الفقر أصبح غولاً وليس ( رجلاً ) يا أبا الحسن ..!
تاريخ النشر: 17th, September 2023 GMT
بقلم: فالح حسون الدراجي ..
لم أعرف (زعيماً) في التاريخ الإسلامي- القديم والحديث- منشغلاً بالفقر مثل انشغال الإمام علي به.. ولم يكن عليٌّ منشغلاً بإطار المشكلة فحسب، إنما ذهب الى معالجتها أيضاً، حتى لو يضطر لمعالجتها بالسيف.. لذلك تمنى أن يكون الفقر رجلاً ليقتله ..
وحين ينشغل رجل مفكر وعالم وفيلسوف وحكيم وصاحب رسالة عظيمة مثل علي بن أبي طالب بموضوعة الفقر، على حساب مشاغله العلمية والدينية والأدبية الأخرى، بحيث يتمناه رجلاً ليقتله، فهذا يعني ان الفقر سيطر على مشاعر وحواس الإمام سيطرة كبيرة.
ولكي يكون القارئ قريباً مما أفكر فيه، يجب عليه ان يعرف ان علياً لم يصل الى هذه الدرجة من الكراهية للفقر، عبر سماع قصص البؤس والحرمان والاملاق، من أفواه الناس فحسب، إنما كان هو نفسه فقيراً معدماً، حتى أصبح الفقر واحداً من ملامح حياته الشخصية..
نعم، فقد كان علي فقيراً حدّ أن يبات ليله جائعاً، وأن تعيش زوجته السيدة فاطمة الزهراء، حياتها ( القصيرة) محرومة من أبسط سبل العيش ..
إن هذا الذي أتحدث عنه أيها السادة، ليس بقالاً من بقالي البصرة، او حمالاً من حمالي الكوفة، فيجوع، ويحتاج مثل بقية أقرانه،إنما أتحدث هنا عن (خليفة) – أي ملك، او رئيس دولة بلغة اليوم – !
نعم فهو ملك زمانه وليس مديراً عاماً، أو محافظاً أو وزيراً..او وكيل وزارة، ولكم ان تتخيلوا (ملكاً) ينام ليله جائعاً، لا بطراً ولا (حمية) طبية، إنما فقط، لأنه لا يملك ثمن الرغيف الذي يسد به رمقه !
أما السيدة التي عاشت عمرها – محرومة – فهي كريمة النبي محمد بكل ما في هذا النسب من مهابة ومكانة ومقام استثنائي !!
والعجيب أن يتحدث مسؤولونا اليوم عن ولائهم للإمام علي وللزهراء عليهما السلام !..
إن العوز والفقر والجوع الذي عرفه علي بن أبي طالب في حياته- سواء وهو الخليفة الذي كانت بيده كل خزائن الدولة، أو قبلها حين كان ركناً مهماً واساسياً من اركان حكم الدولة الإسلامية، حيث يسمعه الخليفة أبو بكر الصديق، ويستشيره الخليفة عمر، ولا يستغني عن نصائحه الخليفة عثمان بن عفان.. وكان بإمكان الإمام علي ان يملأ بيته ويغنيه بالذهب والاموال كما فعل غيره، وأن يعيش مترفاً مثلما عاش الآخرون.. لكن هذا الرجل العجيب، الذي كان بكل هذه المواقع الادارية الكبيرة، عاش ومات فقيراً وجائعاً ومحتاجاً، يفطر في آخر صيامه على كسرة خبز، ورأس بصل، ويلبس ثوباً مرقعاً لايعرف له لون.
إن هذه المعاناة هي التي دفعته الى أن يتمنى قتل الفقر، لو كان الفقر رجلاً ..
ولأنّ علياً يعرف سرّ العلة وأسبابها، فقد قال واثقاً :
“ما شبع غني إلا بما جاع به فقير … “
إذاً، فالفقر برأي علي، لم يأت من الغيب، ولا من اللا شيء، إنما جاء من جشع الأغنياء والتجار والمستغلين .. وهذا لعمري أعظم سبق نظري اقتصادي علمي يسجل لأبي الحسن عليه السلام.
وكم تمنيت اليوم أن يكون الإمام علي بيننا، ليرى أن التجار والاغنياء لم يعودوا وحدهم سبب فقرنا، إنما انضم اليهم، بل وتفوق عليهم (الخلفاء)، والوزراء والوكلاء والمديرون والنواب والمحافظون، ووكلاؤهم، وأبناؤهم، وبناتهم، واخوانهم، و(سواقوهم)، ومديرو أعمالهم، وهلمّ جرّا .. بحيث بات العراق مزرعة مفتوحة الابواب.. بلا أسوار ولا حراس ولا نواطير، مباحة لكل من هب ودب، وكل من يريد نهب (حصة) من ثمارها..!
