدفنا"، كما طالب إيران بأن "توقف فورا" دعمها "للإرهابيين الحوثيين".

ويأتي ذلك بعدما بعث ترامب برسالة إلى طهران يضغط فيها للتفاوض بشأن ملفها النووي، أو مواجهة عمل عسكري محتمل.

ومنذ عودته إلى البيت الأبيض في يناير، أعاد ترامب العمل بسياسة "الضغوط القصوى" التي اعتمدها حيال طهران خلال ولايته الأولى، لكنه تحدث في الوقت ذاته عن السعي لاتفاق جديد بشأن برنامجها النووي، بدلا من اتفاق 2015 الذي سحب بلاده منه بشكل أحادي في 2018.

وأكد مسؤولون إيرانيون أن طهران لن تفاوض واشنطن في ظل "الضغوط القصوى".

مقالات مشابهة

  • تقرير أممي يتّهم إيران باستخدام التكنولوجيا لمراقبة النساء وقمع الاحتجاجات
  • ترامب يفاوض إيران عبر الإمارات
  • أول تعليق من إيران على الهجمات الأمريكية ضد اليمن
  • وعيد وإدانة ورفض.. هكذا ردت إيران على "ضرب الحوثيين"
  • أساتذة “الزنزانة 10” يعتصمون أمام وزارة التربية الوطنية احتجاجا على استمرار معاناتهم
  • كفر الشيخ أولى الجامعات المصرية في العلوم الزراعية
  • "كفر الشيخ" تحقق المركز الاول فى العلوم الزراعية على مستوى الجامعات المصرية
  • جامعة المنوفية تحرز تقدمًا جديدًا على المستوى العالمي
  • دمشق تحيي للمرة الأولى الذكرى الـ14 للاحتجاجات الشعبية بعد الإطاحة بالأسد  
  • فريق الجامعة الإسلامية يُتوّج بكأس البطولة التنشيطية لكرة القدم المصغرة