فصل أساتذة الجامعات في إيران.. بين التفسير الحكومي والاتهامات بدوافع سياسية
تاريخ النشر: 17th, September 2023 GMT
طهران- في ضوء التباين بين التيار المحافظ الذي يتولى الحكم والتيار الإصلاحي، تشهد إيران اتهامات بفصل عشرات أساتذة الجامعات، لأسباب مختلفة.
وبينما قالت وزارة التعليم العالي إن عددا كبيرا من الأساتذة توقف التعاون معهم بسبب انتهاء مدة التعاقد، اتهم إصلاحيون السلطات بفصل الأساتذة لأسباب سياسية وأمنية تتعلق بمواقفهم من الاحتجاجات الأخيرة التي اندلعت في سبتمبر/أيلول من العام الماضي، بعد وفاة الشابة مهسا أميني أثناء اعتقالها لدى "شرطة الأخلاق" في طهران.
ولا توجد إحصائية رسمية عن عدد الأساتذة الذين فُصلوا أو استبعدوا خلال السنتين الماضيتين، أي منذ بدء حكومة الرئيس إبراهيم رئيسي المتهمة من قبل الإصلاحيين بغربلة الجامعات.
لكن صحيفة "اعتماد" التابعة للتيار الإصلاحي نشرت قائمة تضم 110 أساتذة جامعيين، قالت إنهم فُصلوا منذ تولي رئيسي الحكم، ويتركّزون في الجامعات الأهلية وجامعة طهران وجامعة طهران للعلوم الطبية وجامعتَي العلامة الطباطبائي والشهيد بهشتي.
في هذا السياق، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة طهران سابقا صادق زيباكلام، إن السلطات لا تعترف بأنها تفصل أساتذة الجامعات لأسباب أمنية وسياسية، لكن الحقيقة أن أساتذة الجامعات يُضطهدون بسبب مواقفهم السياسية ويُفصلون من الجامعات ويُمنعون من التدريس بشكل عام.
وفي حديثه للجزيرة نت، أضاف زيباكلام أن المؤسف هو صمت السلطة القضائية، متسائلا "هل يسمح القانون لوزارة التعليم العالي والمسؤولين الأمنيين بهذه المعاملة مع الأساتذة وفصلهم من الجامعات".
وزيباكلام -الذي مُنع من التدريس في أكتوبر/تشرين الأول 2022- انتقد أيضا أداء المؤسسات والجهات المعنية بالتعليم والثقافة، واصفا صمتهم بالمحزن. وأشار إلى أن الشخصيات والإعلام بالتيار الإصلاحي لم يتمكنوا من فعل شيء سوى الاعتراض لأنهم لا يملكون قدرة وليس لديهم أي دور في النظام.
وفيما يخص تزامن ذلك مع اقتراب ذكرى الاحتجاجات العام الماضي وعشية بدء العام الدراسي، يعتقد زيباكلام أن اختيار هذا التوقيت بمثابة إنذار لأساتذة الجامعات لمنعهم من مواكبة أي نوع من الاحتجاج، خشية أن يكون هذا العام الدراسي مثل سابقه، حيث تعطلت بعض المحاضرات في ظل الاحتجاجات.
أسباب إداريةمن جانب آخر، يقدم المحافظون تفسيرا آخرا للقضية، حيث يقول رضا تقوي نائب طهران وعضو اللجنة الثقافية بالبرلمان إن هناك فئات داخل البلد وخارجه تسعى لاختلاق أزمات اجتماعية تزعزع الاستقرار وتشعر الشعب بالإحباط، وتجعل النظام في موقف المتهم.
وفي حديثه للجزيرة نت، أوضح تقوي أن الجامعات مثلها مثل كل المؤسسات الأخرى لها قانون وأطر واضحة، وعلى الجميع الالتزام بالقانون، وهناك من لا يلتزم بالقانون ويحث الطلاب على الاحتجاج والتجمع والإخلال بالأمن والاستقرار "لذا من الطبيعي جدا أن يقابلوا بالخطوات القانونية وأن يتم إبعادهم من الجامعات" مؤكدا أنهم يؤمنون بموضوعية الجامعة وأنها مركز للعلم لا غير، وأنه لا يوجد نظام سياسي يتحمل قضايا كهذه.
وأضاف تقوي أن أغلبية الأساتذة الذين أبعدوا انتهت المدة الزمنية المندرجة في عقودهم وحل أماكنهم أساتذة جدد، مؤكدا أن القضية إدارية وليست سياسية، لكنه أشار أيضا إلى فصل أساتذة بالفعل، وأن البرلمان اطلع على ملفاتهم وأنهم حرضوا الطلاب على زعزعة الأمن والاستقرار، وتلقوا إنذارات من الجامعة لكنهم استمروا في نهجهم المخل بالأمن لذلك فصلوا، موضحا أن قضايا كهذه تعتبر جرائم في قانون البلاد.
واختتم بالقول إن القانون فوق الجميع، ولدينا أكثر من 150 ألف أستاذ بالجامعات الحكومية و113 ألفا بالجامعات الأهلية، وهناك عدد قليل جدا فصلوا بسبب مخالفات قانونية منها أمنية ومنها أخلاقية وإدارية، مطالبا الجامعات بالشفافية وعرض ملفات هؤلاء الأساتذة.
