حلوى المولد النبوي في العصر الفاطمي
تاريخ النشر: 17th, September 2023 GMT
أيام قليلة ويهل علينا المولد النبوي الشريف، وكعادة المصريين منذ العصر الفاطمي، تنطلق احتفالات وطقوسا أساسية خاصة بهذه المناسبة، وتنتشر سرادقات بيع حلاوة المولد، الممثلة في عروسة أو حصان أو قطع الحلوى المختلفة بألوان مبهجة تغمرها المكسرات، وينتشر بيعها هذه الأيام من خلال شوادر الحلوى وبعض المحلات التجارية والمجمعات الاستهلاكية.
وعن ارتباط الحلوى بالاحتفال بالمولد النبوي الشريف، يجمع خبراء التراث على أنها عادة ترجع في أصلها إلى الفاطميين أصحاب الريادة في إدخال كثير من المظاهر الاحتفالية في مصر. يقول الباحث الأثري المتخصص في الآثار الإسلامية والقبطية، سامح الزهار، إن الفاطميين هم أول من صنعوا حلوى المولد، حيث كان لديهم مسألة الترويج السياسي لحكمهم وليس الترويج الديني، فهم يقومون بدارسة طبيعة وطبائع الشعوب التي يخرجون إليها، من وجهة نظر اجتماعية، وبمعرفتهم بطبيعة الشعب المصري، وحب المصريين للاحتفالات، وليست الأسلحة والحروب، ومن خلال آليات العصر الموجودة في هذا الوقت، استغلوا هذه النقطة كنوع من التودد والترويج لسياستهم.
ويوضح أن الفاطميين كانوا يقيمون احتفالات بجميع المناسبات الدينية، مثل الاحتفال بآل البيت والمولد النبوي، وقاموا بعمل مخازن لصناعة الحلوى، وقبل مولد النبوي بشهرين تجهز الحلوى وتوزع مجانا على الشعب، وعندما زادت الاحتياجات بدأ ظهور محلات لبيعها، وحلويات المولد كانت تسمى "العلاليق"، لأنها كانت تعلق على أبواب المحلات التجارية في سوق مخصص للحلويات كان يسمى سوق الحلوين، ومن ثم أصبحت عادة سنوية مستمرة حتى يومنا هذا. انقسمت الآراء حول قصة حصان المولد إلى قسمين، الرأي الأول، أنه يمثل الخليفة صاحب الفتوحات والانتصارات، وهو يجلس فوق الحصان ويحمل السيف، أما الرأي الأخر، في وقت الحاكم بأمر الله، منع جميع الاحتفالات في مصر لمدة طويلة وأبقى الاحتفال بالمولد النبوي فقط، ومن أهم الاحتفالات التي ألغيت هو الاحتفال بالزواج، واستغل المصريون يوم احتفالات المولد النبوي لإقامة حفلات زفافهم، وهناك كانت رمزية الحصان تمثل العريس الذي استطاع أن يقتنص عروسه في هذا اليوم، فكانت تقام العديد من الزيجات في هذا اليوم.
أما عن عروسة المولد، أرجع المؤرخين أنها كانت تمثل زوجة الخليفة، وكان هناك أكثر من 1000 شكل لحلويات المولد، ولكن العروسة والحصان هم الأشهر لما يمثلون من فرحة، حيث مرت الاحتفالات بالمولد النبوي بالكثير من المنعطفات التاريخية والسياسية والاجتماعية، وأصبحت شكلا من أشكال الصبغة الدينية، وفي مصر الخديوية انتقلت من الاحتفال الشعبي للاحتفال الرسمي، ومسئول عن تنظيميها وزارة الأوقاف. عندما جاءت الحملة الفرنسية إلى مصر بقيادة نابليون بونابرت، لم تحتفل مصر بالمولد النبوي في هذا الزمن بسبب المشاكل الاقتصادية التي كانت تعاني منها مصر، ومن ثم حاول نابليون التودد لكسب المصريين لاستمالتهم بالاهتمام بكل الاحتفالات الدينية وعلى رأسها المولد النبوي، وأرسل مبلغا ماليا للشيخ البكري نقيب الأشراف، مطالبا اياه بصناعة حلوى المولد بهذه الأموال، وأعطاهم الطبول لاستخدامها في المواكب والاحتفالات.