لقد تمنيت ان أقول لأبي الحسن بكل ما في القلب من أسى ووجع: لقد صار الفقر رجلاً، بل غولاً يا علي، صار واقعاً وحقيقة تمشي على قدمين، وأخبرك بأن الذين (شبعوا ) من مال الفقير، ليسوا من الأعداء والتجار والأغنياء والمستغلين فحسب، إنما بعضهم منا، ومن أبناء جلدتنا، بل أن بعضهم يدعي الولاء لك – وأنت من ولائهم براء – ..
هل تصدق يا ابا الحسن أن هؤلاء الذين يدعون الولاء لك، هم سبب فقرنا وجوعنا ومأساتنا، بعد ان اتحدوا مع – الآخرين-على نهبنا، وسرقتنا، واذلالنا..؟!
فامتشق (ذو الفقار) وتعالَ ياعلي، لتقطع به رؤوس الذين أفقرونا، فهم أصل البلاء، وأصل الفقر الذي تمنيته رجلاً في يوم ما، لتقتله !!
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات الإمام علی
إقرأ أيضاً:
خبير عسكري: اليمن أصبح ساحة حرب رئيسية والضربات تستهدف قادة الحوثيين
قال الخبير العسكري العميد إلياس حنا إن الضربات الأميركية التي تستهدف جماعة أنصار الله (الحوثيون) تختلف عن تلك التي كانت تشن في عهد الرئيس جو بايدن، واصفا اليمن بأنه ساحة رئيسية للحرب الأميركية في الوقت الراهن.
وأضاف حنا -في تحليل للجزيرة- أن تسريبات سيغنال تؤكد أن اليمن أصبح ساحة حرب رئيسية، أي أن الضربات تستهدف فتح طرق الملاحة البحرية بالقوة وإيصال رسائل سياسية إلى إيران.
وبالإشارة إلى مشاركة حاملة الطائرات هاري ترومان في هذه العمليات -حسب حنا- واستدعاء القاذفة الإستراتيجية "بي 52"، وحاملة الطائرات "كارل فينسون" فإن ذلك يعني أن اليمن تحول إلى مسرح أساسي للحرب من أجل إيصال رسائل بأن دونالد ترامب يقوم بما عجز بايدن عن القيام به.
ووفقا للخبير العسكري، فإن هذه الضربات تستهدف قادة الحوثيين والبنى التحتية العسكرية والقوات والمخازن، وإذا تمكنت الولايات المتحدة من شل قدرات الحوثي والانتقال إلى حل سياسي فستكون قد حققت أهدافها.
ويخضع اليمن للمراقبة على مدار الساعة، وبالتالي يتم تحديث بنك الأهداف بشكل متواصل كما يقول حنا، مضيفا "اليوم تم استخدام قنابل جي بي 35، وهي قنابل موجهة بشكل دقيق".
قنبلة جديدة
وهذه هي المرة الأولى التي تستخدم فيها هذه القنبلة بالمنطقة، وفق حنا الذي قال إنها تستهدف أهدافا ثابتة -مثل منصات إطلاق الصواريخ- أو أهدافا متحركة.
إعلانوتتميز هذه القنبلة بأنها تظل على اتصال بالطيار بعد إطلاقها، مما يجعله قادرا على تعديل أو تغيير مسارها، وهذا جزء من تجربة الأسلحة الجديدة.
ومع ذلك، فإن الحوثيين يقاتلون بطريقة غير تقليدية لأنهم يوجدون بين الناس والجبال، لكن التركيز على صعدة وصنعاء وجنوب صنعاء يشي بأن هذه المناطق هي مركز ثقل الجماعة، ولا سيما أنها لم تعلن سقوط كثير من المدنيين في هذه الضربات، كما يقول حنا.
ولو تمكن الحوثيون من إطلاق صاروخ واحد بعد هذه العملية فستكون هذه الضربات عالية التكلفة (قنبلة جي بي 35 تساوي 200 ألف دولار) قد فشلت في تحقيق هدفها.
وقد تحدثت "وول ستريت جورنال" عن هذا الأمر بقولها إن الحوثيين ضعفوا لكنهم لم يهزموا، حسب حنا.
وشنت الولايات المتحدة اليوم السبت 74 غارة جوية على مناطق مختلفة في اليمن، بما فيها صنعاء ومأرب وعمران وحجة والحديدة.
ووفقا لتقرير معلوماتي أعدته سلام خضر، فقد وسعت هذه الغارات أهدافها واستهدفت مراكز قيادية وشخصيات بارزة في جماعة الحوثي، وكانت كثافة الغارات في صعدة والجوف وعمران أكبر من بقية المحافظات، إذ تم استهداف قلب هذه المدن.
كما تم استهداف شمال محافظة الحديدة، وهي مناطق لم تكن تستهدف في السابق، وهي ضربات يقول محللون إنها استباقية.