من ناحية أخرى، قال الخبير القانوني كامبيز نوروزي إن الأساتذة الذين فُصلوا أو أُبعدوا مختلفون من حيث علاقتهم الوظيفية بالجامعة، بعضهم رسمي وبعضهم متعاقد، لكن المعتاد عليه بالجامعة أن الأساتذة الذين يقومون بعملهم بشكل جيد يواصلون عملهم، أما الذين تم استبعادهم فلم تقدم الجامعة أية أسباب علمية وجيهة بخصوصهم.
وفي حديثه للجزيرة نت، أضاف نوروزي "لذلك، عندما لا يتم الإعلان عن سبب علمي واضح وصريح لفصلهم، يمكن أن نستنتج أن فصل وإقالة هؤلاء الأساتذة لم يكن له سبب علمي وأكاديمي" مشيرا إلى أن عملية فصل الأساتذة العامين الأخيرين كان لها بُعد سياسي، ووصفها كنوع من المواجهة السياسية مع الجامعة.
وأوضح أن بعض الأساتذة كانوا من أعضاء هيئة التدريس والأعضاء الرئيسيين بالجامعات، وتم فصلهم العامين الماضيين، ويمكن للأساتذة المفصولين بشكل غير قانوني تقديم شكوى إلى محكمة العدل الإدارية ومتابعة الأمر بموجب القانون.
وختم بأنه عام 1980 حدثت الثورة الثقافية، وفصل عدد كبير من أساتذة الجامعات بمختلف المجالات. وفي عهد الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، تم تطبيق سياسة صارمة ضد الأساتذة، وأحيل عدد كبير منهم للتقاعد الإجباري معتبرا أن موجة الإقصاء هذه المرة هي الثالثة بعد ثورة 1979.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: أساتذة الجامعات
إقرأ أيضاً:
إيران تستدعي دبلوماسيين أوروبيين احتجاجاً على اجتماع "استفزازي" في مجلس الأمن
استدعت طهران، اليوم الخميس، دبلوماسيين ممثلين لفرنسا وألمانيا وبريطانيا للاحتجاج على "خطوة استفزازية" بعد اجتماع لمجلس الأمن حول برنامجها النووي، وفق بيان صادر عن وزارة الخارجية الإيرانية.
وقال البيان إن عقد هذا الاجتماع الذي جاء بناء على دعوة من الدول الثلاث والولايات المتحدة، "لا يستند الى أي مبرّر تقني أو قانوني، ويعتبر خطوة استفزازية وسياسية تتطابق مع المقاربة الأحادية للولايات المتحدة".
وأضافت الخارجية الإيرانية في بيانها، أنه تم استدعاء الممثلين الدبلوماسيين إلى الوزارة "احتجاجاً على تواطؤهم مع الولايات المتحدة وعقدهم اجتماعاً مغلقاً بشأن برنامج إيران النووي السلمي".
Foreign Ministry summons the ambassadors of Britain, France, and Germany to register with them Iran’s protest at their complicity with the United States in abusing the U.N. Security Council mechanism and holding a closed session on Iran’s nuclear energy program on March 12. pic.twitter.com/8i44R5lbdo
— IRNA News Agency (@IrnaEnglish) March 13, 2025وشهد الاجتماع أمس الأربعاء، اتهام البعثة الأمريكية لطهران باتباع "سلوك مخزٍ" في ما يتعلق ببرنامجها النووي.
وكان العديد من أعضاء مجلس الأمن قد طلبوا عقد الاجتماع لمناقشة التقرير الأخير للوكالة الدولية للطاقة الذرية، الذي أشار إلى زيادة مقلقة لاحتياطات إيران من اليورانيوم المخصب.
وقال التقرير إن إيران زادت بشكل كبير مخزونها من اليورانيوم العالي التخصيب بدرجة نقاء 60% والقريبة من عتبة 90% اللازمة لصنع قنبلة ذرية.
واشنطن تدعو مجلس الأمن لإدانة برنامج إيران النووي - موقع 24شدّدت الولايات المتّحدة، أمس الأربعاء، إثر جلسة مغلقة عقدها مجلس الأمن الدولي حول الملف النووي الإيراني، على وجوب أن يكون المجلس "موحّداً" في إدانة سلوك الجمهورية الإسلامية "المخزي"، بشأن برنامجها الذري.وفي عام 2015، توصلت إيران إلى اتفاق بشأن برنامجها النووي مع بريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا والولايات المتحدة؛ نتج عنه تخفيف العقوبات عنها مقابل فرض قيود على برنامجها.
لكن في 2018، وخلال ولايته الرئاسية الأولى، سحب ترامب بلاده من الاتفاق، وأعاد فرض عقوبات مشددة على طهران.
ومنذ عودته إلى البيت الأبيض في يناير (كانون الثاني)، أعاد الرئيس الجمهوري العمل بسياسة "الضغوط القصوى" حيال طهران، لكنه دعا في الوقت عينه إلى إبرام اتفاق نووي جديد، وتشدد طهران أن لا إمكانية لاتفاق كهذا طالما أن العقوبات لا تزال سارية.
واليوم، دعت الصين إلى حل "دبلوماسي" لمسألة ملف إيران النووي، بينما تستعد لاستضافة محادثات يجريها دبلوماسيون من طهران وموسكو، الجمعة.