وحاول الكثير من الحكام بشتى الطرق القضاء على جميع مظاهر الاحتفالات التي أقامها الفاطميون، بدعوة أن هناك حروبا ولا يوجد وقت للرفاهية، ولكن كان في باطن الأمر هدف سياسي، للقضاء على كل الظواهر الاجتماعية بالعصر السابق لمحو فترة حكم الفاطميين من ذاكرة المصريين، ولكن الشعب المصري أبى أن يتخلى عن هذه الاحتفالات والعادات، وظلوا متمسكين بها حتى يومنا هذا.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: حلوى المولد النبوي المولد النبوي الشريف حلاوة المولد بالمولد النبوی المولد النبوی حلوى المولد فی هذا فی مصر
إقرأ أيضاً:
خطيب المسجد النبوي: الابتلاء سنة الحياة ليختبر الله الصبر ويزيد اليقين عند الإنسان
قال الشيخ عبدالبارئ الثبيتي، إمام وخطيب المسجد النبوي، إن من سنة الحياة الابتلاء الذي يأتي فجأة ليختبر الصبر ويزيد اليقين بحسن الظن بالله في تحول المحنة إلى منحة.
الابتلاء الذي يأتي فجأةوأوضح “ الثبيتي” خلال خطبة الجمعة الثالثة في جمادي الأول اليوم من المسجد النبوي بالمدينة المنورة ، أن حسن الظن بالله يمضي بمسيرة حياة الإنسان بثقة اطمئنان، وإذا أيقن الإنسان بأن الله يعده لمستقبل مشرق عاش بالأمل برحمة الله فتحركه قوة الإيمان إلى السعي والإبداع.
وأضاف الحياة وتقلباتها وتحدياتها يجد الإنسان حاجته إلى الشعور بما يبدد القلق ويمنحه الطمأنينة ويبعد عنه الخوف والشك، منوهًا بأن التوكل على الله غذاء حسن الظن بالله ومصدر للقوة المعنوية التي تحمي من اليأس في مواجهة الهموم.
ونبه إلى أن من توكل على الله بصدق تشرب قلبه الثقة بأن الله لن يخذله ويرى في الفتن طريقًا للنجاح وسلمًا للارتقاء وصقلاً للذات، مشيرًا إلى أن في قصة مريم وهي في أشد لحظات الضيق حين لجأت وقت المخاض إلى جذع النخلة وكان حسن ظنها بالله راسخًا.
قصص حسن الظن باللهواستشهد بما قال تعالى: {قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَٰنِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا}، كما أن في حياة النبي صلى الله عليه وسلم يتجلى حسن الظن بالله، ففي الهجرة مع أبي بكر وقد حاصرهم الخطر قال أبوبكر للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "لو أنَّ أحَدَهم نَظَر تحْتَ قدَمَيْه لَأبْصَرَنا"، فقال له صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "ما ظنُّكَ يا أبا بَكرٍ باثْنَينِ اللهُ ثالثُهما".
وأوصى المسلمين بتقوى الله تعالى تقوى من يرجو دار النعيم، موضحًا أن الإيمان العميق وحسن الظن بالله هما السر الكامن في ثبات الأمة أقسى الأزمات، والأمة مرت على مر العصور بأزمات خرجت منها أكثر قوة، وحسن الظن بالله لا يعني التواكل والكسل وترك العمل بل هو محفز على الجد والاجتهاد.
وأفاد بأن من مقتضيات حسن الظن بالله بذل الجهد وخدمة دينه وأمته وبناء وطنه ففي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة، فإن استطاع ألا تَقوم حتى يَغرِسَها، فليَغرِسْها".
ودلل بما قال جل من قائل: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا}.